أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظفر النواب - مظفر النواب .. التغييب وشدة الحضور ...عادل الأسطة















المزيد.....

مظفر النواب .. التغييب وشدة الحضور ...عادل الأسطة


مظفر النواب

الحوار المتمدن-العدد: 8003 - 2024 / 6 / 9 - 19:35
المحور: الادب والفن
    


مظفّر النوّاب... التغييب وشدّة الحضور
عادل الأسطة22/05/2022
مظفّر النوّاب (1934-2022) ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



لم يُصْدِر شعرَه

رحل الشاعر العربيّ العراقيّ مظفّر النوّاب. لم يكن نعيه هذه المرّة إشاعة، ولطالما أُعْلِنَتْ وفاته من قبل، ثمّ تراجع الناعون غير المتأكّدين، وما عليك لتحصي عدد مرّات نعيه إلّا أن تكتب على محرّك البحث «غوغل»: "وفاة الشاعر العراقيّ مظفّر النوّاب".

لم يكن النوّاب شاعرًا مقروءًا؛ فلم يطبع أشعاره الفصيحة، ولذا؛ اقتصر البحث على أشرطة قصائده الّتي يلقيها بصوته...
عام 1973، كنت طالب آداب في «الجامعة الأردنيّة»، والتقيت بخرّيج قديم فيها يُدَرِّس العلوم في مدارس الكرك، حلّ ضيفًا على زميلي في السكن، وفي أثناء اللقاء بدأ يقرأ أسطرًا من قصيدة «وتريّات ليليّة» للنوّاب. لم أكن آنذاك أعرف مَنْ هو النوّاب، وحين خاطبتْ الأسطر فيَّ وجع الفلسطينيّ من النظام العربيّ، استبدّ بي الفضول لمعرفة الشاعر والبحث عن أشعاره، وصرت أبحث.

لم يكن النوّاب شاعرًا مقروءًا؛ فلم يطبع أشعاره الفصيحة، ولذا؛ اقتصر البحث على أشرطة قصائده الّتي يلقيها بصوته، وفي أثناء زيارتي دمشق عام 1975، عثرت على ديوانه بالعامّيّة «للريل وحَمَدْ»، ولمّا قرأت بعض قصائده، ولم أفهم المعنى، تركت النسخة في مكانها.



في القدس

عام 1976، قرأت في إحدى الصحف الأردنيّة مقالًا عن الشاعر، وازدادت متابعتي له، وحين عدت إلى الضفّة الغربيّة، وبدأت أتابع مجلّة «البيادر»، الصادرة في منتصف سبعينات القرن العشرين، قرأت ما كتبه الشاعر عبد اللطيف عقل، تحت عنوان استفزازيّ «مظفّر النوّاب: هذا المتصوّف البذيء تسلّل إلى القدس». كان عقل يومذاك قريبًا من الحزب الشيوعيّ، وكان النوّاب غادر «الحزب الشيوعيّ العراقيّ»، وهو ما عبّر عنه لاحقًا في قصيدته «ثلاث أمنيات على بوّابة السنة الجديدة»: "وأوافيهم على بُعدٍ وما عدنا رفاق"، وأيضًا: "وحين لم يبقَ وجه الحزب وجه الناس، قد تمّ الطلاق"، وكان للشيوعيّين عمومًا موقف من أشعار مظفّر، الّتي هجا فيها الجماهير إلى جانب هجائه الحكّام: "لا أستثني أحدًا/ يا جمهورًا يداوم في الليل في أقبية الحزن..." إلخ، وكانت ثقة الشيوعيّين بالجماهير في تلك الأيّام كبيرة، ولم تكن ترضى المساواة بينها وبين الأنظمة.

بيد أنّ عبد اللطيف عقل الّذي هجا النوّاب سرعان ما ابتعد عن الحزب الشيوعيّ، ومال إلى اليسار التروتسكي، وهكذا أعاد النظر في موقفه من مظفّر، وأعاد إليه الاعتبار، وهو ما أقرّ به في مقابلة نُشِرَت في «البيادر» نفسها الّتي اختلف خطّها، ولم يقتصر الأمر على هذا، فقد تأثّر بشعر مظفّر ذي الطابع الهجائيّ.

عام 1976، كانت «إذاعة الجماهيريّة الليبيّة» تبثّ قصائد مظفّر ليلًا، ولطالما سهرت حتّى منتصف الليل لأصغي إلى جديده، لكنّ المفاجأة الّتي أفرحتنا تمثّلت في إعادة «منشورات صلاح الدين» في القدس ديوانه «وتريّات ليليّة»، لتتلوها مفاجآت وهدايا أخرى تمثّلت في طباعة قصائد أخرى للشاعر: «أربع قصائد» و«سفينة الحزن» و«عرس الانتفاضة»، وهكذا قرأت مظفّر النوّاب قراءات كثيرة، أنجزت خلالها مقالين عنه نشرتهما في جريدة «الفجر».



التغييب

عندما طبعت دار نشر في لندن، اسمها «دار قنبر»، ما أسمته بـ «الأعمال الشعريّة الكاملة لمظفّر النوّاب» عام 1996، أعدت قراءة أشعاره من جديد، وأسفرت القراءة الجديدة عن كتاب «الصوت والصدى: مظفّر النوّاب وحضوره في الأرض المحتلّة» (1999)؛ الكتاب الّذي أعادت طباعته «مكتبة مدبولي» في القاهرة عام 2002، وفيه أفدت كثيرًا من المناهج النقديّة الّتي لم أكن ملمًّا بها في أثناء كتابتي المقالين. أفدت من نظريّة التلقّي الألمانيّة، ومن المنهج التكوينيّ ومنهج التناصّ، عدا إفادتي من بعض مقولات المنهج الاجتماعيّ الماركسيّ.

وأنا أتابع الحركة النقديّة الأدبيّة العربيّة، وأقرأ ما كُتِبَ عن الشعر العربيّ الحديث، لاحظت تغييبًا لافتًا لأشعار مظفّر...
ظلّت أشعار مظفّر تلازمني، وما زالت، وعندما خفّت حدّة الرقابة في العالم العربيّ، ولم تعد مجدية في زمن وسائل التواصل الاجتماعيّ، تعدّدت طبعات أشعار الشاعر، وكنت أقتني كلّ ما تقع عليه يداي؛ لأقارن بين الطبعات، وأعرف ما تضيفه الطبعة الجديدة إلى الطبعات السابقة. وأخذت أُدَرِّس هذا لطلبة الدراسات العليا في «جامعة النجاح الوطنيّة»، وقد أشرفت على رسالة للباحث مؤيّد عودة، اتّكأ كاتبها فيها على الطبعات المختلفة؛ ليرصد الفروقات بينها، والصيغ المختلفة لكلّ قصيدة.

وأنا أتابع الحركة النقديّة الأدبيّة العربيّة، وأقرأ ما كُتِبَ عن الشعر العربيّ الحديث، لاحظت تغييبًا لافتًا لأشعار مظفّر؛ وهو ما دفعني إلى كتابة مقالة طويلة، عنوانها «تغييب أشعار مظفّر النوّاب عن الدراسات النقديّة»، توقّفت فيها أمام أبرز دراسات الشعر العربيّ، وتساءلت عن الأسباب، وهذا موضوع يستحقّ. كانت الأسئلة الّتي لازمتني هي:

لماذا هذا التغييب؟ أيعود إلى شعر الشاعر فنّيًّا أم إلى خوف الدارسين في الجامعات العربيّة من أنظمة الحكم، الّتي بدت صورتها في شعر النوّاب سلبيّة في المطلق؟ أيعود السبب إلى أنّ الشاعر لم يجمع أشعاره في ديوان، وأنّ قصائده مربكة لوجود غير صيغة للقصيدة الواحدة؟



التراث والمدن

عندما قرأت قصيدته «المسلخ الدوليّ: باب بوّابة الأبجديّة»، التفتّ إلى الشكل التقليديّ فيها ذي الصلة بالشعر العربيّ القديم، وهذه الصلة كانت على مستويات أخرى غير الوزن والقافية: اللغة والصورة الشعريّة والمعاني أيضًا، كما لو أنّ القصيدة خارجة تمامًا عن الثقافة العربيّة القديمة، وكان هذا يثير لديّ أسئلة عن تحوّلات مظفّر النوّاب الماركسيّ الثوريّ، وانعطافاته وحنينه إلى الماضي:

تذكّرَ أهلَهُ فطوى

فكابرَ دمعَهُ الخضلُ

وعاتبَ صامتًا مرًّا ومنْهُ يقطرُ العسلُ

وكادَ يذوبُ لولا تمسّكُ الآمالِ والحيلُ

فلا أحبابُهُ يومًا بأحبابٍ ولا سألوا

وما مسحوا لَهُ دمعًا كما الأحبابِ، بلْ عملوا

ونقّلَ قلبَهُ لكنّهم كانوا همُ الأُوَلُ

فلمْ يعدلْ بنخلةِ أهلِهِ الدنيا، فنخلةُ أهلِهِ الأزلُ

وماؤُهُمُ الّذي يروي وماءٌ آخرٌ بللُ



وصارت قضيّة موقفه من الماضي وعودته إليه قضيّة تشغلني حقًّا، إلى جانب قضايا أخرى منها مثلًا اتّهامه بأنّه شاعر هجاء وشتائم، وهذا ما لم يرضني؛ فموضوعاته متعدّدة متنوّعة عديدة، ويُخَيَّل إليّ أنّ معتنقي هذا الاتّهام لم يقرؤوا رباعيّاته وخمريّاته، والأولى تذكّر برباعيّات الخيّام، والثانية ربّما تفوق خمريّات أبي نواس.

ويُخَيَّل إليّ أنّ معتنقي هذا الاتّهام لم يقرؤوا رباعيّاته وخمريّاته، والأولى تذكّر برباعيّات الخيّام، والثانية ربّما تفوق خمريّات أبي نواس.
في فترة متأخّرة، وتحديدًا في العام الماضي، التفتّ إلى «مدن مظفّر النوّاب» وكتبت عنها. الشاعر الّذي كتب عن فلسطين قلّما كتب في بدايات حياته الشعريّة عن علاقته بالمدن العراقيّة.

في «ثلاث أمنيات على بوّابة السنة الجديدة»، عبّر عن حنينه إلى العراق واشتياقه إليه، ولكنّه لم يخصّ بغداد بقصيدة، كتلك الّتي خصّ بها مدينة دمشق «باللون الرماديّ»، مطلعها:

دمشقُ، عدتُ بلا حزني ولا فرحي

يقودُني شبحٌ مضنى إلى شبحِ

أو قصيدته «عتاب» الّتي مطلعها:

أعاتبُ، يا دمشقُ، بفيضِ دمعي حزينا

لمْ أجدْ شدوَ الشحاريرِ القدامى

أتيتكِ والعراقُ دموعُ عيني

لماذا تجعلينَ الدمعَ شاما؟



وظلّت كتابته عن بغداد تشغلني وما زالت، وهو ما كتبت عنه تحت العنوان المذكور «مدن الشاعر مظفّر النوّاب».

مظفّر النوّاب، الشاعر الكبير وداعًا، نودّع جسدك، ولكنّ شِعرك باقٍ فينا ما بقينا.






عادل الأسطة ،
أستاذ جامعيّ وباحث. حاصل على الدكتوراه من جامعة BAMBERG في ألمانيا عام 1991. يكتب المقالة في الصحافة الفلسطينيّة والعربيّة. أصدر العديد من الكتب، منها: جداريّة محمود درويش وصلتها بأشعاره ، و الصوت والصدى: مظفّر النوّاب وحضوره في الأرض المحتلّة . يكتب القصّة القصيرة والرواية ويهتمّ بدراستهما.



#مظفر_النواب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة لم تنشر
- شهادة للروائي إبراهيم الجبين عن مظفر النواب
- قصائد من طين الأهوار ـــ سومر شحادة
- غزة...
- نعش الشهيد
- حوار مع مظفر النواب
- ألفريد سمعان يكتب عن مظفر النواب
- زهرة لفهد ..
- مظفر النواب شاعر الاغلبية *** للاستاذ محمود الحاج
- مظفر النواب شاعر الصور المدهشة
- قبل خمسين عاما
- حوار قديم مع مظفر النواب اجرته حميدة نعنع
- أين مظفر ؟... إنعام كجة جي
- حوار مع علاء حسين البشير الصديق الأقرب لمظفر النواب
- تشومسكي ومظفر النواب
- ومضات نوابية
- وصلات في العشق النوابي وداعا ايها النهر الثالث
- الوتريات الليلية .... حمزة البشتاوي
- علي جعفر العلاق وعلاقته بمظفر النواب
- مظفر النواب والتشكيل


المزيد.....




- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظفر النواب - مظفر النواب .. التغييب وشدة الحضور ...عادل الأسطة