أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فيصل طه - جدّتي وبوّابة -مندلباوم-














المزيد.....

جدّتي وبوّابة -مندلباوم-


فيصل طه

الحوار المتمدن-العدد: 7964 - 2024 / 5 / 1 - 18:28
المحور: القضية الفلسطينية
    


من المفارقات المأساويّة، الجاثمة على ألواح الذّاكرة الفلسطينية، هي أن تتحوَّل الرسائل الخطيّة، وأحيانًا الصّوتية عبر المذياع إلى لغة التّخاطب والتّواصل الوحيدة الممكنة بين أفراد العائلة الواحدة التي فرّقها التّهجير، وحطّمتها النكبة، هذه الحالة القسريّة القهريّة التي لا تُماثلها حالة في التّاريخ البشريّ، هي حالة فلسطينيّة خاصّة، حالة حملت، وما زالت تحمل أوجاعًا فوق أوجاع، والتي أرهقت كلَّ أشكال التّواصل، وعبثت دمًا، وأصبح خطاب المناداة، أُمّاه يتجاوز "بوّابة مندلباوم" في القدس، إلى بوّابات أحزان خانقة على حافّة ما تبقّى من مكان، خطاب يتجاوز حدود جماليّة الشّعر وموسيقاه، يتجاوز مساحات التّشبيه وعلامات التّعجّب والاستفهام، ليصبح خطاب مناداة أُمّاه، أنينًا خافتًا، يكاد يكون هامدًا كرماد جمر يتولّد في كلّ حين من شجرة الزَيْتون واللّيْمون، ويتولّد نسيمًا من عطر الوردة والنّعناع.
هذه البّوابة، بوّابة الحزن، بوّابة الدّموع، بوّابة "مندلباوم" القائمة في القدس بُعَيْد النكبة، حتّى عام ١٩٦٧، أوْحَت للشّاعر توفيق زيّاد أن يسأل النّجمات عن الأهل هناك، وعن زمن بدء خطوة العودة الأولى، وأن يصدح بقصيدة "رسالة بوّابة مندلباوم" المدويّة:
أبو صلاح عُمِيَت عيناه من قهر
وأُمّ فخري ذهبت حُزنًا على فخري
والقرية السّمراء قد شابت من الصّبر
والعين شحّ الماء فيها، فهي لا تجري
لم يبق يا أُمّي غير الملّ والصّخر
لكنّنا نصمد كالفولاذ للدّهر"
كما أخذتني هذه البوّابة شخصيًا، إلى أجواء ودلالات اللّقاء، المقابلات بين شقَّي الألم والأمل، بين نِصفَيّ الرّوح، الى بوّابة الحزن، أخذتني إلى تجربة طفوليّة عميقة الأثر في نفسي ووجداني، مع هذه البوّابة المُتاحة، "بوّابة مندلباوم"، حيث كانت لي، ومن خلالها، فرصة مكانيّة وزمنيّة لمقابلة جدّتي وعمّتي اللاجئتين المُهجّرتين في بلاد العرب، ولم أرهما قطّ من قبل، جئت ووالديَّ والأقارب لمقابلة قصيرة عابرة ، لمقابلة الأمّ لابنها، والإبن لأُمّه، والأخت لأخيها والأخ لأخته، والجدّة لحفيدها والحفيد للجدّة، وقد مُنع والدي من مقابلة والدته، لكن هذا المَنع الجّائر لم يستطع منع جدّتي من الخروج والانطلاق مُتحدّيّة مُسرعة صارخة، لتتجاوز حدود البوّابة نحو أبي، ابنها في الخارج، لتضمّه فَرِحةً، شوقًا معتقًا إلى أحضان حضنها، لتختصر بهذا سنوات الفراق واللّوعة بلُحيْظة دافئة يتيمة، لتتبعها سنوات عجاف من البُعد العقيم الثّقيل، لتُعيد حمل الهمّ، واشتعال لوعة الفراق من جديد، وحفظ هذا المشهد في ذاكرة الأجيال القادمة مرسومًا على جبين الحقّ والعدل، ليبقى هذا اللّقاء، لقاء الدّموع بالدّموع، الذّكريات بالذّكريات، الأحزان بالأحزان، الفرح بالفرح، الحلم بالحلم، والفراق بالفراق، والّلقاء باللّقاء، ليبقى حيًا بلقاء الأمل بالأمل..... بأمل العودة



#فيصل_طه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُمّاه
- أُماه
- قراءة في كتاب- توفيق زيّاد شاعر الأُمّة والأُممّيّة - للكاتب ...
- رأيتها
- نهضت
- ولدت لأُم
- قراءة في كتاب المتفائل ، سيرة حياة توفيق زياد
- قراءة أدبية - عودة جفرا- لمفلح طبعوني
- كفى قطعا للحرائر.. للجواهر
- الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر عبد الرحمن عواودة ، صدق الكلم ...
- شكيب جهشان.. ان تسترجع شيئا مما هوى
- محمد وفاع المربي: يقص روايته بنعومة نسائم الوطن وبخشونة جروح ...
- محمود وسهيلة سليمان (ابو ساهر، وام ساهر ) ديمومة عطاء وطني، ...
- تكريم الحاج العامل الكادح محمد أحمد سعيد بركة العائد حتما إل ...
- تكريم الشخصيات الوطنية فتحية صلاح شحادة عوايسي وعلي الحاج صا ...
- تكريم الشخصية الوطنية عبد الرحمن سليمان ( ألو ايهاب) ، العائ ...
- سبعون عاما من العطاء والوفاء، مدرسة الجليل الثانوية البلدية ...
- تكريم الشخصية الوطنية الصفوري - أبو عرب- أمين محمد علي
- ذكريات في تقاطع الألوان
- عادل ابو الهيجا.. مذكرات شخصية.. ذاكرة جماعية


المزيد.....




- -نايكي- تُحيي فنًا عمره 5000 عام في أول تعاون لها مع علامة أ ...
- قتلى وجرحى ودمار جراء القصف الإيراني على إسرائيل
- مصر: الحكومة تضع حلولا بعد غلق إسرائيل أكبر حقولها للغاز.. و ...
- هل الهدف هو تغيير النظام الإيراني أو القضاء على البرنامج الن ...
- إيران وإسرائيل تعلنان أحدث حصيلة لقتلى الهجمات المتبادلة بين ...
- بعد أن أثار جدلا.. كاتس يتراجع عن تهديد سكان طهران
- حاملة الطائرات الأميركية -نيميتز- نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح ...
- الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من غزة ويحشد عند حدود مصر وا ...
- فرقة -كوستروما- تؤدي عرضا بأوبرا القاهرة
- بن غفير يأمر الشرطة بإيقاف أشخاص يصورون أماكن سقوط الصواريخ ...


المزيد.....

- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فيصل طه - جدّتي وبوّابة -مندلباوم-