أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - جريمة الإنجاب














المزيد.....

جريمة الإنجاب


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 7925 - 2024 / 3 / 23 - 10:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإنجاب من أكثر الأمور التي لا يعطيها الكثيرين أي مساحة تُذكر من التفكير أو حساب للظروف والعواقب. فهو أمر لا يستحق الاهتمام، أن تأتي بإنسان للوجود ليعيش سبعين أو ثمانين سنة قادمة هو أمر لا يستحق إجهاد خلايا الدماغ في حساب عواقبه. ربما عليهم توفير الطاقة الذهنية لكي يستغلونها في عملية البحث عن خيارات تسوق جيدة على امازون.
بل حتى في أحلك الظروف كالحروب والمجاعات يظل الإنجاب أمراً عادياً عند البعض. ولا يُلاموا حتى على ذلك.
فتقليدياً ينظر للإنجاب كعملية إيثارية عظيمة تحمل في طياتها كافة معاني التضحية ونكران الذات. ولكن هل يوجد في الإنجاب أي تضحية أو إيثار !؟ لا أعلم في الحقيقة ما هو نوع الخلل في التفكير الذي قد يدفعنا لتصور أي معنى لتضحية أو إيثار يستفيد منها كائن غير موجود في الأساس. كائن لا يعاني الألم لا يشعر بالنقص ولا يحتاج تضحية أحد. كائن معدوم. أي تضحية سخيفة وإيثار ساذج قد يحتاج إليه من لا وجود له أصلاً ؟
إن التضحية الحقيقية هي التي يقدمها هذا الطفل البائس الصغير حين يُلقى به في الحياة بعد نزوة إنجابية لأبوية. إنه هو من يقدم التضحية والإيثار، فهو من يُشعر والديه بالأخلاقية والأستحقاق هو لعبة لطيفة ومسلية لكسر الملل والوحدة، هو إستثمارهم في المستقبل وفرصة جديدة لتحقيق أمانيهم. وفي المقابل هو موت جديد و معاناة جديدة في سبيل بقاء النوع.
إن الوجود ليس هبة، إن الوجود لا يهب سوى المعانة والألم. فالوجود في كافة اشكاله قائم على الحركة الدائمة حتى في ابسط اشكاله الفيزيائية، والحركة الدائمة في حالة الحياة وقودها النقص والألم. ولذلك فألم الحياة لا ينتهي، لأن بانتهاءه تنتهي الحياة نفسها بتوقف حركتها. عليك كإنسان أن تظل مدفوعا بالألم لتتحرك نحو أهدافك التي ستفقد بريقها بمجرد الوصول إليها لكي تُفسح المجال لبريق أهداف أخرى. لتظل طوال حياتك في حركة دائمة وقودها الألم طامحاً في سعادة خافتة سرعان ما تتلاشى.

حجة ديفيد بيناثار اللاإنجابية*

ديفيد بيناثار، هو فيلسوف جنوب إفريقي وأكاديمي من جامعة كيب تاون، أشتهر بالفكر المناهض للإنجاب وتبريراته المنطقية والفلسفية. وقد صاغ بناء منطقي مبسط لتبيان كيف تترجح حالة عدم الوجود على الوجود حتى لو افترضنا وجود سيمترية بين الألم والسعادة في حالة الوجود، وهه الأمر الذي سبق ووضحنا أنه غير صحيح . ولكن حتى لو افترضنا هذا التساوي بين السعادة والألم، فسيظل عدم الوجود مُرجح على الوجود وفقاً لحجة بيناثار.
تنقسم حجة بيناثار إلى سيناريو ( أ ) وسيناريو (ب)

سيناريو (أ) إنجاب طفل ( وجود )
1 الطفل سيعاني من الألم ( شيء سيء )
2 الطفل سيشعر بالسعادة ( شيء جيد )

سيناريو (ب) عدم إنجاب طفل ( غياب الوجود )
1 الطفل لن يشعر بالألم ( شيء جيد )
2 الطفل لن يشعر بالسعادة ( شيء ليس جيد أو سيء ) شيء ( محايد )

بالتالي وفقا للحجة يكون ترجيح العدم على الوجود واضح. فسيناريو الوجود يحوي خيار جيد وخيار سيء أي أن محصلته النهائية صفرية. بينما سيناريو العدم يحوي خيار جيد وخيار محايد. أي أن محصلته النهائية جيدة أو إيجابية.
قد يتسائل البعض لما اعتبر بيناثار غياب السعادة في حالة عدم الوجود انه شيء محايد وليس شيء سلبي.
الأمر بسيط ويمكن التدليل عليه منطقياً، فطبيعية السعادة دائماً تفترض سابق التجربة الحياتية لكي يكون لها معنى. فالسعادة هي نتاج عن سد حالات النقص والرغبات التي تتولد كنتيجة للحياة نفسها. ولو أننا قمنا بنفي الحياة ستبقى السعادة بلا معنى.
تخيل معي على سبيل المثال وأنت في حالة عطش شديدة ثم تتناول الماء. بالتأكيد سيشكل الشرب حينها حالة من السعادة. ولكن ماذا لو انك لم تكن تشعر بالعطش إطلاقا، هل سيشكل شرب الماء حينها أي سعادة ؟ إن السعادة لا يكون لها معنى في حالة نفي النقص والألم الناتج عن التجربة الحياتية. لذلك ففي حالة اللاوجود لن يشكل غياب السعادة أي مدلول سلبي، على العكس من غياب الألم الذي سيظل دوماً ذو مدلول إيجابي.
إن شعورك الغير منطقي بأن الطفل الذي لم يولد أصلاً قد تعرض لمظلمة ما لكونه لم يختبر سعادة أكل البرجر أو ركوب الملاهي. مماثل لشعورك بأن ليوناردو دا فينشي لابد أنه كان مستاء لكونه لم يمتلك سيارة فيراري ولم يتمكن من متابعة الموسم الجديد من مسلسل آل التنين.

إننا نرى هنا كيف تخبرنا حجة بيناثار كيف أنه حتى لو ساوينا بين السعادة والألم في الوجود سيظل اللاوجود هو الخيار الأفضل. فما بالك وأن تلك المساواة كما بينا ليست حقيقية. بل إن الألم يتفوق على السعادة بما لا يُقاس، وهذا في حالة الألم الاعتيادي الذي يتشارك فيه الجميع ، فنحن لم نتحدث حتى الآن عن الآلام غير الاعتيادية كالتشوهات الخلقية و الأمراض الوراثية الجسدية والنفسية، والمصائب والموائب الكارثية، والتي تظل احتمالية واردة أن يصاب بها طفلك المستقبلي، وبالرغم من هذا فأنت تغامر نيابة عنه ليتحمل هو في النهاية تابعات مغامرتك الأنانية الحمقاء غير المدروسة



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل لحياتنا قيمة عند الرجل الأبيض؟
- القومية الكيميتية !! هي المشرحة ناقصة قتلى !؟
- لقد انتصرت النازية
- مشاهد لا تليق بكلمة ( مقاومة )
- نقد فضيلة الأنانية( لآين راند )
- الليبرالية وحرية تسليع المرأة
- الديمقراطية والملكية الخاصة
- جنون المجتمعات العربية
- جمهورية البؤس
- طرح نفعية الدين في الميزان
- كيف نشأ الشرف الأنثوي ؟
- الديمقراطيات الغربية، هل تؤمنون بالديمقراطية ؟ (٢)
- تبرير الفروقات الطبقية بأسطورة الجدارة
- الديمقراطيات الغربية، هل تؤمنون بالديمقراطية ؟
- خرافات الحجج الكونية لإثبات الإله.
- كتب تنظف عقلك من الهراء
- نقد للاعتراضات الأكثر عمومية وشيوعاً للماركسية
- هل لحرية الإرادة وجود في العلوم الإنسانية ؟
- المرجعية الأخلاقية للاديني.
- هل تتوافق تعاليم يسوع وأفعاله !؟ ( نظرة نقدية )


المزيد.....




- غوتيريش: قصف المدرسة التابعة للأونروا في غزة -مثال مرعب جديد ...
- شاهد.. فيديوهات وصورة تظهر لحظة سقوط -مقذوف- على كريات شمونة ...
- وصول 1.2 مليون حاج إلى مكة لأداء مناسك الحج
- قبل نهاية العام .. روسيا تسير رحلات جوية مباشرة إلى السعودية ...
- وزير الدفاع الأمريكي يعتبر السماح لأوكرانيا بالتوغل في عمق ر ...
- -خشية تدخل إيران-.. واشنطن تحذر تل أبيب من تحرك عسكري ضد لبن ...
- يوم البيئة العالمي.. غوتيريش يدعو إلى فرض ضرائب على شركات ال ...
- إيمانويل ماكرون يشارك في ذكرى إنزال النورماندي في بلومليك إل ...
- 4 قتلى على الأقل و27 جريحا في حادث اصطدام قطارين في جمهورية ...
- انتخابات البرلمان الأوروبي: بدء التصويت في هولندا واليميني ا ...


المزيد.....

- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - جريمة الإنجاب