حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 7888 - 2024 / 2 / 15 - 09:38
المحور:
الادب والفن
يبدأ البرنامج الغنائى الجميل " عواد باع أرضه" -من تأليف مرسى جميل عزيز، والحان كمال الطويل واخراج أنور المشرى بطولة سعاد مكاوى وسيد اسماعيل وصلاح منصور- يبدأ على وقع نغمات أغنية رائعة للفنان سيد أسماعيل كلماتها تلخص العلاقة المقدسة بين المصرى وأرضه حيث تقول :
الأرض أرضنا
عن أبونا وجدنا
وبكره ولا بعده
لعيالنا بعدنا ،،
ورغم أن اوبريت عواد باع ارضه يتحدث عن عالم القرية ، وعن إرتباط الفلاح بأرضه الزراعية، إلا أن العلاقة بين الأرض والمصريين لا يمكن أن تختصر فى هذا السياق وحده، فالمصريون يعشقون الأرض وترابها كمفهوم وقيمة وسند وتاريخ ومستقبل، ويتضح ذلك جليا فى إختصار معظم المصريين دورة حياتهم فى محاولات دؤوبة من أجل توفير منزل أو مسكن أو مدفن ولو على قطعة أرض محدودة المساحة،
كما يمتاز المصرى أيضا بنزعة عدم التخلى أو التفريط فى الأرض أو الدار أو العرض ، وارتباط ذلك التخلى- ان وقع- بالعار و الفضيحة،التى تجسدها فى الأوبريت أغنية "عواد باع أرضه يا ولاد،
شوفوا طوله وعرضه يا ولاد
ياولاد غنوله على عرضه وطوله "
كما تتضح فكرة قداسة الأرض لدى المصريين بشكل أكثر عمقا، فى تحملهم لأعباء خوض حروب كثيرة مريرة مع المحتلين، والتضحية بالنفس والمال والولد من أجل طرد العدو ودحره خارج البلاد ،
واذا كان الأوبريت يحاول تجريم فكرة التفريط الفردى فى مصادر العيش لدى الأفراد ، ويهددهم بمصير عواد الذى لم يلتفت لنصائح ابن عمه وتوسلات والدته،ولم يبالى لرائحة الطين الممزوجة بعرق آبائه وأجداده، وظل أسيرا لملذاته ونزواته،حتى انتهى به الأمر عامل تراحيل لايجد قوت يومه ،،
فإن عار الخيانة العظمى والخلود فى مزبلة التاريخ سيلاحق أولئك الذين يساومون على الممتلكات العامة التى أئتمنوا عليها، والذين يهددون مستقبل البلاد و العباد بالتفريط فى مقوماتها،
فالأرض أرضنا عن أبونا وجدنا ، وبكره ولابعده لعيالنا بعدنا، سواء كانت تلك الأرض مزروعة، أو جزيرة على البحر الأحمر ،أو مدينة فى الساحل الشمالى، أو حقول غاز ، أو موردا مائيا عظيما يمثل شريان الحياة ،
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟