أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام ناصر الخدادي - القصة التي لا تنتهي !














المزيد.....

القصة التي لا تنتهي !


سلام ناصر الخدادي

الحوار المتمدن-العدد: 7145 - 2022 / 1 / 25 - 09:22
المحور: الادب والفن
    


الـقصـة الـتي لا تـنتـهي !
سـلام نـاصـر الـخـدادي
تمرّ في حياتنا العديد من التجارب والعِـبر .. وقليلٌ منّا استطاع الإستفادة من دروس الحياة ، وخرجَ بنتيجة ارتضاها لمستقبل الأيام ..
وما الحكايات والأمثال في موروثنا الشعبي المنقول الينا والمتداول بيننا ، إلا خلاصة لهذه التجارب ، وعصارة جهد كبير لإيصال الفكرة إليك .
وحكايتنا اليوم عن : قصة لا تنتهي ! وما ابتلينا على شاكلتها !!
يحكى ان هناك مدينة كبيرة آمنة مسالمة ، يحكمها ملكٌ إتسم بالمكر والخبثِ والدهاء .. يحيط به مجموعة منافقين وذيول ومنتفعين ، همهم الوحيد منفعتهم الشخصية ، غير مبالين بأي حال من أحول الشعب ..
ذات يوم أوصلوا خبراً الى الملك ان بعض القصاصين (وهم الحكواتية الذين يحكون القصص والملاحم والبطولات للناس) قد بزغ نجمهم وتجمهر الناس حولهم ، وينقلون حكاياتهم ويستمعون بشغفٍ لأحاديثهم .. ويحيكون المؤامرات ضدك !! فماذا نحن فاعلون يا مولاي ؟ بعد ان سمعنا إن عرشك مهدد بالزوال !!
وبعد مشاوراتٍ ومداولات .. ونقاشٍ وسجالات .. خطرت في باله فكرة عجيبة:
كيف يشغل الناس لفترة طويلة ؟ وكيف يخلق الجفاء والفجوة بينهم ؟
فنادى على القصاصين باجتماع لأمرٍ هام ! وامتثلوا بين يديه بالتمام !
وبعد تقديم السلام .. طلب منهم عالي المقام :
سأمنحُ جائزةً ثمينة ، لمن يأتيني بقصةٍ تبدأ ولا تنتهي .....
وهنا بدأت رحلتهم نحو الهدف المرسوم .. والوعد المزعوم .. وكيفية إرضاءِ كبير القوم !
وبدأوا بشحذ الأفكارِ والعبارات .. وتوالت اللقاءات .. وازدادت النقاشات .. وعُـقـدت الإجتماعات .. وتكرر عقد الإجتماعات ..
وبعد كل اجتماع ، يصار الى إتفاقٍ لعقد اجتماع !! ولم تنقطع المداولات !!
وسردوا عليه أنواع القصص والحكايات .. وأسهبوا بسرد التفاصيل ، ووضع العٌقد والعراقيل .. ولكن ....
لكل قصة نهاية .. مهما طال أمد الحكاية !
وباءت بالفشل جميع المحاولات .. فهذه قصة باطلة .. وتلك نازلة ! .. والأخرى بحاجةٍ الى تعديل ! وتلك ينقصها الدليل !!
ومهما حاول البعض بالتفنّن بملئ القصة بالأحداث ، إلا انها ما تلبث أن تبدأ بالضمور ، ويبدأ الملل والفتور .. والوصول الى نهايتها المعروفة.
وبعد مضي عدة شهور وأعوام على انشغال الناس بلعبة الملك وهذا (الحدث الكبير)! ومن يستطيع أن يقص عليه (قصة لا تنتهي)!! .. حتى انبرى شخص غير معروف بين القصاصين ، وطارئ على المهنة ، وقال :
_ أوصلوني الى الملك .. فلدي قصة تبدأ ولا تنتهي !
نظرَ اليه الملك وقال : إن غيرك والأجدر منك لم يستطع أن يأتيني بقصة لا تنتهي .. ولم يأخذ الجائزة أي شخص .. فهل تستطيع أن تفي بوعدك ؟
فأجاب : نعم يا مولاي .. أنا جدير بثقتك ، وأطمعُ بكرمك !
ضحك الملك وقال : هاتِ ما عندك ...
فقال له : يحكى يا مولاي ، في قديم الزمان ، وفي سنة من السنين ، إن الدنيا قد أقبلت على إحدى المدن بالمطر الغزير ، والخير الوفير ، فكثرت المياه في الجداول ، وامتلأت الحقول بالسنابل .. فاكتحلت بالخير العيون ، وشبعت فيها البطون .. وجمع الفلاحون حصادهم من القمحِ بيادراً تسدّ عين الشمس .. وتكفيهم لسنين طويلة قادمة ...
وكانت هناك تحت أحد البيادر .. مملكة للنملِ .. ولكي تؤمن عيش المملكة .. أمرت الملكة جميع النمل بتخزين المؤونة الكافية لهم .. هيّا الى العمل !
وهنا يا مولاي .. دخلت نملةٌ الى البيدر وأخذت حبة قمحٍ وخرجت ..
ودخلت نملة أخرى وأخذت حبة قمحٍ وخرجت ..
ودخلت نملة أخرى وأخذت حبة قمحٍ وخرجت ..
وكررها مرارا .. وأعادها تكرارا .. والملك يستمع مكرهاً واضطرارا ..
فنفذَ صبر الملك ، وصاحَ به قائلاً : وماذا بعد ؟؟
فردّ عليه صاحبنا "القاص" : صبراً يا مولاي .. سأكملُ ! فالقصة لم تصل الى الحد !! ....... وأكمل :
فدخلت نملة وأخذت حبة قمحٍ وخرجت ..
ودخلت نملة أخرى وأخذت حبة قمحٍ وخرجت ..
ودخلت نملة أخرى وأخذت حبة قمحٍ وخرجت ..
أطرقَ الملك برهة ، وأيقن انه أمام بيادر قمحٍ تسّدُ عين الشمس !! وهذا يسرد عليه قصة حبة تلوَ حبة !!
وعرف انه لو انتظر بكل صبرٍ لمئات السنين .. فالقصة لن تنتهي !!
وأشار بيده وقاطعه قائلاً : أحسنت يا هذا .. لقد ربحت الجائزة ، وأمرنا بتعيينك (رئيس) القصّاصين بالمدينة !!
وضجّ المجلسُ بالتصفيق ، وبالهتافات والزعيق .. وانهالت برقيات التهاني والتبريكات .. واقيمت الولائم والحفلات ..
_ يا لها من قصةٍ عظيمة وياله من تفكير !! _ وكيف استطاع ان ينجز هذا الحدث الكبير !!
_ إنه ساحرٌ عظيم ! _ بل هو شيطانٌ رجيم ! _ كلا ، هو اليوم الموعود وهو المرجو والمقصود !!
مشى بينهم مختالاً ، مزهوّاً بعبقريته الفذّة ، وصناعته لحدثٍ سيبقى قائماً لسنين طويلة ..
هذه سياسة التخدير .. وكيفية إلهاء الناس ، وإبعادهم عن التفكير ..
هذا مبدأ معروف "دوّخ واشتغل !! الناس الدايخة ما تعرف تفكر" !!
وبعد أنتهاء المناسبة .. وقف الرئيس وهتف قائلاً :
لقد عودتنا الحياة ، أن نمضي بها قدما .. ولنا تجربة كانت حلما .. وبفضلكم وصبركم صارت طريقا وسلّما .. ساعدوني وأكون منكم واليكم معلما ..
وانتظروني في قصة قادمة وأيضا تبدأ ولا تنتهي ...
"لأن بصراحة عدنا يومية سالفة .. وسوالفنا أبد ما تنتهي" !!!



#سلام_ناصر_الخدادي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلطميس
- بيوت بلا سقوف
- اختلاف الرأي وفساد القضية !!
- دراسة تحليلية لرواية تفاحة حواء للكاتبة هند العميد
- حقائق مؤلمة
- محطات مضيئة للتاريخ
- ملاحظات بالصميم ج 2
- النفط مقابل الدماء
- الاعلام المندائي بين الحقيقة والطموح
- مفارقات بيت كطيو المضحكة
- شرّ البليّة ما يُضحِك !!
- طرزان حكيم الزمان
- الخطوط الحمراء .. الخطوط الخضراء
- الفساد حين يكون توافقياً !!...
- يابن الرافدين
- الإقليم والأقاليم مرة اخرى !!
- أغمضي عينيكِ
- مَن يقودُ مَن ؟؟
- نفترضُ لو إنّا ..
- إفرازات الزمن الرديء


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام ناصر الخدادي - القصة التي لا تنتهي !