أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن - باقر الفضلي - ألأعلام ألألكتروني: حرية النشر..؟















المزيد.....


ألأعلام ألألكتروني: حرية النشر..؟


باقر الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 1759 - 2006 / 12 / 9 - 07:41
المحور: ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن
    


لعل في العنوان ما يثير الفضول، ولعل في الخوض في هذا الأمر، شيئاّ من مغامرة غير محسوبة العواقب، قد يدفع صاحبها ثمن ذلك. ولكن لا محيص من أن يرجع المرء الشيء الى أصوله ويبحث في جزئياته ليخرج بتفسير مقبول ومناسب لحالة الإعلام الألكتروني، ومنه العربي بوجه خاص، ومدى التزامه بحقوق المواطن، وذلك من موقع حرية الرأي..!
ومن نافل القول أن يجد المرء في مناسبة مرور خمس سنوات على بدأ مسيرة موقع (الحوار المتمدن) الألكتروني، فرصة لأن يلقي الضوء وبشكل عام ومختصر على واقع الصحافة الألكترونية العربية وآفاق مستقبلها ووجودها الحالي، ومدى تمسكها وإحترامها للمباديء العامة لأصول النشر وحرية الكلمة وإحترام الرأي الآخر.

وحري بالمرء، بهذه المناسبة العزيزة على كاتبات وكتاب، وقارءات وقراء الحوار المتمدن، أن يتقدم مع كل مشاعر التقدير والإعتزاز، بالتهنئة القلبية الخالصة لهيئة تحرير الحوار المتمدن، لمثابرتها الجادة وحماسها المنقطع النظير في وضع الموقع في المقدمة مع المواقع الشقيقة الأخرى، وللنجاح الكبير الذي حققه الموقع على كافة الأصعدة، ليتبؤ هذه المنزلة الرفيعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، متمنياّ كل النجاح والإزدهار لهذه المسيرة المفعمة بالنشاط الدؤوب في تحقيق الأهداف المعلنة..!
***

العشرات من المواقع الألكترونية تغطي الساحة الإعلامية العربية اليوم ، وهي آخذة بالإزدياد المضطرد، وأغلبها تعلن عن نفسها بأنها تعمل من أجل خدمة المواطن العربي ، بهدف تسهيل إمكانيات نشر الكلمة الحرة، الهادفة لما فيه مصلحة حرية المواطن في التعبير عن آراءه وأفكاره بما يخدم إحترام الرأي والرأي الآخر، وتفسح المجال أمام الجميع للتعبير عن آرائهم ومعتقداتهم بعيداّ عن أعين الرقيب وتدخلات السلطة وملاحقاتها البوليسية والقضائية ضد الكتاب والمثقفين، لما تمتلكه هذه المواقع من هامش من الإستقلال والحيادية، والتي جميعها تقريباّ، تعلن التزامها بها، كثوابت للعمل الإعلامي، يسهل من ذلك الكلفة غير الباهظة لعملية النشر نفسها ..!

ومع ذلك ومع كل ما تمتلكه هذه المواقع من فسحة كبيرة على صعيد النشر الألكتروني لما لهذا النوع من الإعلام من سبل التيسير أكثر مما هي عليه في الأشكال الأخرى من الإعلام المتعارف عليه، فهو لا يحتاج من الخبرة والجهد، والمكنة الإعلامية والرصانة اللغوية أو الادبية ذلك المستوى الذي يحتاجه العمل الصحفي المقروء أو العمل في الفضائيات..! فهي_ المواقع_ في تعاملها مع المنتوج الثقافي أو الإعلامي بشكل عام، تبدوا أكثر كرماّ وأريحية وشفافية مما هو عليه الأمر بالنسبة للصحافة العلنية المقروءة منها والمرئية..! ولكن هذا الأمر لا يمنع من توصيف البعض من هذه المواقع الألكترونية؛ بأنها، وفي كثير من الأحيان، تنهج نفس طريق "الرقيب" المتسلط، في رفض أو قبول تمرير ما يحلو لها من تلك النتاجات..!

فرغم ما تعلنه غالبية المواقع الألكترونية من شروط محددة للنشر، إلا أنها وفي كثير من الأحيان تتجاوز شروطها وتسمح بنشر العديد من المقالات التي تتعارض مع تلك الشروط، طالما أنها تجد فيها _أي المقالات _ ما يلبي توجهات الموقع نفسه ويصب في وجهة تحقيق أهدافه غير المعلنة، مما يعرض حيادية الموقع وصدقيته الى الشك والريبة، وتصبح معها، إستقلالية الموقع موضعاّ للتساؤل والإستغراب، خاصة وأن البعض من هذه المواقع تمتلك سمعة طيبة ولها جمهورها الواسع من القراء والمتابعين..! ولكن هذا لايمنع من جانب آخر، من قول حقيقة أن البعض من هذه المواقع قد تكون مضطرة لمثل هذا الإجراء عندما تجد نفسها أقرب الى حالة الغرق من كثرة ما يصلها من نتاج المثقفين، أو بسبب محدودية إمكانياتها الفنية وقدراتها التكنلوجية، أو ضعف مصادرها التمويلية..!

من المواقع الألكترونية من يعلن صراحة عن طبيعة الموقع من حيث أهدافه وتوجهاته الفكرية والسياسية المعلنة، كمواقع الأحزاب والمنظمات الإجتماعية ومواقع الصحافة، ومنها ما يطرح نفسه، موقعا مستقلا حيادياّ، هدفه إتاحة الفرصة للجميع في التعبير عن أفكارهم وآرائهم بصورة حرة وبمنأى عن الوانهم السياسية وهوياتهم الإثنية أو الدينية..! فإن كان هناك ما يبرر لتلك المواقع الألكترونية الموجهة، من عذر في حجب أو تقطيع أجزاء من المقالات التي تردها من الكتاب والمثقفين بسبب حجج تعتقدها تقف وراء ذلك، رغم تعارض ذلك مع مبدأ حرية النشر، فما سيكون عليه القول بالنسبة لتلك المواقع الحيادية المستقلة، والتي وضعت حرية النشر في صلب مهامها التي أنشأت من أجلها تلك المواقع، وبأن حياديتها قدس لا يمكن مسه..؟؟!

ليس من الغرابة أن تحجب بعض هذه المواقع "الحيادية" نشر بعض المقالات التي لا تجدها متفقة مع شروط النشر التي قررتها، أو فيها خروج على المألوف من الأعراف الإجتماعية أو أنها تمس مشاعر وعقائد الناس الدينية أوالعرقية، أو فيها تطاول على سمعة وكرامة المواطنين، وغيرها من التجاوزات على الأنظمة والقوانين التي تنظم حريات الناس ومعتقداتهم، أو تلك التي تعمل على تمزيق النسيج الأجتماعي وتدعو الى الفرقة والنعرة الطائفية..! ولكن وجه الغرابة في مثل (بعض) تلك المواقع الألكترونية، أنها تلجأ في كثير من الأحيان الى حجب تلك المقالات التي لا تنسجم مع توجهات الموقع الفكرية أو السياسية، أو التي تدعو الى وجهة نظر قد تختلف من قريب أو بعيد مع وجهة نظر القائمين على الموقع حتى وإن كانت تلك المقالات ملتزمة بكل القيود والضوابط الإعلامية ومتمسكة بشروط النشر للموقع نفسه وحتى دون إعلام أصحابها عن أسباب الحجب..!! في الوقت الذي تزخر فيه صفحات مواقعها بالرث من المقالات التي لا تهدف إلا الى الإساءة والتطاول على ألآخرين، بل وحتى تلك التي تشرع للطائفية والى الإحتراب بين أبناء الوطن الواحد أو الطائفة الواحدة..!!

مثل تلك المواقع ترى في المواضيع الأكثر "إثارة"، _حتى وأن إفتقدت لشروط النشر_، طريقاّ سهلاّ لزيادة عدد قراءها ونيل الشهرة بالطريق الأقصر، خاصة إذا ما كانت تلك المواقع من النوع المزدوج، الذي يهدف الى تحقيق هامش كبير من الربح على حساب القيم والأعراف الثقافية، كبعض تلك المواقع التي تمتهن تجارة الإعلان كإحدى وسائل الكسب السريع، وبذلك تسعى لتلميع صورة البعض من الناشرين للكلمة وتفتح لهم الطريق لنشر نتاجهم الأكثر إثارة للقراء، لا "لموضوعيته" ، بل لقدرته على خلق جو من الرد والرد المضاد بين القراء مما يحول صفحات الموقع الى ساحة إحتراب وتجاذب بين القراء أنفسهم؛ السلاح فيها؛ الكلمة الإستفزازية، والتجريح القاسي ، والإساءة، وكل صنوف الكلام المبتذل، مما يساعد على خلق حالة مثيرة من التشوش الفكري بين القراء، خاصة إذا كانوا من ذوي مستويات متدنية من التعليم والثقافة، رغم أنه في المحصلة النهائية، يخدم عملية رفع المستوى المعرفي والثقافي للانسان، بعد أن تفسح السلعة الرديئة في المكان للسلعة الجيدة...! أما "الكاتب" نفسه فله حصة الأسد من هذا القرف الذي صنعه بيده وعن قصد، وعلى طريقة "خالف تعرف"، الذي لا يليق نشره في أي موقع يحترم أهدافه التي أسس من أجلها..!
وعلى حد قول أحد المواقع الألكترونية الهادفة: "أن كثيراّ من الكتاب للأسف تفقد موادهم قيمتها بسبب إستخدامهم أحيانا ألفاظاّ تمس بالآخر الذي يكتبون ضده، وهو أمر لا نقبله بالطبع، ولن نسمح لأنفسنا بتحويل الموقع إلى منبر لاستخدام ألفاظ غير ايجابية.." ولعل موقع (الحوار المتمدن ) من المواقع الأكثر حذراّ والأكثر إلتزاماّ بهذا الإتجاه، وذلك برسمه خطوطاّ واضحة المعالم لجميع الكاتبات والكتاب ، يمكن تلمسها إستقراءّ من خلال التعرف على سياقية ما ينشر في الموقع من نتاجات فكرية على إختلاف مشاربها. ومع ذلك، يجد المرء أحياناّ ما يعكر صفو هذا النهج من المقالات التي يتجاوز فيه أصحابها حدود الذوق السليم، مما لا يتمناه المرء أن يأخذ مكانه للنشر على صفحات الموقع، خاصة تلك المقالات التي يكون هدفها التجريح الشخصي قبل النقد الموضوعي..!

لقد فتحت وسيلة النشر الألكترونية الطريق أمام الفكر الإنساني لأن يعبر عن نفسه بكل حرية وإستقلالية، بعيداّ عن سيف الرقيب المسلط على رقاب المفكرين في الدول اللاديمقراطية ، أو تداعيات تأثير الولاءات المختلفة؛ دينية كانت أو حزبية أو سياسية. ومن خلال هذه الوسيلة وجد المفكر نفسه طليقاّ لا تحده حدود ولا تقف في وجهه موانع للتعبير عما يريد، إلا تلك الموانع التي جبل عليها، من إحترام الرأي الآخر، والنظر الى معتقدات الناس وتقاليدهم بكل أحترام، وعدم المس بكرامة الشعوب ومقدساتها..!

وقد لعب موقع (الحوار المتمدن) دورا متميزاّ بين المواقع الأخرى في إتاحة الفرص أمام هذا الفكر، لأن يجد أمامه ساحة واسعة للتعبير عن نفسه بكل حرية وإحترام، حيث يتجاوز عدد الناشرين من الكاتبات والكتاب ما يزيد على السبعين يومياّ، ومن إتجاهات مختلفة يغلب عليها إتجاه التيار العلماني الديمقراطي اليساري، وهو رقم قياسي إذا ما قورن بالمواقع الآخرى..!

كما وللموقع أن يفخر بأنه الموقع المتميز بين جميع المواقع الألكترونية العربية ، من أتاح الفرصة واسعة أمام (المرأة) لتسهم في المشاركة مع أخيها الرجل في نشر الوعي والثقافة الديمقراطية وإحترام الرأي الآخر، وأن يكون لها مكانها المتميز بحق على الصعيد الثقافي والإجتماعي وعلى الصعيد المحلي والإقليمي. وأن تجد في موقع (الحوار المتمدن) المكان الأكثر ملائمة للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان. وبعيداّ عن المبالغة، ومن خلال المتابعة المتصلة لنشاط الموقع، يمكن القول بأن نسبة مشاركة المرأة تتراوح بين 15-20% وتزيد أحياناّ، من عدد المشاركين من الرجال، في وقت قلما يجد فيه المرء مشاركة للمرأة بهذا الشكل في المواقع الأخرى..!

********
2/2

لقد أعتبرت المواقع الألكترونية التجسيد العملي لوسيلة النشر المذكورة، والتي يجد فيها المفكر المكان الذي يستوعب أفكاره ويعلنها للناس بكل حرية وأمانة، دونما خوف من رقيب أو حسيب..! ولقد كان من أسباب نجاح هذه الوسيلة الأعلامية هو أنها ومنذ أن أخترعها الإنسان، قد نمت وترعرت في ظل ظروف ديمقراطية، تتيح للجميع إستخدامها وتوظيفها في حياتهم اليومية بكامل الحرية وإلإطمئنان، بعيداّ عن كل مسائلة أو رقابة رسمية إلا في الحدود التي أقرها القانون..!

ومن خلال وسيلة النشر الألكترونية هذه، وجدت حرية التعبير وحرية النشر، اللتان أقرتهما معظم دساتير العالم بما فيها بعض الدساتير العربية، طريقهما للتجسيد العملي الحقيقي على المستوى الإجتماعي والسياسي. كما وأنها_ الوسيلة الألكترونية_ قد وفرت الفرص المناسبة أمام قوى المعارضة في تلك البلدان التي تفتقر الى الحرية والديمقراطية، لأن تعلن عن مواقفها السياسية بحرية تامة، مما وضع حكام تلك البلدان في موضع المتهم أزاء شعوبها، مما دفع بالبعض منها، وخاصة تلك البلدان ذات الأنظمة الشمولية، أن لاتجد معه مناصاّ لمنع ذلك، إلا بتحريم إقتناء الوسائل التي بواسطتها يمكن إستخدام الوسيلة الألكترونية، والمقصود بها شبكة الإنترنيت والناقل المحمول، وذلك للحيلولة بين شعوبها وبين كل وسائل الإتصال التي تسمح لها بأيصال صوتها الى المجتمع الدولي..!؟ وقد كان العراقيون ضحية هذا التحريم لعقود طويلة من الزمن..!؟

ومن هنا يمكن القول بأن موقع (الحوار المتمدن) يعتبر من أوسع البوابات الإعلامية في المنطقة العربية، التي من خلالها تمكنت قوى الديمقراطية في البلدان المغلوب على أمرها، من ولوج طريق النضال من أجل الحرية والديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، وإسماع صوت شعوبها الى المجتمع الدولي، وفضح الإنتهاكات والخروقات الجسيمة التي تمارسها السلطات الدكتاتورية والقمعية بحق تلك الشعوب..!

أن ما عكر المناخ الديمقراطي لإستخدام الوسيلة الألكترونية للنشر، هو ما صاحب إستخدام حرية التملك للمواقع الألكترونية_ المقصود بعض المواقع العربية_ من قبل البعض ممن تتحكم في إراداتهم ولاءات محسوبة سلفا ، قد تقف وراء تملكهم لهذه المواقع، أن ينصبوا أنفسهم بديلا "للرقيب" ضمن تلك المواقع، وذلك من خلال ممارساتهم، في حجب أو تبتير المقالات التي ترد الى الموقع عند نشرها ، ضمانا منهم للحد من نشر أية أفكار أو آراء تتعارض مع سياسات أو توجهات أصحاب تلك الولاءات، أو تمسها بما لا يريح النفس أو يطيب الخاطر..! وفي تقديري أن العديد من المفكرين بإختلاف جنسياتهم قد تعرضوا لمثل تلك الممارسات..!؟ فبدلا من "رقيب" السلطة، تنبري مثل هذه المواقع لتأخذ على عاتقها نفس ذلك الدور، الذي يسيء في طبيعته الى ما تقدمه من مهمة نبيلة، وفرت ظروفها آفاق التطور العلمي والتكنولوجي..!
من جهة اخرى لا اعتقد أن هذه المواقع نفسها بعيدة عن الرقابة، ولكن يمكن ان تكون خارج السيطرة، فالرقابة تتم عبر وسائل تكنولوجية متطورة تسجل كل شيء، ولكن هذه الوسيلة على تقدمها عاجزة عن عمل شيء لوقف ذلك او للحد من تأثيره...!

أن حجب أي مقال عن النشر أو تشذيبه بالشكل الذي يفقده الهدف من نشره، خاصة أذا لم يشوبه ما يمنع من نشره من تجاوزات أو عدم إلتزام بشروط النشر، من قبل أي موقع مهما كان، إنما هو إحدى الوسائل اللاديمقراطية التي تلجأ اليها بعض المواقع العربية، دون تخصيص، في قمع الكلمة الحرة، خاصة وأن جميع المواقع الألكترونية العربية_ المقصود بها تلك التي تتعاطى مع النشر الثقافي والأعلامي _ تعلن وبأستمرار تنصلها عن تحمل أية مسؤولية عما تنشره على صفحات مواقعها من مواد تعود في الأصل لمرسليها..! مما يتناقض مع ما تقدم عليه من شطب أو حجب..!؟ فهي وطبقا لإعلانها هذا لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه المقالات المنشورة في الموقع المعين من أفكار وآراء قد لا يستسيغها البعض، وأن الوحيد المسؤول عن مضامين تلك المقالات هم أصحابها، وبعكسه فأن حجب أي مقال أو التدخل في النص عن طريق الشطب أو التعديل، إنما هو خروج على الإلتزام بحرية النشر التي نصت عليها أغلب دساتير الدول، ومنها العربية..!؟ وإلا فما هو تفسير إقدام بعض تلك المواقع الألكترونية على هذا الخرق اللاديمقراطي، رغم ما له من إيجابيات أو سلبيات..!؟؟

ومن صور الخرق الأخرى التي تلجأ اليها بعض المواقع الألكترونية، هو ذلك القيد الشكلي الذي تمنح لنفسها من خلاله الحق في أولوية النشر، والذي بموجبه تلزم الكاتب الإذعان بإرسال نتاجه اليها قبل غيرها من المواقع الأخرى، ذاهبة في ذلك مذهب بعض الصحف المقروءة، التي تمتنع عن النشر في حالة نشر الموضوع في صحيفة أخرى..! فإن كان للصحافة المقروءة من المبررات ما يدفعها للقيام بذلك، فلا أجد من أرضية تسند موقف البعض من الصحافة الألكترونية في التمسك بحق الأولوية في النشر، خاصة وإن عملية النشر تجري في هذه المواقع مثل جريان الماء الهادر..!
أن ضحية هذا التمسك اللامشروع في النهاية؛ هو (نتاج) الكاتب نفسه الذي ترتهنه أمثال تلك المواقع، أذ تضعه تحت رحمة قرار من له الأمر والنهي في الموقع المعين، إن شاء سمح بالنشر، أو ألقى بذلك النتاج في سلة المهملات، مستهينا بالجهد المبذول فيه، وحارما نتيجة هذا الإحتكار، الكاتب من إمكانية النشر في المواقع الأخرى ضمن الوقت والظرف الذي يراه مناسبا لنشر نتاجه..!

أن استقلالية المواقع الألكترونية وحياديتها هي من مكاسب الديمقراطية المهمة على الصعيد الأعلامي، وتشكل رافداّ وداعماّ لوسائل الإعلام الأخرى، حين يتعذر على نخب المفكرين والمثقفين إيصال نتاجهم الثقافي الى تلك الوسائل لأسباب مختلفة..! كما ومن خلالها يشعر المرء بالطمأنينة والحرية في إبداء أفكاره ومعتقداته، ويجد فيها مجالا للتنفيس والتعبير عن الرأي..! بإلإضافة الى أنها الوسيلة الأسرع والأعم لنشر الكلمة الحرة في كافة أنحاء العالم..! ومن خلال تمسكها بالإلتزام بحرية النشر وبشكل عادل، يتيح الفرص أمام الجميع للتعبير عن وجهات نظرهم في الأمور السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وفي الحدود المشروعة، تثبت هذه المواقع صدقيتها في الحيادية والإستقلال..!

وليس بعيدا هذا الوصف عن حقيقة أن موقع (الحوار المتمدن) قد قطع أشواطاّ بعيدة في هذا المسار، مما أكسبه إحتراماّ وتقديراّ كبيرين بين القراء ومجمل المثقفين على الصعيد الدولي ليحتل هذه المكانة الرفيعة بإستحقاق، تشاركه في ذلك وبمستويات مختلفة عدد من المواقع العربية والعراقية الأخرى، التي هي الأخرى تسعى جاهدة لترسيخ خطاها بهذا الإتجاه، ولها مكانتها المتميزة بالإحترام والتقدير، آخذة من تجربة موقع (الحوار المتمدن) الناجحة، مثلاّ جيداّ يقتدى به في المسيرة الإعلامية..!

خلاصة القول: فأن حرية النشر لا تقل أهمية عن حرية الرأي، فهما متلازمتان، من حيث أنهما من مكونات حقوق الإنسان التي كفلتها اللوائح والدساتير، ، وإن حجب أي منهما دون سبب مشروع، إنما هو إنتهاك لتلك الحقوق وخروج على الديمقراطية..! وحيث أن هذا الصنف من الإعلام لا زالت تنقصه ضوابط القوانين والقواعد المنظمة، فإن حدود التعامل معه وطرق إستخدامه، تظل تخضع الى الرقابة الذاتية لكل من الناشر والكاتب على حد سواء، والى مدى إلتزام الجانبين بقواعد النشر، ومدى موائمة هذه القواعد مع حقوق وحرية النشر. أما الحيادية نفسها ، فستبقى شأناّ نسبياّ، ينظر إليه كل طرف من زاوية مصالحه الخاصة. ولعله من المبكر الحديث عن مواقع ألكترونية محايدة بالمعنى المطلق للكلمة، ولكن من الجائز توصيف بعض المواقع بالإستقلالية، سواء المادية منها أو الفنية. ولا يدخل ضمن الحديث، المواقع التجارية، أو تلك التي لا تزاول مهمة النشر الفكري والنشاطات الصحفية. علماّ بأن هذه الإستقلالية لا تمنحها حصانة من الإنزلاق في متاهات المحاباة أو التأثر بالمؤثرات الخارجية من ولاءات أو تبعية، وحتى مؤثرات شخصية..!؟
ومن المفارقات التي رافقت هذه القفزة النوعية في إنتشار المواقع الصحفية الألكترونية على سعة وعمق الساحة العربية، خاصة منها المواقع المعنية بالشؤون السياسية – الإجتماعية، ذلك الموقف المتشنج الذي تقفه بعض الحكومات اللاديمقراطية في المنطقة من تلك المواقع، خاصة المواقع التي تفتح الطريق لحرية النشر والإنتقاد، وبث الوعي الديمقراطي المتحرر، فجابهتها بالتضييق عليها، من خلال التهديد بالغلق ، وحجبها عن مزاولة نشاطها الإعلامي في مكان نفوذها. ولعل موقع (الحوار المتمدن) من أكثر المواقع الألكترونية، من تعرض الى مثل تلك الإجراءات التعسفية، خلال مسيرته الكفاحية..!

كل ما يتمنى المرء أن يقوله، بعد خمس سنوات من مسيرة إعلامية ناجحة لموقع أثبت قدرته العالية على التحدي، ورسم طريقاّ إستدلالياّ للآخرين، يستحق أن يتبع في هذه المسيرة؛ هو الأمل بالمواصلة بتعميق النهج المستقل للديمقراطية في العمل الإعلامي، والتمسك العالي بالدفاع عن حقوق الإنسان، ومساندة المظلومين، ورفع شأن المرأة في السياسة والمجتمع، وإعلاء شأن الثقافة الواسعة الأبعاد، وتمتين أواصر العلاقة بين الشعوب، والدفاع عن حقوق الأقليات العرقية والدينية، وفي كل هذا يعتبر موقع (الحوار المتمدن) موقعاّ رائداّ، ومنبراّ إعلامياّ متصدراّ، ومصدراّ غنياّ للثقافة الإنسانية والمعرفة بجدارة وإمتياز..!



#باقر_الفضلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يزرع الريح يحصد العاصفة..!!
- مطلب الإنسحاب من العراق وآفاق تطبيق خطة بيكر..!
- المثقف المبدع في الزمان والمكان..!
- الفدرالية: الأقاليم ودستورية تأسيسها..!
- الفدرالية: ما هو المبتغى..؟
- برلمان بلا قيود وديمقراطية بلا حدود..!
- المؤتمر الثامن: نحو البرنامج...!
- الملف النووي الإيراني: أسئلة وأجوبة..!؟
- القضاء: هل كان صدام دكتاتوراّ..؟
- إشكالية (الحرب ضد الإرهاب) وحقوق الإنسان(*)..!2-2
- إشكالية -الحرب ضد الإرهاب- وحقوق الإنسان..! 1-2
- العراق: إشكالية الفدرالية والتوازن الإجتماعي..!
- المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي: وقفة أولية..!
- الدستور: إشكالية علم العراق..!
- المندائيون يستغيثون...!
- الأنفال : مسؤولية المجتمع الدولي..!
- الملف -النووي- الإيراني، خطر على من..؟!*
- القرار (1701): إشكالية النصر والهزيمة..!
- هل يمتلك العراقيون نفطهم...؟
- ما هي الديمقراطية المطلوبة من المجتمع العربي..؟*


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن - باقر الفضلي - ألأعلام ألألكتروني: حرية النشر..؟