أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - حرب غزة الكاشفة (1 من 2)














المزيد.....

حرب غزة الكاشفة (1 من 2)


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7878 - 2024 / 2 / 5 - 00:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نهاد أبو غوش
لكل حرب سماتها وملامحها، وتأثيراتها المباشرة والبعيدة المدى، مبرراتها ومقدماتها ثم ما تحفره عميقا في وعي الأجيال كما فعلت حرب حزيران 1967 في أجيال متلاحقة من العرب، إلى جانب ما في الحروب عبر التاريخ من مشتركات. غالبا تجتمع في الحروب عوامل القوة والعنف والتوحش مع نتائج تأثيرات ذلك كله على الكيانات والبشر من نشوة الانتصار ومذلة الهزيمة، آلام ومعاناة وتشريد ودمار ودموع وبطولات وعجز وخذلان. كل ذلك يجتمع الآن في حرب الإبادة المستمرة على غزة، معركة طوفان الأقصى، والتي أسمتها إسرائيل "السيوف الحديدية" ثم اختارت لها اسما توراتيا ينم عن التأسيس والإرساء وهو "سفر التكوين" لإسباغ طابع ديني عليها، مع أن الاسم لم يشق طريقه بسلاسة في عالم الإعلام. أما الحرب فهي "ما علمنا وذقنا" في كل المعارك والوقعات التي عرفناها أو قرأنا عنها، ولكنها في غزة تكتسب أبعادا وطنية وإقليمية وكونية لا سابق لها، فإلى جانب وجهيها المتلازمين المتكاملين: المأساة والكارثة الإنسانية والعذابات الهائلة من جهة، مع الصمود البطولي للشعب والمقاومة من جهة أخرى، فإنها غدت حربا كاشفة لكل عيوب وعورات النظام الدولي السائد ومعاييره المزدوجة، ودور النظام العربي ومؤسساته، ولطبيعة إسرائيل الدولة والمجتمع، ولدور الأفكار والإيمان بها في المواجهات التي تقع بين أطراف غير متكافئة في قواها المادية، وغير ذلك كثير مما أظهرته أيام الحرب الطويلة، وما سوف يظهره المستقبل والفحوص المدققة لما جرى ولتداعياته البعيدة الأثر.
لعل أبرز ما كشفت الحرب النقاب عنه هو الوجه الحقيقي لإسرائيل، هذه الدولة التي أنشئت وقامت على جرائم الإبادة والتطهير العرقي، وطوال تاريخها استخدمت المجازر والمذابح كأدوات لتنفيذ أهدافها السياسية من تهجير للسكات الأصليين، وردع للخصوم، وكانت وما زالت تتصرف وكأنها فوق القانون وخارج نطاق أي مساءلة أو محاسبة من المجتمع الدولي وأدواته القانونية.
حرب غزة أزالت مساحيق التجميل التي أخفت وجه إسرائيل الحقيقي، حيث نجحت في تضليل أوساط واسعة في الغرب كما في المحيط العربي والإسلامي، وتقديم نفسها كدولة ديمقراطية وليبرالية متحررة، ومعجزة صناعية وتكنولوجية، ودولة ترغب في التعايش والسلام. كثير من المجازر التي اقترفتها إسرائيل كانت بحاجة إلى دراسات وجهود استقصائية واستنطاق من بقي من الشهود، وكشف بعض الوثائق بعد مرور وقت كافٍ الذي يمتد أحيانا لنصف قرن من الزمان أو أكثر. لكن جرائم اليوم تنفذ على الملأ بالبث الحي والمباشر، وبالصوت والصورة، وتشهد عليها المنظمات الأممية بعشرات التقارير الموثقة.
لقد بدا واضحا منذ الأيام الأولى للحرب أن إسرائيل ترتكب عدة أنواع من جرائم الحرب مجتمعة وهي جريمة الإبادة الجماعيو لمجموعة عرقية أو قومية هي الشعب الفلسطيني، وجريمة فرض العقوبات الجماعية من خلال منع دخول الطعام والماء والدواء والوقود لجميع السكان من دون تمييز، وجريمة التطهير العرقي والتهجير، ومضت إسرائيل في اقتراف هذه الجرائم دون أدنى خوف من عقاب أو حساب، وراح مسؤولوها يحرضون على ارتكاب المزيد، بما في ذلك دعوات إلقاء قنبلة ذرية لحسم الصراع واختصار الزمن، وتهجير الفسلطينيين إلى أي دولة تقبل باستيعابهم من كندا إلى الكونغو وصولا لاقتراح بناء جزيرة صناعية لاستيعاب هذا الكم البشري الذي تنظر له إسرائيل، لا بوصفهم بشرا وشعبا مجاورا ترتبط قيادته معها باتفاقيات سلام، بل كمجموعة من المشاكل الإنسانية والإرهابية والديمغرافية. من الواضح أن هذه النزعة المنفلتة من كل الاعتبارات تراجعت قليلا بعد قبول محكمة العدل الدولية دعوى جنوب افريقيا، وإخضاع كل ممارسات إسرائيل للمساءلة والفحص، لكن لغة "الحل النهائي" المستوحاة من أدبيات النازية ما زالت حاضرة بقوة في الخطاب الإسرائيلي الرسمي والأهلي.
أظهرت الحرب، كما لم تفعل قضية عالمية أخرى، مدى إجحاف وظلم النظام الدولي، وازدواجية المعايير التي يستخدمها سادة هذا النظام، في تطبيق القوانين الدولية، التي يجري تكييفها ومواءمتها بحسب جنسية الجاني والضحية ولونهما وهويتهما العرقية والدينية، وليس أدل على ذلك من مواقف الإدارة الأميركية، التي ما زالت تتصرف بوصفها رئيسة هذا النظام الدولي وشرطي العالم، والمفارقة أنها ما زالت تعتبر نفسها الراعي الحصري لمسيرة "السلام" و"التسوية" بين الفلسطينيين وإسرائيل. فهذه الإدارة ترى ما تريد وتغض النظر عما لا يروقها ولا ينسجم مع مواقفها، تتلقف الحج والأعذار الإسرائيلية من دون الحد الأدنى من عمليات التحقق والتدقيق. ينفطر قلب الرئيس الأميركي – كما قال- لدى سماعه أنباء مقتل اسير يحمل الجنسية الإسرائيلية، وهو في الواقع جندي في الجيش الإسرائيلي، ويشكك في أرقام الضحايا الفلسطينيين، ويصم أذنيه عن الإحصائيات المفزعة لوكالات الأمم المتحدة جميعها التي تؤكد مقتل ما معدله مئة طفل فلسطيني في اليوم – قياسا بطفل أوكراني واحد خلال الحرب الدائرة منذ عامين-. أما الناطق باسم الخارجية الأميركية مايك ماثيو، والذي تدعي أجهزة إدارته معرفتها بحركة الطائر والفراشة على سطح الكوكب، فقد بدا كشخص مغفل أمام هجوم الصحفيين وهو يدعي عدم معرفته بنسف الجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس والبيوت والمنازل والمقابر والطرقات وكل معالم الحياة في قطاع غزة.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصفية وكالة الغوث على طريق شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين
- التحركات الأميركية والإقليمية ومكانة القيادة الفلسطينية منها
- الفلسطينيون وقرار محكمة العدل الدولية
- رؤية للخروج من أزمة الشلل القيادي الفلسطيني
- تحولات خطاب حماس بعد وثيقة طوفان الأقصى
- الحالة الفلسطينية المأزومة وخيارات اليوم التالي للحرب
- تداعيات اغتيال العاروري فلسطينيا
- نقاط كثيرة سجلتها جنوب افريقيا بدعواها ضد إسرائيل
- ضربة قضائية لنتنياهو تفاقم من أزمته الداخلية
- أهداف عسكرية وسياسية لاجتياحات الضفة
- الحرب على غزة ترتبط بالضغط الأمريكي
- جائزة نوبل للسلام لنتنياهو!
- تجديد السلطة بين شروطهم ومصالحنا
- عن التباينات الأميركية الإسرائيلية
- كل هذا القتل والدمار والحقد على غزة!
- نتائج تجاهل الفلسطينيين وإنكار كونهم شعبا
- اغتيال المدينة والإنسان والحضارة
- بين الأهداف المعلنة والحقيقية للحرب على غزة
- عن الحرب والأخلاق بين دولة الاحتلال والمقاومة
- حتى بعد الحرب: جولات كثيرة لمعارك مقبلة


المزيد.....




- مصادر توضح لـCNN ما يميل إليه ترامب للتعامل مع إيران: الحل ا ...
- رويترز: قمة مجموعة السبع تخلت عن نيتها إصدار بيان مشترك حول ...
- طهران على صفيح ساخن مع تحذيرات إسرائيلية وأمريكا من تدخل وشي ...
- واشنطن تعزّز جاهزيتها العسكرية.. هل نحن أمام تحول استراتيجي ...
- التصعيد الإيراني الإسرائيلي - صافرات الإنذار تدوي في تل أبيب ...
- لقطات تظهر فشل منظومة الدفاع الإسرائيلية بالتصدي لصاروخ إيرا ...
- نتنياهو يتحدث هاتفيا مع ترامب بعد اجتماعه مع كبار مسؤولي إدا ...
- خامنئي: المعركة بدأت ولن نساوم الصهاينة أبدا
- ترامب ينذر إيران.. -استسلام غير مشروط-
- انذارات واسعة في إسرائيل بعد تجدد القصف الإيراني وانباء عن ر ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - حرب غزة الكاشفة (1 من 2)