أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عيسى بن ضيف الله حداد - المنطقة في ظل احتلال الإمبراطوريات/ في الزمن الفارسي















المزيد.....


المنطقة في ظل احتلال الإمبراطوريات/ في الزمن الفارسي


عيسى بن ضيف الله حداد

الحوار المتمدن-العدد: 7575 - 2023 / 4 / 8 - 15:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مستمدة من موسوعة الحضارات القديمة/دياكوف/كوفاليف واسرار بابل بليافسكي / من مخطوطة لكتاب لي
ô
الحضارة بجانبها الإيجابي، مفاهيم ورؤى وليست حديدا وتكنولوجيا وناطحات سحاب..
من يجعل الإمبراطوريات هي حقائق التاريخ ويتناسى الشعوب، فلو كانت هي الحقيقة، لما تلك توارت تلك والشعوب بقيت
القراءات المختزلة للتاريخ وللواقع تواطؤ - استدراج انتقائي من المفهوم الكلي.. عدوان خفي على التاريخ البشري / / من أقوال لي..
ô
بعدما قد استطاعت المنطقة بناء ذاتها على نحو معين، وشكلت فيه بابل كمركز لها و للعالم المتمدن، ومنارة تنير ما حولها، أخذ الجوار المتخلف إقتصاديا وحضاريا في تحركه مع طموحاته أياً كانت مصادرها، فعمد من جديد لاحتلالها مستغلا نقاط ضعف جرى في هيكلها السياسي، الأمر الذي قد شجع مجاوره الشرقي وشماله الشرقي لإحتلالها.
ô
من بابل إلى فارس- لحظة انحطاط ومفارقة، في وقفات سريعة:
في سابقة لا مثيل لها في تاريخ بابل، ترك نابونيد مملكته ولم يظهر في
بابل مدة عشر سنوات كاملة على التوالي.. ولعل لمرض قد حلّ فيه.. ؟
حيث يروى أنه لجأ لجبال عمان للإستشفاء ؟ [ أظن عمان جنوب الجزيرة ؟] (من أسرار بابل ص 231)
في غمرة من ذلك لم يتورع " من التوغل في سهوب وصحراء العربية برفقة القوات المجندة من آرامي الأقاليم الغربية المخلصة له وليس لبابل، وبهم احتل مدينة تيماء العربية وأباد جميع سكانها وعلى رأسهم ملكهم، وبعد ذلك خضعت الواحات والمدن، ديدان الأولى وفدك وخيبر ويادي ويثرب واصبح كل النصف الشمالي لشبه الجزيرة العربية تحت حكم نابونيد وصارت تيماء مقر اقامته. وفيها بنى قصراً شبيها للقصر البابلي، وأنشأ في الواحات المختلفة مستعمرات بابلية آرامية استوطن فيها أناس من أصول اثنية مختلفة فمثلا عثر في تيماء على لوحة بلاطة – منذ زمن نابونيد عليها كتابة آرامية ونقش تذكاري على النمط الآشوري معمولة بناء على طلب سلام- شوزوبا ابن بيتوسيري يعني ابن مصري بتسمية بابلية – آرامية " (أسرار بابل، ص 231 – المقصود بتلك التسمية انه من الممتلكات البابلية وليس بابليا= قول ال١مترجم)..
فيما أراه: أدت تلك السياسة، في ظرف كان فيه الفرس يترصدون لاحتلال بابل، بعدما توسعوا شمالاً في آسيا الصغرى وما له صلة بها جنوبا وشرقاً..
و بدلاً لنابونيد من أن يشد أزره بتأييد من العمق الديموغرافي العربي المتمثل في تيماء وما لها صلة بها.. والتي كما أتوقع، أنهم ينتمون لقبائل كندة أو ما سبقها كأصول لها في امتداد يصل حتى اليمن..؟
في واقع الأمر نرى أنه، لم يقترب أي من الإمبراطوريات السابقة واللاحقة
من تلك المنطقة، التي بقيت طوال التاريخ بمنأى عن الاحتلال الأجنبي ولعلها كانت دوماً بمثابة القلعة الأخيرة للاحتماء الجمعي لوطنية أبناء المنطقة كافة، عدا عن كونها المنبع المتواصل لسكانها..
ô
وقفة مع الهيمنة الفارسية (538-333 ق م): سنأخذها نموذجا للإمبراطوريات الغازية للمنطقة، من حيث هي قد فتحت الباب للآتي من الإمبراطوريات – [ المرجع الأساسي الحضارات القديمة: الجزء الأول، إشراف: ف. دياكوف/س. كوفاليف/. ص 199 -206]
ايران في زمنها القديم- بدءاً من القرن التاسع ق م، تذكر الحوليات الآشورية أسماء مجموعتين من القبائل الإيرانية: الميديون والفرس.
الميديون: يسكن شمال غرب هضبة إيران، ومن معطيات ذات المصدر، كان هؤلاء في وضع تفكك نظام العشير، ويعتمد الاقتصاد لديهم على الزراعة والتدجين، وظهرت الحرف في بداية التطوَر.. ياخذ النطام العبودي عندهم شيئا فشيئا دورا أوسع. وظهر تقدمهم على القبائل الإيرانية، وفي تطور آخر ظهرت مملكة ميديا، ودخلت في صراع المنطقة، بين أخذ ورد، مع الآشوريين، ثم تحالفوا مع نبوخذ نصر.. (حسب ما راينا سابقا في نهاية آشور)
في عام558 اتحدت القبائل الفارسية ضد ميديا بقيادة سيرس الثاني وتغير ميزان القوى..
موجز التأسيس: في عام 553- 550 / بعد حرب دام ثلاث سنوات، وبقيادة سيرس الثاني يتم الاستيلاء على عاصمة استياج عقبتان (إمارة ميديا في المنطقة)، تم ذلك اثر خيانة ارستقراطية جيش استياج لملكها وسلمتها لسيرس، حسب حولية نبننيذ، واستولوا على الفضة والذهب وكل ثروة عقبتان، وصارت ميديا جزءا من إمبراطورية الفرس.
على وقع من ذلك، اختفى النظام المشاعي البدائي لدى القبائل الفارسية، واحتد انقسام المجتمع إلى طبقات، وحرض الغزو العبودية، وكان على رأس الدولة ملك خضعت له كل القبائل الإيرانية.
التوسع وبناء السلطة ص199: يجاهد سيرس (قورش) وارستقراطيته، المتلهفون لأسلاب والغنائم، لتوسيع حدود الإمبراطورية، ونتيجة الحملات بقيادة سيرس، ألحقت إيران المتخلفة من وجهة نظر الاقتصاد والمأهولة اساساً بقبائل رعوية، الحقت دولاً أرقى حضارة منها لكنها تصدعت في نهاية القرن السابع وبداية القرن القرن السادس.
وكان من أسباب سقوط تلك الدول ثلاثة عوامل، وهي: الحروب الخارجية / والصراع الاجتماعي في بنيتها الداخلية/ وأوساط التجار والمرابين في بابل، وآشوريا فينيقيا وبلدان أخرى، حيث كان من مصلحتها أن لا يكون في الشرق الأدنى سوى إمبراطورية واحدة، بحكومة قوية لكبح التمردات الشعبية، وتطوير التجارة الدولية..
ضمن هذا المنظور تم احتلال آسيا الصغرى كاملة، وأرمينيا والمدن اليونانية في جنوب بحر ايجة، وألزم الجميع بدفع المكوس..
ينتقل سيرس، ليحاصر بلاد الرافدين من الشرق والشمال، وطوق كل الدروب التجارية لمحاصرة الكلدان، واستطاع احتلال بابل بمعونة الكهنة والتجار والمرابين حيث فتحوا الأبواب أمام الجيش الفارسي..
لقد كان هؤلاء يأملون في توسيع أعمالهم التجارية والمالية في إمبراطورية جديدة أكثر اتساعا من كلدان. (ص200)
وفي رواية معدلة يبوح بها مرجع أسرار بابل (ص242): لم يستعجل قورش لإنزال الضربة لحاسمة.. بدأ الفرس بالاستيلاء على الممتلكات الخارجية لبابل ويعزلونها تدريجياً عن العالم الخارجي.
في الوقت ذات، قام العدد الكبير من العملاء بالدعاية لصالح قورش في بابل نفسها.. (هل من الممكن أن يكونوا من تجار اليهود ؟؟ )
من جانب آخر: مال الأوليجاركيون أكثر فأكثر إلى التفكير بأنهم محتاجون إلى حكم قوي يحافظ على امتيازاتهم ورأوا ذلك في قورش القوي..
واستدلوا عقلياً على أن كورش يتحكم بقوات لا تعادلها قوات أخرى في العالم وأنه لا هو ولا فرسانه- الهمج جربوا مباهج الحياة.. وماذا في الأمر لو قدم التاج البابلي الى قورش بشروط مناسبة.. أليس لو صار هذا الهمجي من هذا الشرف العظيم ملكا شرعيا لبابل المقدسة! سيحافظ على قدسية الحقوق وامتياز الجنسية البابلية ويقيم ذلك النظام الضروري للأوليجاركية.. هذا ما حدث كواقع...
دخل سيروس بابل عام 583، ودارت معارك طاحنة متعددة (أسرار بابل، 243-245).. وأباد آخر فلول الأسرة المالكة وأعلن نفسه ملكاً على بابل، وأعلن أنه سيحافظ على النظام القائم في بابل واحترام آلهتها.
في وقفة مني هنا: لا استبعد أن التجار والمرابين والكهنة من اليهود كان لهم دوراً ما في تلك الوقائع، وهذا ما قد أظهرته الأحداث التالية، التي تشير لها السرديات اليهودية.
لقد كانت مصر في مخططه، كي يكون سيد الشرق الأدنى، لكنه أراد التوسع في الشمال الشرقي، وفي زحفه نحو آسيا الوسطى لقي مقاومة ضارية من قبل الساسيين والماساجيت الذين يعيشون حياة الترحال.. وكان من نتائجها مقتله..
قمبيز الى السلطة
كان هذا الحاكم أكثر جشعا مما سبقه، ومشى في طريق إرضاء جشع الارستقراطية الفارسية، التي تلتقي مع رغبات الأوساط التجارية والمرابية في البلدان التابعة: ساورته الرغبة على بسط سلطته على القسم الأعظم من حوض البحر المتوسط حتى قرطاجة.
في 525 هزم المصريين في بيلوز، ارسل عدة حملات بهدف فتح قرطاجة وأُثيوبيا، اللتين تمتعا بثروات خيالية، بيد أنه فشل..
وفي أثناء بعض المعارك اشتعلت ثورة في مصر، أباد قمبيز التمرد، وقضى على آخر فراعنة الأسرة السادسة والعشرين، بسماتيك الثالث في تلك المذبحة.
مرحلة داريس ص 201- 203
الجديد لديه إعادة تنظيم الإمبراطورية، على أساس الجماعات العرقية أو قل الثقافية التي تشكلت عبر التاريخ، يدير أغلبها حاكمها الأصلي يتمتع بصلاحيات إدارية غير واسعة، ولا سيما تلك التي تتعلق بالتقاليد الخاصة (نموذج النظام الملي المتوارث)، إلى جانب هذا الحاكم يوجد حامية عسكرية يرتبط قائدها بالسلطات المركزية، وأسس داريوس شبكة واسعة من الجواسيس لمراقبة الحكام والرؤساء.
الضرائب أو المكوس: كانت الولايات تدفع مكوس عالية القيمة ولها أكثر من شكل.. كمثال، كان على مصر تموين 120000 بالقمح فقط.. وغالبا ما كانت المكوس في الذهب..
الاهتمام بالتجارة: عنصر أساسي من سياسات داريس، لأحكام السيطرة وتقوية التجارة.
العسكرتاريا: قام بتحديد عدد القوات في كل ولاية وفي كل حامية، كان الفرس يشكلون النواة في حين أن القاعدة الواسعة تتشكل من مختلف القبائل والرعايا.بالإجمال: يتمتع الفرس بالامتيازات في كل مكان في الإمبراطورية،
حتى قبائلهم المهتمة أساساً عدا الخدمة العسكرية، بالزراعة والتدجين، كانت معفية من الضرائب والسخرة.. [ بمعنى هي معممة لدى الأقوام الأخرى ]
كخلاصة: أفضت سياسات داريس الأول العسكرية والإدارية الى وجود العديد من المراكز الاقتصادية الكبرى التي أفضت إلى تطوير التجارة الداخلية والخارجية العابرة، التي كانت مراكزها مدن الشرق الرئيسية بخاصة بابل، حيث قد شكلوا رابطات سرقة الشعب المشروعة تمول مصارفهم بفوائد باهظة وكان دورهم المعمم على مستوى الإمبراطورية الفارسية كلها.
وعلى مقربة منهم برز التجار والمرابون الذين يجنون مكاسب خيالية من استئجار المزارع والتجارة، وكان كل هؤلاء يدعمون داريس الأول في مشاريعه العدوانية الضخمة واصلاحاته الداخلية.
ô
انحطاط الإمبراطورية الفارسية 203/204:
من دون استعراض تفصيلي، كان من شأن الحروب التي اندلعت وخاصة في آسيا الوسطى والصغرى، أرهقت الدولة..
في واقع الأمر، كانت القاعدة العسكرية الواسعة المتشكلة من الأقوام المتعددة لم تكن تعنيها هذه الحروب..
وكان من بين نتائج الاضطرابات المتعددة، انفصال مصر عام 405، وتدافع عن استقلالها خلال 65 عاما حتى عام 340.
تفكك الإمبراطورية الفارسية: ارتخرس الثالث (309- 338) يكبح بصعوبة انتفاضة في مصر، في فينيقيا وفي قبرص. وفي أيام داريوس الثالث (338-330) سقطت الامبرطورية تحت ضربات
دولة جديدة عبودية، أسسها المقدونيون.. (المرجع ص204)
ô
ايران كدين، ظهر لدى غيرهم متحولاً ومتغيراًـ وفي مجرى تبدلاته جرى تحوله لعبادة الدولة المبنية، حسب الخرافة، بأمر زوروسترايم الذي ظهر في آسيا الوسطى، أو بالأصح في خوارزم، كان ذا طبيعة مزدوجة، تقول نظريته أن أحوارامازدا، إله النور والرزق، في صراع ابدي مع أحرامان، إله الظلمات والشر.
الأول يعلم الناس الفضائل والزراعة والمهن، ويبذر الثاني في كل مكان الشر والاضطرابات والبلبلات. فكل مؤمن ملزم إذن بتوطيد قوانين أحورامازدا، أن يعيش في الرحمة، يطيع الملوك، يمارس بحماس الزراعة
والتدجين، فيكافأ بعد نصر أحوارمازدا.
تعبر هذه الثنائية بوضوح عن المنحى الاجتماعي والسياسي للاغنياء الذين يسعون ابدا إلى تشريع تفوقهم على جماهير الكادحين الغفيرة، بتقديم هذه المقولة كتجسيد لمبدأ " النور والإلتصاق والانسجام ". لذا ينص الدين على الخضوع المطلق للسلطة الملكية والعمل المطيع كمصلحة الشرائح المهيمنة. (ص 205).
عن المظاهر الحضارية
لا تقيم الحضارة بالقصور الفخمة والصروح الشامخة التي تدل على استبداد الشريحة الحاكمة، إنما الأساس بها ما ظهر من فن وأثر مكتوب، بالإضافة لمنشئات لها صفة جمعية.
وفي الشأن المعماري، ما بقي قوميا ووطنيا كان يستلهم أعمال شعوب أرقى غزاها الفرس، مثلا القصر ذي المائة عمود مقتبسة من مصر، وطنف قناطر سور من آشوريا، وبناء قصر على ارض منبسطة وتزيينها بالنقوش والزخارف من آسيا الصغرى.
الكتابة المسمارية تصدر من بين الرافدين، وأغلب نصوص داريوس هي بالآرامية، ، والتقويم الإيراني يشهد هو الآخر على التأثير البابلي.. - ومن المعلوم ان الفرس اعتمدوا اللغة الآرامية..
في تقييم كلي
أولا- الملاحظ في الأمر، أن الإمبراطورية الفارسية الواسعة لم تنعم بالاستقرار، وظهرت معارضة لهما من قبل القبائل والشعوب التي كانت في عزلة، دونما روابط اقتصادية متينة ولا لغة مشركة مع الإمبراطورية..
ودامت الحروب في زمن داريس، ولاسيما في آسيا الوسطى والصغرى ومع اليونان فضلا عن التمردات في مناطق متعددة.
ثانيا - من جانب آخر، كان للطبقة التجارية والربوية الدور الأهم في توطيد دعائم الإمبراطورية، في تلك اللحظة التاريخية. بالإضافة لإفقار الشعب، وتعميم البؤس.
ثالثا – بقاء المناطق اللا منتمية للفرس على أنظمتها وثقافاتها المتوارثة كنتاج للنظام الملي السائد.
رابعا – من الواضح للعيان: بكون الاهتمام الأساسي للفرس، قد انصب على جني المكوس والنهب العام.
خامسا – في النظام العام - اكتفى الفرس بالمكوس، ولم يغيروا النظام الإداري ونظام الملل الذي كان سائداً، وتبنوا اللغة الآرامية.
والمتغير الوحيد الذي أقدموا عليه، هو تنطع كورش كمسيح للرب على بعث نظرية شعب الرب، في وسط اللاهوت المتوارث القديم (عزرا، الاصحاح الأول).. لكي يكون قاعدة على مشارف تقاطع الطرق التجارية البرية والبحرية.
سادسا- يذكر كتاب الحضارات القديمة( ص205) أن القليل المعروف من حضارتهم، يثبت الانتقائية. تعلل هذه الطبيعة العسكرية للدولة ذاتها، التي تجني باللصوصية المنجزات الثقافية للشعوب الأخرى.
سابعا– لم يظهر أي ذكر لجزيرة العرب، وهي قد كانت مستقلة عن هيمنة الفرس ومنعزلة عنهم، بينما قد أظهرت مصر مقاومة عنيدة. ولا أستبعد بكون المنطقة الجنوبية للجزيرة العربية الممتدة من وادي السرحان حتى جنوب الربع الخالي، قد شكلت الحاضنة لصيانة ثقافة المنطقة المكون لتشكل هويتها في زمن بداية انبثاق طلائع هويتها، وأكثر من ذلك تكون قد استطاعت حماية دورها التجاري لكونها تشكل مركزا وسيطيا بين المناطق الحيوية للعالم القديم.
في هذا الصدد يعترف كتاب الحضارات القديمة دياكوف كوفاليف، ص 205، 206: بكون الفن الإيراني، ما بقي قومياً، وطنياً، كان يستلهم شعوب أرقى غزاها الفرس، من بينها مصر وآشور وبابل.
وفي الأدب الإيراني، يمكن الافتراض انه قد تطور بتأثير النماذج التي ابتدعتها شعوب آسيا الصغرى والشرق الأدنى، فالكتابة المسمارية التي استعملها الأشمند، تصدر من ميزوبوتاميا، وقد استخدمت بالمدونات الملكية الرسميةـ ونصوص داريس بالأرمنية، والتقويم الإيراني يشهد هو الآخر على التأثير البابلي..
ô
إضافات، لقطات – بابل في عهد الهيمنة الفارسية..
موقف: قابل البابليون داريوس بصورة سيئة بالكراهية المكتومة، ولقب المتعاونون معه (البياع). [وهي كلمة شائعة في اللغة العربية]
أقدم الفرس على مصدارات ضخمة للأراضي من المواطنين البابليين ووزع قسم منها على الارستقراطيين الفارسيين والضباط والموظفين، ومنذ ذلك الوقت ظهرت ملكية الفارسية للأرض في بابل.
يذكر كتاب الحضارات القديمة( ص205) أن القليل المعروف من
حضارتهم، يثبت الانتقائية. تعلل هذه الطبيعة العسكرية للدولة ذاتها، التي تجني باللصوصية المنجزات الثقافية للشعوب الأخرى.
تمردات ضد الفرس
في الأعوام486 -484 ق م انتفضت مصر واقتدت بها بابل حيث ظهر
في آب 484 ق م بعل شيماني الذي حمل لقب ملك بابل، وملك، قمع
الفرس هذا العصيان.
في خريف482 ق م اثارت بابل مرة أخرى وأعلنت شخصا اسمه شمش- اريبو ملكا واستطاعت الصمود مدة شهرين.
والغيت الجنسية البابلية وفقد البابليون أراضيهم حيث صادروها ووزعوها على الفرس وصارت بابل مرزبانية فارسية عادية، وأصبح سكانها تابعين ودافعي أتاوة للملك ويعملون مستاجرين وعمالا زراعين في أراضي الملاكين الفارسيين..[كمقارنة لنتذكر وضع الفلاحين حتى الغرباء منهم في زمن بابل المزدهرة ]
بابل نحو الأفول
ولكن المدينة تضاءلت وخبت وفقدت أهميتها الاقتصاديةالسابقة.. وتجدد دورها في عهد إسكندر المقدوني الذي جعلها عاصمة له.. وفقدت دورها بعد رحيله..
غزا البارتيون بابل في عام 129 ق م ودمروها واحرقوها في عام 126 ق م لتعاطفها مع الهيليين ولم تستطع المدينة القديمة ان تتعافى من ذلك فأفقرت وهجرها السكان وبقي منها حتى بداية العصر الميلادي مجرد طلل..
اجل، تمثل بابل في صعودها وهبوطها، رمز الحضارات القديمة حضارتنا
بانتظار الآتي.. والقول لي..
ô
في مظاهر الحضور الفارسي في البوتقة الحضارية المتشكلة في كيانها..
دام الاحتلال الفارسي لكيان البوتقة الحضارية من عام 538 ق م إلى حوالي 330 ق م.. = حوالي قرنان..
يظهر الواقع التاريخي كما رأينا، لم تتجاوز هذه المظاهر المدى السلطوي المتمثل بجني الريع والسطو على الممتلكات، وبناء المنشآت التي تهم هذه السلطة ويعزز وجودها وثرائها كسلطة وحكام، وتلك هي بدورها قد تأثرت بالمنجزات التي اغتنت بها المنطقة، وحتى في المظهر الثقافي لديهم كان متاثراً بما هو قائم في المنطقة، حتى اللغة بحد ذاتها.. (اللغة الآرامية).
مظاهر في المقاومة
قرطاج في منأى عن الفرس: من مرويات هيرودت حيث قد: تفرد بسرد خبر امتناع الفينيقيين قامبوس الرامي إلى احتلال قرطاجة. [ مستمدة م د- عماد عماش - ([12]) Herodote. III. 19. ]
في رؤية من قبلي: إن تلك الظاهرة الفريدة في نوعها، هو دلالة على صمود فينيقيا في قسمها المتمثل بالشمال الإفريقي، إزاء الفرس وما بعدهم، وبالأحرى الإغريق والرومان.
وللظاهرة تلك أهمية في المآتي القادمة في مجريات التاريخ اللاحق.. [
ولكم من مرة تناسينا ربط الأحداث ببعضها، وعدم إدراك الترابط بينها] ..
مصر تتابع مقاومتها: [استكمال لمروية اليوم السابع] / على الرغم من القمع الذى تعرض إليه المصريون من الغزاة الفرس خلال احتلالهم البغيض لبلدهم، إلا أن نار الوطنية المغلوبة على أمرها لم تخب تماما تحت الرماد وهبت سلسلة من الثورات العنيفة التى كان وقعها شديدا على الفرس. ونتيجة للضربات المصرية الموجعة للاحتلال نجح المصريون فى نهاية المطاف من دحر عدوهم وطرده خارج بلدهم وأسسوا حكومة وطنية حرة مستقلة فى نهاية القرن الخامس قبل الميلاد.
الجزيرة العربية في منأى- ما عدا اليمن في بعض الأزمنة، بقيت الجزيرة العربية في منأى عن تحكم الفرس..
وللظاهرة تلك أهمية في المآتي القادمة في مجريات التاريخ اللاحق.. ولكم من مرة تناسينا ربط الأحداث ببعضها، وعدم إدراك الترابط بينها.



#عيسى_بن_ضيف_الله_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرائن موجز في وقفة تاريخية / مستمدة من عمل موسوعي، بعنوان ال ...
- العرب في ظل الإمبراطوريات/ ولا سيما الرومانية - تقديم
- قراءة في التاريخ القديم / بين العرب والتجارة في ظل الامبراطو ...
- كلية وكليات / تشكل البوتقة الحضارية/ في خلاصات
- مقتطف سياسي واجتماعي يسلط الأضواء على نهج الإمبراطورية الروم ...
- العرب في ظل الإمبرطوريات ولا سيما الرومانية
- نحن والكون
- أهم أقوال من مستشرقين في النبي محمد
- من مقتطف من مخطوطة مشروع كتاب العرب في زمن الإمبراطوريات (ال ...
- وقفة تأمل ما بين روما وبيزانطة
- من الأسرة الحمصية العربية إلى الأسرة التدمرية العربية
- من الأسرة الحمصية العربية إلى الأسرة التدمرية من الأسرة الحم ...
- وقفة أولية مع ظهور المسيحية
- وقفة موجزة مع العبودية كنظام سائد في النظام الروماني- مقتبس ...
- خلاصات بحثية، أولها في الجزيرة العربية، وثانيهما تعكس ذاتها ...
- من التراث/الماء كمقدس
- مقدمة عمل عنوانه في معترك السياسة في جامعة دمشق في عقد الستي ...
- الإمبراطورية الرومانية في ظل قسطنطين
- احتضار وسقوط امبرطورية العبودية الرومانية.
- مقاربة تاريخية/ بدايات وتحولات


المزيد.....




- ما علاقته بمرض الجذام؟ الكشف عن سر داخل منتزه وطني في هاواي ...
- الدفاع المدني في غزة: مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات بقصف إ ...
- بلينكن يبحث في السعودية اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق ...
- مراسل بي بي سي في غزة يوثق أصعب لحظات تغطيته للحرب
- الجهود تتكثف من أجل هدنة في غزة وترقب لرد حماس على مقترح مصر ...
- باريس تعلن عن زيارة رسمية سيقوم بها الرئيس الصيني إلى فرنسا ...
- قبل تصويت حجب الثقة.. رئيس وزراء اسكتلندا يبحث استقالته
- اتساع رقعة الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية.. ...
- ماسك: مباحثات زيلينسكي وبايدن حول استمرار دعم كييف -ضرب من ا ...
- -شهداء الأقصى- تنشر مشاهد لقصف قاعدة -زيكيم- العسكرية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عيسى بن ضيف الله حداد - المنطقة في ظل احتلال الإمبراطوريات/ في الزمن الفارسي