أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد البديري - مسؤولية المرجعية الدينية ودورها التوعوي في الانتخابات















المزيد.....

مسؤولية المرجعية الدينية ودورها التوعوي في الانتخابات


احمد البديري

الحوار المتمدن-العدد: 7822 - 2023 / 12 / 11 - 00:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمثل المرجعية الدينية بالنسبة لأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) القيادة الشرعية ، والكهف الحصين ، والملاذ الآمن ، وذلك بحكم نيابتها العامة عن المعصومين (عليهم السلام) في زمن غيبة الامام المهدي (عليه السلام) ، مما ترك عظيم الأثر على الصعيدين السياسي والاجتماعي ، بالإضافة الى الجانب الشرعي والعقائدي بحكم تخصصها في علوم الدين ، وهذا الارتباط بين المجتمع والمرجعية الدينية هو نتاج لما أسس له الائمة الهداة (عليهم السلام) ، وحرصوا على ارساء دعائمه ، من خلال عدد من الوصايا والاحاديث التي لا مجال لأنكارها جميعا ، او الالتفاف على نصوصها في سبيل تحريفها عن مقاصدها ، كما تفعل بعض الجهات المنحرفة بلبوس الدين تارة ، واتباع العلمانية تارة أخرى .
المرجعية الدينية مطالبة بأداء دورها في حياة المجتمع بالحفاظ على الهوية العقائدية وبيان الأحكام الشرعية ، باعتبارها قيادة أبوية تمثل المعصوم ، ومسؤولة عن حماية الاسلام والمسلمين وخصوصا الشيعة الامامية من كل الفتن والشبهات والإشكالات والظلم الذي يتعرضون له على يدي من هب ودب من شذاذ الافاق ، هذا الدور يفرض على المرجعية إدراك حجم المسؤولية التاريخية والشرعية التي تصدت لها ، مما يجعل تواصلها المباشر مع مقلديها مسألة ضرورية خصوصاً في خضم وتيرة الاحداث المتصاعدة التي تشهدها البلاد والمنطقة ، وبالتالي يترتب على المرجعية ان لا تكتفي بتمثيل الوكلاء عنها في مطلق الأحوال ، أو الاكتفاء متفضلة بممارسة إسداء النصائح بين الفينة والأخرى عن طريق البيانات والاستفتاءات وتتخلى بذلك عن أداء جزء أساسي وكبير من حجم الامانة الموكلة بها بحكم موقعها الذي يمثل هرم الكيان الشيعي .
ان من يطلع على سيرة الرسول الاكرم واله الهداة (صلوات الله عليهم) ، سيصل الى قناعة بأن القيادة الشرعية والمتمثلة في زماننا بالمرجعية الدينية هي مقام تكليفي وليس منصب تشريفي ، ومسؤولية وليس موقع رئاسي يهدف الى تحقيق المصالح والفوائد فقط ، او الاقتصار على التدخل في الاحداث الجارية بعد وقوعها ، وبعد ان تنعدم بالتالي أي فرصة لتلافي نتائجها الوخيمة التي قد تكلف البلاد العباد الكثير من الخسائر على كل المستويات البشرية والمادية والمعنوية .
ان المرجعية الدينية وبما أنها تبوأت موقع القيادة وزعامة المجتمع الشيعي فيجب عليها ان توازن بين التشرف بهذا المقام وبين ما يترتب عليه من استحقاق شرعي ، فلا يصح منها بل ومن غير المقبول الاكتفاء بالعناوين والالقاب وترك الحبل على الغارب للامة عموما واتباعها خصوصا ، لأن ذلك سيؤدي الى الضياع والتشتت وانعدام البصيرة لهم وتشابك الآراء والادعاءات عليهم ، وعلى سبيل المثال فإن إعلان المرجعية الوقوف على مسافة واحدة من الجميع هو خطأ فادح وجناية عظمى على الجميع وليس على اتباعها فقط ، لأن ذلك ليس من سيرة ومسيرة القادة العظام من الرسل والانبياء ومن بعدهم الائمة الهداة (عليهم السلام) اولاً ، ولأن وظيفة القيادة الدينية هي هداية الناس الى ما فيه خيرهم وصلاحهم ، وبالتالي كما تدعوهم الى تقليدها واتباعها في العبادات والمعاملات ، فإن واجبها الشرعي هو بيان الحكم والموقف بوضوح وشفافية وشجاعة تجاه جميع الاطراف والاتجاهات السائدة ، والدعوة لتمكين واختيار من تجدهم صالحين ومؤهلين لإدارة شؤون المجتمع وتحقيق الكرامة والأمن والاكتفاء لهم على جميع الاصعدة .
وكمثال حي لتقريب وجهة النظر حول هذه الفكرة يمكن الاستدلال بموضوع الانتخابات السياسية التي يتحدد على ضوئها وتبعا لنتائجها شكل من يحكم المجتمع ، وفي ظل تعدد القوائم الانتخابية بمختلف توجهاتها الدينية والعلمانية والقومية والطائفية ..الخ ، نجد ان وظيفة القيادة الدينية ان ترشد اتباعها في عملية الانتخابات إلى من يمثلهم ويتحكم بمصيرهم ، وليس الاكتفاء بتحديد مواصفات المرشح كالكفاءة والإخلاص وغيرها لأن كل مرشح وكل كيان سياسي يدّعي تجسد هذه المواصفات في مرشحيه وقائمته الانتخابية ، مع وضوح ان الكثير منهم اما غارق بالفساد والعمالة ، او أداة لمسؤوليه وللجهات الخارجية التي تقف ورائهم وتدعمهم لتحقيق مشاريعهم الناهبة لخيرات البلاد والممزقة لوحدته وقيادة الناس الى الاقتتال الداخلي والخضوع للعصابات المسلحة الحزبية والعشائرية وغيرها .
إزاء كل ذلك ينبغي ان يكون موقف المرجعية مسؤولاً وقاطعاً ، خصوصاً أمام المتصيدين والانتهازيين الذي يستغلون ضبابية الموقف المرجعي ، وعدم وضوحه لمصادرته وتجييره وتوظيفه سياسياً لصالح جهاتهم السياسية ، وعلى اتباع المرجعية الدينية الانتباه الى هذا الخلل في مرجعيتهم ومطالبتها برفض منطق الحياد السلبي بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع في هذا المفترق الخطير ، والذي يرهن خيرات البلاد وحياة الشعب وفق ما تتمخض عنه عملية شراء الاصوات والتلاعب بعقول المجتمع من خلال توظيف التحشيد الحزبي والطائفي والقومي ليكون منطلقا اضطراريا لانتخابهم من قبل المجتمع ، او اختيار العزوف عن المشاركة الانتخاب كما هو الحال دائما ، وبالتالي فرش الطريق بالورود امام الفاسدين للعودة الى السلطة في كل مرة والجثم على صدور المواطنين مراراً وتكراراً مستغلين الحياد السلبي والموقف الضبابي للمرجعية بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع ؟!
وعلى اتباع المرجعية الحيادية الالتفات بعد البحث عن المرجعية الرشيدة والالتفاف حولها ، لأنها الامتداد الحقيقي الذي يجسد سيرة ومسيرة ومنهج القيادات الرسالية الالهية للأنبياء والائمة (عليهم السلام) والعلماء الربانيين والقادة المصلحين في اداء وظيفتها الشرعية ، والتي تتلخص على سبيل المثال في المبادرة الى تشخيص الأوضاع والظواهر السلبية وتنبيه الجميع اليها قبل استفحالها ، ووضع الحلول والمعالجات لاجتثاثها ، وذلك من خلال نظرتها المستقبلية ورؤيتها الاستشرافية للأمور ،وهذا بحكم متابعتها الواقعية ، واستشعارها لمسؤولية الموقع والتكليف الشرعي لها اولا ، ورعايتها واداء امانتها لذلك الاستحقاق ثانيا ، وتحمل عبء المسؤولية عن المجتمع في بيان وتشخيص واختيار القيادات المناسبة لإدارة شؤون البلاد او تمثيلهم سياسيا ثالثا ، وأخيراً دعوة الناس عموما والاتباع خصوصاً لانتخاب من تجدهم مؤهلين لأداء هذه الامانة وتحقيق أهدافها .
هذا الدور الرسالي المهم هو ديدن العلماء العاملين ، وهو ما نجده متجسداً بالمرجعية الرشيدة المتمثلة بالشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) ، والذي حرص على أداء وظيفة ارشاد الناس لاختيار العناصر الكفوء والصالحة لتمثيلهم سياسيا ، وتتحصل هذه القناعة للمرجعية بأولئك المرشحين على ضوء سيرتهم ومسيرتهم الاجتماعية والوظيفية وبالتالي الدعوة الى انتخابهم مع تحملها كامل المسؤولية عنهم أمام ناخبيهم وهو موقف في قمة المسؤولية ومنتهى الشجاعة في ان تبادر المرجعية الى تبني مشروع سياسي واضح امام جماهيرها وعدم التلاعب بعقولهم او تركهم ضحية لأهوائهم الفئوية او لمكر ودهاء السياسيين المخادع .
ان احدى أهم أسباب الأزمات السياسية والاقتصادية والامنية والثقافية والاجتماعية وغيرها هو التخبط والعشوائية التي يتعامل بها المجتمع مع العملية الانتخابية من خلال اتخاذ أسلوب مقاطعة الانتخابات او عدم المشاركة بها من الأساس وذلك نتيجة لتقصير قياداتهم الدينية في بيان موقفها الواضح منها و عدم هدايتها للمجتمع من اجل اختيار المرشحين المناسبين لغياب الهدفية أصلاً في قاموس تلك القيادات بالإضافة الى عدم نضوج وتدني الوعي الوطني والشرعي لأكثرية شرائح المجتمع وهو ما يجدد ويمكن نفس الجهات الفاسدة من التسلط على مقاليد الأمور في بلادنا .
المرجع اليعقوبي وفي خطاب له بعنوان (المشاركة في الانتخابات لاختيار القيادة الصالحة: استحقاق إنساني ووطني وواجب شرعي) يسلط الضوء على مناشئ الاستحقاق الإنساني والوطني والشرعي للمشاركة في الانتخابات ، فعلى الصعيد (الإنساني) يرى سماحة المرجع ان ممارسة الإنسان حقه في اختيار من يمثله ويفوضه في إدارة شؤونه يأتي في سياق (حقّ الحرية) الذي وهبه الله تعالى للإنسان والذي من أوضح صوره ” حرية اختيار من نفوضه في إدارة شؤوننا وولاية أمورنا وحفظ النظام الاجتماعي العام“ ويستدل سماحته على هذا الحق بذكر النصوص الشرعية من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة التي ترسخ حقّ الحرية للإنسان في الانتخاب .
اما على صعيد (المواطنة) فيوضح سماحته أن الدستور منح كل من يبلغ السن القانوني حق المشاركة في الانتخابات ، ويبين سماحته أهمية هذا الدور في تعزيز الانتماء والشعور الوطني بالقول ” هذه المشاركة إثبات للمواطنة وإعلان للانتماء والهوية الوطنية “ ، ويضرب سماحته مثالين على قيمة هذه المشاعر الوطنية الجياشة في المشاركة بالانتخابات بالعراقيين في الخارج ومن بلغ سن المشاركة لأول مرة ويصف مشاعرهم الوطنية بالقول ” لذلك تجد الفرحة والزهو في وجوه العراقيين المغتربين أكثر عند الإدلاء بأصواتهم لأنّ هذه الفعّالية تمثّل لهم فرصة للإحساس بمواطنتهم وهويتهم وعراقيتهم ، وكذلك يوجد نفس الإحساس لدى الذين يدلون بأصواتهم لأوّل مرة لبلوغهم السن القانوني لأنهم يشعرون باكتمال شخصيتهم وهويتهم “ ، وفي هذين النموذجين يبرهن سماحته على أهمية الانتخابات في تنمية الشعور بالمسؤولية بالمواطنة والوطنية .
وفي اطار بيانه المنشأ الشرعي لوجوب المشاركة في الانتخابات يستدل سماحته بعدد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تشير الى :
1- أهمية دور المجتمع في تشخيص الجيد من السيء ، والنافع من المضر ، ووضع الشخص الصالح في الموقع المناسب ، وإبعاد الانتهازيين عن إدارة شؤونهم ومصالحهم .
ويرى سماحة المرجع اليعقوبي أن الشهادة بالموقف واجبة على الامة لأنها ” ليست كأي شهادة واجبة أخرى في قضايا الناس ودعاواهم، لأنّها تتعلق بحقوق الأمة، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : (أفظع الخيانة خيانة الأمة ) “ ، ويحذر سماحته المجتمع من نتائج التقاعس والتقصير في واجبهم الشرعي بالقول ” فإذا تقاعست الأمة ولم تدلي بشهادتها للمؤهلين لقيادة البلاد ، فإنها تفسح المجال للمفسدين أن يعودوا إلى مواقعهم“ .
ويرى سماحته أن ( الخيانة الأفظع والأسوأ ) هي عندما يتقاعس المجتمع عن انتخاب المؤهلين لقيادة البلاد ويقوم بدلاً من ذلك بتجديد الولاء لهم ” أن يجدد إعطاء صوته ويمنح الثقة لنفس الذي ظلموه وغصبوه حقوقه وسرقوا ثرواته، ولم يرَ منهم خيراً إلاّ الصراعات“ .
2- الدور الكبير للمشاركة في الانتخابات من أجل التغيير وقطع الطريق أمام الفاسدين الذين ملئوا أرض العراق فساداً وظلماً ، وان وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دافع أساسي للمواطنين للقيام بعملية التغيير بالطرق والوسائل السلمية وبالتالي الاستغناء عن الاضطرار الى ممارسة التغيير بالقوة والعنف .
3- الواجب الشرعي على الامة تجاه ولي امرها والذي يشير اليه سماحته ويؤكده بالقول ” وجوب نصرة الأمة للفقيه الجامع للشرائط القائل بالولاية حتى يمكّن له في الأرض ويفعّل ولايته ويقيم شرع الله تعالى بمقدار ما يتيسّر له أي لتحقيق الآية الشريفة {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ} (الحج/41) “ ، اما تحقيق وسائل النصرة للفقيه وأساليبها فيختصرها سماحته بالقول ” ونصرته تكون بنصرة أتباعه الذين يعملون بتوجيهاته وينفذون مشاريعه على ارض الواقع “ ، وبذلك يتضح أهمية تلبية المجتمع للواجب الشرعي في اتباع الفقيه المتصدي لواية أمر الامة وتمكينه لإقامة وإحياء شريعة الله تعالى واستنقاذ المظلومين من عبث وظلم الفاسدين .
4- ضرورة المشاركة في الانتخابات تتأتى أيضا من أهميتها على صعيد اختيار السلطة التي تتولى إدارة الحكم والذي يبين سماحته انه (ضرورة عقلائية) لأنها الضامن الوحيد لاختيار ” الصالحين النزيهين الكفوئين الذين يستحقون منح الثقة بهم في هذا المجال وتبرأ الذمة بانتخابهم “ ، ويوضح سماحته كذلك جانب مهم في عملية الاختيار يجب الالتفات إليه وهو عدم الاكتفاء بكون المرشح مؤهلاً للانتخاب ليكون حجة على اختياره ، وانما يجب الالتفات الى المؤثرات الكبرى الاخرى التي قد تؤدي الى مخرجات ونتائج معاكسة ومخالفة للحسابات ، ومنها بحسب سماحته ” أنّ المرشّح قد يكون مؤهلاً إلا أنه في قائمة ليست كذلك ، وحينئذ إن فاز بمقعد في البرلمان فإنّ وجوده سيذوب في وجود الكتلة ومواقفها ، لأنّنا نعلم أن القرارات يديرها رؤساء الكتل في ما يسمونه بالمطبخ السياسي أمّا الأعضاء فليس لهم إلاّ التصويت ولا تأثير للأصوات المستقلة ، وإن لم يفز فإنّ أصواته ستذهب لمرشحين آخرين في نفس القائمة وسيكون المصوّتون لهذا المرشّح مشاركين في تمكين المرشّح الآخر ويتحملون مسؤولية فساده وظلمه “ .
ومن خلال هذا التشخيص الدقيق للمرجع اليعقوبي لمسار عملية الاختيار غير الدقيق للمرشح والمبني على حسابات انتخابية خاطئة والذي يؤدي الى عكس النتائج المتوخاة من عملية الانتخابات ، والتي تمثل بارقة للتغيير وازاحة الفاسدين ، فإذا بالعكس من ذلك هو ما يحصل ونكون بتسرعنا وحساباتنا الشخصية الخاطئة سبباً لإعادة وتدوير السياسيين الفاسدين وتمكينهم من تحقيق كل مشاريعهم الخبيثة واللئيمة ؟!
ولضمان عدم الوقوع في هذا المنحدر الخطير يبين سماحة المرجع اليعقوبي أهمية تحقق شرط اخر قبل عملية الانتخاب وهو ” وجود راعي وضامن للكتلة يكون مسؤولاً عنها ويحاسب على تصرفاتها ويستطيع الناس الوصول إليه ولا يحتاجون إلى طرق بابه لأنِّ بابه وقلبه مفتوح لهم ليؤدي التزاماته أمامهم ويجدون عنده القلب الكبير والتواضع وحسن الإنصات لهم والتفاعل مع همومهم وآلامهم وتطلّعاتهم“ ، ويبين سماحته على ضوء ذلك الشرط أنه ” ليس من الإنصاف أن تلتزم الأمة بالتصويت للمرشحين ولا يوجد من يضمن لهم التزام المرشّح أمامهم بالبرامج والوعود، ، فلا بد من مراعاة وجود من ينتصر للمظلوم وينتصف له “ .
ويوضح سماحته معالم ومواصفات الجهة الراعية والضامنة للناخبين وأصواتهم من الضياع والاستغلال والتوظيف السيئ بالقول ” في النظام السياسي المعتمد في البلاد فإن الضامن الكبير هو المرجع الديني الجامع لشروط ولاية الفقيه من الاجتهاد والعدالة والخبرة بشؤون الناس والتفاني في العمل لإعلاء كلمة الله تعالى والنهوض بواقع الأمة والعالم بالظروف والملابسات ويمتلك الكياسة والفطنة حتى لا تهجم عليه اللوابس وأن يتصرف بحكمة ونحو ذلك “ .
ويبين سماحة المرجع اليعقوبي ان تحقق مناشئ تحقق الضمان في المرجعية الدينية دون غيرها من الجهات يكمن في مسألة رئيسية ومهمة وتتمثل بحسب قوله ” الولي أمور الأمة والمرجع الجامع لشروط القيادة ليس جزءاً من السلطة التنفيذية في الدولة ، ولا هو رئيس كيان سياسي وإنما هو الراعي لها كما يرعى كل المشاريع الإصلاحية في الأمة سواء كانت دينية أو اجتماعية أو أخلاقية أو ثقافية “ ، وفي اشارة من سماحته لبيان دور المرجعية الدينية الرشيدة وسعة وظائفها ، وعدم اقتصاره على العمل السياسي فقط ، يوضح سماحته ذلك بالقول ” أنّ موقع المرجعية ووظائف المرجع أوسع من العمل السياسي بكثير بسعة متطلبات المشروع الإسلامي الذي يجب أن يقود الأمة “، ويلخص سماحته تلك المسؤوليات تجاه العملية السياسية بخمس نقاط لترشيد عمل السياسيين على طبق القوانين الاسلامية ، وتقديم الافكار والمشاريع التي تحقق ذلك المطلب ، بالإضافة الى تصحيح اخطائهم ومعالجتها ، وغربلة المرشحين لمواقع الادارة والسلطة وتأييد الصالح منهم ، وإعطاء الشرعية للقوانين ، واخيرا الاحتكام اليها في حال عجزهم عن حل المشاكل واتخاذ المواقف والإجراءات المناسبة “.
ثم يضع سماحة المرجع اليعقوبي الكرة في ملعب المرجعية ، ويذكر بمسؤولياتها ووظائفها الشرعية تجاه المجتمع ، وما يتطلب منها على الصعيد المعنوي من دور والتزام تجاه من يلتزم بتوجيهاتها ومواقفها ” فلابد أن تمتلك المرجعية الدينية من الشعور بالمسؤولية والشجاعة وقوة القلب ما يكفيها لتحمل المسؤولية وإرشاد الناس لما فيه صلاحهم “ ، وفي نفس الوقت يحمل سماحته المرجعية الدينية نتائج دفع الناس للمشاركة في الانتخابات دون هدايتهم وتوجيههم لانتخاب المرشحين الصالحين ولومهم بعد ذلك وتحميلهم النتائج السلبية المترتبة على وصول الفاسدين للسلطة ويصف ذلك بالقول ” هذا مكر بهم وظلم لهم إذ أنهم يؤدّون ما عليهم ويدلون بأصواتهم استجابة لنداء المرجعية من دون أن تعطيهم الالتزام المقابل والضمان بل تتنصّل من المسؤولية وتلقيها عليهم وتقول لهم أنّهم لم يحسنوا التصويت “ ، ويعلل سماحته أهمية الدور وحجم الأمانة التي تضطلع بها المرجعية الدينية إلى ” ان شرائح كثيرة من الشعب لا تمتلك الرؤية الناضجة والتحليل الدقيق ازاء هذه القضايا المعقدة ، لانشغالهم بمعيشتهم وهمومهم اليومية والأزمات المحيطة بهم من كل جانب فالشعب عليه الغرم بلا غُنم وزعماؤه لهم الغُنم بلا غرم و (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى) (النجم/22) ومخالفة للقاعدة العقلائية (من كان له الغنم فعليه الغُرم) “.
ويبين سماحة المرجع اليعقوبي وينبه الى ضرورة ان لا تتصور الامة قدرة المرجعية على حل كل المشاكل وتلبية كل المطالب ، ويوضح سماحته أن تكليف المرجعية يتمثل بالسعي في أداء مهامها الشرعية واستحقاقات موقعها في قيادة المجتمع ، ويختم سماحته خطابه بالقول في هذا الصدد ” ان المرجعية لا تمتلك مفاتيح حل كل الأزمات ومعالجة كل المفاسد وتحقيق كل المطالب لان ذلك فوق طاقتها ، ولكن المطلوب منها هو السعي وبذل الوسع في أداء وظيفتها ومسؤولياتها “ .



#احمد_البديري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فايروسات الحضارة الغربية .. (الجندرة) نموذجا
- معاً في مواجهة تحديات ثقافة التفاهة والسفاهة
- فايروس الأمية في العراق
- (4/9) يوم سقوط المجرمين وتسلط الفاسدين
- أمة في رجل ..السيد فضل الله في فكر الشيخ اليعقوبي
- وزير الجهاد السلبي
- كلام بالساطور
- العراقيون في مواجهة البعث..اجتثاث أم تحدي
- علي بين مسيحي منصف وسلفي مجحف
- أنفلونزا الفساد في بغداد
- أيامنا الدموية مسؤولية السياسيين
- الحوثيون... ضحية الانتماء والصمت الدولي
- الوجه المشرق للنزاهة
- عندما تضطهد الكلمة ويجّرم المثقف باسم القانون .. هذيلي أنموذ ...
- العراق وإيران هل بإمكان أفضل مما كان
- العراق وايران هل بلإمكان أفضل مما كان
- الفاسدون في دولة القانون؟!
- ومن البصرة يأتيك الخبر اليقين
- ما بعد الاتفاقية ...أول الغيث قطرة
- مواصفات رجل الدولة في خطاب المرجع اليعقوبي


المزيد.....




- مزاعم روسية بالسيطرة على قرية بشرق أوكرانيا.. وزيلينسكي: ننت ...
- شغف الراحل الشيخ زايد بالصقارة يستمر في تعاون جديد بين الإما ...
- حمير وحشية هاربة تتجول على طريق سريع بين السيارات.. شاهد رد ...
- وزير الخارجية السعودي: حل الدولتين هو الطريق الوحيد المعقول ...
- صحفيون وصناع محتوى عرب يزورون روسيا
- شي جين بينغ يزور أوروبا في مايو-أيار ويلتقي ماكرون في باريس ...
- بدء أول محاكمة لجماعة يمينية متطرفة تسعى لإطاحة الدولة الألم ...
- مصنعو سيارات: الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن
- انتخابات البرلمان الأوروبي: ماذا أنجز المشرعون منذ 2019؟
- باكستان.. فيضانات وسيول عارمة تودي بحياة عشرات الأشخاص


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد البديري - مسؤولية المرجعية الدينية ودورها التوعوي في الانتخابات