صفاء علي حميد
الحوار المتمدن-العدد: 7846 - 2024 / 1 / 4 - 10:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" في الثامن عشر من شهر يوليو عام 1941 كان تشرشل يخطب في إجتماع عام في مدينة مانشستر , وحدث أن قاطعه أحد الحاضرين أثناء خطبته فسارعت الإذاعة الألمانية لتعلن أنه وقع شغب في الإجتماع أدى الى فضه . و لكي تبرهن على ما أعلنته راحت تذيع أكثر من مرة تسجيلاً صوتياً للمقاطعة بحيث لاحت و كأنها مظاهرة في الإجتماع .
و كان تشرشل رمزاً للكفاح الوطني البطولي , و لكن تصويره على النحو الذي قدمته الإذاعة الألمانية الى مستمعيها جعلت الرأي العام العالمي و قطاعاً كبيراً من الرأي العام الإنجليزي نفسه يتصور أن تشرشل فقد مكانته السياسية البارزة لدى مواطنيه ولم يعد له ذلك البريق الوطني الذي كان يتمتع به من قبل .
و لكي تؤكد الإذاعة الألمانية حقيقة ما أعلنته عن تشرشل أذاعت في اليوم التالي أنها ستوافي مستمعيها بآراء بعض المواطنين الإنجليز و هي آراء يفهم المرء من مضمونها أن الشعب الإنجليزي ليس راضياً عن وجود هذا الرجل على رأس جهاز السلطة التنفيذية في بريطانيا .
كان تشرشل في الحرب العالمية الثانية رمزاً للحلفاء جميعاً , ولم يكن قاصراً على إنجلترا وحدها , فقد كان الرجل يتمتع بثقة شعوب كثيرة , وكانت ألمانيا تهدف دائما الى تحطيم هذا الرمز و خلخلة الصورة التي اكتسبها تشرشل بين الحلفاء , ولم تكن الطرق المباشرة لتنجح في ذلك بطبيعة الحال , ولذلك كان على ألمانيا أن تلجأ لأساليب الحرب النفسية في مهاجمة تشرشل .
وقد إستغلت ألمانيا فرصة مقاطعة خطابه في مانشستر و التي قام بها أحد أفراد شعبه وقد كان هدف هذه المقاطعة بعيداً كل البعد عن الهدف الذي كانت تريد ألمانيا أن تضفيه عليه , ولكن براعة ألمانيا تكمن في إنتهاز الفرصة المناسبة فأذاعتها و رددتها عدداً من المرات لتضفي على المقاطعة صورة التمرد و العصيان و عدم الرضى لتقنع الرأي العام العالمي بأن تشرشل لم تعد له المكانة التي كان يتمتع بها من قبل و أن تصرفاته أصبحت مجالاً للطعن و المؤاخذة .
وارادت ألمانيا أن تحبك هذه الخدعة من الحرب النفسية فأذاعت بعد ذلك بأنها ستوافي مستمعيها بآراء الإنجليز أنفسهم عن تشرشل لتكون أقوى أثراً على الرأي العام " ( حرب بلا قتال ) .
هذا ما يفعل أعداءنا فيرجى التنبه والحذر من كل اشاعه واخذ الحيطه واليقظه لانهم يستغلون كل شيء من اجل توظيفة في سبيل اضعاف كلمتنا وتشتيت وحدتنا ... فاعلام العدو ينظر للصغيرة والكبيرة ويبحث عن كل نقطة ضعف من اجل استخدامها في سبيل اضعافنا اكثر مما نحن ضعفاء وقليلي القوة والحيطة والانحدار وكما تشاهد ماذا تفعل المليشيات المسلحة والفصائل الارهابية بقادة تشرين وكل انسان وطني شريف !
#صفاء_علي_حميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟