أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام ناصر الخدادي - محطة في الذاكرة














المزيد.....

محطة في الذاكرة


سلام ناصر الخدادي

الحوار المتمدن-العدد: 7959 - 2024 / 4 / 26 - 09:17
المحور: الادب والفن
    


محـطـة فـي الـذاكـرة
سـلام نـاصـر الخـدادي
كثيرة هي المحطات في الذاكرة ، وكثيرة هي المواقف التي مرّت علينا ، بحلوها ومرّها ، وقد يمر الموقف مرور الكرام أو يكون عابراً ويطويه الزمن بتراكماته المعروفة ، أو أن يكون شاخصاً عصيّ على النسيان مهما مرت الأعوام.
حدثَ موقفٌ معي لم ولن انساه أبداً .. وقد رويتُ تفاصيله للمقربين مني ..
ذات يوم في أوائل سبعينات القرن الماضي، عندما كان هاجسنا الأول القراءة واقتناء الكتب والسباق نحو كل إصدارٍ يصلُ إلينا، وكان السؤال الأول بين الشباب والأصدقاء عند اللقاء هو : ماذا تقرأ !! ويستمر السؤال .. ماذا قرأت ؟ عندما كان الوعي هو السائد ، وعندما كانت للثقافة عنوان ، وعندما كنا نتسابق مع الزمن لقراءة الكم الأكبر من الكتب !
كنا مجموعة أصدقاء ، وكان ضمن شلّة اصدقائي: عبدالرضا موزان (لا اعلم أين هو الآن) وكانت تضمنا حينذاك جلسة حوارية نتناقش فيها حول السياسة والأدب ، كما هو معلوم في تلك الفترة ..
وأثناء الحديث ، باغتني عبدالرضا بالسؤال : سلام قاري لديستوفسكي ؟
أجبته : اي نعم .. قرأت له ،وبدأت أعد له ماذا قرأت .. ثم أكمل : هل قرأت بيوت الموتى ؟
هنا سكتّ !.
_ لا .. لم أقرأه بعد !
هزّ يده وأردف بصوتٍ خافتٍ ، وبلهجة بصراوية بحتة ( جا شقاري) !!
هذه الحركة ، وهذه الـ(جا شقاري) الهبتني وأشعلت دمي !
وما أن حل العصر .. حتى ذهبت الى العشار .. والى شارع الوطني، الذي كان زاخراً بالمكتبات .. قاصداً مكتبتنا الأم ، مكتبة كل المثقفين والتقدميين في البصرة وهي ( دار الكتاب ) لصاحبها ودود داود ..
ودود .. هذا الإنسان الودود الرائع .. طيب القلب .. الإنسان المتسامح اللطيف المبتسم لجميع الوجوه التي تقصد داره وتمرّ عليه ..
يعرفني شكلاً أو ربما يعرف أسمي فقط ... سألته : ودود هل يوجد عندك كتاب بيوت الموتى ؟ قال نعم ، وأشرّ بيده بداخل المكتبة .. جلبتُ الكتابَ وجئتُ عنده أمام طاولته في مدخلِ المكتبة ..
يومها لم يكن معي إلا أجرة الباص فقط ! وأنا أريد قراءة الكتاب مهما كان !
قلت له بكل صراحة : ودود هذا الكتاب .. بس ما شايل فلوسه !
ليرد علي بكل طيبة الكون : ومنو رايد منك فلوس ؟
ليغلفه ويقدمه لي بابتسامته المعهودة ...
هو يعرفنا شكلاً ، أقصد روّاد مكتبته لكثرتنا .. لا يعرف عنواننا .. ولا كانت لدينا ارقام هواتف !
عدت الى البيت ولم أخرج إلا بعد أن أنهيت قراءة رائعة ديستوفسكي ! وكم كانت سعادتي كبيرة ، ولا توصف بهذا التحدي الكبير !!
وفعلا ، كان كتاب ديستويفسكي بيوت الموتى .. هو الأهم وأعظم ما كتب هذا العملاق الروسي الكبير.
وبعد فترة سددت له قيمة الكتاب بعد استلامنا الراتب الشهري ... ويضحك ويقول : ليش مستعجل ! الى هنا ويرفض أن نسدد ديوننا بسرعة !
وجاءت حملة البعث المسعورة .. وطالت جميع الوطنيين ، وشملت حتى المكتبات ! وأغلقت هذه المكتبة الرمز .. التي كانت مناراً فكريا مشعاً في شارع الوطني الذي عرف بمكتباته الكبيرة والمهمة .. والتي أغلقت تباعاً لتصبح فيما بعد ومع الأسف محلات لبيع الأحذية !!
وبعد أكثر من ثلاثة عقود ... وأنا اتصفح الفيسبوك ، أجد صفحة ودود وأطلب صداقته وأخبره بهذه الحكاية.
لطالما حكيتها ، ولطالما رددتها مع نفسي وأنا أبحث عن ودود ، الذي ناولني الكتاب بكل طيبة خاطر ، هكذا كانت اخلاقنا ومبادئنا.
سيدني 2024/3/29



#سلام_ناصر_الخدادي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملائكة وشياطين !
- تجمع جماهيري كبير
- الوريث الساحر
- بعيداً عن الثقافة .. بعيداً عن الكتاب !
- القصة التي لا تنتهي !
- طلطميس
- بيوت بلا سقوف
- اختلاف الرأي وفساد القضية !!
- دراسة تحليلية لرواية تفاحة حواء للكاتبة هند العميد
- حقائق مؤلمة
- محطات مضيئة للتاريخ
- ملاحظات بالصميم ج 2
- النفط مقابل الدماء
- الاعلام المندائي بين الحقيقة والطموح
- مفارقات بيت كطيو المضحكة
- شرّ البليّة ما يُضحِك !!
- طرزان حكيم الزمان
- الخطوط الحمراء .. الخطوط الخضراء
- الفساد حين يكون توافقياً !!...
- يابن الرافدين


المزيد.....




- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام ناصر الخدادي - محطة في الذاكرة