أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الشيدي - أجراس الشتاء














المزيد.....

أجراس الشتاء


فاطمة الشيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1766 - 2006 / 12 / 16 - 10:51
المحور: الادب والفن
    


الشتاء !!
غواية الحكي على قارعة أرصفة عيون متربصة الدهشة ، والضحكات المتطايرة على جوانب الكون
أغنيات الدفء اليتيمة إلا من ذاكرة حبلى بالوله
قافية الروح المبللة بالأمنيات ، المدثرة بالمعاطف والشوق
رائحة المدفئة المتناومة على قدمي رب صغير يحتسى الشاي بالزنجبيل ويشتهي تلمس فراء قطته زرقاء العيون ..
في حين تناور رائحة اللبان كي تطغى على المشهد !!
***
في الشتاء!!
تعاتب زهور الغاردينيا الرب : " أنت لم تهب لنا معطفا ولا حبيبا وهذا البرد وفير !"
في الشتاء المطر حلم معلّق في سرة الغيم ، والقلب تتصاعد أبخرته من شدة الشوق ، و تتلوى الأصابع بين بعضها عناقا ، فيتحول الجسد محرقة للروح..
في الشتاء !!
طائر العتمة متأهب للتحليق بنا عاليا بين ثنايا فردوس غائر اللذة ، للانتشاء بالتدثر والنوم المبجل، والحلم بأزمنة خرافية الطعم والرائحة بين يدي كائنات أسطورية التمثل .
في الشتاء!!
تخلع الوجوه ملامحها في مقاربة فنتازية مع أصول الأشياء ، وتصير للماء حاسة سادسة ، وتشكيل خرافي البهجة في نزعته الغريزية للتكيف مع الفصول ..
التدحرج في الشتاء غاية الأشياء المتكورة
في الشتاء!!
تنقر الوحدة القلوب الزجاجية بإلحاح حاد وصارم كنقار الخشب فتحفر فيها حفرا عميقة وتترك ندبا بارزة..
ولاصدر غابة يضم بيت شعر تائه في مسارات الوجد
الأسئلة تتقافز في الشتاء كأطفال يمرحون فوق الثلج
هل كان عليك أن تذهب لتأتي ـ أو تأتي لتذهب و الأسماء لعبة ، والحظ جبروت الكائن ..؟
من أي الطرق يمكن للزوايا أن تلتحم .؟
وهل للمصابيح أن تعانق العتمة بوله جارح لتنضج الدمعة حين تتسرب بينهما حارة كالفناء ؟
هل كان عليّ أن أخبرك عن علاقتي بالمجانين الذين مروا على ذاكرتي ببطء غير مفتعل ، والذين قبلوني في الحلم من فمي، فما جزعت من العشق وكنت أنتظرهم كل ليلة ولكنهم لم يعودوا ..؟!!
لازلت أذكر كان أحدهم يبكي واليد العليا تسحبه من بين يدي بشعره الكث وعيناه العسليتان وقميصه المخطط بالكحلي ، وهو لم يفرغ بعد من قص حكايته عليّ عن الجنية التي رآها حين سال وادي "عاهن" واخترق المزارع ، وكان هو الوحيد الذي قاوم البرد والعتمة وحمل "الشيوَل" ليحرك الوادي باتجاه البلدة الرابضة شمالا جهة الماء .
وكان الثاني يتمنى أن ينظر في عينيّ ليرى أسنانه كاملة ، لتعجب به السيدة التي يخترع لها كل يوم حكاية عن البحر وحورياته اللواتي يختصصنه بالسمك الطري كي لايأكل البرد يده التي يداعبهن بها بلطف وحنان ..
***
المرايا التي خذلتهم كانت تعكس صوت جدتي وهي تغني لي أغنيات القيظ
كانت تقول : قلبك نافذة الشمس أغلقيه في الشتاء كي لايفضحك الحنين
وفي الشتاء أكل الغياب وجه جدتي وأصابعي
والغياب الذي يشبه طعم الكاكاو مع القهوة في صباحات الشتاء القارصة
أيضا لم يستثن وجهك الذي أنجبه الضوء في لحظة تعامد مع الأرض لاتتكرر
صيّره زادا له .. وصيرني للحنين
الآن ..سأستبيح حنيني لأبكيك .. أو لأقصيك ..
حاولت نزعك كعصابة لاتليق بأصحاب برج "الحمل" برج المجانين والشعراء
قصدت المقبرة ..
مررت أصابعي على جرحي فاشتعل مجددا .. فبكيت
كان دمه لايزال حارا
عمدته بالنسيان فاستفّحل في دمي عواصفا من الهذيان والأرق
كأن الحنين مراجيح القلب وغابة الرمل بعواصفها الصفراء
وكأن وجهك بوابة الحنين وكوة الشمس
صدى ضحكتك لازال يستبيحني ككمنجة بوتر وحيد ولحن مراوغ
وحجرة الذاكرة الخاصة بك أصبحت مضاءة بإضاءة وردية هذا الشتاء
كي لايدخلها أحد !!
مشاجبها وافرة الفوضى بكل ماعلق بالروح من بهتانك وموتي
كل شيء هناك إلا أنت
***
الصباحات المملوءة بدوائر الأدخنة تهبك مدفئة للروح
وطاقة للرؤيا المتعثرة
وحضورك الشهي كالشمس في الشتاء حاضر بقوة في مجالس النميمة والنقاشات المطوّلة
ولكنك صامت بينهم ..
لايسمع صوتك الحاد ، ولايرى لمعان عينيك حين تتشبث برأيك سواي
لذا قد يعجب البعض حين أضحك بلا سبب
الخيانات القصيرة التي أبادرك بها كل لحظة لأبرا منك
تتحول عجزا إلا عن سفر عميق في مداراتك الموازية للشمس
لادروب تصل الحلم ببقايا حنين مهجور وقافية معطرة بالنحيب
ولا ألسنة للأطفال الخرس الذين يبكون بكبرياء وأنفة على مدخل القلب كل ليلة أجاهد فيها كي أتنفس خارجك
ولا أثر لضحكة غائبة موجعة معلقة على أجراس المسافات وذكرى الهمس
الشتاء ذاكرة الموتى
وحنين الجهات للجهات
***
الشتاء !!
أن نتفنن في صنع رجل الثلج بأنفه الطويل وقبعته السوداء
ونبتسم حين نتجاذب الغطاء، وحين نشرب الدواء وحين ترتجف الشفاه كلحظة المكاشفة وترتعد الأوصال كلحظة اللقاء
حين تتعانق العيون باحتياج
والأكف باحتياج
والضلوع باحتياج
فالحب في الشتاء قطـرات .. قطـرات ..
ونحن نموت واقفين محتجبين وراء سحائب النسيان كسنديانة قديمة
ولا ننصف الأرواح بلحظة التذكر في لهفة الحنين
والشوق في الشتاء : زخـات .. زخـات .. زخــات ...
الشتاء جرحك المتقيظ كلما مر هسيس الهواء المحدودب الأشرعة
أو تلمظ طعم الملح الغارق في احتمالاته المنحسرة الشواهد عن زهد البحر في حواري المرجان
الشتاء!!
سحائب الذكرى التي تدغدغ المساء فيكركر بين يديها حتى البكاء
حين السماء ترتدي براقع الغيم ، وتشاكس النجمات ، وتبتسم للشمس المرتعدة كعجوز جميلة، وتنجب أطفالا مطهرين بالسيول يرفرفون بمظلاتهم الملونة بيننا
***
الشتاء !!
وجه المواقد حين تظهر أسنانها الملمعة بالدفء ، وتشتهي ظلال يديك على جمرها المتقد بالوله
لنشطر الأحلام بيننا كالرغيف ..
ونطعم السمكات المتراقصات على صوت المطر، من فتات الضحكات الطازجة
ونزرع الأمنيات زهورا بيضاء على قوارع الدرب التي نعبرها ليسقيها المطر قطـرات من دمه الأبيض
فيحفنا بالسلام
الشتاء ذاكرة القلب



#فاطمة_الشيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاكرة العطر
- رقصة الموت
- سقوط غير مبرر للأشياء
- 7شواهد في ذاكرة عربية
- الموت خارج النص !!
- عن كارثة الوعي الإنساني ، وعذابات الكائن الهش(حول رواية “الغ ...
- جيل التسعينيات الشعري العماني بين امتداد الرؤى ، و خصوصية ال ...
- احتمالات جائزة حتما !!!
- زنبق الماء - إثم اليباس
- صدى الزرقة
- قراءة في رواية -سعار- ل بثينة العيسى
- الخواء هذا اللعين الذي يدفع كائناته للعطب
- هكذا يبدأ الكلام !
- عطـش الــكلام
- بقع على جسد الليل
- ردى
- دوائر
- شهوة الضوء.. شرك الفتنة
- علامة تعجب! : حول قضية المرأة أيضا
- على أطراف الغربة


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الشيدي - أجراس الشتاء