أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - أصل الكلمة -حنفيّة-















المزيد.....

أصل الكلمة -حنفيّة-


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 7884 - 2024 / 2 / 11 - 21:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أصل الكلمة ”حَنَفِيّة“
أ. د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


”الحَنَفِيّة“، هذه التسمية في تقديري، هي الشائعة اليوم، في كلّ الدول العربيّة، ولكنّا نصادف أحيانًا:”الصُّنبْور“، ”الخلّاط“ وفيه محبسان واحد للماء البارد والاخر للماء الساخن،”به لوعه“ (في الكرديّة السورانيّة)، ”بزبوز“ ربّما من ”بوز“، أي ”الفم“ بتعبير غير مؤدَّب، مثلًا في حضرموت، ”دبة الماء، بلبلة، لولة“ في بعض مناطق العراق و”كاك“ بجانب ”حنفيّة“ في بغداد وفي جنوب العراق ويبدو أنّها من cock الإنچليزيّة (وفيها faucet, tap, spigot أيضًا)، ”وتْششمة ووِلْف“ والأولى من التركيّة çeşme والثانية من الإنچليزيّة valve وجمعها ”وِلْفات“ و”شير/ضربه زدن /آب“ في الإيرانيّة؛ و”مزملة الماء“ في المعجم السُّريانيّ العربيّ - روض الكلم لبنيامين حدّاد (1931- )،ج. 1، بغداد، 2005، ص. 251 (المُزَمَّلة ج. مُزَمّلات، هي جرّة لحفظ الماء وتبريده وهي ملفوفة بالخيش).

ما أصل هذا الاسم ”حنفيّة“؟

نُشير إلى أنّ مخترِع الصُّنْبور (سعفة في جذع النخلة ( طِلِق في لهجتي الكفرساويّة) الساخن والبارد، كان الكَنديّ توماس كامبل قد اخترعه في العام 1880. وقد عمّر هذا الاختراع حتّى العام 1937، فجاء دور المخترع الأمريكيّ، ألفريد موين (Alfred M. Moen, 1916-2001)، بعد أن أُصيبت يداه بحروق ما من الماء الساخن جدًّا عند الاستحمام؛ ممّا جعله يفكّر في اختراع ”حنفيّة“ ذات مَقبض واحد، وأفلح في ذلك بعد تجارب سنوات. وكان كامبل قد حظِي بخمس وسبعين بَراءة اختراع، ثمّ تلاه كالعادة، مخترعون آخرون وطوّروا المنتج. وهكذا تطوّرت صناعات الصنابير/الحنفيّات شكلًا وحجمًا ومن حيثُ طريقة استخدامها. فممّا نجده اليوم مثلًا حنفيّاتُ تعمل بوضع الكفّين تحتَها، فيتدفّق الماء وعند رفع الكفّين يتوقّف، كلّ ذلك بدون لمس مَقبض الحنفيّة، وهذا اختراع صحيّ لتفادي انتقال الجراثيم والڤيروسات.

هنالك عدّة آراء أوِ اجتهادات حول تأثيل/أصل (etymology) ”حنفيّة“ منها:

1) ”الحنفيّة“، تسمية قديمة مشتقّة من الجَذر ”حنف“ ويعني الاستقامة، و”الصُّنْبور“ مستقيم. هذا الرأي، ليس بعيدًا عن التأثيلات الشعبيّة (folk etymology) من قَبيل القول: إنّ أصل الإنفلونزا من أنف العنزة.

2) الأصل أجنبيّ، من اللغة القُبطيّة القديمة ”حونفا“ (لم أعثر على هذه اللفظة) بمعنى ”الصُّنْبور“. من الكلمات قبطيّة الأصل التي دخلت العربيّة يمكن التنويه بما يلي: أردب، أمْبو، أمْشه (كرباج)، أيْوه، بح، برسيم، تابوت، تخّ، فوطة، شبشب، زير الماء، كاني ماني (عسل وسمنة).

3) من المذهب الحنفيّ: يُروى أنّ حاكم مصرَ، محمّد علي باشا الحنفيّ، الملقّب بالعزيز، أو عزيز مصر (فترة حُكمه 1805-1848) قرّر إدخال ”الصنابير“ أو ”البزابيز“ إلى المساجد للوُضوء، بدلًا ممّا كان مستخدمًا من قبلُ، الطاسة أو الغَضَارة، أي الإناء الحزفيّ المقعّر، تسهيلًا على المصلِّين. لم يقبَل علماء المذاهب الإسلاميّة الثلاثة الآخرون، الحنابلة والشافعيّون والمالكيّون، بهذا التغيير، ناعتين إياه بالبِدْعة. هنالك من يذهب بعيدًا، ويعزو استخدام الحنفيّات إلى العصر العباسيّ أو حتّى إلى العصر الأمويّ.

4) بُعيْد الاحتلال البريطانيّ لمصرَ، وبالتحديد في السابع من أيّار العام 1884، أصدرت حكومة ذلك الاحتلال قانونًا حمَل رقم 68 وقضى باستبدال المتوضَّأ/المِيضأة، أي مكان الوُضوء (جاء في قصّة عثمان بن حنيف: اِئْتِ المِيضأةَ فتوضَّأْ ثُمَّ ائتِ المسجدَ، فصلِّ فيهِ ركْعَتَيْن)، في الجوامع بصنابيرَ متّصلة بشبكة مياه أقامتها. (اُنظر:https://www.marefa.org/%D8%B5%D9%86%D8%A8%D9%88%D8%B1?fbclid=IwAR2gHblxvz9ab8LE2XROFynft4FcFEj_0emEOiJ6D974Y5H1_WZXaNRXky0#cite_note-poole-1.

هنالك منشور من نِظارة الداخليّة بما تقرّر فى مجلس النظّار، عن مسألة المراحيض النقّالة المقتضى إحداثها وميض الجوامع اللازم استبدالها بحنفيّات. قوبِل ذاك الاستبدال بمعارضة مشايخ مذاهب الشافعيّة والحنبليّة والمالكيّة في جامع الأزهر، في حين أنّ مشايخ المذهب الحنفيّ فقط، أيّدوا الاستبدال المذكور، لتفضيلهم الوضوءَ بالماء الجاري. قبل هذا الاستبدال، دأب المصلّون المتوضِّئون على نيل برَكة الشيخ القائم على المتوضّأ. يذكَر أيضا، أنّ سببًا آخرَ أُدرج لرفض هذا الاختراع ”الحنفيّة“، ألا وهو تكوّن بِرك المياه في الشوارع، حيث كثُرت الحنفيّات، وعند مرور العربات التي تجرّها الخيول، كانت تتطاير الأوساخ وتصل المؤمنين المارّين من هناك (اُنظر مثلا: http://scholarship.rice.edu/jsp/xml/1911/9187/750/PooStor.tei-timea.html#index-div1-N102F0، ص. IX, ). يبدو لي أنّ هذا الرأي هو الأقرب إلى الصواب.

هذّة قصّة ولادة هذه الكلمة في العربيّة المعاصرة والتي شاعت لاحقًا؛ أمّا في العبريّة الحديثة فهنالك كلمة ”بيرِزْ“ المستمدّة من الآراميّة ”بِرْزا“ ومعناها ”ثَقْب في برميل“، أمّا في السُّرْيانيّة، الأخت الثانية للعربيّة فنجد مثلًا ”فِثْيُونو“ الواردة في معجم بنيامين حدّاد المذكور أعلاه، وفي معجم بَهرا العربيّ السُّريانيّ بقلم يونان هوزايا واندريوس يوخنّا، طبعة أربيل عام 1998، فطبعة شيكاغو عام 1999 فطبعة أربيل عام 2014، وهو متوفّر إلكترونيًّا على الشابكة بالمجّان؛ وفي معجم المُطران، يعقوب أوجين/أوكين مَنّا، 1867-1928 الذي يضيف لفظة ”قُوزو“، والتي تعني أشياءَ كثيرة أيضًا وهي: ”قصير القامة؛ ذميم؛ نمس، حيوان يخنق الدجاج؛ سِنجاب؛ حيوان على حدّ اليربوع أكبر من الفأر وشعره في غاية النعومة يُتّخذ من جِلده أحسن الفرّاء؛ مجرى للصندوق كالحنفيّة؛ عجم التمر“. كما ترِد الكلمة ”روبينتو“ في السُّريانيّة بمعنى ”الحنفيّة“، مثلًا في القاموس الرباعيّ: سُريانيّ، عربيّ، سويديّ، إنچليزيّ؛ من الواضح أنّ هذه الكلمة مأخوذة من اللفظة الفرنسيّة le robinet. وفي اللغتين الساميّتين، الأمهريّة/الحبشيّة والتغرينيّة، نجد bwanibwa في الأولى و qedḥe, ḥanefa في الثانية.



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مكانة وسمات بعض اللغات
- وزير الدقاع البريطانيّ: عصر أرباح سهم السلام ولّى
- الحِكمةُ والمستقبل في كفِّ اليدِ اليُمْنى
- الكاهن الأكبر توفيق خضر واللاعن يُصاب في عينيه
- مُقْتطفات من أحكام وعادات - اِسأَلِ الرّاب -فاء-
- مقتطفات من أحكام وعادات - اِسألِ الراب -الحرف - قاف-
- حول -سبيل اللهفان لمعرفة الإيمان-
- إطلالة على السامريّين
- صلاة الملائكة
- الموسميّة اللاذعة
- مقتطفات من أحكام وعادات - اِسألِ الراب -الحرف - عين--
- اِحذروا في تكريم الموتى
- الشباب الشجعان
- طْلالة على أبي الحَسَن الصّوريّ وطبّاخِه
- مقتطفات من أحكام وعادات - اِسألِ الراب -الحرف - ظاء -
- مقتطفات من أحكام وعادات - اِسألِ الراب -الحرف - طاء -
- مقتطفات من أحكام وعادات - اِسألِ الراب -الحرف - ضاد-
- نعّوم فائق (1868-1930) أَبُو ٱلْقَوْمِيّة السُّرْيانِي ...
- الصوم حسن للصحة
- نعم، أنوي التبرّع للنضال ضدّ التعدذيب ف إسرائيل


المزيد.....




- الخرطوم تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمار ...
- استمرار الاحتجاجات في جامعات أوروبا تضامنًا مع الفلسطينيين ف ...
- الرئيس الإيراني: عقيدتنا تمنعنا من حيازة السلاح النووي لا ال ...
- مظاهرة ضد خطة الحكومة لتمديد استخدام محطة -مانشان- للطاقة ال ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة خسائر القوات الأوكرانية خلال أسبوع ...
- أطباء المستشفى الميداني الإماراتي في غزة يستأصلون ورما وزنه ...
- مجلس أميركي من أجل استخدام -آمن وسليم- للذكاء الاصطناعي
- جبهة الخلاص تدين -التطورات الخطيرة- في قضية التآمر على أمن ا ...
- الاستخبارات الأميركية -ترجح- أن بوتين لم يأمر بقتل نافالني-ب ...
- روسيا وأوكرانيا.. قصف متبادل بالمسيرات والصواريخ يستهدف منشآ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - أصل الكلمة -حنفيّة-