أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالرزاق دحنون - عن الرفيق مصطفى الحسين














المزيد.....

عن الرفيق مصطفى الحسين


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 7494 - 2023 / 1 / 17 - 17:14
المحور: سيرة ذاتية
    


مصطفى الحسين معلمي في المرحلة الابتدائيَّة في مادة العلوم الاجتماعيّة في مدرسة النهضة الإسلاميّة عند أطراف التلة الشرقيّة في مدينة إدلب في الشمال الغربي من سورية، وقد تحوّلت هذه المدرسة إلى فرع المخابرات الجويّة الذي فُجّر بسيارة مفخخة يوم الاثنين 30 أبريل/نيسان 2012 ممّا أسفر عن مقتل العميد علي يوسف رئيس فرع المخابرات الجويّة في إدلب وتدمير القسم الأكبر من مدرستي الابتدائيّة بفعل التفجير الذي كان أشبه بزلزال هزَّ مدينة إدلب في صباح ذلك اليوم، وهذا الأمر أحزنني كثيراً، أقصد تدمير مدرستي. ومن المفارقات المذهلة في دلالتها أنّ أغلب أفرع المخابرات في مدينة إدلب كانت في الأصل مدارس.

معلمي في مدرسة النهضة الإسلاميّة مصطفى الحسين سجنه حافظ الأسد ثمانيّة عشر عاماً (1980 - 1998) بتهمة الانتماء إلى المكتب السياسي في الحزب الشيوعيّ السوريّ أو بما بات يُعرف بجماعة "رياض الترك" والتهمة حقيقيّة، فقد كان فعلاً من أعضاء المكتب السياسيّ في هذا الحزب المحظور-الدولة السورية تلك الأيام كانت تعترف فقط بالحزب الشيوعيّ السوريّ جماعة خالد بكداش أحد أحزاب الجبهة الوطنيّة التقدميّة- كان مصطفى الحسين ملاحقاً أمنيّاً ومختفياً عن أنظار المخابرات السوريّة خلال الانتفاضة أو الثورة السوريّة التي قادها حزب "الإخوان المسلمين" في ربيع عام 1979 والتي جوبهت بعنف شديد وتغوّل صارم من قبل فرق الجيش السوريّ -الفرقة الثالثة بقيادة شفيق فيّاض مثلاً- وأفرع المخابرات السوريّة المتعددة.

قد يسأل سائل: كيف استطاع مصطفى الحسين الاختباء في مدينة صغيرة كلّ تلك الفترة؟ يا سيدي أفرغ خزّان الماء من مائه والمبني في الأصل من حجر على سقيفة حمّام بيته في المساكن الشعبيّة الجنوبيّة التي قصّ شريط افتتاحها عام 1970 الرفيق "عبد الله الأحمر" محافظ إدلب في تلك الأيام. وصار مصطفى الحسين يختبئ في هذا الخزان بعد أن موَّه باب السقيفة فصار الباب والحائط سواء. وكان مصطفى الحسين كلَّما شعر بأن دورية المخابرات اقتربت من مدخل البناية يصعد بلمح البصر ويختبئ في خزان الماء الفارغ قبل أن يفتحوا لهم باب المنزل. واستمر الأمر فترة لا بأس بها. ولكن دوام الحال من المحال كما يُقال، وسبحان مُغيّر الأحوال، فقد كان عنده جار "الحيط ع الحيط" فلسطيني المولد من مهجري عرب 1948وهذا الجار من الغيورين على مصلحة الوطن ويُحب فعل الخير لوجه الله-لن أذكر اسمه لأنه مات رحمه الله، وقد أوصانا السلف الصالح بذكر محاسن موتانا، فقد كان شاعراً، نعم، سمعتُ منه قصيدة بعنوان "فاض نهر في الشمال" كان يكتب الشعر والمسرحيات ويُمثل أيضاً على خشبة مسرح الخنساء في مدينة إدلب- وذات مساء خابر دورية للمخابرات باتصال على الهاتف الأرضي وهو متأكد مئة في المئة بأن جاره مختبئ في بيته الآن وقد سمع صوته من خلال الجدران. كَبَسَتْ دورية المخابرات البيت ووجدت مصطفى الحسين في خزان الماء الفارغ: فكانَ ما كانَ مما لستُ أذكرهُ/فظنّ خيراً ولا تسألْ عن الخبرِ. ورحم الله الشاعر العباسي ابن المعتز على هذا البيت الأنيق.

مصطفى الحسين من بلدة "الفوعة" وأهلها شيعة نزحوا عن ديارهم نتيجة الحرب السورية صيف عام 2018و الفوعة وكفريا بلدتان متجاورتان في الأرض والمذهب، وتقعان إلى الشمال من مدينة إدلب. وكنتُ أظنُّ في صغيري أنّ أهل "الفوعة" شيوعيَّة مش "شيعة" تحت تأثير هذا المُعلّم الشيوعي. وكان مصطفى الحسين صديقاً لوالدي يسهر عندنا سهرات طويلة جداً وخاصة في الشتاء، يخوض مع والدي راشد دحنون حتى الركب في حديث السياسة الذي لا ينتهي، ويعبق أثناء النقاش بيت الضيوف برائحة التبغ المميزة والتي تبقى في هواء الغرفة ومقتنياتها لأيام، فقد كان مصطفى الحسين مدخناً شرهاً، وأبي لم يُدخن ولو سيجارة واحدة في حياته.

بعد أن خرج مصطفى الحسين من سجنه رأيته في خريف عام 1999 وكان يجلس على الرصيف أمام دكان والدي يشربان الشاي ويتحدثان في السياسة كما كانا في عهدهم السابق، ومصطفى الحسين يُدخن سجائر "حمراء قصيرة" المشهورة في سورية. سألته: كيفك. قال: مليح. كان قد تغيَّر كثيراً والدُّنيا تغيَّرت هي الأخرى. ثمَّ بعد حين سمعت من والدي بأنه مات ودفن في بلدة الفوعة. وقد ترك مصطفى الحسين مخطوطة من ألف صفحة عن الصراع الطبقي في الإسلام. حاولت أن استفسر من ابنه "مالك" -قُتل فيما ما بعد أثناء الحصار الطويل لبلدة الفوعة أيام الثورة السورية المستمرة- عن مصير المخطوطة والذي جمعتني به مصادفة سعيدة في مكتبتي في زقاق المسيحين قرب كنيسة الروم الأرثوذكس يوم الثلاثاء 13/5/2014 وقد باح بخبر مفرح فحواه أن المخطوطة موجودة عند صديق له يعمل على رقنها على جهاز الكمبيوتر وستصدر في كتاب قريباً. والظاهر أن كلمة "قريباً" في سورية لها دلالات غير معناها ولا نُدرك ذلك، وهي أبعد في الزمن مما نأمل ونطمح. والمثل يقول: لا تقول كمّون حتى تصرّ عليه، أي تجعل الكمّون في صرّة.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تعافت موسكو جزئيًا من نكساتها العسكرية
- الطغمة الحاكمة
- نصُّ هادي العلوي الفصيح
- حسيب كيالي وعالم العتالين
- آخر أيامك يا مشمش
- شرط أن تكون رئيس دولة
- دبلوماسي ينشق عن الكرملين
- زعيم الحزب الشيوعي الصيني
- في رحيل عادل حبة
- طريق أوكرانيا إلى النصر
- رسالة مفتوحة إلى الرفيق توفيق كناعنة
- سجن جورين لـ-الاستعباد الجنسي- في سورية
- شي جين بينغ
- في وداع ميخائيل غورباتشوف
- العودة إلى فزَّاعة الطابور الخامس
- فيلسوف المعرَّة المعبِّر الأمثل عن منحى التنوير في الإسلام
- فلاديمير بوتين والرقص مع الذئاب
- مشاعيَّة الماركسيَّة
- رأيٌ يصبُ في أهوار العراق
- هل كان رحيل بوريس جونسون دستورياً؟


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالرزاق دحنون - عن الرفيق مصطفى الحسين