أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عيسى بن ضيف الله حداد - كليات موجزة مع تاريخ العرب قبل الإسلام















المزيد.....


كليات موجزة مع تاريخ العرب قبل الإسلام


عيسى بن ضيف الله حداد

الحوار المتمدن-العدد: 7582 - 2023 / 4 / 15 - 17:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ثمة من يذهب للقول بكون العرب قبل الإسلام، كانوا يعيشون في عزلة حضارية عن العالم، وهم غارقون في الجهل إلى درجة أُطلق على مرحلتهم تلك بالجاهلية، وكانت بدايات التاريخ ظهرت من مكة وتحديداً مع اطلالة الإسلام وفجره.
يدفعنا التاريخ وبالتحديد موضوعنا لمقتطفات من نص قد أنجزته الباحثة الأكاديمية رندة عطية، نقتطع منه بعض ما جاءت به في هذا الصدد:
في البداية ذكرت: لا ينكر أحد فضل الإسلام في إنعاش الحضارة العربية ودفعها نحو الريادة والتقدم، إذ استطاع العرب بعد ظهور الدعوة وفي وقت ضئيل جدًّا، أن يصبحوا منارة للعلم والنهضة والرقي، لكن في الوقت ذاته فإنه من غير الإنصاف تجاهل الإسهامات الحضارية للعرب قبل الإسلام.
وتقول: الارتكان إلى نعت العرب ما قبل الإسلام في الجاهلية" مخالفة صريحة وموضوعية للتاريخ الدقيق، هكذا يوضّح المؤرخون والباحثون من مّن تصدّوا لدراسة تلك الفترة، منوّهين أن هذا الخطاب يفتقد للأمانة العلمية والتاريخية، إذ إن الحضور العربي لم يكن أبدًا مرهونًا بظهور الإسلام الذي بلا شك زاده ألقًا وتميُّزًا.
وهنا يؤكد الباحث أحمد عبد ربه، الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية في جامعة دنفر بالولايات المتحدة الأمريكية، أن بلاد العرب قبل نزول الرسالة الإسلامية في القرن السابع الميلادي كانت تمرُّ بمنحنيات صعود وهبوط شأنها شأن بقية الأمم والشعوب، وأن جنوب الجزيرة العربية (اليمن وبعض مناطق عُمان حاليًّا) عرفت الكثير من الحضارات القديمة مثل سبأ وحمير ومأرب.
لافتًا إلى أن العرب منذ القرن الثالث الميلادي نظّموا أنفسهم ككيانات متماسكة، ذات ثقل قوي على أسُس الدولة العصرية، حيث أنشأوا الجيوش ونظّموا حركة التجارة وبنوا نظامًا اقتصاديًّا أكثر تطورًا من خلال شبكة مواصلات بدائية، كما عرفوا الشعر ونظّموا المهرجانات الثقافية وكانت لهم إسهامات أدبية معروفة حتى اليوم.
المستشرق الفرنسي الشهير غوستاف لوبون (1841 1931) في كتابه المعروف حضارة العرب " الصادر عام 1884، وثّق بالأدلة العقلية والتاريخية إسهامات العرب قبل قرون طويلة من البعثة النبوية، مشيرًا إلى أن السجايا الخلقية للعرق العربي هي التي عيّنت اتجاهه.
وأكّد لوبون على أن النضج الحضاري الذي وصل إليه العرب بعد ظهور الإسلام، ما كان له أن يكون إلا نتيجة مقدمات سابقة وسمات حضارية كان يتمتع بها العرب قبل الرسالة، وأن لكل حضارة مستحدثة إرثًا وجذورًا حضارية قديمة، فالشيء في الغالب لا يخلق من العدم.
ويوضّح الطبيب والمؤرخ الفرنسي أن جهل الناس لتاريخ العرب القديم لا يعني عدم وجوده، مؤكدًا أن العرب كان لهم حضارات متميزة وثّقتها ممالكهم القديمة، وأنها لا تقلّ بأي حال عن الحضارات القديمة المعروفة في ذلك الوقت، مستعرضًا بعض ملامحها حيث اللغة الناضجة والأدب الراقي والعلاقات التجارية المتشعّبة بأرقى أمم العالم حينها، ووضع اللبنات الأولى لبناء الدولة السياسية المدنية القوية، تلك الأسُس التي تلتزم بها الدول حتى اليوم.
وردًّا على الأقوال التي تشير إلى عدم وجود حضور للعرب قبل الإسلام، كما ذهب مؤلف تاريخ اللغات السامية الشهير، رينان، الذي قال: "لا مكان لبلاد العرب في تاريخ العالم السياسي والثقافي والديني قبل ذلك الانقلاب المفاجئ الخارق للعادة الذي صار به العرب أمة فاتحة مبدعة، ولم يكن لجزيرة العرب شأن في القرون الأولى من الميلاد حين كانت غارقة في دياجير ما قبل التاريخ، ولم يظهر بأسُها وبسالتها إلا بعد القرن السادس من الميلاد"، يقول غوستاف: "هذا الرأي فاسد من أول وهلة، ولو لم نعلم شيئًا عن ماضي العرب، فإن أمكن ظهور حضارة أمة ولغتها بغتةً على مسرح التاريخ لا يكون هذا إلا نتيجة نضج بطيء، فلا يتم تطور الأشخاص والأمم والنظم والمعتقدات إلا بالتدريج، ولا تُبْلَغ درجة التطور العالية التي تبدو للعيان إلا بعد الصعود في درجات أخرى".
أصول العرب
يشير المؤرخ العراقي جواد علي (1907-1987) في موسوعته الشهيرة "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام"، والمكوّنة من 10 مجلدات، أن لفظة "العرب" اليوم يقصد بها كل الأمم والشعوب التي تتحدث العربية لغة رئيسية لها، يتساوى في ذلك سكان البدو والحضر، حيث الخصائص الفكرية والثقافية واللغوية المشتركة.
ويستعرض المؤرخ العراقي التفسيرات المتعددة لتأريخ كلمة "عرب"، منها أنها جاءت من الإنابة والإفصاح عن الشيء، كأن يقال للرجل "أعرب لي" أي وضّح كلامك، وقد ظهر هذا المصطلح بشكل كبير في القرن العاشر قبل الميلاد، وكان بهدف تمييز العرب لبلدانهم عن البلدان المجاورة مثل الآشوريين والبابليين والفرس.
كما ذُكر اللفظ ذاته في الأسفار القديمة كسفر "أشعيا" في التوراة، وكان يقصد به البدو، أما المؤرّخ الشهير هيرودوت فأطلقه على سكان المناطق التي شملت الجزيرة العربية والصحراء الشرقية لمصر ومنطقة البحر الأحمر في القرن الخامس قبل الميلاد.
وعن أصول الجنس العربي، يشير المؤرخ المصري علي عفيفي غازي في كتابه "حضارة العرب قبل الإسلام" إلى أن هناك 3 تقسيمات للجنس البشري وفق عدة تصنيفات، فبحسب الأسُس الأنثروبولوجية ينقسم الجنس البشري إلى الجنس الآري (الفرس - الألمان - الإنجليز - الفرنسيون)، والجنس الطوراني (الصينيون - اليابانيون - المغول)، والجنس السامي من العرب (الآراميون - العبرانيون -الكلدانيون - الآشوريون - الفينيقيون)، وبحسب لون البشرة هناك الجنس الأبيض (الساميون والأوروبيون)، الجنس الأسود (سكان أفريقيا الأصليون)، الجنس الأصفر (الصينيون - اليابانيون - الطورانيون).
يرجع علماء الأجناس العرب إلى الجنس السامي ويعتقد البعض أن أصله يرجع إلى الجزيرة العربية التي كانت الموطن الأول للساميين، وهم قوم تجمعهم خصائص مشتركة أهمها لسانهم العربي وأسلوب حياتهم المتشابه، وثقافتهم الواحدة ومرجعيتهم التاريخية المشتركة.
الجغرافيا البشرية
تتباين الروايات الخاصة بتحديد الإطار الجغرافي لحدود الدولة العربية القديمة، حيث يشير المؤرخ الإيطالي الشهير گايوس پلينيوس سـِكوندوس، المعروف باسم پليني، إلى الحدود الجغرافية لبلاد العرب تاريخيًّا بتلك التي تمتد من الجزيرة العربية جنوبًا حتى تركيا شمالًا (لواء إسكندرون بجبال أمانوس)، مع الوضع في الاعتبار التواجد القديم للعرب في بعض المدن التركية الحالية مثل ديار بكر (جنوب شرق الأناضول) التي لا تزال تحتفظ باسمها القديم، فضلًا عن التواجد الكثيف في منطقة الأهواز.
فيما ذهب جورجي زيدان إلى أن المقصود بالعرب حاليًّا هم سكان جزيرة العرب والعراق والشام ومصر والسودان والمغرب، أما قبل الإسلام فكان يراد بهم سكان جزيرة العرب فقط لأن أهل العراق والشام كانوا من السريان والكلدان والأنباط واليهود واليونان، وأهل مصر كانوا من الأقباط، وأهل المغرب من البربر والوندال، وأهل السودان من النوبة والسود.
أما في التاريخ القديم، عهد الفراعنة والآشوريين والفينيقيين -والحديث لا يزال لزيدان-، فكانوا يريدون بالعرب أهل البادية في القسم الشمالي من جزيرة العرب وشرقي واد النيل، في تلك البقعة الممتدة بين الفرات في الشرق والنيل في الغرب، وتدخل فيها بادية العراق والشام وشبه جزيرة سيناء وما يتصل بها.
وفي ضوء هذا التقسيم، فإن حدود العرب بجانب الجزيرة العربية تضم سيناء وفلسطين وسوريا، لتبدأ من شاطئ الفرات شمالًا، ويمتد حتى تصبّ في البحر عن البصرة، ومنها على شاطئ الخليج، ثم تنعطف غربًا بشواطئ بحر العرب وحضرموت وعدن وتنعطف شمالًا على شواطئ البحر الأحمر إلى السويس ومنها إلى بحر الروم، ويضمّ في طريقه شبه جزيرة سيناء وفلسطين وسوريا والأردن وبيروت، وهذا التقسيم الخاص بأبجديات الجبال والشواطئ والبحار والأنهار كأسُس لتعيين الحدود بين الدول.
ويقسم المؤرخون العرب إلى قسمَين رئيسيَّين قد يندرج تحتهما أقسام فرعية، الأول: العرب البائدة وهم العرب الذين بادوا وانقطعت أخبارهم وينقسمون إلى 7 قبائل رئيسية، هي عاد، ثمود، مدين، إرم، جرهم، طسم وجديس، كلها محيت بالكامل من الخارطة الجغرافية والبشرية.
وتتصدّرها قوة قبيلة عاد التي كانت تسكن شرق خليج العقبة في المنطقة الشمالية لشبه الجزيرة العربية، ثم قبائل ثمود التي استقرت بين الحجاز والشام، وكانت تتميز بنشاطها المعماري الهائل، إذ كانت تنحت بيوتًا في الجبال، ثم قبائل مدين في أطراف الشام وكانت تحتكر التجارة بين الأمم والقبائل في ذلك الوقت. أما قبائل طسم وجديس التي يعود نسبها إلى أحفاد سام بن نوح فكانت تسكن في منطقة جو المعروفة حاليًّا باسم اليمامة والبحرين، فيما ارتكزت قبائل العماليق في جنوب فلسطين، وبجوارها قبائل جرهم في مكة المكرمة، وكانت تتميز بالتجارة والتطاول في البنيان، ولأجل ذلك هاجرت إليها الكثير من القبائل فيما بعد.
القسم الثاني: العرب الباقية، وهم أقدم سكان شبه الجزيرة العربية، ويقسمون إلى نوعَين، الأول: العرب العاربة، وينسَبون إلى يعرب بن قحطان، أول ملوك اليمن، ويسمّون بالقحطانيين، ولغتهم لغة سامية قديمة جدًّا يعتقد أنها تطورت إلى اللغة العربية لاحقًا، الثاني: العرب المستعربة وينسَبون إلى عدنان بن آدد بن كثوم، ويعود بنسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
وظهرت تلك القبائل بداية الأمر في سهول تهامة ثم انطلقوا منها إلى الشام والحجاز ونجد، وكانت من أشهرها قبيلة مضر التي استقرت في نجد، بينما استقرت قبيلة تميم في بادية البصرة، وقبيلة ربيعة انحدرت منها قبيلة بني أسد، وقبيلة كنانة استقرت في الحجاز وانحدرت منها قبيلة قريش.
السياسة والدين والاقتصاد
يذهب بعض المؤرخين إلى أن حضارة العرب الرئيسية تمتدّ من نهاية القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن السابع الميلادي، ففي تلك الفترة تمتّع العرب بكافة مقومات الحضارة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب البُعد الديني الذي كان يتميز بالثراء والمرونة والحرية في كثير من الأحيان، مما دفع إلى الرخاء رغم العثرات البيئية كالجفاف والتصحُّر وندرة المياه أحيانًا في عدد من المناطق التي تخيّم عليها الصحاري الشاسعة.
فعلى المستوى السياسي، وضع العرب أسُس بناء الدولة وفق تصورات خاصة بهم، ساهمت فيما بعد في بناء عشرات الممالك والدول التي كان لها صداها لدى الحضارات الأخرى، والتي لا تقلّ عنها لا في الشكل ولا المضمون، وكانت القبيلة هي وحدة التنظيم السياسي في ذلك الوقت، ولها دستورها الخاص ولوائحها الذاتية التي يلتزم بها الجميع، كبير وصغير، غني وفقير، ومن هنا جاءت فكرة انتشار الممالك والدول المنبثقة عن الحضارة العربية.
وكان من يتربّع على عرش القبيلة يُقال له "شيخ"، وكان بمثابة الملك الذي ينفَّذ رأيه وحكمه على الجميع، وكان لا بدَّ أن يتمتع ببعض الصفات الضرورية لتوليه هذا المنصب، مثل الشجاعة والجود وسداد الرأي وأصالة النسب، وأن يكون ذا خبرة ورجاحة عقل.
وكان هناك كذلك مجلس القبيلة الذي يتألف من زعماء البطون والعشائر، وله سلطة الفصل في الأمور المهمة التي تمسّ حياة القبيلة وأفرادها، ويتكون من الخطيب (وزير إعلام القبيلة) الذي كان بمثابة لسانها أمام الجميع، والشاعر (وزير الثقافة) الذي يدافع عنها أمام خصومها، والكاهن (وزير الأوقاف والمفتي) الذي يلجأون إليه في الأمور الدينية، وكان هذا المجلس بمثابة حكومة مصغّرة مدعومة ببرلمان استشاري.
كان الثراء الواضح على المستوى السياسي والاقتصادي والفكري أرضية خصبة لنمو عشرات الممالك والدويلات العربية، التي ساهمت بشكل كبير في إثراء الحضارة الإنسانية بصفة عامة.
أما على المستوى الاقتصادي، فقد ساعدت كثرة الأنهار والبحار التي تطل عليها بلاد العرب قديمًا في ازدهار مهنة التجارة التي كانت السمت الاقتصادي الأبرز في ذلك الوقت، إذ كانت سفن العرب تجوب بين بلاد السند ومصر وبابل، فيما كانت أراضيهم خصبة يانعة بالمحاصيل والمزروعات التي ساعدت في وجود بيئة برّية متميزة.
الاكتشافات التي توصّل إليها الباحثون مؤخرًا بشأن العثور على بقايا حيوانات ضخمة وأشجار عملاقة في غرب الجزيرة العربية، تؤكّد أن تلك البقعة في الفترات التاريخية القديمة كانت أرضًا شديدة الخصوبة وفيها حدائق غنّاء وأنهار جارية، رغم أن هذا لم يكن موجودًا في تلك البقاع التي كانت تعاني من صحاري شاسعة وندرة في الأراضي الزراعية والأنهار والممرات المائية، ولعلّ هذا كان أحد
أسباب الحروب التي اندلعت بين الممالك العربية قديمًا.
[ وأضيف: وكان للتصحر دوره في الحراك السكاني نحو بقاع الماء والأنهار في الشمال، كدجلة والفرات ووادي النيل والبقاع الساحلية حيث يتكاثر المطر/ والإضافة من قبلي..]
وعلى الجانب الديني، فقد كانت بلاد العرب ميدانًا واسعا لتعدد الأديان، السماوية وغير السماوية، وهو ما يعكس حالة المرونة الفكرية التي كان يتمتع بها سكان تلك البلدان، حيث انتشرت الوثنية وعبادة الجن والمجوسية والصابئة كأديان غير سماوية، في مقابل انتشار اليهودية والنصرانية كدينَين سماويَّين، وهو ما كان له أثره على حياة العرب وتفكيرهم ومن ثم نشاطهم وإسهاماتهم الحضارية.
كان هذا الثراء الواضح على المستوى السياسي والاقتصادي والفكري أرضية خصبة لنمو عشرات الممالك والدويلات العربية، التي ساهمت بشكل كبير في إثراء الحضارة الإنسانية بصفة عامة، والتي لها بصمات كبيرة لا تزال موجودة حتى اليوم، أبرزها تلك التي كانت في جنوب شبه الجزيرة، منها سبأ وحضرموت وحمير، أو تلك التي كانت في بلاد الرافدين والشام مثل لحيان والأنباط والحيرة، علاوة على الغساسنة وتدمر ومعهما كنده والحيرة وقيدار،
وهو ما سيتمّ إلقاء الضوء عليه بشكل كاف خلال المواد القادمة.
وأضيف: حيث قد نمت على قاعدتها البنية الفوقية، بكل ما تعلنه في رحابها.
في هذا الصدد نجد، أن البحث في البعد الاقتصادي التجاري، لا يمكن أن يأتي عارياً، إنما يستوجب وضعه في بوتقته بقدر الممكن، والممكن هنا يتعلق بأهمية الموقع المطلوب بحثه، والضرورة التي يستجوبها، ودورها في التأثير بغيرها ومحيطها..
إضافة – الجدير بالبيان للباحث الغني عن التعريف حسين مروة في الجزء الأول من كتابه الموسوعي المعنون: النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية / تحدث فيها بإسهاب بما يخص المرحلة الجاهلية لدى العرب بما يعادل ٣٢٠ صفحة.. وهو قد استوعب البعض مما تقدم من رؤية.. ولعل ما طرح من موضوعات تطلب كتابا خاصا..
ô
على وقع مما تقدم - يتجلًى فيه بشكل مؤكد، توحي عن وجود علاقة تاريخية واقعية، ما بين البوتقة الحضارية السابقة، والتشكلات السياسية العربية في مرحلة ما يسمى بالجاهلية، من فعل حضاري وتداخل سكاني وثقافي ولغوين فضلا عن كونه جغرافي، يظهر في مقولة ما يسمى بالسامية، وبما يمكن ان يكون عربا أو أسلاف العرب. وقد تم التلويح به بما تقدم..
على ذات المنحى يعلن الباحث عبد الرحمن بن عطية الجزائري في الآتي: يؤكد المؤلف أنه توجد علاقة حضارية بين الحضارات الثلاث الكبري: حضارة بين النهرين بالعراق، وحضارة اليمن، وحضارة وادي النيل. ويري أن اللغة الأم أو الجذع المشترك عندما اشتقت منه اللهجات العروبية وانتشرت وابتعدت عنه، ونتيجة لعوامل جغرافية واجتماعية نشأت لغات عروبية اكتسبت صيغا جديدة لكن يبقي عمودها الفقري متضمنا لخصائص اللغة الأم.
في الحضارات العروبية: عبد الرحمن بن عطية يعدد المؤلف الحضارات العروبية قبل الاسلام وهي:
حضارة وادي الرافدين والهلال الخصيب، حيث تكونت كيانات تجمعت في الامبراطورية الأكدية في 2740 قبل الميلاد. فمملكة أور التي ظهرت في 2150 ق. م. وفي سنة 1895 ق. م. ظهرت المملكة البابلية، وانحدر من سلالة ملوكها حمورابي الذي جلس على العرش في 1792 ق. م. والذي اشتهر بقانونه الذي سمي باسمه وكتب باللغة الأكدية البابلية. وخلفت الامبراطورية البابلية الامبراطورية الأشورية سنة 1255 ق. م. والتي دامت ستة قرون.
وحضارة مصر: ويري المؤلف أنه قبل ظهور الأسرة الأولي الفرعونية، هاجرت من الجزيرة العربية قبل الألف السادسة ق. م. قبائل عروبية استقرت بمصر واندمجت مع العنصر الموجود وتكونت مملكة متحدة بملك اسمه مينا في الألف الخامسة ق. م. الذي قدسه المصريون واعتبروه ابن حوروس (علما بأن حور اسم لإله عربي عند وثنيي الجزيرة العربية والذي يرمز له بالنسر). ويري ديودور الصقلي بأن العربية والمصرية القديمة تنحدران من أصل واحد. والهكسوس قبائل هاجرت من الجزيرة العربية وحدد تاريخ حكمها بمصر بين 1730 و1580 ق. م.
وحضارة جنوب الجزيرة العربية: التي كانت راقية مرتكزة على الزراعة والتجارة التي تأتي بمنتوجات الهند والصين وتسوقها بالمنطقة الآسوية والافريقية، بل والأوروبية، وقد هاجرت من اليمن قبائل عديدة منذ آلاف السنين وحملت معها عناصر هذه الحضارة. ويذكر المملكة المعينية التي ازدهرت في منتصف الألفية الثانية ق. م.
ويتحدث المؤلف عن الثموديين الذين ظهروا في شمال الجزيرة
العربية، والذين كان تأثيرهم ممتدا حتى الجنوب، فقد اكتشف
9000 نقش وكتابة، تبين أنهم كانوا بالجزيرة العربية قبل عدة ألفيات ق. م.
ويذكر المؤلف المملكة السبئية التي ظهرت عند ضعف المملكة المعينية، حوالي 800 ق. م. والتي بنت سد مأرب في 650 ق. م. وسدودا أخري حولت المنطقة الي مساحات خضراء أشبه بجنات عدن.
ويتحدث عن الفينيقيين الذين ظهروا منذ الألفية الثالثة ق. م:
وقد انتشروا بحريا في شمال البحر المتوسط وشرقه فبنوا مراكز تجارية أولا، ثم استقروا بشمال افريقيا كإمبراطورية عظمي هي امبراطورية قرطاج. وعدة مدن اسبانية، بناها الفينيقيون، بل بنوا مدينة مرسيليا جنوب فرنسا قبل القرن الثالث عشر ق. م. باسم ماسّاليا. وأقول: إن كانت البوتقة الحضارية الأولى قد أينعت لغاتها المتقاربة أو قل لهجاتها المتداخلة، ومن على تفاعلاتها انبثقت اللغة العربية بجدلية عامياتها وفصحاها وشعرها، ألا يعني، أجل يعني، التقارب الفعلي بين البوتقة وما أتى بعدها على مدى جغرافياتها..
وعلى ما وقع مما تقدم، أكرر ما أعلنت فيه: أن التاريخ تواصل لا تفاصل، وأضيف للتاريخ سريان ومنطق داخلي لا ندركه.. هو كالعقل الباطن ومجرى اللاشعور في ماهيته وفعاليته..
-----
إضافة تعريف- عبد الرحمن بن عطية يكتب بالفرنسية ويعتمد في كتاباته على المراجع والنقوش الأوربية. يعتمد المؤلف على قاموس مهم عنوانه (القاموس اللاتيني الفرنسي للمؤلفين بينواست Benoist وغولزير Goelzer طبع في دار غارنيي Garnier الفرنسية سنة 1892 الذي نشر في فرنسا وألمانيا، ويحتوي على كل الكلمات اللاتينية.
مؤلفات عبد الرحمن بن عطية، كلها بالفرنسية.
1 ـ العرب في أوروبا قبل ميلاد المسيح
2 ـ العرب أسلاف الغاليين
3 ـ العرب حاضنو الكتب المنزلة الثلاثة
4 ـ إيبيريا وبربريا
5 ـ تاريخ الاستيطان العروبي في اليونان القديم
6 ـ تاريخ العربية لغة العالمين
7 ـ العرب والهندو أوروبيين



#عيسى_بن_ضيف_الله_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنطقة في ظل احتلال الإمبراطوريات/ في الزمن الفارسي
- قرائن موجز في وقفة تاريخية / مستمدة من عمل موسوعي، بعنوان ال ...
- العرب في ظل الإمبراطوريات/ ولا سيما الرومانية - تقديم
- قراءة في التاريخ القديم / بين العرب والتجارة في ظل الامبراطو ...
- كلية وكليات / تشكل البوتقة الحضارية/ في خلاصات
- مقتطف سياسي واجتماعي يسلط الأضواء على نهج الإمبراطورية الروم ...
- العرب في ظل الإمبرطوريات ولا سيما الرومانية
- نحن والكون
- أهم أقوال من مستشرقين في النبي محمد
- من مقتطف من مخطوطة مشروع كتاب العرب في زمن الإمبراطوريات (ال ...
- وقفة تأمل ما بين روما وبيزانطة
- من الأسرة الحمصية العربية إلى الأسرة التدمرية العربية
- من الأسرة الحمصية العربية إلى الأسرة التدمرية من الأسرة الحم ...
- وقفة أولية مع ظهور المسيحية
- وقفة موجزة مع العبودية كنظام سائد في النظام الروماني- مقتبس ...
- خلاصات بحثية، أولها في الجزيرة العربية، وثانيهما تعكس ذاتها ...
- من التراث/الماء كمقدس
- مقدمة عمل عنوانه في معترك السياسة في جامعة دمشق في عقد الستي ...
- الإمبراطورية الرومانية في ظل قسطنطين
- احتضار وسقوط امبرطورية العبودية الرومانية.


المزيد.....




- السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة ...
- سيجورنيه: تقدم في المباحثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عيسى بن ضيف الله حداد - كليات موجزة مع تاريخ العرب قبل الإسلام