أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيه القاسم - رواية -العمى- لساراماغو والسؤال الذي يُثارُ والمُعجزة التي ننظر















المزيد.....

رواية -العمى- لساراماغو والسؤال الذي يُثارُ والمُعجزة التي ننظر


نبيه القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 7591 - 2023 / 4 / 24 - 15:19
المحور: الادب والفن
    


بداية

تعود بي الذاكرةُ إلى الأشهر الأولى من عام 2002 عندما كانت الانتفاضة الفلسطينيّة الثانية في زخمها، ورئيس الحكومة الإسرائيلية أرئيل شارون يصولُ ويجولُ، ويُطلق التّصريحات الناريّة، ويدفعُ بقوات الجيش لتُعيدَ احتلالَ المدن الفلسطينية، وتُنهي الانتفاضة التي فجّرها الشعبُ الفلسطيني ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.
وأذكرُ زيارةَ وَفْد كبار أدباء العالم حاملي جائزة نوبل، وضمنهم كان الكاتبُ البرتغالي خوسيه ساراماغو، لرام الله واستنكارهم للمجازر البشعة التي اقتُرفَتْ بحقّ الفلسطينيين، وتصريحاتهم القويّة المُدينة لحكومة إسرائيل. وكيف كان الردُّ الإسرائيلي الغاضبُ على ما كتبه الكاتب البرتغالي ساراماغو حامل جائزة نوبل في جريدة "الباييس" الاسبانية تحت عنوان "من حجارة داود إلى دبّابات جالوت" حيث أدان التصرّفات الإسرائيلية وأعلن تأييدَه المُطلق للفلسطينيين.. وطالب الكثيرون بمنع نَشْر كتُبه في البلاد، حتى الأدباء أمثال عاموس عوز و أ.ب. يهوشواع وعاموس كينان هاجموا ساراماغو واتّهموه بمُعاداة إسرائيل. وقد نشرت جريدة "القدس العربي" الصادرة في لندن مقالَ ساراماغو مُترجَما للعربية، وعنها نقلته جريدة "فصل المقال" التي صدرت في الناصرة يوم 3.5.2002.
ووسط هذه الغوغائية الغاضبة استرعى انتباهي خَبرٌ مُلحَقٌ به كاريكاتير نشرته جريدةُ "هآرتس" في أواسط شهر شباط عام 2002 يقول "إنّ رئيس الحكومة أرئيل شارون الذي يُعاني من الإنفلونزا يحرصُ قبل نومه على القراءة في رواية العَمى لساراماغو"
وقد علّق ساراماغو على الخبر والكاريكاتير بقوله للصّحفية أريانا ميلاميد لنزروتا التي نشرت مقابلتها معه يوم 8.3.2002 في جريدة يديعوت أحرونوت:
"هذا خبر مُسَلّ بمضمونه الأَيْروني ولكنّني لا أومنُ أنّه قرأها، فلو كان قرأها وفهمَها لكانت الأوضاعُ عندكم بدَت بصورة أخرى".
شدّني ذلك الخبرُ لشراء الرواية بترجمتها العبرية وقراءتها، ولكنني سرعان ما تركتُها لِما أصابني من مَلَل لكَثرة التّفصيلات والمَشاهد المُكَرّرة المُقزِّزة، وحاولتُ مرة أخرى وأيضا لم أستطع.
ومثلُ هذه الحالة أصابتني في قراءتي الأولى لرواية ماركيز "مائة يوم من العزلة" ورواية مارسيل فروست "البحث عن الزّمن المَفقود".

في أواسط عام 2002 فاجأ شارون حزبَه الليكود وأتباعَه بقَراره بالمُوافقة على إقامة جدار الفَصْل ما بين الضّفة الغربية ودولة إسرائيل رغم معارضته الشديدة للجدار قبل ذلك.
وفي صيف عام 2005 اتّخذ أرئيل شارون قرارَه المفاجئ بالانسحاب الكامل من قطاع غزة ومن أربع مستوطنات مُتباعدة في الضفة الغربية.
وقد كرّر في العديد من المُناسبات جملته الشهيرة "ما نراه من هنا غير ما نراه من هناك" أيّ أنّ ما يراه وهو على كرسي رئاسة الحكومة مع ثِقَل المسؤولية المُلقاة عليه، غير ما يراه وهو بعيد مع أتباعه المُعارضين.
هذا التّحوّلُ في مواقف شارون الذي كان يُطالبُ باحتلال كلّ تلّة، ويُصَرّح "بأنّ حكمَ نتسرين (مستوطنه أُقيمَتْ في أواسط قطاع غزّة) كحكم تل أبيب" يجعلني أتساءل بعد أكثر من عشرين سنة، اليوم وأنا أقرأ رواية "العَمى" لساراماغو التي قيل إنّ شارون كان يقرأ فيها قبل انصرافه للنّوم:
-هل كان لرواية "العَمى" لساراماغو التأثير المُباشر والكبير على مواقف شارون في الخروج من قطاع غزة والتّفكير بفَصْل دولة إسرائيل عن الضفة الغربية وتَرْك الشعب الفلسطيني لمَصيره؟
وهذه الأيام وأنا أتابعُ ما يجري في البلاد والأراضي المحتلة، وكيف تتصرّفُ الحكومة الإسرائيلية ورئيسُها بنيامين نتانياهو، عدتُ إلى أيّام الانتفاضة الثانية وأرئيل شارون، وعدتُ لأقرأ رواية "العَمى" لساراماغو التي أسَرتني لعدّة أيام، وأنهيتُ صفحتَها الأخيرة وأنا في حيرة أتساءلُ:
- أيُمكنُ أنْ يكونَ حدَث ذلك؟ أيُمكن؟
-وهل يُمكن أنْ يحدث الذي حدث مرّة أخرى؟!

سنوات التّسعين الأولى من القرن الماضي، القرن العشرين، والعالم في حالة ضياع لا يعرفُ إلى أين يتّجهُ بعد انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفييتي، واستِفْراد الولايات المتحدة الأمريكية بزعامة العالم والتّحكّم به، كان الكاتب البرتغالي خوسيه ساراماغو، وهو الشيوعي المؤمن بالفكر الماركسي وأنّ الحلّ للبشرية هو النظام الشيوعي الذي يُوفّر السلام والأمان والمساواة والحريّة للبشرية جمعاء، يُقيمُ في مدينة باريس ويفكّر بمصير هذا العالم وما ألمّ به من نكبات، والضّياع الذي يعيش فيه الناس بعد الذي حدث.
وفي لحظة استشرافيّة نبوئيّة كرّر محدّثا نفسه:
-في الحقيقة كلّنا مُصابون بالعَمى.
ومن هنا بدأت القصة تتكوّن وتنبَني لديه.كما يقول في مقابلته الصّحفيّة.

قصّة العَمى

تبدأ القصّة بسائق سيارة يقف في شارع داخل مدينة أمام إشارة المرور الحَمراء، يُصابُ بالعَمى في اللحظة التي تتغيّر فيها الإشارةُ الضوئية من الأحمر إلى الأخضر، فيتعالى صياحُه مُعلنا عدَمَ قدرته على الرؤية، ويختلطُ بصراخ سائقي السيّارات الغاضبين الشاتمين، حتى يقوم أحدُ المارّة بتخليصه وأخذه إلى بيته، ومن ثم يستغلُّ وضعَ السائق ليسرقَ سيارتَه. وبعد وصول زوجة السائق إلى البيت تأخذ زوجَها للفحص عند طبيب العيون الذي يكتشف بعد استماعه لما يرويه الرجل، وبعد فحصه له أنّ عماه مختلف عن المألوف حيث لا يرى السائق غطاء من السّواد كما في حالة العَمَى الاعتياديّة، وإنّما بحرا من البَياض. وسرعان ما أصيب كلّ مَن تواجد في عيادة الطبيب بالعمى الأبيض، حتى الطبيب نفسه الذي سارع ليتّصل بالمسؤولين ويُخبرهم بالمرض المُعدي الجديد وخطورة انتشاره بين الناس.
ولكي تمنع السلطات انتشارَ العَدْوى بين الناس قرّرت إعلانَ حالة الطوارئ واتّخاذ القرار بعَزْل كلّ مَن أصيب ويُصاب بالعَمى في مستشفى كان يُستخدَم لمعالجة المجانين، فرضَت حوله حراسة مُشدّدة بجنود معهم كلّ الصلاحيات لإطلاق النار على كلّ مَن يُخالف التّعليمات ويُحاول الخروج أو إثارة أيّ عصيان والقيام بأيّ عمل غير مقبول مهما صَغُر.
وبالفعل قامت السلطات بعَزْل الرجل الذي أصيب بالعمى ومعه زوجته، كذلك الطبيب وكل مَن أصيب بالعَمى في عيادته مثل المرأة الجميلة التي عملت في دار دَعارة وسُمّيَت بالمرأة ذات النَّظارة الغامقة، والرجل الذي كان يُعاني من ضعف النّظر وينتظر عملية لعَيْنه الثانية إضافة إلى فتى فَقَد آثارَ أمّه ووجدَ نفسَه ضمن المجموعة المُحتَجَزة. وزوجةُ الطبيب التي قرّرت البقاء مع زوجها، فادّعَتْ الإصابة بالعَمى رغم أنّها تتمتّع بكامل الرؤية ولم تُصَب بالعمى.
وأخذت أعدادُ المُصابين بالعَمى تزدادُ، وشروطُ المَعيشة في المكان تسوء أكثر وأكثر، وكميّات الأكل تقلّ ولا تكفي النُّزلاء حتى وصلت إلى وضع لا يُطاق بعد سيطرة مجموعة من العميان بزعامة واحد منهم يحمل فَرْدا يُهدّد به الغير، حيث احتجزَت هذه المجموعة وجبات الطعام وفرضت على الجميع أنْ يدفعوا لها ما يملكون من مال وثروات ذات قيمة يملكونها كالجواهر والحليّ وما شابه. وانصاع الجميعُ، وقدّموا لهم ما يملكون. وبعد فترة عاد أفراد المجموعة المُتَحَكمة بطلب إحضار كلّ النساء إليهم ومَنْ تمتنع تُحرَم وغيرها من الطعام.
ورغم المُعارضة الغاضبة من الجميع إلّا أنّهم خضعوا وأرسلوا بالنساء ليقومَ رجال العصابة باغتصابهن والتّنكيل بهنّ. ثم ليعودوا مرّة ثانية لطلَب النساء ممّا دفع بزوجة الطبيب التي ترى وتُتابع كلّ ما يجري واغتُصبت ونُكّل بها كباقي النساء أنْ تقوم بقَتْل قائد المجموعة بمقص كانت تحتفظ به. وتقوم امرأة ثانية بإشْعال النار التي تأخذ بالانتشار في المكان. وعلى أثر ذلك يتراكضُ العميان مُندفعين إلى خارج الأبواب غير مُعيرين للجنود الحُرّاس أيّ اهتمام، ولكن مفاجأتهم أنّهم لم يجدوا الجنود ولا غيرهم، فالصمتُ هو السائد ولا أحد موجود، فأدركوا أنّ العمى أصاب الجنودَ وأُبْعِدوا. وتابع الجميع طريقَهم لينتشروا في شوارع المدينة الخاوية التي يتجمّعُ فيها العُميان في مجموعات مختلفة، كلّها تبحثُ عن الطعام لتُتابعَ حياتَها.
وتتنقّلُ المجموعة التي تتكوّنُ من الطبيب وزوجته والرجل الذي كان المُصابَ الأول وزوجته والفتاة ذات النظارة الغامقة والرجل ذو العَصْبة والفتى. يسيرون بهَدْي زوجة الطبيب التي لم تفقد نظرَها، تتنقّل بهم من مكان إلى مكان في المدينة، يزورون بيوتهم ويشاهدون ما حَلّ بها، ثم يستقرّون في بيت الطبيب حتى تكون المفاجأة في النهاية بعودة النظر للرجل الذي أصيبَ أوَّلا، وهكذا حتى يعود النظرُ للجميع.
وحدها زوجة الطبيب التي لم يُصبها العمى، وكانت الرّاعية للجميع المُدّة كلّها،كانت رَدّةُ فعلها على عودة الرؤية للجميع بالبكاء والشعور بتراجع مَركزيّتها وقوّتها وأهميّتها وقالت:
-"أعتقد أنّنا لم نُصَب بالعَمى وإنّما نحن عميان"

ما بين ألبرت كامي وخوسيه سراماغو

بصدور رواية "العَمى" وانتشارها الواسع تَذكّر العديدُ من النقّاد رواية ألبير كامي "الطاعون" التي صدرت عام 1947 وتساءلوا: هل تأثّر ساراماغو برواية كامي؟
يتحدّثُ كامي في روايته عن انتشار مرَض الطاعون في مدينة وهران الجزائرية، ويصف الحالة البائسة التي عاش فيها الناس. وكانت ويلاتُ الحرب العالمية الثانية التي شهدها كامي وتابع أخبارَها الدّافعَ وراء كتابة روايته "الطاعون". وقد يكون رأى في الحُكم النازي والويلات التي أنزلها وخَلّفها في البلدان التي هاجمَها ودمّرها أو احتلها شبيها بمرض الطاعون الذي اكتسح المدينة وقتل معظمَ سكانها.
وفي عام 1995 نشر خوسيه ساراماغو روايته عن "العَمى" الذي أصاب الناس في مدينة أوروبية لم يُسَمّها.
ومثل كامي عاصر ساراماغو وشاهدَ الصراعات والحروب في النصف الثاني من القرن العشرين، ولكنّه كشيوعي، مؤمن بالاشتراكية وبإمكانيّة بناء عالم شيوعي يعيش فيه الجميع بمساواة وأمان وسعادة، كانت صدمتُه كبيرة لانهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفيتي، وتفرُّد أمريكا وحدَها في التّحكّم بالعالم ومدى خطورة ذلك على المستقبل البَشري.
واستعاد ساراماغو كما يبدو رواية ألبير كامي "الطاعون" ووجد أنّ الأوضاعَ متشابهة وكذلك المَخاطر التي هدّدت وقد تُهَدِّدُ العالمَ من جديد، فالعالم يسير بعَمى تام إلى ضَياعٍ يفقدُ فيه القُدرةَ للتّحكّم بما يقوم به وبما سَيصيرُ إليه.
واشتدّ عليه التّفكير وهو يُقيمُ في عزلته في باريس يُراقبُ كلّ ما يجري حتى انتبه إلى أنّه من حيث لا يدري، يُخاطبُ نفسَه قائلا:
-"في الحقيقة كلّنا مُصابون بالعَمى".
وانطلق في إبداعه المُميّز الذي تمخّض عن رواية "العَمى" التي قال مُعقّبا بعد انتهائه من كتابتها:
- العَمى هو المَهْربُ الجيّد للناس الذين لا يرغبون في مُواجهة واقعهم الذي يعيشونه"

عن بعض ما في رواية "العَمى" من الدُّرَر الثّمينة
الإنسانُ المخلوق الوحيدُ من بين كلّ المخلوقات الذي يعرف كيف يعيشُ بأقنعة مُختلفة يستبدلها بما تتطلّبُه الحالةُ التي يكون فيها. فيبدو في منتهى مثاليّته وإنسانيّته وطهارته ومَحبّته ووفائه وكرَمه ومروءته. وبسرعة قد يظهر في صورة الظالم المُستغلّ الجَشع الخائن الغَدّار السّارق المُغتَصِب القاتل. ولأنّ طبيعة الإنسان هي الانجذابُ نحو الشرّ فنجد العالم مَحكوما بالظلم والاستغلال وتَحَكّم القويّ بالضّعيف والغَنيّ بالفقير إلخ.
ويرى ساراماغو أنّ الحواسَ التي يملكها الإنسانُ مع ولادته في هذا العالم هي المُوجّهة له والمُقيّدة تصرّفاته ومُهذّبتها، والمُهيّئة له للعيش في مجتمع يتقبّل فيه الواحدُ الآخر ويعملُ على تطوير هذا المجتمع وتنظيمه وتحسينه وتوفير الظروف للأفضل.
لكنّ هذا العالم سرعان ما يختلُّ وتنزلُ به كارثة كما العَمى في رواية ساراماغو أو الطاعون في رواية ألبير كامي أو فقدان القُدرة على النُّطق أو غيرها من المصائب الكثيرة، فيتعرّى الإنسانُ، وتتساقطُ أقنعتُه ويعودُ إلى حقيقته الحَيَوانيّة التي لا تختلفُ عن حياة حيوانات البريّة، وقد تزيدُ بقسوتها وشرورها.
هكذا يروي لنا ساراماغو عمّا حلّ بسكان المدينة الأوروبية عندما أصاب العَمى سكانها وعرّاهم من أقنعتهم، وظهروا على حقيقتهم في كيفية تعامل الواحد مع الآخر، ومدى استغلال القويّ للضّعيف، والعمل على إذلاله وسَحْق كرامته كما رأينا في تصرّف مجموعة العُميان القويّة وزعيمها الذي يُهدّد بفَرْده كلَّ مَنْ يتجَرأ على الوقوف في وجهه بعد أنْ قام ومجموعته بحَجز الطعام وفَرْض دَفْع النقود وما يملك الواحدُ من مجوهرات وغيرها مُقابل الحصول على الطعام، ثم إجْبار النساء على مُضاجعتهم بكلّ بذاءة وظلم. كذلك كيف يتصرّف كلّ واحد في حياته اليومية بمنتهى القذارة حيث لا يُراعي الغير.
وكما قال الطبيبُ في الرواية: "الأمور تبدو كما هي في الحقيقة فقط في عالم العَمى" (ص104)
والسّببُ في كلّ ذلك فقدان حاسّة البَصر، واعتقاد كلّ واحد بأنّه حُرّ في تصرّفاته طالما لا أحدَ يراه ويعرفُ ما يقومُ به وينتقده عليه. هذا الوضع أدّى إلى انهيار النظام الاجتماعي وتَفكّك الأُسَر والمجتمع وانعدام الأمْن واستغلال القويّ للضعيف وافتقاد الإنسان لكرامته وإنسانيّته.
فالحواس -كما ذكرتُ - هي التي تُهَذّبُ الإنسانَ وتهديه وتُنَظّمُ سلوكيّاته وأعمالَه اليومية، وتُنير له طريقَ الهداية والأمان، وتُبعدُ عنه كلّ الصّفات الشريرة.
هكذا رأى ساراماغو العالم الذي يُحيط به في فوضى شاملة، الجميع يعيشون حالة عمى كبيرة لا أحد يعرف إلى أين يسير، وماذا تكون النهاية، وكيف ومتى، واقتنع أنّ الإنسان في واقع الحال يعيش حالة العَمى الكلّي والضَّياع التامّة والبحث عن المجهول الذي يندفعُ نحوه ليضيع فيه.
فالعالم مُصابٌ بالعَمى، وكما قالت زوجة الطبيب بنَظْرتها الثاقبة: "أعتقدُ أنّنا لم نُصَبْ بالعمى وإنّما نحن عميان بالفعل"

ويظلّ السؤال المُلحُّ:
- هل قرأ أرئيل شارون كما نشرت جريدةُ هآرتس رواية "العمى" لساراماغو؟
وهل أدرك أنّه ومَن معه يعيشون في حالة عمى تامّة؟
وهل ذلك كان الدّافعَ لتنكّر شارون لكلّ أفكاره السابقة وتَرديده لجملته المشهورة "ما نراه من هنا لا نراه من هناك" ولقرارَيْه المهمًّين في بناء جدار الفَصل تمهيدا للفصل بين الكيانَيْن الفلسطيني والإسرائيلي، وقراره بالانسحاب من قطاع غزة وأربع مستوطنات في الضفّة الغربية بدون قيد وشرط؟!
وهل تنتقلُ العَدْوى إلى نتانياهو فيخرج من حالة العَمى التي يعيشُ فيها مع كل حلفائه، ويختار طريق السلام؟
هل تحدثُ المُعجزة؟!
لا أعتقد.
الرامة



#نبيه_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركيز وغانياته الحزينات
- -وجع لا بُدّ منه- رواية الكاتب عبد الله تايه والوجع الذي يُف ...
- في ذكرى غسان كنفاني الرجل الذي لم يُلق الرّاية
- إبراهيم نصر الله في -طفولتي حتى الآن- يفتتح نَهجا مُغايرا في ...
- محمود شقير في -تلك الأزمنة- ما بين قَيْد الزّمن القابض وشبَح ...
- رواية جوبلين بحري لدعاء زعبي وأيّة رواية نريد؟
- رواية -زمن وضحة- لجميل السلحوت: حفر اسمه في كتاب الثقافة الف ...
- رسالة لأفنان القاسم
- أدونيس والمنفى الأليم وافتقاد الصديق
- أحلام مستغانمي وكسر تابو الرجل


المزيد.....




- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيه القاسم - رواية -العمى- لساراماغو والسؤال الذي يُثارُ والمُعجزة التي ننظر