احمد جمعة
روائي
(A.juma)
الحوار المتمدن-العدد: 7819 - 2023 / 12 / 8 - 14:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل هناك اليوم من يستمع للإذاعات العربية؟ هل هناك اليوم من العرب من يحمل أجهزة الراديو ترانستور؟ تُرى هل هناك من العرب من يكتب بقلم الحبر؟ لكن هناك وللأسف أسوأ ما يمكن تصوره وهو التزييف للحقائق مما يجعل من عصر الإذاعات والترانستور وقلم الحبّ، عفوًا الحبر، حقبة بنفسجية تفوق حقبة العصور الوسطى، بل وربما تتفوق على العصور الحجرية، مقارنة بما نشهده الآن بعصر الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي وظاهرة الفضائيات العربية القائمة على الفيك وهي تقدم وجباتها الإخبارية والتخليلية أعني التحليلية، سيان بنهجٍ خرافي، يشبه ما وردّ بأمهات الكتب الظلامية التي تلت عصر التنوير الذي شهد طفرات كأبو العلاء المعري وابن خلدون والفارابي وابن رشد وغيرهم رغم أن أغلبهم لا تربطهم بالعروبة والقومية سوى تزوير تاريخي جعل منهم مادة جلد الذات...
هذا الاسترداد للماضي ودمجه بالحاضر وبالمستقبل المجهول لحالتنا الراهنة المبنيّة على التزوير المقبول بل والمُحبب للقطعان والغوغاء، هو ما يجعل ضغط الدم لدى بضعة آلاف من التنويريين المتبقين على سطح الكرة العربية يفقدون توازنهم هؤلاء يبلغ بي السيل من رؤية التزوير مقدس كالكتب السماوية، متمثلاً في المادة الإخبارية والمعلوماتية التي تقدمها الفضائيات والصحف والنشرات العربية ويغرف منها الإعلام الشعبي الديماغوجي في وسائل التواصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال الصارخ، الفضائيات العربية كالحدث والجزيرة والعربية وسكاي نيوز العربية التي تزعم بأنها مستقلة عن الفضائيات الحكومية الرسمية، بمقص رقيب لا يعيش هذا العصر ولا يعلم أن هناك إعلام دولي، غربي وإعلام مضاد ووسائل تواصل غير تلك الغوغائية تنقل الصورة كما هي، بينما الرقيب العربي مصيبة واضحة تعريها ذات الصورة عندما نشاهدها كاملة بقنواتٍ وشرفات حرة.
خذ مثالاً خبر أسرى طوابير حماس، الذين قامت هذه القنوات بحجب الصورة أو ببترها من سياقها بينما المعلقين والمراسلين وحتى المذيعين في هذه القنوات يبدو الخجل على وجوههم وهم يقدمون المادة المزيفة -فيك- التي تصاغ وتطبخ لهم في كهوف القرون الوسطى دون وعي بأننا في عولمة القرن الحادي والعشرون ضمن الموجة العارمة للصورة وبإطار ثورة الألفية الحرة ما يجعل العقلاني والواقعي والمستنير يبحث عن الصورة وليس ظلّها، لكن يبدو أن الصحافة والفضائيات السوشيال ميديا بالمجرة العربية تقدس الأصنام الحديثة القائمة على رفض الصورة الحقيقية الكاملة وتفضيل صورة الظلّ المقدسة، يصيبني الغثيان كلما نظرت حولي ورأيت تزوير الصور...
#احمد_جمعة (هاشتاغ)
A.juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟