خاطرة على البرلمانات والمجالس الشعبية

محمد رياض اسماعيل
باحث
(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

الحوار المتمدن-العدد: 7815 - 2023 / 12 / 4 - 15:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نحو أي مستقبل نمضي؟ الشباب يقبلون على حياة الترف تعددت فيها أسباب السعادة والمرح، وأصبح المال أحد الوسائل الرئيسية للتمتع بكل مفرداتها على السواء. والويل لمن لا يتوفر له الامكانية المادية، فانه يُحرم من ممارسته الإنسانية. ان دور المال قد تعظمت في حياتنا بشكل كبير بما يفوق العصور التي خلت. لقد أصبح وسائل الحصول على المال تلغي كل القيم الاجتماعية السائدة والبالية وتخلق قيم اجتماعية جديدة قائمة على أساس المنفعة والانتفاع المتبادل، اما القيم الاجتماعية البالية التي كانت تسود في الماضي، فهي تستخدم كوسائل وأساليب دعائية خداعة وتنقر على الوتر العاطفي لدى الانسان لتنومه اجتماعيا ثم ليبدأ بابتزازه.. تأمل ماذا يصنع المال وكيف يمكن الحصول عليه في ظل العولمة ودور الشركات التي تهيمن عليها الدول العظمى.. ان تحرير بلداننا من الهيمنة الأجنبية والاستعمار يأتي من تحرير افكارنا من قيودها المزيفة، فالزيف والشعارات الحكومية التي تملأ عقولنا وتستولي عليها بشكل خاطئ وتظللها وتوظف للغوغائية هي الأولوية في طريق الحرية..
لعل خير من وصف الغوغاء هو الاديب والمفكر الإنكليزي شكسبير في مسرحية يوليوس قيصر، عندما عمت الفوضى وقتل الرعاع الملك قيصر وحاصرت الحاشية وبعض المثقفين من الحكماء المتنفذين في حاشيته، صرخ الثوار بوجه الحراس لقتل الحاشية، فقال أحد الحكماء “لا بأس ان تقتلوننا ولكن ليس قبل ان أقول لكم ما أوصى به الملك قبل موته، ثم افعلوا بنا ما تشاؤون، وانا أقف على جثة الملك".. توقف الجميع منتظرين ما سيقوله الحكيم، ثم أردف قائلا" لقد أوصى الملك كل ماله للشعب، وحدد النسب للمعوزين فصعودا بدون استثناء، وطلب مغفرة الشعب، وقال بانه أحب شعبه كثيرا وانه سيواجه ربه مرتاح البال، كما أوصى بعدم قتل أي ثائر إذا فشلت ثورتهم". في غضون ثوان تغيرت أفكار الثوار تماما، وبدأوا يهتفون لروح الملك ويبكون على جثته.. تصور رؤية شكسبير البارعة لمجتمعه! نحن نعيش تلك الحقبة التي مرت على المجتمع الإنكليزي، فالكلام والتصريحات والبيانات الدعائية تقذف بنا ذات اليمين وذات الشمال!
الان وعلى ضوء الانتخابات المرتقبة، نحاور معا هذه المحاور:
1- من ينتحل صفه الشعب؟ فاقد الشرعية لا يمكن ان يصون القوانين الشعبية. فالعلة التي تشترك بها البرلمانات في الدول النامية ومنها العربية هي:
1- فقدان الشرعية وغيابها
2- الوظيفة البرلمانية
فالأولى كما اسلفت بان فاقد الشرعية، الاستقلالية المحضة عن التيارات التي جلبته للبرلمان، لا يمكن ان يصون القوانين الشعبية، اما الثانية فنعني بها هو صيانة القوانين المنافية للفساد، وللأسف أصبح محاربة الفساد توظف للتسليط السياسي وجني المال السحت، اما الذي يريد مكافحه الفساد فعلا في البرلمان، يُحارَب ويحال على التقاعد وإذا زاد عددهم فربما يحل البرلمان!!
2- البرلمانات نشأت في اوروبا قبل 800 عام مارست ثقافه الحوار وتمرست عليها وتطورت، والدول العربية استقلت قبل نصف ونيف قرن فقط فان تعميم التجربة الغربية الراهنة عليها خاطئة..
3- الترشيح ومراكز الاقتراع هو (مسرح) وتزييف، فالتعيين مسبق وتزوير في تزوير، فهذا اذلال للشعب والديمقراطية وانتهاك لسياده الشعوب واي شيء ينتج عنها فهو هش. ثم ما هي وظيفة البرلمانات! هل هو اضافه الشرعية للاشرعية؟ هذه المؤسسة مفروضة شكلية وما تعانيها في الدول العربية هو التسلط وليس السلطة..
4- اي انتاج تشريعي لا يمكن ان يمر الا من خلال مجلس الشعب (التشريعي).
5- البرلمان بالفرنسية يتكون من مقطعين، بارلي بالفرنسية استطاع اي استطاعة اي محامي الشعب اي تمثيل الشعب القاصر.
6- وظيفة البرلمانات
البرلمان الصحيح يسبقه حرية الراي وحرية الصحافة وحرية الاحزاب.. والبرلمان هو لمنع التسلط والحد منه، لأنها إذا وضعت بيد شخص واحد لتسلط على الرقاب والذي يحده هو البرلمان ثم مكافحه الفساد ثم.. ثم..
7- ثم ما هي سرعه التدرج الديمقراطي للشعوب العربية والنامية؟ متى ستقرر الحكومات بنضج الشعوب؟ متى ستعطي جدولا زمنيا بذلك؟ الى متى التدرج مطلوب؟ هناك مثل يقول من يدفع للزمار يطلب اللحن المطلوب.. الحاكم هو راعي كل شيء فاين موقع البرلمان إذاً؟
وظائف البرلمان:
１ التشريع
２ مراقبه الحكومة
３ الدبلوماسية والدفاع عن حقوق الامة خارج الوطن
４ الدفاع عن حقوق الامة داخل الوطن
５ مراقبة الموازنة العامة
６ مراقبة الحكومة عند سن القوانين
７ مسائلة الوزارات والدوائر
8- البرلمانات الحالية هي عمليات ارتزاق واسترزاق (فيد واستفيد)
9- المشكلة هو النظام الاستبدادي، الذي يشل قلوب وعقول المواطنين، البديل هو النظام البرلماني الديمقراطي واساس ذلك هو الحرية، والحريات تؤخذ بالدماء وبعكسه يعتبر استجداء..
10- الشعوب تستكن للحكومات والأخيرة تصادر كل ما تغتنيها من حريات انسانية وحقوق ملكية، وحق الكلام وتصادر كل ما هو مخلوق به من دوافع ومشاعر وتصادر النفس..
انني في هذا المقال الموجز، لا انفي وجود الخيرين الاصلاء في البرلمان، بل أرى ان عملهم في بيئة التسلط الاحتلالي غير صحية لتقوم بواجباتها المذكورة اعلاه.. قال الشاعر الجاهلي الأفوه الاودي من بني أود من مذحج، في 50 قبل الهجرة أي 570 م، وهو شاعر يماني جاهلي:
لا يَصلُحُ الناسُ فوضى لا سَراةَ لهم
ولا سَراةَ إذا جُهالهمُ سادوا
والبيتُ لا يُبتنى إلا له عَمدٌ
ولا عِمادَ إذا لم تُرسى اوتادُ
فإن تجمع اوتادٌ واعمدةٌ
وساكِنٌ بلغوا الأمر الذي كادوا
معنى السراة: الإدارة والقيادة الصالحة يتولاها الصالحون

#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات