|
تصفية وكالة الغوث على طريق شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
الحوار المتمدن-العدد: 7875 - 2024 / 2 / 2 - 20:52
المحور:
القضية الفلسطينية
نهاد أبو غوش* فور الإعلان الإسرائيلي عن ضلوع 12 فلسطينيا من العاملين في الوكالة في هجوم السابع من اوكتوبر (طوفن الأقصى) سارعت حكومة الولايات المتحدة الأميركية إلى تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) التابعة للأمم المتحدة ، وتبعتها في ذلك على الفور حكومات بريطانيا وكندا واستراليا والمانيا وايطاليا وفنلندا وهولندا ثم سويسرا التي أعلنت أنها ستوقف دعمها عند ثبوت الاتهامات. قرار الدول الغربية التي يعد بعضها ممولا رئيسيا للأونروا، سوف يترك آثاره الكارثية على مستوى حياة نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني يقيمون في مناطق عمليات الوكالة الخمس (غزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان)، لكنه في نظر الفلسطينيين يحمل مخاطر وتبعات سياسية مصيرية، وعقابا انتقاميا للوكالة ودورها أكثر من كونه إجراء إداريا وماليا مؤقتا اتخذ لأسباب أمنية، . التحليل نشأت وكالة الغوث بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 الصادر في 8 ديسمبر 1949، وتحددت أهدافها باعمال الإغاثة وبرامج التشغيل لتلافي أحوال المجاعة والبؤس في صفوف اللاجئين الفلسطنيين، وحدد القرار أن عمل هذه الوكالة سوف يبقى قائما بالتشاور مع حكومات الدول المعنية إلى أن تنتفي الحاجة لذلك. كما نص قرار إنشاء الوكالة بشكل صريح على أن لا يتعارض عمل الوكالة مع أحكام المادة 11 من القرار 194 الصادر في 11/12/1948 والخاص بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم أو التعويض لمن لا يرغب بالعودة. لطالما اعتبر وجود وكالة الغوث وخدماتها دليلا رمزيا على التزام المجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين كنوع من التعويض عن عجز الأمم المتحدة ووكالاتها في حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وتأمين عودتهم، لكن الوكالة تعرضت على امتداد العقود الماضية لموجات متلاحقة من تقليص الدعم لها ما اثر على حجم ومستوى خدماتها المقدمة للاجئين، وغالبا ما ارتبطت هذه التقليصات بطرح مشاريع لتوطين اللاجئين في أماكن إقامتهم الحالية، أو في بلد ثالث كما تبين خلال المداولات في لجان التفاوض المتعددة الأطراف التي انبثقت عن اتفاق اوسلو. المحاولات الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة لتصفية وكالة الأونروا بلغت ذروتها مع وصول دونالد ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة، فتبنى هذا الرئيس رؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف لحل القضية الفلسطينية عبر ما عرف ب"صفقة القرن" التي هي في الحقيقة صفقة أميركية إسرائيلية، وترافق طرح الصفقة مع مشاريع لإنهاء وكالة الغوث، وإعادة تعريف "اللاجئ" الفلسطيني ليشمل الأشخاص الذين بقوا على قيد الحياة ممن هجروا خلال النكبة، أي أن اللاجئين ليسوا هم المقتلعون من وطنهم والمهجرون مع أبنائهم وأحفادهم، بل هم بضعة آلاف ممن بقي على قيد الحياة من اللاجئين الأصليين وعددهم سيتقلص تدريجيا إلى أن تنتهي قضة اللاجئين بوفاة آخر معمر منهم. وإزاء رفض قيادة السلطة الفلسطينية صفقة القرن التي تختزل كل الحقوق الوطنية الفلسطينية في بعض الحقوق الاقتصادية والمعيشية مع كيان يفتقر إلى أدنى مقومات السيادة، وتهويد القدس، عمدت ادارة الرئيس ترامب إلى تشديد الضغوط على السلطة من خلال وقف المساعدات المخصصة للونروا علما بأن الولايات المتحدة هي أكبر ممول للوكالة الدولية بمبلغ يصل إلى نحو 300 مليون دولار سنويا. خلال حملة انتخابات الرئاسة الأميركية، وعدت حملة المرشح (الرئيس) جو بايدن بالتراجع عن عدد من قرارات الرئيس ترامب، ومن بينها تمويل الاونروا وسائر أشكال تمويل السلطة الفلسطينية، وفعلا التزمت ادارة الرئيس بايدن بهذا الوعد مع عدم التزامها بالبنود السياسية الاخرى (افتتاح القنصلية الاميركية في القدس ومكتب الثمييل الفلسطيني في واشنطن). وها هي الآن في ذروة الحرب الإسرائيلية على غزة، وفي ظل أصعب ظروف إنسانية كارثية يمر بها الفلسطينيون في غزة تقرر تعليق تمويلها بناء على شبهات حول عدد من موظفي الوكالة (12 موظفا قتل أحدهم من اصل 13 ألف موظف في غزة أي أقل من واحد بالألف) كل ذلك بناء على شبهات لم تثبت بعد، في حين أن ثمة أدلة قوية جدا قدمت لمحكمة العدل الدولية بشأن ضلوع قادة ومسؤولين إسرائيليين إما في التحريض على الإبادة أو إصدار أوامر لارتكاب أعمال إبادة، وقد رأت المحكمة أن هذه الأدلة توفر أساسا معقولا للنظر في الدعوى المقدمة من جنوب افريقيا. لا يمكن فصل القرار الأميركي والأوروبي الأخير عن الاتهام الإسرائيلي للأونروا بأنها شريك لحركة حماس، وتتبنى موقفها وهو ما دفع قادة إسرائيل إلى التوعد بالقضاء على وكالة الأونروا في سياق محاولاتهم القضاء على حماس، وتصاعدت هذه الحملة بعد الشهادات والوثائق التي قدمتها جنوب افريقيا مستندة الى منظمات الأمم المتحدة العاملة في غزة وأبرزها وأكبرها وكالة الغوث الدولية، وهكذا يمثل هذا التوجه عقابا للوكالة على مواقفها، بالإضافة إلى استهداف رمزية الوكالة ودورها في استمرار تمسك اللاجئين بحق العودة، مع الإشارة إلى أن عددا من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة ووسطها (جنين، نور شمس، طولكرم، بلاطة، الفارعة، عقبة جبر) تعرضت خلال فترة الحرب إلى استهداف مركز شمل تجريف شوارع، وتدمير مؤسسات ومباني ومنازل، واعقالات موسعة، واغتيالات، وتهجير نسبة كبيرة من سكان المخيمات (نحو نصف سكان مخيم جنين). خلاصة الموقف الأميركي والغربي عموما يظهر انحيازا غير مبرر تغذيه النزعات الشعبوية والعنصرية التي تتقبل الرواية الإسرائيلية دون تمحيص، وتتخذ موقفا عنصريا مسبقا من الففلسطينيين والعرب والمسلمين،. واستهداف وكالة الغوث وتقليص تمويلها يحقق جملة أهداف إسرائيلية منها استهداف قضية اللاجئين والمخيمات وحق العودة، وابتزاز السلطة والقيادة الفلسطينية لدفعها إلى تقديم تنازلات، وزيادة صعوبة حياة الفلسطنيين في الأراضي المحتلة ما يشجعهم على الهجرة، ما يفرض تحديات على القيادة الفلسطينية والمؤسسات والشعب الفلسطيني عامة بالبحث عن بدائل تمويلية عربية وإسلامية، والتكيف مع أوضاع يتقلص فيها التمويل دون أن يؤثر ذلك على التمسك بالثوابت الفلسطينية وأهمها جق اللاجئين في العودة. * مركز تقدم للسياسات
#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)
Nihad_Abughosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحركات الأميركية والإقليمية ومكانة القيادة الفلسطينية منها
-
الفلسطينيون وقرار محكمة العدل الدولية
-
رؤية للخروج من أزمة الشلل القيادي الفلسطيني
-
تحولات خطاب حماس بعد وثيقة طوفان الأقصى
-
الحالة الفلسطينية المأزومة وخيارات اليوم التالي للحرب
-
تداعيات اغتيال العاروري فلسطينيا
-
نقاط كثيرة سجلتها جنوب افريقيا بدعواها ضد إسرائيل
-
ضربة قضائية لنتنياهو تفاقم من أزمته الداخلية
-
أهداف عسكرية وسياسية لاجتياحات الضفة
-
الحرب على غزة ترتبط بالضغط الأمريكي
-
جائزة نوبل للسلام لنتنياهو!
-
تجديد السلطة بين شروطهم ومصالحنا
-
عن التباينات الأميركية الإسرائيلية
-
كل هذا القتل والدمار والحقد على غزة!
-
نتائج تجاهل الفلسطينيين وإنكار كونهم شعبا
-
اغتيال المدينة والإنسان والحضارة
-
بين الأهداف المعلنة والحقيقية للحرب على غزة
-
عن الحرب والأخلاق بين دولة الاحتلال والمقاومة
-
حتى بعد الحرب: جولات كثيرة لمعارك مقبلة
-
بعض الحقائق التي كشفتها الحرب على غزة
المزيد.....
-
وزير الخارجية الإسرائيلي يهاجم أردوغان
-
مراسلة RT في لبنان: غارتان إسرائيليتان على مركز الدفاع المدن
...
-
لماذا فشلت أمريكا في التوسط لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط
...
-
إعلان حالة الطوارىء في بريانسك غربي روسيا.. والجيش الأوكراني
...
-
بايدن يهاتف نتنياهو.. وغالانت يتوعد إيران بهجوم -مدمر-
-
كيف سترد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني؟
-
مشاهد من داخل طائرة أمريكية أثناء عبورها إعصار -ميلتون-
-
الولايات المتحدة محبطة من عدم مشاركة إسرائيل للبيت الأبيض بخ
...
-
جنرال إسرائيلي يحذر من تداعيات مدمرة على إسرائيل حال قصفها م
...
-
روسيا تسلم نتائج تحقيقها في استخدام أوكرانيا للأسلحة الكيميا
...
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|