|
دماء الشهداء مقابل المجاري والأرصفة
طارق الحارس
الحوار المتمدن-العدد: 1750 - 2006 / 11 / 30 - 07:18
المحور:
حقوق الانسان
بعد نهاية مراسيم مجلس العزاء على روح الشهيد الذي لم ينشف دمه بعد ، تبدأ المعارك بين الزوجة وأهلها من جهة ، ووالد الشهيد وأخوته من جهة أخرى . سبب المعارك : سيارة الشهيد لمن ستكون ، قطعة الأرض لمن ستكون ، لماذا لا توافق زوجة الشهيد على الزواج من شقيق الشهيد ؟!. أم الشهيد الوحيدة التي ليست لها علاقة بهذه المعارك الطاحنة فهي جالسة في غرفتها تلطم على خدودها وتذرف الدموع على ابنها الشهيد فلا سيارة الشهيد التي يقدمها ( صدام ) ولا قطعة الأرض تعوضان خسارتها ، بل فاجعتها بفقدان ولدها . من المؤكد أن هذه الحالة لم تكن عامة بالرغم من محاولات النظام السابق زرعها في نفوس أهالي الشهداء ليلهيهم عن دماء أبنائهم ، لكنها حصلت مع أصحاب النفوس الضعيفة . قبل يومين تابعت برنامجا عرضته قناة العراقية الفضائية . شدني اسم البرنامج ( أحزان مدينة ) . توقعت أن يتحدث هذا البرنامج عن الفاجعة الكبيرة التي حصلت في مدينة الثورة وراح ضحيتها المئات من أبنائها . بدأ مقدم البرنامج بمقدمة توحي بما توقعت فقد بدأ الحديث عن مأساة هذه المدينة والأثمان الغالية التي دفعتها أيام النظام السابق ، وعن الأثمان الغالية التي تدفعها اليوم جراء العمليات الاجرامية التي طالتها ، لاسيما الجريمة الأخيرة ، لكن الأمر تحول فجأة الى حديث عن مجاري المدينة وعن أرصفتها التي تبدلت ثلاثة مرات خلال شهرين فقط بالرغم من محاولات مقدم البرنامج العديدة للحديث عن أحزان المدينة بمناسبة فاجعتها باستشهاد وجرح المئات من أبنائها فلقد طلب منهم مرات عدة الحديث عن مشاهداتهم للعمليات الاجرامية التي حصلت في يوم الخميس الدامي ، لكنهم أصروا على الحديث عن سيارة الشهيد وقطعة الأرض ، أعني على المجاري المسدودة وأرصفة الشوارع التي تبدلت ثلاثة مرات خلال شهرين ، فضلا عن بطولات جيش المهدي قبل وبعد الفاجعة ، مع أن هذا الجيش لم يتمكن مرة واحدة من منع اختراق الارهابيين للمدينة !. أما مَن جلس في المقاعد الأمامية ، نقصد مسؤولي المدينة وهم من التيار الصدري فقد حملوا ( الاحتلال ) مسؤولية هذه الجريمة ، إذ يبدو أن الانتحاري ( جون وليم ) هو الذي نفذ عملية التفجير التي حصلت في ساحة ( 55 ) وأن الانتحاري ( جونسون مور ) هو الذي نفذ عملية التفجير التي حصلت قرب مكتب الشهيد الصدر وهكذا بالنسبة للعمليات الأخرى التي حصلت في هذه المدينة في يوم الخميس الدامي متناسين أن عدوهم الأول هم أصحاب الفكر التكفيري الذين يعدونهم روافض ، كفرة يستحقون الموت . تحدثوا أيضا عن ضعف الحكومة التي لم تقدم الخدمات لهذه المدينة وتناسوا أن تيارهم يسيطر سيطرة كاملة على الوزارات الخدمية في الحكومة بعد أن وضع ( قائدهم ) مقتدى الصدر هذا الشرط قبل المشاركة في الحكومة لخدمة أهالي هذه المدينة ، لكن واقع الحال يشير الى أن وزراء ووزارات هذا التيار لم تقم باي عمل يخدم هؤلاء الفقراء باستثناء أرصفة شوارع المدينة التي تبدلت ثلاثة مرات خلال شهرين ! . تحدثوا أيضا عن ضرورة خروج قوات ( الاحتلال ) من العراق فورا ، ليس حبا بالعراق ، بل ليتسنى لهم السيطرة على رقاب الفقراء أكثر ، هؤلاء الفقراء الذين انتخبوهم ووضعوهم على الكراسي ليحموهم من الموت الذي سلب أبنائهم في زمن النظام السابق ، لا ليلتهوا في المجاري المسدودة وأرصفة الشوارع . المصيبة أن الموت لا زال يطاردهم وأن المجاري لا زالت مسدودة والشوارع بلا أرصفة والنفايات تملأ المدينة وجيش المهدي أصبح بديلا للبعثيين فالويل لمن يجرأ على نقد ( القائد ) مقتدى الصدر . أصحاب النفوس الضعيفة هم أنفسهم الذين ظهروا في برنامج ( أحزان مدينة ) وتحدثوا فيه عن المجاري المسدودة ، ليس لفتحها ، بل لملأ جيوبهم بالملايين التي ستصرف على هذا المشروع . لم نشاهد أو نسمع رأي أمهات الشهداء في هذا البرنامج ، إذ يبدو أن أمهات الشهداء لا زلن في غرفهن يلطمن على خدودهن ويذرفن الدموع ففاجعتهن كبيرة ، أكبر من مجاري المدينة وأرصفة شوارعها التي تبدلت ثلاثة مرات خلال شهرين فقط !
#طارق_الحارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مذكرة القاء قبض أم تحقيق .. نفذوها يا حكومة
-
مدينة الثورة ، صدام ، الصدر النزف مستمر
-
أسوأ من التكفيريين
-
الدجيل مدينة حدودية مع ايران !
-
متظاهرون أم ارهابيون
-
الى طارق الهاشمي ، ليس حصريا : الثورة ليست مدينة ارهابية
-
وثيقة مكة لن توقف النزيف
-
صحوة عشائر الأنبار
-
مبروك .. العراق يتأهل الى نهائيات آسيا بكرة القدم
-
وثيقة عهد أم حبر على ورق
-
صدام يهان مرة أخرى .. اللهم اني شامت
-
الوقت المناسب للمناقشة .. متى ؟
-
اجتثاث العلم البعثي أيضا
-
رائحة كيمياوي أم رائحة ثوم
-
تحقيق الانجازات في ظل التهديدات
-
فيلم هندي : ارهابي هندي بالعراق
-
رفع الصور قبل فوات الأوان
-
رسائل تضامنية
-
هيئة اجتثاث البعث
-
العراقيون أولى بأموالهم
المزيد.....
-
التعاون الإسلامي تدين استمرار جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائ
...
-
خطر الموت جوعًا أو قتلا بالقصف يواجه عشرات آلاف السكان شمال
...
-
المفوضية السامية تكشف عدد اللاجئين السودانيين الذين استقبلته
...
-
المرصد الاورومتوسطي لحقوق الانسان: الاحتلال يستخدم روبوتات
...
-
-الأونروا-: الجيش الإسرائيلي قصف مدرسة تأوي عددا كبيرا من ال
...
-
الاتحاد الأوروبي يندد بالهجمات الإسرائيلية على بعثات الأمم ا
...
-
رغم تحذير نتنياهو.. الأمم المتحدة: قوات اليونيفيل لا تزال بج
...
-
شعار النازحين اللبنانيين، من خيامهم في المدارس..-رح نرجع مرف
...
-
مشاهد مرعبة لحرائق خيام النازحين بمستشفى شهداء الاقصى
-
اعتقال إسرائيليين.. خططا لاغتيال شخصية بارزة لصالح إيران
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|