أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عيسى بن ضيف الله حداد - ساموزات نبي التحالف العربي الآرامي















المزيد.....

ساموزات نبي التحالف العربي الآرامي


عيسى بن ضيف الله حداد

الحوار المتمدن-العدد: 7892 - 2024 / 2 / 19 - 12:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ساموزات، نبي التحالف العربي الآرامي
نأخذ كنموذج عن هذه المسيحية المكافحة ذات الصلة بتكوّن الهوية القومية ظاهرة بول ساموزات، إذ يمكن اعتباره أحد أكبر الرواد في تاريخ المسيحية الشعبية الأولى.
نتناول على عجل - البعض من مآثره : ينتمي إلى مدرسة بول ساموزات أو إلى تيار لوسيان ساموزات الملقب بلوسيان الإنطاكي الذي يعتبر الأب الروحي للحركة المسيحية الأريانية (مؤسسها الرسمي أريوس، مطران الإسكندرية في بداية القرن الرابع ميلادي وهي الحركة التي قد حاربتها المسيحية الرسمية التي قد تأسست على يد قسطنطين )، ويعتبره انجلس، فولثير العصر الكلاسيكي ، ويمثل أحد أفضل المصادر للمسيحية الأولى.
لقد حملت كل الحركات المسيحية الشرقية الآرامية العربية التالية وكل أشكال المسيحية المتمردة على مسيحية الإمبراطورية والسلطة الحاكمة - العديد من الآثار التي تعود من قريب أو من بعيد إلى مقولات بول ساموزات، بل يمكن اعتبارها قد سارت على نفس النسق، وإن كانت تتظاهر بأشكال مختلفة من حيث التعبير حسب العصور..
وتركز الكثير من الدراسات الغربية على الدور الهرطقي لساموزات، إذ يوجد العديد من الأبحاث والمجلدات التي تتناوله - نذكر منها على سبيل المثال - كتاب بول ساموزات ل BARDY ( برفوسور قديم في الجامعة الكاثوليكية لمدينة ليل الفرنسية ).
في واقع الحال، كما يقر هذا الكاتب، أن كل الأدبيات العائدة للمسيحية الأولى - ومنهم ساموزات - قد اختفت، وما يعرف عنهم جاء من خصومهم. إن هذه الواقعة تدفعنا لافتراض أن الكنيسة الرسمية التي قد تمتعت بسلطة الدولة الرومانية وما تبعها قد عملت بلا هوادة على إخفاء أدب هؤلاء.
ويستعين BARDY في لإنجاز بحثه التاريخي بما وجده من قسائم لنصوص عثر علها من قبل من خاصموا ساموزات والتي تعود عملياً إلى عصور متعددة، مما يعكس الأهمية التي تمتع بها ساموزات إلى درجة جعلته هدفاً مستديماً لأصحاب المدرسة الرسمية وذلك على مدى العديد من القرون الذي قد تأثرت فيهم بشكل ما تناولات كاتبنا هذا...!
سنضع بعض النقاط ذات الدلالة التي يشير إلها الكاتب في بحثه المستفيض ( 580 ص من الحجم الكبير ).
oتمتع ساموزات بسلطة دنيوية - قاضٍ وكحاكم ومنافح لقضية التدمريين وممثل لأذنية وزنوبيا.
o كان يرى في عيسى المسيح أنساناً قد حلت فيه الإرادة الإلهية، ( هذه النظرة ذاتها تطابق الرؤية الإسلامية ذاتها بصدد للمسيح).
o استطاع، بل أراد أن يدخل في علاقة تفاهم مع غير المسيحيين..
o ويعتبر هذا الكاتب، ان تأثير ساموزات قد أقتصر تقريباً على أهل البلاد - الناطقين بالسريانية - الذين كان لهم مدعاة فخر ،في حين أن الناطقين بالإغريقية لم يكن له بينهم أي تأثير .
o كما قد انضم لحزبه جميع رجال الدين في الأرياف ( أهل البلاد).
oكان من أنصاره علمانيين - غير دينيين..
o ويعتبر هذا الكاتب، أن مذهب ساموزات قد اعتمد على دوره السياسي، وانه من العبث البحث عن خلفية فلسفية لمذهبه.. إذ أنه لم يستوعب شيئاُ من الأسرار الجوهرية للمسيحية…! [ هذا الحكم يعزل الفلسفة عن الممارسة والسياسة عن اللاهوت في ذلك العصر ]
o كما أن الكاتب المذكور، الذي ينتمي إلى المدرسة الرسمية - يعتبره بدون تردد، ومنذ الصفحة الأولى في كتابه، الأب الروحي لكل الهرطقات بكل مظاهرها وأدورها، أي لكل ما تعتبره الكنيسة الرسمية خارجاً عن طوعها ومنظورها، وأنه في نهاية المطاف لم يستوعب الجوهر السري للناصري..
في الحقيقة نحن نؤيد الكاتب في هذه التهمة الأخيرة ، بيد أننا لا نوافق على تلك التسمية، إذ أن الهرطقات، هي بحد ذاتها تمثل المعارضة للخط الرسمي السائد.. ونظراً لعدم وجود مستند لفكر وممارسات ساموزات إلا من قبل خصومه، سنسمح لأنفسنا بقراءة مختلفة لهذه القرائن والمعطيات التي تقدمها هذه المصادر وتلك الدراسة التي هي من منتجات الخط الرسمي..
ونرى، إن كل هذه المؤشرات تؤكد وجود حالة من الانقسام في تلك المرحلة بين المسيحيين له صلة، من جهة بالانتماء إلى الهوية واللغة والثقافة، ومن جهة ثانية له علاقة برؤية وموقف، مما نجم عنه وجود حزب آرامي - عربي، وحزب إغريقي - روماني.
كما تبين أن قضية المسيحية بالنسبة لساموزات هي قبل كل شيء قضية موقف وليست مجرد صلة حزبية بصفة لاهوتية بحتة، ولهذا لم يتوان في عملية الدخول بتفاهم وبتحالفات مع غير المسيحيين ومع رجال علمانيين ( أي من خارج الكهنوت ) ومع إذنية وزنوبيا..
أما قضايا الخلاف، تعود من جهة لقضية اللغة والثقافة أي ذات صلة بالهوية.. هل يمكن أن نتهم ساموزات وحزبه بالقومية المغلقة...! قد تبدو المسألة هكذا إذا جعلنا المسيحية تابعة للهيلينية واللاتينية (على منوال الفكر المسيطر في عصرنا ).
بيد أن المسألة ليست هكذا، نحن إزاء أقوام مضطهدة من قبل السلطة الحاكمة، وبهذا يكون تمسكها بهويتها موقف شرعي لا يتناقض، بل يلتقي مه ما هو أممي..
أوليس الناصري ذاته قد تكلم بالآرامية...؟ .. أليست الآرامية تتمتع برصيد ثقافي غني عريق الجذور، وهي ذاتها مع شقيقتها - الفينيقية ( التي قد رفدتها ) كانت المرجع لبقية اللغات...؟ ولماذا إذن تكون الهوية الآرامية - العربية تابعة لسيطرة الإغريق أو اللاتين..
من الصعب أن نتخيل، أن لا تكون تلك التساؤلات من جملة المستندات التي قد شكلت منطلقات حركة ساموزات.
أما بصدد طبيعة الناصري وجوهر شخصه، قد تبدو القضية للوهلة الأولى قضية هرطقة، أو نمط من مماحكة، بيد أنه بالإمكان استنتاج خلفية ما لهذا الجدل الصاخب الذي قد استمر قروناً وأجيال..
في منظورنا، إن الناصري ذاته من خلال تعاليمه لم يحدد محتوى لهويته، لم يعلن ألوهية ما، إنما المسألة قد احتدمت متأخراً.. وأن الهوية ذاتها - كيف ما كانت - لا قيمة لها، إذا لم يكن لها صلة بمسائل واقعية عيانية مؤثرة في حياة الناس.. بل ماذا يضير الناصري، إن تم النظر إليه كإله أو كإنسان، أو كمزيج من هذا وذاك.. إذا لم يكن منهجه متبعاً ...؟
ونرى، أن المنظورين المتناقضين ينطويان على بعد سياسي - اجتماعي، قد يكون خفياً أو مموهاً علينا نحن، لا على ناس تلك المرحلة، فإذا تم تقليد الناصري صفة يصبح فيها كإله هابط من السماء أو أي شيء من هذا القبيل، سيكون بالإمكان إقصاؤه من إنسانيته والتحايل على مضمون دعوته لأنها تصبح مرهونة كلها بالميتافيزيق العصي على التطبيق، بينما إذا تم فيها اعتبار الناصري إنساناً حلت فيه الإرادة الإلهية ( كرمز للنزعة الخيرة ) أما بما يشبه ذلك، فإن الأمر يعني في نهاية المطاف كونه يتمتع بانتماء وهوية ورسالة اجتماعية أرضية قابلة للتحديد.. وبالتالي يكون من الصعب ترويضها والتحايل عليها..
ليس من المستبعد أن يكون قد مرت ذات الفكرة أو ما يجاورها في واعية أو خافية ساموزات وخصوم ساموزات...؟ ذلك أن هؤلاء ليسوا على درجة من الغباء..
كما أن بقاء المسألة مسألة صراع طوال تلك العصور المتلاحقة ولم يتم خفوتها إلا بمجرد اضمحلال دور المسيحية في الشأن السياسي.. يضع هذا الاحتمال - احتمال هذا التعليل - في واقع الإمكان..
على صعيد ما، نحن نتفق مع الكاتب، بأن ساموزات بقي دوره فاعلاً بشكل مباشر أو غير مباشر ( من خلال ما يسمى بالهرطقات) طوال عهود الصراع داخل المسيحية والذي قد استمر حتى حضور الإسلام، وحتى في العصور الحديثة، إذ أضحى - ساموزات - رمزا لكل الذين ينكرون ألوهية المسيح في عصر التنوير الأوربي وبعده، بيد أننا نتميز عنه بتشخيص البعد التاريخي لهذا الصراع على أنه بجوهره انعكاس للصراع الاجتماعي والسياسي وعلى صلة مباشرة به.
وأخيراً نضع هذه ظاهرة - ساموزات بما تحتويه من عناصر صراع ومقولات في إطار مسار العملية التاريخية التي قد أدت لنكوّن الهوية الشاملة لأقوام المنطقة.. كما أنها تمثل أحد الأشكال التعبيرية الناجمة عنها..
ليس من المستبعد، أن يشكل هذا النمط من التصدع في صفوف المسيحية وتطوره المقدمة التاريخية التي قد ألهمت قسطنطين الكبير - في مرحلة تالية لاتخاذ قرار جعل المسيحية دين الدولة أو رومنتها.. مدركاً القيمة العملية لوجود خط يمثل النزعة الهيلينية اللاتينية الراغبة في الهيمنة على المسيحية والتي قد هيأت المجال الثقافي - بشكل أو بآخر - لاقتلاعها من جذورها الأصيلة..



#عيسى_بن_ضيف_الله_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين العرب ومعهم الفينيق ضد الاغريق
- الطريق إلى الكهوف / مقتطف من مدونات كهوف قمران والبحر الميت
- في مواجهة نظرية لنزعة المركزية الأوربية
- من تاريخ المسيحية الثورية القديم / كنموذج
- مقتطفات من عمل مطول تاريخي لي / من االتاريخ القديم كرؤية
- ما بين الإسكندر المقدوني والعرب
- ما بين الاسكندر المقدوني والعرب
- الدين كظاهرة اجتماعية في الزمن الجاهلي -
- وقفة مع نظرة لحسين مروة مع الموضوع الآتي - الدين كظاهرة اجتم ...
- خلاصة مقاربة عمل في قرطاج
- المسيحية في زمن قسطنطين / تابع لمنشور البدايات
- بابل من الازدهار إلى حضيض الانهيار
- كليات / أقوال لي
- كليات موجزة مع تاريخ العرب قبل الإسلام
- المنطقة في ظل احتلال الإمبراطوريات/ في الزمن الفارسي
- قرائن موجز في وقفة تاريخية / مستمدة من عمل موسوعي، بعنوان ال ...
- العرب في ظل الإمبراطوريات/ ولا سيما الرومانية - تقديم
- قراءة في التاريخ القديم / بين العرب والتجارة في ظل الامبراطو ...
- كلية وكليات / تشكل البوتقة الحضارية/ في خلاصات
- مقتطف سياسي واجتماعي يسلط الأضواء على نهج الإمبراطورية الروم ...


المزيد.....




- إسماعيل هنية يعلن موقف حماس من التوصل لاتفاق شامل مع إسرائيل ...
- Asia Times: فرنسا ترسل أول جنودها إلى أوكرانيا
- كويتيات -في حالة غير طبيعية- على متن طائرة.. والنيابة تتدخل ...
- هل يستسلم المحافظون لمصيرهم في الانتخابات البريطانية بالاستم ...
- تقرير: العالم يشهد أسوأ موجة تفش لمعاداة السامية منذ الحرب ا ...
- الدفاع الروسية: تحرير بلدة استراتيجية في دونيتسك بشكل كامل
- Repubblica: الناتو يحدد -خطين أحمرين- يفترض تجاوزهما تدخل ال ...
- هنية يصدر بيانا حول متابعة جولة المفاوضات في القاهرة
- الإعلام العبري يتساءل: من هو إبراهيم العرجاني الذي عين رئيسا ...
- مقتل 4 مدنيين لبنانيين بغارات إسرائيلية على بلدة ميس الجبل و ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عيسى بن ضيف الله حداد - ساموزات نبي التحالف العربي الآرامي