|
نحن نقص عليك أحسن القصص...4: سارة
أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8017 - 2024 / 6 / 23 - 18:37
المحور:
كتابات ساخرة
ذلك اليوم أيقظني من نوم عميق صراخ امرأة قريب، سارة كانت نائمة ولم أشأ إيقاظها؛ قامت بالكثير البارحة وربما أردت مكافأتها. قمت بما يقوم به الناس في الصباح، ثم خرجت لجولتي اليومية في البراري، فمررت بجانب مصدر الصراخ، قلت: "صباح الخير" فأجابني أخوتي بصوت واحد: "صباح الخير"، كانوا يغتصبون أمي، لم يدعني أحد منهم لأشاركهم، ولم تكن عندي الرغبة لأدعو نفسي بينهم... منذ سنوات عديدة، كلمت أمي في شأن تربية أخوتي، فصفعتني وقالت أني "ابن عاق وحاسد لأخوته"، أخوتي كلهم صعاليك ولصوص وقتلة وأمي صفعتني عندما نددت وأخرجت ما في داخلي من ظعائن وحسد ضدهم. كل يوم أقوم بجولتي في الغابات القريبة، كل يوم يغتصب أخوتي أمي، وفي الليل كما العادة والأعراف العائلية نتعشى جميعنا معا: أنا وسارة، أمي، أخوتي، وأبي الذي يعود من العمل ليلا بعد أن يخرج باكرا في الصباح ويفطر مع أمي وأخوتي. أبي أيضا يراني "عاقا وحاسدا لأخوتي" ويلعنني دائما لأني لا أشاركهم اغتصاب أمي كل صباح، يقول أن كثرة القراءة أفسدتني والمرأة التي اتخذتها خليلة أعمتني عن مفاتن أمي. الغريب في عائلتي الكريمة موقفهم من سارة، لم يغازلها أحد من أخوتي ولا أبي، جميعهم لا تتحرك غرائزهم إلا نحو أمي، وبرغم طمأنتي الدائمة لسارة إلا أنها لا تزال تخشاهم وتقول لي ربما تحركت رغباتهم نحوها. على طاولة العشاء، يجلس أبي مع أمي على رأسها، من جانب أخوتي الأربعة، ومن الآخر أنا وسارة، يسأل أبي أخوتي كل كيف أمضى يومه، فيجيبون، ويوم أخوتي يبدأ بعد اغتصاب أمي الذي لا يذكره أحد لأنه معلوم يتكرر كل صباح ولا حاجة لذكره بما أنه صار من البديهيات والمسلمات. يسمع أبي قصص أخوتي والفخر يشع من عينيه، وبين الحين والآخر ينظر لأمي مبتسما ابتسامة رضا فتبادله أمي نفس الابتسامة. بعد أن ينتهي أخوتي، يسألني أبي عن يومي، فتتبدل ملامح وجهه، ولا أرى فيها إلا الاحتقار والتأفف، وعادة ما ينتهي استجوابي بطردي أو بانسحابي بمفردي: "ابن عاق وشاذ، لو نكحت أمك مع أخوتك لكانت أيامك مثل أيامهم ولكنت فخرا للعائلة! ليتني ما أنجبتك!" بعد أعوام، وكانت سارة كعادتها في كل ليلة، استيقظت على الصراخ، لكني يومها أيقظت سارة، بعد أن حضرت لها الفطور. استغربت سارة لأني خرقت العادة يومها، استغربت أكثر عندما دعوتها للخروج معي للبراري، وزاد استغرابها عندما رأت حقيبة كبيرة... خرجت مع سارة، مررنا بحانب أخوتي وأمي فقلت وسارة: "صباح الخير" فرد أخوتي وواصلوا ما هم فيه. واصلت سيري مع سارة حتى ابتعدنا، سرنا كثيرا حتى تعبت سارة ودمت قدميها، فحملتها بين ذراعي والحقيبة على ظهري حتى وصلنا مقصدي... جبل بعيد كنت أراه منذ صغري ولم أقترب منه يوما، بكت سارة عندما وصلنا، لكنها لم تقل شيئا. كانت أمينة كما عهدتها وذكية لبقة، وعندما أردت تقبيلها لم تدعني وقالت: "أقبلك عندما تعود، فعد ولا تتركني هنا وحيدة". عدت إلى المنزل قرابة الساعة قبل الظلام، فسألتني أمي عن سر غيابي طيلة اليوم ولم يكن ذلك لي عادة، فأجبتها أن سارة أصرت على أن ترافقني في جولتي الصباحية برغم رفضي، وأثناء جولتي هاجمنا قطيع ذئاب فدفعت سارة واحتميت بشجرة وضللت أنتظر حتى تشبع الذئاب منها، وعندما شبعت وغادرت، حفرت قبرا ودفنت ما بقي منها ولذلك تأخرت. فقالت أمي: "المسكينة لا تزال صغيرة" وقال أخوتي: "أحسنت الفعل...إكرام الميت دفنه". دعتني أمي عشيتها أول مرة أن أشاركها وأخوتي تحضير العشاء، لكني اعتذرت وقلت لها: "أريد أن أبكي قليلا على سارة"، فسمحت لي. تركتهم في المطبخ وخرجت، كان عندي حقيبة أخرى كالتي أعددتها لسارة، أخذت منها ما احتجت، وطفت بالمنزل سبعة أشواط كنت في كل شوط أضع في ركن منه ما وجب. ثم ذهبت لغرفتي فتذكرت كل ما عشته فيها مع سارة وبكيت طويلا حتى حل الظلام ودخل أبي. هرع إلي واحتضني قائلا: "المسكينة لم تر شيئا في حياتها، هون عليك يا بني، أمك ستنسيكها... تعال معي، أخوتك وأمك ينتظرونك". عند وصولي مع أبي للمطبخ، رأيت شموعا وسط الطاولة وأنواعا كثيرة من المأكولات، كانوا يحتفلون... أخيرا، عاد لهم شيء من الأمل ليستردوا ابنهم البكر الذي فقدوه منذ زمن. جلست، وشرعوا في الأكل، وقدمت لي أمي ما لذ وطاب. لم آكل واستأذنت: "مثانتي ستنشق، عندي رغبة أن أفرغها على الشجرة العالية"... الشجرة كانت واقفة شامخة بجانب سور الحديقة، فضحكت أمي وقالت: "بسرعة قبل أن يبرد الأكل". خرجت من المنزل، لم أنظر ورائي وتقدمت حتى وصلت الشجرة، ضغطت على الزر، بلت ثم مشيت. واصلت سيري حتى تعبت. وعندما لمحت سارة من بعيد جرت نحوي، واحتضتني فسقطت في حضنها ولم تقو على حملي، فجلست في مكانها ووضعت رأسي على صدرها وجسدي بين فخذيها ونظرت الحريق من بعيد فنظرت لها: "أين قبلتي؟"، فقبلتني وقالت: "وجدت أشياء في الحقيبة تصلح أن تكون عشاء"، فأجبتها: "نعم...أنا جائع جدا".
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...3
-
اِضحك مع منظمة الجحيم العالمية (WHO): المسرحية الجديدة A(H5N
...
-
الإحتقار: أمثلة من الدين والكوفيد
-
إدعاء الـ -حقيقة-
-
عالم من الأكاذيب
-
-هدية- عيد الذبح: اليهودية ومن يمثلها من اليهود
-
-نعم... لكن- - -المتطرف-
-
-الملحدون والسلفيون-: ردا على مقال السيد سامح عسكر
-
-هذا ما جناه علي أبي- 2
-
-هذا ما جناه علي أبي-
-
الحوار المتمدن: الحرية مرة أخيرة واقتراحات
-
الحوار المتمدن: السخرية والسب
-
-لا إله إلا الله محمد (وحده) عبده رسوله-!
-
الحوار المتمدن: -من أجل مجتمع مدني علماني ديمقراطي-
-
خربشة حول فلسطين و-ديانة الحرب العالمية الثانية-
-
خربشة حول الجنس والحرية
-
-تكوين- بين التنوير والإصلاح
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...2-3
-
-تكوين- ولعنة العقل العربي الاسلامي
-
نحن نقص عليك أحسن القصص...2-2
المزيد.....
-
-شظايا رسومات- معرض جماعي لـ9 فنانين تشكيليين بطنجة
-
تراجع الإيرادات السينمائية بأميركا.. هل فقدت دور العرض بريقه
...
-
“نزلها الآن” تحديث تردد كراميش 2024 على النايل سات وعرب سات
...
-
“الحلقـة كاملـه HD” مسلسل قيامة عثمان الحلقة 174 مترجمة للعر
...
-
من الستينيات إلى اليوم.. كيف جسدت السينما الفلسطينية شخصياته
...
-
سنجاب عالق يفوز بجائزة التصوير الكوميدي للحياة البرية لعام 2
...
-
أول رد للمخرج عمر زهران بعد اتهامه بسرقة مجوهرات شاليمار شرب
...
-
رجل أعمال مصري يدعو منتجي الأفلام إلى تصوير أعمالهم في موسكو
...
-
لأول مرة.. فاليري غيرغييف يتولى قيادة أوركسترا باليه -كسارة
...
-
الشاعر السوري أدونيس بعد سقوط بشار الأسد: -المسألة ليست تغيي
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|