أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - الحاكم الصالح














المزيد.....

الحاكم الصالح


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 7714 - 2023 / 8 / 25 - 18:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصالح في اللغة: خال من الفساد، مُتسم بالبرّ والخير، مُستقيم، سليم. يُقال ماء صالح للشرب، عذب فرات. والصالح المستقيم المؤدي لواجباته. ومن مستلزمات الحاكم أن يكون صالحاً مستقيماً. ولو عدنا إلى المفكر العراقي هادي العلوي-طيَّب الله ثراه- حيث يقول: هناك قاعدة فكرية خطيرة ترجع إلى كونفوشيوس وتوسع فيها أهل الفكر في الحضارة الإسلامية: إن أخلاق الناس تتبع سلوك الحاكم، فإن كان صالحاً مستقيماً، منصفاً عادلاً، عدلوا واستقاموا، وإن جار وسرق جاروا وسرقوا.

هل هناك شَرط يجب أن يتوفر في الإنسان ليكون حاكماً صالحاً بغض النظر عن عمره أو جنسه أو عرقه أو دينه؟ أغلب الظن بأن اختيار مجموعات بشرية تعيش في دولة مستقلة أحد أفرادها ليكون حاكماً تخضع في عصرنا الحديث لشرط موضوعي. ما هو هذا الشرط؟ شرط في اللغة: اسم، والجمع: شُروط. الشرط: ما يوضع ليُلتزم به. والشرط في الفقه: ما لا يتم الشيءُ إلا به، ولا يكون داخلاً في حقيقته. بلا قيد أو شرط: على نحو مُطلق تام غير مشروط، ما هو الشرط الذي وضعه أفلاطون ليكون الإنسان حاكماً صالحاً؟

يشكو أفلاطون من أننا في المسائل التافهة مثل صناعة الأحذية نعتمد على المختصين في صناعة الأحذية لصنعها لنا، أما في السياسة فإننا نفترض أن كل شخص يقدر على احراز الأصوات يستطيع أن يكون حاكماً. عندما نصاب بالمرض فإننا ندعو لمعالجتنا طبيباً حاذقاً في صنعته، حصل على شهادة علمية محترمة، ولا ندعو في هذا الحال أوسم طبيب-من الوسامة أي الجمال- أو أكثر الأطباء فصاحة وزلاقة لسان، وعندما تُصاب الدولة كلها بالمرض ألا يجدر بنا أن نبحث عن أحكم وأعقل الحُكَّام؟ وأن نعمل على إيجاد وسيلة لمنع عدم الكفاءة والمكر من الوصول إلى المناصب العامة، ونختار ونعدّ أفضل البشر ليحكموا لمصلحة الجميع، هذه هي مشكلتنا الحقيقية في السياسة. ولكن وراء هذه المشاكل السياسية تكمن طبيعة البشر. ولنفهم السياسة يجب علينا، لسوء الحظ، ان نفهم علم النفس. وكلما زاد أفلاطون تفكيراً في هذا كلما زاد فزعة ودهشته. وهو يصف تصوره للدولة التي يريد أن يقدمها لنا، فيقول:

"دعونا نتأمل أولاً كيف تكون حياة الناس في هذه الدولة. إنهم ينتجون قمحاً وخمراً، وملابس وأحذية، ويبنون منازل مريحة لأنفسهم، يشتغلون في الصيف في صفوف مشتركة وأقدام عارية، وفي الشتاء لابسين ومنتعلين، ويعيشون على القمح والشعير، يطحنون القمح ويعجنون الدقيق، ويخبزون الفطائر وأرغفة طازجة في التنور يقدمنها على أطباق من القش والقصب، وهم متكئين على سرر من السدر أو أغصان الريحان، يأكلون ويتمتعون هم وأولادهم، ويشربون النبيذ الذي صنعوه بأيديهم. وبالطبع يستوردون بهاراً وملحاً، وزيتوناً وجبناً، وبصلاً وملفوفاً وخضاراً، من بلاد أخرى تناسب الطبخ والغلي. وتقدم لهم حلوى من التين والقرع الرومي وحب الآس والجوز والكستناء التي يشوونها على النار. تغطي رؤوسهم أكاليل الزهور، ولا تفتر شفاههم عن حمد الله وشكره".

هذا الدولة الشيوعيَّة دفعت أفلاطون ليتساءل: لماذا لم تتحقق هذه الجنة البسيطة في حياة البشر وتبرز في خريطة العالم؟ لو ذهبنا مع أفلاطون أبعد من ذلك لوجدنا أن المسألة أعقد كثيراً مما يتصور البشر. هل يميل البشر بطبعهم إلى الاقتناء والمنافسة والغيرة؟ هل هو صراع البقاء الذي حملوه معهم من فترة توحشهم وعيشهم في الكهوف والغابات؟ الأمر أبعد من هذه الرؤية أيضاً، لأن المجتمعات البدائية تنافست فيما بينها وقامت الحروب على موارد الأرض واقتسامها. وهذا ديدن البشرية حتى يومنا هذا، لم تتغير الصورة كثيراً يا أفلاطون. وهذا الأمر يبرز اليوم بروزاً واضحاً ويُعتبر من أكبر تحديات الفلسفة المعاصرة، ونحن ننتظر منها-أي الفلسفة- أن تُجيب عن السؤال الذي ينغص عيش البشر في عصرنا الحديث بين من يملك ومن لا يملك. ويكون كان كارل ماركس محقاً في تسميته هذه الظاهرة البشرية المقلقة "الصراع الطبقي" لأنه لم يجد سبباً آخر لهذا التملك المجنون للثروة، والتي من المفترض أن تكون مشتركة بين البشر على هذه الأرض، لتسهيل حياتهم في عيش آمن في ظلِّ حاكم صالح يتدبر أمر الدولة بفطنة ودراية.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوع العالم الذي تريده الصين
- سؤال: لماذا هنري كيسنجر في الصين؟
- حوار مع الدكتور جودت هوشيار
- اليسار الثوري مُقصِّر وشعاراته حامية!
- لا يتبع الجثة إلى القبر إلا ذبابة غبية
- الرواية إمبريالية بطبيعتها
- الدعاية السياسية والذكاء الاصطناعي
- في رحيل الرفيق عدنان حدادين
- قراءة في كتاب الضلال الكبير
- وهم التخلص من الدولار
- حوار مع الشاعر والتشكيلي السوري منذر مصري
- عن النعام والشيوعية والشيخ زايد وماركس
- مواجهة صدام حسين Confronting Saddam Hussein
- ما أخطأ المحافظون الجدد
- الاستبداد والديمقراطية، من ينتصر؟
- عن غياب الصحافة الساخرة في العراق
- روايتان بديعتان عن معتقل تازمامارت في المغرب
- كش بوتين
- تنورعيوش بنت مصطفى دهنين
- عن الرفيق مصطفى الحسين


المزيد.....




- لماذا محمد بن سلمان ضمن أقوى 5 قادة في العالم؟.. تقرير يثير ...
- ما الرسالة التي وجهتها نعمت شفيق إلى شرطة نيويورك بشأن الاحت ...
- شرطة نيويورك لـCNN: تم إخلاء مباني جامعة كولومبيا
- الشرطة تخلي جامعة كولومبيا وتعتقل محتجين مؤيدين للفلسطينيين ...
- ?? مباشر: شرطة نيويورك تدخل حرم جامعة كولومبيا وسط احتجاجات ...
- الاحتلال يواصل اقتحام الضفة ومستوطنون يهاجمون بلدة قرب الخلي ...
- أول تعليق من إدارة جامعة كولومبيا على استدعاء الشرطة
- إسرائيل تهدد بـ-احتلال مناطق واسعة- في جنوب لبنان
- الشرطة تدخل جامعة كولومبيا وتعتقل محتجين مؤيدين للفلسطينيين ...
- مقتل ثلاثة أشخاص في قصف روسي على أوديسا في جنوب غرب أوكرانيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - الحاكم الصالح