أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم النجار - إدوارد سعيد.. إشكالية المكان وصراع الهوية














المزيد.....

إدوارد سعيد.. إشكالية المكان وصراع الهوية


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7967 - 2024 / 5 / 4 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إدوارد سعيد.. إشكالية المكان وصراع الهوية..

لقد ظلّ مفهوم المكان في ثقافتنا العربية الحديثة المعاصرة حبيس النّص الاستعماري: الإشكالي منه والسجالي. ولم يجد مرتعا لبعض من حرية التفكير والتصوّر إلاّ في النص التّخييلي شعرا كان أو حكيا أو مسرحا. وبين صرامة النّص الاستعماري الذي رسم المكان الجغرافي الاجتماعي الثقافي في عالمنا العربي وبين الحرية الممكنة للنصّ الأدبي يصعب الحديث في ثقافتنا هذه عن تصوّر فعلي للمكان من حيث هو كيان له استقلاله الذاتي.
إضافة إلى ذلك فإنّ طبيعة المكان باعتباره كيانا أوّليا متعدّد الدلالات والوظائف يخترق بإلحاح مجموعة من المباحث والعلوم، من الطبّ إلى علم الأديان مرورا بالفلسفة والعلوم الإنسانية والأدب. وهو ما يجعل من مقاربته أو تناوله بالبحث محكوما بالانحياز الأيديولوجي حتّى ولو أراد الشمول والكلية.
وإذا كان المكان بهذا المعنى مفهوما ثقافيا (بالمعنى الأنثروبولوجي للكلمة) فإنّ قابليته للتفكير الفلسفي النظري وللتحليل الثقافي في الآن نفسه هو ما يؤكِّد خصوبة البحث فيه والجدّة التي يتناولها البحث في هذا الشأن.
من رحم هذه الإشكالية للمكان ولدت في التاريخ العربي المعاصر الحديث، كينونة جديدة للمكان اسمها (الهوية) القطرية التي في نظر البعض من الكُتّاب العرب ومعهم جُلّ السياسيين في منطقتنا العربية، إنّها هوية متميِّزة. إنْ لم تكن فريدة من نوعها كأخطر مغالطة في التاريخ، هيمنت -وما تزال- على أفكار أجيال من الدارسين والباحثين.
ولكن الأكثر خطورة في هذه الفكرة، أنّنا عندما نُفاجأ بجهل مفكرينا ومؤرخينا، جهلاً حقيقيًا كان أم مصطنعًا، بريئًا كان أم ذا مرام، بهذه الفكرة التي تعدّ من أهم معطيات الصراع العربي، وأسبابه القريبة والبعيدة، نجد أنفسنا ميالين إلى إيجاد أسباب مخفّفة للمواطنين العاديين، الذين انساقوا إلى تأييد الباطل، متأثرين ببراعةِ الذين صوّروا لهم الباطل حقًا.
ولقد نجح الصهاينة في استخدام هذه الفكرة بشكل قويّ، ليعين ويحدِّد الذين يعادون حلم الصهيونية، أو يتحدّثون عن المظالم التي مورست ضدّ العرب الفلسطينيين، حتّى تحوّلت سيفًا مسلطًا فوق رقاب الكُتّاب والصحف ومحاولة إخضاعها لما تريده الصهيونية.
هكذا فعلَت -الصهيونية- مع المفكر العربي الفلسطيني إدوارد سعيد، عندما شكّكت بعروبته وفلسطينيته، ودخلت له من باب المكان، أيّ مكان ولادة إدوارد سعيد في القدس، مجرّد محطّة عابرة، ومن ثمّ انتقاله مع عائلته للقاهرة، رحلة مؤقّتة، حسب المفاهيم الصهيونية للمكان؛ واعتبروا إدوارد سعيد أمريكي المفاهيم والثقافة، ليدخل في بوتقة الهندسة الاجتماعية الأخلاقية الأمريكية، التي فحواها مبدأ الصراع بين الأفكار، والتيارات الثقافية.
وحتى تسوق هجومها على إدوارد سعيد، استندَت إلى ما كتبه بعض المفكرين الأوروبيين كالكاتب "بير روسي" في كتابه " التاريخ الحقيقي للعرب" إلى الانتفاض والتقريع، تقريع من كتب الكذب في جامعات أوروبا، ومن صدق ذلك في جامعاتنا فيقول: "عندما نتكلم عن الوطن العربي، فإنّنا في سبيلنا إلى نظرية مقدّسة، تجعل من العربي شخصية صحراوية، انبثقت في التاريخ في عهد غير محدّد أو معروف؛ إنّ عهود العرب الأولى في التاريخ غامضة جدًا، إنّنا لا نعرف من أين أتوا.
هذا التشكيك الصهيوني الأوروبي في هوية العرب، لم يتأتّى من سراب، بل المقصود به كلّ من يعادي الصهيونية، وإن كان إدوارد سعيد نال نصيب الأسد من هذا التشكيك، خاصّة حينما بدأ في استقراء الذاكرة الاستعمارية، التي تزاحمت في صورها ومشاهدها، ومخيّلتها المأزومة، إنّهم كانوا منارة للعرب، وما حكمهم لهم "الاستعمار" محطة تنويرية لوجودهم على الخارطة السياسية العالمية.
وإنّ حديث إدوارد سعيد عن الاستغلال وتزيف التاريخ، ما هو إلاّ خزعبلات كاتب، ينتقم من غموض مكانه وأصله -كما رّوجت الصهيونية-.
هكذا يصبح المكان في نظر الصهيونية علاقة وثيقة مع مفهوم الذات لإدوارد سعيد، ومفهوم الذاتية عند الصهاينة بوصفها مفهوماً منزوعة الهوية، بيد أنّ الأمر لا يقف عند هذا الحدّ. ذلك أنّ المكان إنْ وُجد، فهو موجود في مخيّلة إدوارد سعيد. باعتبار هذا الأخير متخيَّلا جماعيا أو فرديا بالنسبة للعرب والفلسطينيين.
لقد فتح إدوارد سعيد الذاكرة السوداء للحكومات الغربية وثقافتها المستعمرة، على مدى نصف قرن من التعامل الاستعماري مع الشعوب العربية والأفريقية.
وفي اللحظة التي أطلق إدوارد سعيد فيها الحجر إلى رأس الإمبريالية، كان هناك حجر من نوع آخر تقذفه به الصهيونية الأوروبية الحاكمة، هو وضع إشكالية المكان والهوية لإدوارد سعيد ومشروعه الثقافي.
.... يتبع



#سليم_النجار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبل أول جريدة ساخرة في الوطن العربي
- مجموعة قصصية / الجمل الإنجليزي
- رواية فارس وبيسان
- حياة أخرى للنساء وروايتان قصيرتان
- رواية شجرة العروس
- يتيم أسرة تشاو
- رواية همسات من خلف الأسوار
- جريدة الطبل الفلسطينية كابوش في جوف الهاوية
- معبد الغريب
- حكايات لياوتشاي
- الطبل أول مجلة ساخرة في فلسطين
- رواية أين أنت يا أبي
- أوراق اقتصادية على طريق الحرير
- مجموعة قصصية النساء لا يفعلن ذلك
- أنا لدي حلم
- سيرة الشعب أساس الطموحات
- قراءة في كتاب فيروز
- في وداع محمد أبو حلتم
- رواية المرافعة للأسير حسام الديك
- حماس في فلسطين


المزيد.....




- خامنئي يتعهد بعدم -استسلام إيران- لأمريكا تزامنًا مع جنازات ...
- داعيًا للتحرك.. بوريل: أوروبا تُهمَش لأنها لم تعد تجرؤ على ا ...
- تحذيرات من قرار أممي يهدد آلاف السوريين بلبنان
- الاحتلال هدم 1000 منزل في الضفة ويواصل حملة الاعتداءات
- ماذا تعرف عن عُقدة النقص؟
- ردود فعل سلبية في بريطانيا بسبب حقن إنقاص الوزن
- ديرمر يزور واشنطن الاثنين وتفاؤل ترامب بإنهاء الحرب يفاجئ إس ...
- عصير الكرز الحامض وصفة سحرية للنوم العميق
- كيف غيّرت حرب غزة مزاج أوروبا تجاه إسرائيل؟
- -ما تفعله اختطاف-.. فيديو يُظهر شابة متشبثة بشجرة وملثمون يح ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم النجار - إدوارد سعيد.. إشكالية المكان وصراع الهوية