بنية الخطاب السردي والخطاب الشعري في الرواية العربية (3)

فطنة بن ضالي
كاتبة، شاعرة
(Fatna Bendali)

الحوار المتمدن-العدد: 7747 - 2023 / 9 / 27 - 18:26
المحور: الادب والفن
    

نصل في قراءتنا لهذا الكتاب إلى الفصلين الثالث والرابع مع الخاتمة، حيث يعنون الدكتورعبد العاطي بانوار الفصل الثالث ب " بنية السرد " في الروايتين موضوع البحث ويبد أه كعادته بمقدمة نقدية نظرية مؤطرة تحدث فيها عن الرواية والواقع يقول : " أصبح من البدهي اليوم القول إن الرواية لا تتعامل مع الواقع مباشرة، وإنما مع تصورات يقدمها الحقل الثقافي - الاجتماعي جاهزة. وهي بهذا تبتعد عن الواقع المباشر بمسافة مضاعفة لتقترب منه وتكشفه من جديد عبر إعادة النظر فيما هو جاهز سلفا أو من خلال مساءلته ." ص 135 ويقرر أن الرواية شكلا تلفيقيا منفتحا على أصناف متعددة، منها ما هو أدبي وما هو غير ذلك، وهي كذلك مجموعة من الأصوات والرؤى واللغات، ويبين أن الهدف من دراسته " ليس هو تتبع الأصناف المعرفية غير الأدبية التي تحتفظ بها ذاكرة النوع الروائي بقدر ما هو بحث عن حضور الأصناف الأدبية في الجنس الروائي وعن العلاقات التي تقيمها فيما بينها . ثم علاقة ذلك كله بوجهة النظر وبالنزعتين المونولوغية والحوارية." ومن تم يقف في بنية السرد في رواية حنا مينة على أنماط السرد فيها وهي: السرد المنفصل عن القصة، والنمط السردي للراوي – الكاتب، والنمط السردي العاملي، ونمط السرد المندمج، ونمط سردي للراوي الكاتب / نمط سردي عاملي. محللا ومفسرا المستويات السردية وتصنيف القصص والمحكي فيها إلى محكي مؤطر من الدرجة الأولى، ومحكي مؤطر من الدرجة الثانية ومحكي مؤطرمن الدرجة الثالثة. مستعينا دائما بالخطاطات التوضيحية. ويتناول بنية السرد في "رامة والتنين" من خلال علاقة المشابهة والمجاورة بين القصص، و يبحث في هل " رامة والتنين " أقصص هي أم رواية أو صورة ذاتية ويقف على الخرق الشعري فيها بين المونولوجية والحوارية. ويخلص في المقارنة والاستنتاج إلى قوله : "وبهذا تتعارض "حكاية بحار" مع "رامة والتنين " مثلما يتعارض السردي والمختلف مع الشعري والمتشابه والاستعاري .
أما في فصل الرمز و الأسطورة كما هو شأن جميع الفصول يقدم لهما الباحث نظريا و يشير إلى علاقة الرمز بالأسطورة وبالأدب والرواية خاصة. وإلى تداخل هذين المصطلحين معتبرا أن الأسطورة " منظومة من الرموز يتجاوز فيها الواعي والخيالي المادي والروحي المحدود و اللامحدود ." ويعتبر الرمز من ابتكار نفسية الإنسان و لا وعيه بالتحديد ، كما يعتبر البحر في ثلاثية "حكاية بحار" رمزا عميق الدلالة بل غدا " منظومة رمزية هائلة تنتشر على جسد الرواية ككل وتتكون من رموز صغرى ترتبط بالبحر كرمز أساسي – مثل العاصفة والأب والمرأة . مستشهدا بآراء باشلار في دراسته لسيكولوجيا الإبداع الأدبي وربطه بين العناصر المادية الأربعة والقوى النفسية مشيرا إلى أن رمزية الماء عنده تتعدد وتتلون كما يبدو ذلك في كتابه " الماء والاحلام " واهتم بالماء العنيف إذ يتطرق الدكتور عبد العاطي بانوار إلى تجربة الماء العنيف في رواية حكاية بحار" وفي هذا السياق عالما سيكولوجيا خصبا من خلال البحر باعتباره رمزا أساسيا وجوهريا فيها، ولا نتحدث هنا عن البحر الهادئ أو عن الماء الأنثوي، بل عن البحر الغاضب عن الماء العنيف الذكوري ."ص 169 ومن هنا يبين الباحث غضب الانسان وغضب البحر، والمعركة العنيفة بينه وبين العنصرين المتلاحمين وهما الماء والريح . كما يتتبع صورة الأب الرمزية المتعددة وكذلك صورة المرأة، ويشير إلى ان أسئلة البطل أسئلة مؤرقة تجعله في سعي دائم نحو المطلق والبحث عن الزمن المفقود. فيتتبع الأساطير ودلالتها في "رامة والتنين "من خلال الثنائيات التالية : رامة / إيزيس، ورامة / البجعة/ ورامة / العنقاء، ورامة / الحمامة، رامة / القمر، رامة / الأمازونة ، رامة / القطة. رامة التنين والرؤية الصوفية .
ويقول في المقارنة والاستنتاج: إن ثلاثية "حكاية بحار" يدخلها القارئ مهيئا من خلال العنوان لأنها تُفصح عنه للدخول إلى البحر والبحارة، بينما "رامة والتنين" ينتابنا حولها غموض تام وحيرة من كثرة الأسئلة التي يطرحها العنوان إذ تنفتح الرواية على عدد كبير من التأويلات إلا أن الروايتين معا تشتركان في أنهما قصتا بحث: الأولى بحث عن الأب والأخيرة بحث عن رامة من خلال المطلق. وتختلف الروايتان في كون الرمز والاسطورة في حكاية بحار تعبيرا عن رؤية قومية ذات بعد فكري واجتماعي سياسي، بينما تعبر رامة والتنين من خلال رموزها وأساطيرها ذات الطابع الكوني / المحلي عن رؤية أنطولوجية يتظافر في تكوينها الشعر والتصوف والفلسفة والأسطورة . و يذهب الباحث إلى أن هذه الدراسة " تندرج في إطار تحول طرأ على الكتابة الروائية العربية في العقود القليلة الأخيرة من هذا القرن، وهو عبارة عن نقلة من كتابة روائية واقعية أو كلاسيكية إلى كتابة تجريبية ". ويختم مقارنا بين الروايتين : " بهذا تتعارض "حكاية بحار" مع "رامة والتنين" كما يتعارض الزمني مع الفضائي والشعري مع السردي والنسبي التاريخي مع المطلق الكوني .

#فطنة_بن_ضالي (هاشتاغ)       Fatna_Bendali#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل