أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - احمد البديري - فايروس الأمية في العراق















المزيد.....

فايروس الأمية في العراق


احمد البديري

الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 15:12
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


في أحد تقارير منظمة اليونسكو ورد في مضمون التقرير الذي سلط الضوء على مسيرة التعليم في العراق أن هناك ستة ملايين أمي لا يعرفون القراءة والكتابة وعاجزين عن تكوين جملة مفيدة (1) ، وقد يشكك البعض في مصداقية هذا التقرير بسبب الرقم المهول لإعداد الأميين الذي ينذر بكارثة كبيرة على صعيد النظام التعليمي في العراق ، وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن هذا التقرير صدر في عام (2019) اي قبل فوضى وباء كورونا وتعطيل الدوام في المدارس الذي حصل إبان مظاهرات تشرين فإن عدد الأميين ربما تجاوز في الوقت الحاضر حاجز الثمانية ملايين على أقل تقدير وفق معدلات تقرير اليونسكو السابق.
وهذا الرقم الجديد سبق وان أعلنت عنه مفوضية حقوق الانسان العراقية في بيان لها حيث أكدت فيه ان غالبية هؤلاء الثمانية ملايين أمي هم من الشباب الذين لا يجيدون القراءة والكتابة (2).
وبسبب عدم وجود أرقام حقيقية لإعداد الأميين الفعلي في العراق حتى لدى المؤسسات الحكومية المعنية وهذا ما صرح به رئيس الجهاز التنفيذي لمحو الأمية في العراق (3) فإذن لا نستغرب من التضارب في الأعداد الحقيقية للأميين الذين قدّر الناطق باسم وزارة التربية أعدادهم بما لا يقل عن خمسة ملايين فرد (4).
إن هذه الأرقام المرعبة لأعداد الاميين في العراق والصادرة على لسان مسؤول حكومي تؤكد ان هذه الظاهرة آخذة بالازدياد في مقابل صمت مطلق من قبل المؤسسات الحكومية والاجتماعية والاعلامية والدينية وغيرها والتي ربما تكتفي ببعض الأحيان بمواقف خجولة لا تقدم ولا تؤخر ، ولذلك باتت ظاهرة الأمية في العراق فايروساً فتاكاً لا يقل خطورة عن باقي الأوبئة التي تعصف بالعراقيين كالمخدرات والخمور والجريمة المنظمة والتطرف الديني والعشائري والفساد والانحراف الأخلاقي والتي هي بالأساس نتائج طبيعية للأوضاع السياسية السلبية القاتمة وغير المستقرة التي ألقت بظلالها السوداء على الاوضاع الاجتماعية وما أفرزته هي الأخرى من تداعيات اقتصادية وجيوش من الفقراء والمشردين والمهجرين.

أن أسباب تفشي الأمية في العراق لا تقتصر على جانب معين وان كانت الحالة السياسية كما أسلفنا هي المدخل الأساسي للأوضاع القائمة وتشعباتها خصوصاً السلبية لما لها من تأثير على الواقع الاجتماعي وبسبب إفرازاتها الاقتصادية والامنية والثقافية والتعليمية... الخ، والتي بدورها أنتجت حالة من الفوضى وعدم الاستقرار على جميع الأصعدة والمستويات على الساحة العراقية.
ويذهب بعض الاختصاصيين في مجال التربية والتعليم إلى أن اتساع الفوارق الطبقية بين فئات المجتمع العراقي وشرائحه بالإضافة الى عدم تفعيل قانون الزامية التعليم أدى الى عدم كبح نزيف التسرب من المدارس. (5)

وربما كان النظام التعليمي في العراق ورداءته على كل مستويات من أهم أسباب التسرب من المدارس وانتشار الأمية في صفوف الشباب والناشئة، فالبنية التحتية عاجزة عن استيعاب الاعداد الافتراضية المطلوبة بسبب الاكتظاظ البشري الموجود اصلا في المدارس والتي لم تشهد تطورا على صعيد الإنشاء وانما تراجعا على مستوى النوع والكم بحيث تشهد العديد من البنايات المدرسية دواما لثلاث مدارس في بناية واحدة؟!
كما ان المناهج التعليمية الجافة والتقصير الحاصل من بعض الكوادر التعليمية في أداء واجبها الوظيفي المطلوب وتوجه الكثير تلك الكوادر للتدريس الخصوصي والتركيز عليه على حساب التدريس الحكومي العام، وكذلك عدم فسح الفرصة لآلاف الخريجين العاطلين للتعيين وسد الشواغر الموجود أصلا في المدارس الحكومية كلها أسباب مساعدة في ظاهرة انتشار الأمية.
وشكل انتشار فيروس كورونا وافرازاته التي تمثلت بتعطيل الدوام الحضوري والاقتصار على التعليم الالكتروني سببا اخرا لتردي المنظومة التعليمية وانتشار الأمية خصوصا لدى طلبة المدارس الابتدائية والمتوسطة الذين اكملوا ثلاث سنوات دراسية في ظل التعليم الإلكتروني الذي يفتقد إلى أبسط مقومات التعليم البناء في بلادنا لافتقارنا إلى هذه التجربة سابقاً ولأسباب تتعلق بأدوات التعليم الإلكتروني ووسائله كخدمة الانترنت الرديئة من جهة، وعدم توفره أصلا لدى الكثير من أبناء القرى والمناطق النائية وكذلك الفقر الذي تعاني منه آلاف العوائل والذي وقف حائلا دون استخدام الإنترنت او توفير أجهزة إلكترونية للدراسة لأبنائها.
ولذلك ليس من المستغرب ان ترى طالبا في المرحلة المتوسطة لا يستطيع القراءة والكتابة ولا زال في طور تهجي الحروف دون الكلمات وهو ما يليق بمستوى طالب المرحلة الأولى والثاني في الابتدائية.
ان مخاطر انتشار الأمية لا يقتصر على الجانب التعليمي والثقافي فقط، وإنما يشكل تهديدا للسلم الاجتماعي نتيجة وجود جيوش من الأميين الذين يمكن استدراجهم ليكونوا لقمة سائغة لتجنيدهم في عصابات الجريمة المنظمة او التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة وأن يكونوا كذلك أدوات لتنفيذ الممارسات والأعمال غير المشروعة.
ان الحلول الكفيلة بمواجهة فيروس الأمية يجب أن تكون شاملة ومستوعبة لمعالجة جذورها وأسبابها والحيلولة دون تفاقمها وانتشارها وهذا ما يستدعي تضافر همة الجميع وبذل جهود جبارة من قبل مؤسسات الدولة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الدينية للتعاون في المشروع ويكون ذلك أولاً من خلال البدء بحملات واسعة لمكافحة الأمية ، وثانياً لمعالجة أسباب تفشي الأمية أو حتى بعض أسبابها على الأقل، وان أي تقصير في ذلك يمكن ان يؤدي في السنوات القادمة إلى وصول أعداد الأميين الى ثلث وحتى نصف أفراد المجتمع العراقي ويجب التركيز أيضا على بذل الوسع لتحسين الجانب التعليمي وخصوصا طلبت المدارس الابتدائية على الصعيدي المناهج الدراسية وتوفير كوادر تعليمية كفؤة وإنشاء مدارس جديدة في وقت قياسي لاستيعاب التلاميذ الجدد وحمايتهم من التسرب من المدارس..

(1) موقع صوت العراق (٢٠٢١/١٠/٢٨)
(2) وكالة الأنباء الإخبارية (٢٠١٩/٨/٢٢)
(3) العراقية الإخبارية
(4) صوت العراق (٢٠٢١/١٠/٢٨)
(5) سكاي نيوز (٢٠٢٢/١/٢٥)



#احمد_البديري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (4/9) يوم سقوط المجرمين وتسلط الفاسدين
- أمة في رجل ..السيد فضل الله في فكر الشيخ اليعقوبي
- وزير الجهاد السلبي
- كلام بالساطور
- العراقيون في مواجهة البعث..اجتثاث أم تحدي
- علي بين مسيحي منصف وسلفي مجحف
- أنفلونزا الفساد في بغداد
- أيامنا الدموية مسؤولية السياسيين
- الحوثيون... ضحية الانتماء والصمت الدولي
- الوجه المشرق للنزاهة
- عندما تضطهد الكلمة ويجّرم المثقف باسم القانون .. هذيلي أنموذ ...
- العراق وإيران هل بإمكان أفضل مما كان
- العراق وايران هل بلإمكان أفضل مما كان
- الفاسدون في دولة القانون؟!
- ومن البصرة يأتيك الخبر اليقين
- ما بعد الاتفاقية ...أول الغيث قطرة
- مواصفات رجل الدولة في خطاب المرجع اليعقوبي
- عندما تتجسد الوطنية في رجل ..عبد الكريم قاسم أنموذجا
- تأجيل الانتخابات وإجهاض العملية السياسية في العراق
- وزير النفط ولعبة المزايدات الإعلامية


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - احمد البديري - فايروس الأمية في العراق