أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - في ذكرى رحيل الشيوعي الأخير في السعودية!















المزيد.....

في ذكرى رحيل الشيوعي الأخير في السعودية!


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 7761 - 2023 / 10 / 11 - 21:32
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بقيت ربطة عنقه الحمراء تميزه عن غيره من السعوديين، لأكثر من ثلاثة عقود، كان صالح المنصور يلفت أنظار المشاركين في فعاليات الرياض الثقافية، وقد كان الوسط الثقافي السعودي يُطلق عليه: (الشيوعي الأخير) عاش حياته متجولاً بين رفوف المكتبات وأروقة معرض الكتاب في الرياض، يُجادل، يُناقش، وينتصر لفكرة لا تجد لها رواجاً بين السعوديين الذين كانوا أكثر انفتاحاً قبل أربعة عقود مثلما يرى (أبو نضال) كما كنى نفسه. لن تجده حاضراً في كل ما يتعلق بالثقافة والأدب، ولن يلفتك زيّه الدائم، الذي بات علامة فارقة في كل المناسبات، بدلة بسيطة وربطة عنق حمراء ترمز لأفكاره، ستفارقه أخيراً بعد أن سلَّم روحه إلى بارئها إثر حادث دهس تعرض له يوم الاثنين الثالث من شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام 2016 ورحل عن عمر ناهز الستين عاماً.

يتنقّل صالح المنصور على عصاه التي أتعبتها الأيام بين طاولات المكتبات العامة باحثاً عن كتب الشيوعية والاشتراكية، زار في أواخر ثمانينيات القرن العشرين الاتحاد السوفييتي وعاد حاملاً معه أفكاراً جعلت اسمه أشهر من النار على علم في مدينة الرياض. واشتهر أكثر من خلال رواية الروائي إبراهيم الوافي (الشيوعي الأخير) التي تتمحور شخصية بطلها حول شخصية صالح المنصور، والذي من جانبه عكف على تأليف رواية للرد على رواية إبراهيم الوافي بعنوان (شيوعي الرياض). وقال إن رواية (الشيوعي الأخير) هي التي حركت مشاعره لكتابة (شيوعي الرياض) وهي رواية تحاول أن تحكي عن المجتمع السعودي عندما كان يعاني من العزلة، قبيل انتشار وسائل الاتصال.

آمن صالح المنصور بالفكر الاشتراكي لعقود طويلة، ودعا دوماً للتوجه شرقاً نحو روسيا والصين؛ محذراً من أن الغرب (لا يؤمَن جانبه) والشراكة معه تقوم على المصلحة والنفعية البحتة، لا على استراتيجية طويلة المدى. وكان يؤكد في كل حديث له أنه مسلم ويحفظ القرآن الكريم، ويؤكد أيضاً أن فكره الشيوعي لا يتعارض أبداً مع الشريعة الإسلامية وما جاء فيها من تعليمات. ومن الغرائب التي تجدها في شخصية صالح المنصور، إنه لا يقود السيارة، ولا يستخدم في كتاباته سوى القلم الأحمر، بجانب اختياره العزلة عن الأسرة والأهل، وعلق على ذلك بقوله: أتجنب أن أكون بين أسرتي كي لا أسبب لهم حرجاً، لأن أفكاري وهندامي وطريقة عيشي؛ تجعلهم محرجين أمام الآخرين.

بعد سبع سنوات على رحيل رفيقنا الشيوعي السعودي صالح المنصور -رحمه الله- مازالت تُحاصر أصحاب الفكر الشيوعي مآزق عديدة تتلخص في التناقض بين جوهر الشيوعيّة، وبين ظاهرها، أي شكلها، مظهرها، والذي يتبدّى عموماً في الأحزاب الشيوعيّة الرسمية التي تحتكر هذا المدى الفسيح للفكر الشيوعي وتجعل منه عقيدة، شريعة، راية حمراء، مطرقة ومنجلاً، لا يأتيها الباطل، لا من بين يديها ولا من خلفها، شعارات، أيقونات، معبودات، مثل شجرة الزقوم التي لا تُسمن ولا تغني من جوع. ويغيب الجوهر الحقيقي للفكر الشيوعي، ويصبح المتخيل أكثر حضوراً من الواقعي، وبذلك يتوقف قلب الشيوعيّة عن الخفقان، بوصفها حركة ثورية، وتتحول إلى شبح مُهجّن، كسول، لا يُرعب أحداً. وهذا عملياً حال الأحزاب الشيوعيّة في أغلب دول العالم، ومنها الدول العربيّة. ما العمل يا لينين؟

هل علينا أن نفرّق بين فكرة الشيوعيّة كسلاح في يد الطبقة العاملة العالمية لنيل حقوقها من خلال اتحادها وصوتها الصارخ (يا عمال العالم اتحدوا)، وفلسفة الماركسية التي تدفع بالفكر البشري إلى حقول معرفية فسيحة. وهل يمكنني القول مثلاً، إنّ المرء يمكن أن يكون ماركسيّاً ولا يكون شيوعيّاً؟ والشيوعيّة في العموم ليست بدعة من بدع الغرب، وهي بالتأكيد لها شروش ضاربة في الشرق. ماذا نفعل كي نفهم الشيوعيّة فهماً معقولاً؟ هل ننتسب إلى حزب شيوعي؟ فعلنا ذلك، وكانت النتيجة (صفراً مكعّباً) لم نفهم. نقرأ كارل ماركس ورفيق دربه فريدريك إنجلز؟ فعلنا ذلك أيضاً وكانت النتيجة (نَجَحَ شحط)، يعني مع المساعدة. وفي هذا الصّدد أذكر ما نقله المفكر والباحث العراقي هادي العلوي، إذ يقول: إنّ مسؤولاً في اليمن الجنوبي (أيام الرفيق عبد الفتاح إسماعيل) كان يضع على جدار مكتبه شهادة ببرواز مذهّبْ حصل بموجبها على درجة مئة بالمئة في الديالكتيك من الاتحاد السوفييتي في أيام الرفيق ليونيد بريجينيف. علّق العلوي: لو قُدّر لكارل ماركس نفسه أن يدخل هذا الامتحان لما حصل على هذه الدرجة.

هل قرأتم مجلدات لينين بغلافها الأزرق التي ترجمتها دار التقدم عن الروسية ونشرتها بالعربي بترجمة، إلياس شاهين، في نهاية سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن العشرين؟ نعم، فعلنا ذلك وحفظنا بعض ما جاء فيها عن ظهر قلب. وماذا كانت النتيجة؟ عملياً (في تجارب أحزابنا الشيوعيّة) رسبنا في الامتحان وانفضّ الخلق من حولنا، وأمسينا لا حول لنا ولا قوّة. على كل حال لا نستطيع أن نفعل فعل النعام (مع أنني لم أرَ النعام يفعلها، يغرس رأسه في الرمال حتى لا يرى عدوه)، ولكنني أسأل نفسي أولاً: هل الشيوعيّة إناء ينضح بما فيه؟ بمعنى (طنجرة طبيخ) نأكل مما وضعنا فيها، لأننا في الأحلام أو (اليوتوبيا) نأكل ما نشاء، أما في الواقع فنحن نأكل مما طبخناه في طناجرنا، فأنت لن تأكل سمكاً من طنجرتك التي وضعت فيها بيضاً مسلوقاً. وكذلك في المثل (نحصد ما نزرع) فأنت لن تحصد قمحاً إذا زرعت شعيراً.

في ظنّي أنّ الأمر كذلك، الشيوعيّة تتجلّى في الصين غير ما تتجلّى في كوريا الشماليّة، وهي في الهند غير ما هي في فنزويلا أو تونس، وهي في كندا غير ما هي في السنغال أو ماليزيا، وهي في روسيا غير ما هي في النمسا أو السعوديّة. تضحك؟ والله العظيم (كان صرحاً من خيال) يحمل اسم (الحزب الشيوعي في السعودية) قرأتُ بعضَ بيانات مكتبه السياسي في ثمانينيات القرن العشرين في مجلة (الهدف) التي أسسها غسان كنفاني صيف عام 1969 في بيروت، وكانت ناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. هل كان في بالنا أن نجرِّب زراعة الشيوعيّة في السعوديّة؟

دقائق مع الرفيق المرحوم صالح المنصور:
https://www.youtube.com/watch?v=nZ25GTkjkjo



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا تكلَّم عاملٌ عن هادي العلوي
- أين المفتاح يا لينين؟
- تحرير ماركس من تشويهات الأيديولوجيا الشيوعية
- عشر سنوات على مبادرة الحزام والطريق الصينية
- الحاكم الصالح
- نوع العالم الذي تريده الصين
- سؤال: لماذا هنري كيسنجر في الصين؟
- حوار مع الدكتور جودت هوشيار
- اليسار الثوري مُقصِّر وشعاراته حامية!
- لا يتبع الجثة إلى القبر إلا ذبابة غبية
- الرواية إمبريالية بطبيعتها
- الدعاية السياسية والذكاء الاصطناعي
- في رحيل الرفيق عدنان حدادين
- قراءة في كتاب الضلال الكبير
- وهم التخلص من الدولار
- حوار مع الشاعر والتشكيلي السوري منذر مصري
- عن النعام والشيوعية والشيخ زايد وماركس
- مواجهة صدام حسين Confronting Saddam Hussein
- ما أخطأ المحافظون الجدد
- الاستبداد والديمقراطية، من ينتصر؟


المزيد.....




- عمدة نيويورك يحذر من -جهات خارجية- تثير مشكلات في احتجاجات ا ...
- عزالدين اباسيدي// المجالس التأديبية، كاتم الصوت.
- بيان المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بمناسبة عيد الشغ ...
- لقطات من الحملة التي أقامها الحزب الشيوعي العمالي العراقي بن ...
- على طريق الشعب.. عشية انعقاد المؤتمر الرابع للتيار الديمقراط ...
- بيان تيار المناضل-ة فاتح مايو 2024: الكفاح العمالي، ومعه ال ...
- فاتح مايو يوم نضال العمال/ات الأممي: بيان الشبكة النقابية ال ...
- رغم القمع، المظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين تتوسع في الولا ...
- سمير لزعر// الموقوفون، عنوان تضحية الذات الأستاذية وجريمة ا ...
- حاكم تكساس يهدد المتظاهرين في جامعة الولاية بالاعتقال


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - في ذكرى رحيل الشيوعي الأخير في السعودية!