|
أمريكا .. ضربت ..ولم تضرب
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7876 - 2024 / 2 / 3 - 18:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السجال على اشده بين من يعتبر الضربة الانتقامية الامريكية الأخيرة على مواقع بعض الميليشيات التابعة لإيران في كل من – القائم – و – ديرالزور في العراق وسوريا ، مجرد خداع ، وانها على تفاهم مع النظام الإيراني ، وبين من لم يتفاجأ بتلك الضربات العابرة لاسباب تاريخية ، وموضوعية تتعلق بسياسات الدول العظمى ، والكبرى في الغرب التي لايمكن الوثوق بها . فقد " اعلن الرئيس الأمريكي – جو بايدن – ان الضربات الامريكية التي شنت – الجمعة – على اهداف مرتبطة بايران في العراق وسوريا ستتواصل ، مضيفا : ردنا على هجوم بمسيرة اسفر عن مقتل ٣ جنود أمريكيين بالأردن مؤخرا بدا اليوم وسيتواصل في أوقات وأماكن من اختيارنا .. " واعلن الجيش الأمريكي تنفيذ ضربات جوية استهدفت فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ، وفصائل مسلحة تابعة له " ، وأشارت المعلومات الى إصابة – ٨٥ – هدفا ومقتل – ١٨ – مقاتلا في سوريا ، و – ٨ – في العراق . ردود الفعل سجال متوقع بين الحكومة العراقية والإدارة الامريكية كل لاسبابه الداخلية ، ونفي لما أعلنه الجانب الأمريكي عن تنسيق معها بخصوص الضربة ، وتسريع لعملية اخراج قوات الحلفاء من العراق ، وتهديد ، ووعيد من جانب الفصائل المسلحة الولائية خصوصا للرد على الرد ، وانذار إيراني لضرب اهداف أمريكية في كردستان العراق ، مع توقعات بحصول اعمال انتقامية روتينية لاتخرج من حدود قواعد الاشتباك المتبعة من ميليشيات حزب الله اللبناني ، والحوثي باليمن ، وكذلك ميليشيات الحشد الشعبي ، والأخرى التابعة للحرس الثوري الإيراني في كل من العراق وسوريا . تفسيرات متناقضة لعدة أيام بعد مقتل الجنود الأمريكيين الثلاثة بمسيرة لفصائل عراقية تابعة للحرث الثوري الإيراني في قاعدة – التنف – على المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني ، كان هناك نوع من الترقب من جانب مراقبين اعلاميين وأوساط سياسية واسعة في بلدان المنطقة ، توقعوا ، وتمنوا ان تكون الضربة موجهة الى الداخل الإيراني ، وتكون موجعة ، أي الى الراس والقلب بدلا من الأطراف ، وبشكل عام بنى العديد من الأطراف السياسية والشعبية التي تعارض أنظمة – الممانعة – في ايران ، وسوريا ، وميليشياتها اللبنانية ، والعراقية ، واليمنية ، والحماسية ، وخاصة في وسطنا السوري الامال الكبيرة على الضربة العسكرية الامريكية ( الموعودة ! ) التي قد تكون حاسمة ، وماحقة . من جهة أخرى نعم هذه التمنيات مشروعة من الأساس ، لان نظام طهران يعيش في هلع الان بعد ضيق الخناق على حركة – حماس – فالقضاء عليها يعني توجيه ضربة قاصمة الى استراتيجية طهران بالمنطقة كلها ، ومخططاتها المعتمدة الى ميليشيات جلها من جماعات الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني ، وقد يفتح ذلك الأبواب على حل القضية الفلسطينية العادلة على أساس حل الدولتين بإدارة الممثل الشرعي منظمة التحرير الفلسطينية ، وكذلك الى نوع من الاستقرار بالمنطقة ، والبحث عن حل للقضية السورية ، وتحقيق الامن في العراق خاصة بالاقليم الكردستاني ، ولن يتم انجاز ذلك كله الا بقطع راس الافعى الإيراني . ولكن الضربة الأخيرة قلبت كل توقعات ، واحتمالات ، هؤلاء على عقب ، وبددت امالهم المعقودة على انتقام القوة العظمى ، والاتهام باستهانتها بدماء مواطنيها ، ومالبث هؤلاء ان دخلوا في متاهة التفسير التآمري للحدث ، بوجود تفاهم امريكي – إيراني في الخفاء ، ومؤامرة ثنائية ضد شعوب المنطقة تقضي بتوزيع الأدوار ، واتقان لعبة المناورات البينية ، من دون الخروج على القواعد المرسومة . الرأي الاخر هناك راي آخر مفاده ان هؤلاء ذهبوا بعيدا في التفاؤل الذي لايستند الى أساس واقعي ، وبنوا الامال العظام على قاعدة هشة ، ثم تورطوا في تفسيرهم التامري للأسباب التالية : ١ – من الخطأ واستنادا على تجارب التاريخ ، والتجربة السورية على وجه الخصوص الاعتماد على القوى العظمى عموما وامريكا تحديدا ، فهي تبحث عن مصالحها وليس عن مصالح الشعوب ، وتضحي بجنودها ليس من اجل تحرير سوريا ، والمنطقة ، والقضاء على الدكتاتوريات ، وتعميم الديموقراطية . ٢ - وفي القضية السورية علينا توجيه اللوم الى انفسنا ، ومعارضتنا ! والى ( المجلس الوطني السوري والائتلاف وانحرافاتهما ، والى الفصائل المسلحة المحسوبة زورا على المعارضة ، وخطاياها المميتة قبل توجيهه الى الأمريكي وغيره ، نحن السورييون فشلنا في إيجاد قواسم مشتركة بين مصالح شعبنا من جهة وبين مصالح القوى الأخرى العظمى والاكبر والصغرى ، واخفقنا بجميع اطيافنا العربية والكردية وغيرهما في تنظيم صفوفنا من جديد ، إعادة بناء واحياء الثورة ، والمعارضة ، واجراء المراجعة اللازمة ، وعقد المؤتمر الوطني السوري الجامع ، والعودة عن التبعية للخارج ، واستعادة قرارنا الوطني المستقل . ٣ – منذ بدء المفاوضات حول النووي الإيراني ، وماقبله كان واضحا ان أمريكا خصوصا والغرب عموما لم يكونوا في موقف القضاء على ايران ونظامه الحاكم ، وان أمريكا كانت ومازالت تضغط على إسرائيل لعدم القيام باي هجوم عسكري على ايران ، بل ان الاستراتيجية الغربية تنطلق من مفهوم إيجاد توازن بين القوى والكيانات في الشرق الأوسط ( العربية ، والتركية ، والإيرانية ) ، وان اللوبي الإيراني في أمريكا اخترق صفوف الطبقة السياسية ، ووصل الى أصحاب القرار أمثال وزير الخارجية الأسبق – كيري - ، وكذلك مسؤول الملف الإيراني – سيمون بالي - الملاحق قضائيا الان . ٤ – تصريحات الإدارة الامريكية من الرئاسة الى الدفاع والمخابرات ، ومنذ أعوام لم تخرج من اطار العمل على التفاهم مع ايران ، وإصلاح النظام بدلا من اسقاطه ، والحفاظ على قواعد الاشتباك المتبعة والامتناع عن أي عمل يؤدي الى الحرب مع ايران ، الى درجة القول ان لاعلاقة لإيران في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس ، أي اعفاء ايران من تبعات مؤامراتها على شعوب المنطقة عبر اذرعها ، وميليشياتها المنتشرة في بلدان المنطقة ، وعندما ضربت ايران أربيل وقتلت المدنيين ، صرح الناطق باسم البنتاغون : ليس لدينا خسائر بشرية هناك ؟! بالرغم من العلاقات – الافتراضية – الحميمة بين أمريكا وإقليم كردستان العراق . لذلك أرى بان المضي في الانشغال بجمع المآخذ على الجانب الأمريكي تجاه ايران قد ينسي السوريين مخاطر عدوهم الأساسي : النظام ، والمحتل الروسي الداعم له ، والانشغال بامور عابرة بدلا عن انجاز المهام الكبرى التي تنتظر السوريين .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التقرير السياسي الدوري
-
طموحاتنا المشروعة في العام 2024
-
-عقد اجتماعي - ام صفقة عشائرية
-
الأهم ان يكون الحزب بخير
-
من - زكي الارسوزي - الى - محمد بركة - قرن من بؤس و
...
-
على ضوء مؤتمري جناحي الحزب ماذا تغير في نهج اليمين ا
...
-
قراءة في الحدثين الأبرز بالساحة الكردية السورية
-
من هموم الدياسبورا : الكرد السورييون في المانيا
-
للذكرى والتاريخ عندما يتم التضحية بالمصلحة الشخصية من ا
...
-
اطلاق مبادرة جديدة
-
استكمالا لحوارات البحث عن الحقيقة
-
ايران دخلت الحرب ، ايران لم تدخل الحرب
-
أسباب ونتائج الانقسامات في الساحة الكردية السورية
-
تقييم دوري لاهم التطورات السياسية الداخلية والخارجية
-
عودة الى حرب إسرائيل – حماس
-
مثلث ( حمص – ادلب – غزة ) وحرب إسرائيل - حماس
-
قراءة نقدية - لبزاف - للوضعين الكردي والسوري
-
تناحر الأحزاب الكردستانية والعودة الى ( الحزبوية العميقة )
-
عودة الى تشريح ازمة الحركة الكردية السورية
-
قيادة كردستان العراق والنظام السوري والكرد والثورة
...
المزيد.....
-
بايدن يتحدث عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات: -
...
-
بايدن يكشف ما إذا كانت احتجاجات الجامعات ستُغير سياسته تجاه
...
-
الاستخبارات الأمريكية: لم نجد أي دليل على تورط روسيا في الاح
...
-
إيران تنفي التقارير حول -الاعتداء الجنسي على المتظاهرة نيكا
...
-
توقيف 3 مشتبه فيهم بقتل شخص بمنزله وسرقته جنوب شرق الجزائر
-
تحقيق لبي بي سي يظهر احتمالية ارتكاب إسرائيل لجريمة حرب بقتل
...
-
بعد حماس وحزب الله.. الحوثيون يواصلون حفر الأنفاق وبناء الم
...
-
من سيدفع المال لإعادة إعمار غزة بعد الحرب؟
-
شاهد بالفيديو.. البابا فرنسيس والعاهل الأردني يتبادلان الهدا
...
-
الاستخبارات الأمريكية تعترف بقدرة روسيا على تحقيق اختراقات ع
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|