أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الشيدي - ذاكرة العطر














المزيد.....

ذاكرة العطر


فاطمة الشيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1748 - 2006 / 11 / 28 - 04:37
المحور: الادب والفن
    


للقلوب روائح ككل الأشياء والكائنات ، روائح طيبة تغري بالاقتراب ، أو روائح نتنة تحفّز على الهروب النهائي ، كما أن القلوب تبدل روائح عطرها أيضا ، لذا فقد تغير المقعد الذي تحجزه بالقرب منها ، تارة تحجز مقعدا أقرب، وأحيانا تهجر المقعد إلى اللاعودة .
ويحدث أن تخدعك الرائحة حيث تكون القلوب غير نظيفة ، ولكنها وضعت عطرا نفاذا يغريك بالوقوف فترة بين يديها ، لكن ما أن تشرق الشمس وتجفف الرائحة المستحدثة ، وتخرج الروائح الحقيقة حتى تتبين رائحة الزيف الباهت ، والنتانة ..
قد تستمرأ الرائحة لأن قلبك اعتادها، وقد ترفضها تبعا لحالاتك النفسية واستعدادك الخاص ..
ثمة قلوب لها رائحة المرض حين تشم تلك الرائحة تهرم وتضعف ، وقد تصاب بالحمى أو الغثيان ، وقد تهرب إليها لتداويها أو تداويك، وقد تهرب منها خوفا من العدوى والمرض ، وقد تتفاعل معها فتشفيها أوتشفيك وقد تتشرب شيئا من صديدها ومرضها فتهب لك مناعة ضد القلوب المريضة فتغادرها وقد أصبحت أقوى .
ثمة قلوب لها رائحة البهار الحار والذي يخترق روحك بحدة ، ويرتفع إلى دماغك بقوة ، ولبعض القلوب رائحة القهوة التي تنعشك وتتصاعد في رأسك فتنتشي ويتفتح قلبك بها ، وقد تشتهي معها صوت فيروز ، وقد تهرول بها إلى أحد النواصي لتمارس طقوس شرب القهوة بشكل غير اعتيادي .
لبعض القلوب رائحة التبغ ، ولبعضها رائحة السكر فقد تدمن هذه القلوب ، قد تحبها وقد لاتحبها ولكنك تدمنها بشغف ، ويصبح لاطاقة لك على الانفلات من براثنها إلا بصدمة حادة ، أو مرض عضال ، وقد تتلذذ بها حتى الموت .
لبعض القلوب رائحة الموت ، تصيبك به فور ماتعرفها ، ولبعضها رائحة الحياة و الفرح التي تجعلك مندهشا أبدا ، خفيفا ومدهشا وطريا ومتوردا وتشتهي الرقص فور ماتعرفها ، ولبعضها رائحة الحزن والغربة فتصبح بها أو معها حزينا أوغريبا ، أو تتلبس حالة من الجزع والبكاء لأنها تحرض على الحزن.
لبعض القلوب رائحة الصدق فهي تعانقك بصدق وتحبك بصدق ، ولبعضها رائحة الكذب الذي يجعلك أصفرا وباهتا ، وماتلبث أن تعرف أنك أمام قلب كاذب مرتبك بكذبه ، ويرهقك بزيفه ، ولبعض القلوب رائحة الوهم ولبعضها رائحة الحقيقة ، ولبعض القلوب رائحة الحلم الذي ما أن تراه حتى تهرب إليه وتتوحد معه ، ولبعضها رائحة الخذلان الذي يمتصك ثم يتركك وحيدا وقد أكل الوهن أطراف قلبك واجتز حدود حيواتك.
ثمة قلوب برائحة عابرة تشبه رائحة المطارات ، رائحتها قوية ونفاثة ولكنها عابرة ، ملفته لفترة بقلق ، لكنها تغادرك بلا خسارة ، وربما بفرح جميل بشكله الطارئ والفجائي و المؤقت والذي يشبه وخزا خفيفا ولذيذا .
و ثمة ثمة قلوب لها رائحة أم رائحة غير ملفتة ، وغير مقلقة ، وغير راغبة في أن تقصي ماحولك لتتوحد بك ، ولا أن تصيبك بالهزة أو الدوار ، رائحة تسكنك بهدوء وحذر ، تسكنك بفرح خفي ، واحتفاء حميم ، تحفك بالدعاء ، وتتعهد روحك بالطمأنينة ، رائحة تملأك بالسلام والصمت والفرح ، وتدفعك للحياة والعطاء .
وثمة قلوب لها رائحة مدوخة كرائحة الجدات ، رائحة خلطة عتيقة ومعتقة من (الورس والحناء والسدر) بها سكينة ودفئ ، تضم يتمك ، وترعى حزنك ، وتبارك موتك المفاجئ ، شيء مختلف من الحنان الغير مصنوع ، والغير مؤقت .
للقلوب روائح شتى وتبقى ذاكرة العطر ..



#فاطمة_الشيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصة الموت
- سقوط غير مبرر للأشياء
- 7شواهد في ذاكرة عربية
- الموت خارج النص !!
- عن كارثة الوعي الإنساني ، وعذابات الكائن الهش(حول رواية “الغ ...
- جيل التسعينيات الشعري العماني بين امتداد الرؤى ، و خصوصية ال ...
- احتمالات جائزة حتما !!!
- زنبق الماء - إثم اليباس
- صدى الزرقة
- قراءة في رواية -سعار- ل بثينة العيسى
- الخواء هذا اللعين الذي يدفع كائناته للعطب
- هكذا يبدأ الكلام !
- عطـش الــكلام
- بقع على جسد الليل
- ردى
- دوائر
- شهوة الضوء.. شرك الفتنة
- علامة تعجب! : حول قضية المرأة أيضا
- على أطراف الغربة
- الهند : جواب وحيد لأسئلة كثيرة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الشيدي - ذاكرة العطر