أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فطنة بن ضالي - موت ينتظرعلى قارعة الوطن














المزيد.....

موت ينتظرعلى قارعة الوطن


فطنة بن ضالي
كاتبة، شاعرة

(Fatna Bendali)


الحوار المتمدن-العدد: 7791 - 2023 / 11 / 10 - 22:12
المحور: الادب والفن
    


"موت ينتظر على قارعة الوطن"، قصيدة للشاعرة السورية لبني ياسين من مجموعتها الشعرية "تراتيل الناي والشغف"، قد صنفتها في "قصائد نثر"، ووصفتها في نص الإهداء بأنها انشطارها الأخير، قالت:" لك وحدك أهدي انشطاري الأخير"، وأغلب نصوص هذه المجموعة نسجت على ألم الخيبات الواقعية والرمزية التي عبرت عنها الشاعرة في أفق شعري منفتح على النثرية وخصائها، قالت في قصيدة "حلم مختلف":
أيها الموت
(...)
ستعترف اليوم
وأنت تقترب منا
بأننا كنا جميلين
في لحظاتنا الأخيرة
ونحن نمتطي جياد الرحيل
ونتلو سفر الغياب
وأن موتنا معا
كان شهيا
كما لا يحدث عادة.
نفس حزين ينتظم أغلب نصوص المجموعة بصور مختلفة تعبر عن الإخفاق وزيادة الخيبات، ويبدو أن نفس الشاعرة في هذا الاتجاه نفس طويل، تدل علية قصائدها المركبة الصور، العميقة المعاني مكثفتها، والمنتقاة الألفاظ والعبارات بلغة رمزية شعرية شاعرية تمتح من مخزون الشاعرة الثقافي الواسع. وسنقف على قصيدة موت ينتظر على قارعة الوطن، تقول:
يكتب على الجدران تاريخ مروره
تلمحه أم تنتظرعودة ابنها من المدرسة
تخبئ رضيعها من خلف خوفها
ترتبك ابتسامة عاثرة على شفتيها
تحاول إغواءه
"أنا انتظرك" هكذا قالت عيناها
وهي تفتعل رغبة كاذبة
لعناق لم تتحضر لطقوسه كما ينبغي
يلمحها ويبتسم.
فالعنوان عبارة عن جملة اسمية دالة على الثبوت، يتساوى في ذلك كلا من المسند والمسند إليه، وإذا ما ربطنا العنوان بالنص فإننا نجد أن الموت يتربص بالأبناء والأم، حيث تعيش الأم الانشطار بين رغبة السلامة والحياة والمحافظة على الأبناء وهي تنتظر أحدهم أن يعود من المدرسة وتحتضن الآخر الرضيع، وبين الواقع المرير وهو المكتوب على الجدران محاولة ان تهدئ من روعها، هكذا ترمز الشاعرة إلى الأمهات المعذبات وإلى الصبية والأطفال اللذين يواجهون الضياع، فهم ضحايا هذا الواقع المكتوب محدد المعالم والتاريخ، مسجلا بصفاته وأحداثه، وهي تبني عالم القصيدة على حوار داخلي بين الموت والأم فتسرد وقائعه بفنية وحبكة مؤثرة، تقول:
يقرر أنها ستكون دعابة يومه
يختطف الرضيع المتحصن برائحة الحليب
... دون أن يتحرك من مكانه
تبقى على شفتيها آثار باردة
لابتسامة لم تنجح في مسعاها الدبلوماسي.
خاتمة رائعة تحسم الموقف بإخفاق المساعي السياسية السلمية في مقابل الحروب وتقديم الضحايا من الأكثر براءة وهم الأطفال وترك الأمهات ثكالى، هكذا ترفض الشاعرة هذا الإخفاق وتتوق إلى تغيير هذا الواقع، ورغم قصر مساحة النص، فإن التكثيف يعطي للغته دلالة إيحائية واسعة، منها ما تشير إليه الثنائيات: التاريخ /المساعي الدبلوماسية، الأم/الابن الرضيع، يختطف/ يبتسم، يقرر/ ستكون دعابة. ونشير هنا كذلك إلى أن أغلب أفعال النص هي أفعال مضارعة تدل على حركية الحدث وديمومته وسريانه على الحاضر والمستقبل، وكأن الشاعرة تشير إلى استمرار هذه الظروف في طريق الوطن، مما يؤكد إخفاق المساعي الدبلوماسية، كما أشارت في البداية، سجلها التاريخ على الجدران، واتخاذ قرارات لم تصن الأبناء ولا الأمهات. إذ بدا الموت يقرر ويسخر ويداعب في الحاضر ويختطف رجال المستقبل. وبنت الشاعرة عالمها الأسلوبي على الانزياح واستعمال المجاز بشقيه اللغوي والعقلي مما وطن المعاني وعمقها، وأكسب لغة النص جمالية فائقة.
مراكش في 10-10-2023.



#فطنة_بن_ضالي (هاشتاغ)       Fatna_Bendali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة الشهداء
- أرض وعهد
- بردا وسلاما يا وطني
- بنية الخطاب السردي والخطاب الشعري في الرواية العربية (3)
- بنية الخطاب السردي والخطاب الشعري في الرواية العربية (2)
- بنية الخطاب السردي والخطاب الشعري في الرواية العربية (1)
- - الرمزية واللون في التراث الأمازيغي - بقصر البديع
- كل الألوان فيك عابثة
- الأمير الشاعر أبو الربيع سليمان الموحدي
- - الأشجار تحلق عميقا- لسعد ياسين يوسف
- مفهوم الشعر في قصيدة -مارق من ضجة الأوراق- للشاعرة ابتهال مح ...
- - غيثة تقطف القمر- بفاس
- تحت الضوء رجال ذئاب للشاعرة العراقية حياة الشمري
- المغرب بعيون عراقية
- الخلفيات النصية في قصيدة - مضى وحيدا- للشاعر العراقي محمود ف ...
- الوطن الرمز في قصيدة -حينما يصير الوطن منفى - للقس جوزيف إلي ...
- رحلة قصيرة -مدينة الصويرة-
- اللغة العربية و الآفاق
- التعليم والتعلم الانشطة والوضعييات
- الشاعرة كوثر على محمد نجم شاعرة قضية


المزيد.....




- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فطنة بن ضالي - موت ينتظرعلى قارعة الوطن