أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أثر الحرب في رواية -جرماتي، أو ملف البلاد التي سوف تعيش بعد الحرب- نبيل سليمان














المزيد.....

أثر الحرب في رواية -جرماتي، أو ملف البلاد التي سوف تعيش بعد الحرب- نبيل سليمان


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7755 - 2023 / 10 / 5 - 13:17
المحور: الادب والفن
    


عندما يأتي عنوان العمل الأدبي باسم مكان، فهذا يشير إلى أنه مركز الحدث، لكن الأدب لا يتعامل مع الأماكن بصورة مجردة، بل من خلال حياة الناس الذين يعيشون فيها، وهذا ما فعله السارد في رواية "جرماتي، أو ملف البلاد التي سوف تعيش بعد الحرب" فرغم أن العنوان طويل إلا أنه يتعلق بمضمون الوراية، من هنا نجد الأحداث بغالبيتها جاءت بعد انسحاب جيش الاحتلال منها.
الاحتلال
إذن الرواية تتحدث عن "جرماتي" القرية التي استباحها جنود الاحتلال وهدموا فيها البيوت وتعامل معهم المختار بطيبة خاطر، وعملوا على تغيير معالمها لما يحقق امن جنود الاحتلال: " يا ديوب نريد خمسة رجال وربض الأدوات، هذا الجدار لا حاجة له، هذه النافذة سأجعلها بابا، تلك النافذة سوف أسدها
ـ لماذا يا سيدي الملازم؟ هذه مدرسة وسيادتك وعدتني بعودة التلاميذ إليها قريبا. يا عجبا كيف ينقلب ابن آدم وحشا بين غمضة عين وأختها!!
ما وعدتك، هذا ليس شغلك، لا تجعلني اندم على تسليمك الختم، لا تنرفزني بكل صغيرة وكبيرة، ليعد تلاميذك إلى فروج أمهاتهم، كلمة ثانية وأهدم المدرسة فوق رأسك" ص39و401، بهذا الشكل تم تعامل الاحتلال مع "جرماتي" وأهلها، حتى أنهم معاناتهم وصل (عنان السماء) بعد أن تجبر الملازم إسحاق وطغى مهددا: " سوف أحول كل البيوت التي تركها أصحابها إلى ساحات" وهذا تم التعبير عنه: "بتنا نحسد الذين من فلسطين" ص42، فمن يعيش تحت الاحتلال يعلم هول البطش (والعنجهية) التي يتعامل بها مع الأهالي.
لم تقتصر أذية الاحتلال على استباحة المكان/الأبنية فحسب، بل طالت أيضا الناس، من خلال ترويعهم ومنع الطلاب من الذهاب للمدرسة ومن خلال: "يتحرشون بالصبايا يهزؤون بنا، عطلوا أولادنا عن المدرسة، حرمونا زراعة أرضنا" ص52، إذن أذية الاحتلال شاملة لكل شيء ولكل ما هو حي.

أثر الاحتلال
ضمن هذا الواقع القاسي والبائس سيسلك الناس سلوكا مغايرا لطبيعتهم، بحيث (يفرغون) به معاناتهم، من أشكال هذا التفريغ: "ليس الشراب وحده... منذ سمع أبوك بالانسحاب، صار يسكر بلا دمعة!" ص6، وهذا يشير إلى حجم الضغط الواقع على من يعيش تحت الاحتلال.
وبعد أن ينسحب المحتل، أيضا سيبقى أثره موجودا بين الناس، فمن تعامل معه سيكون منبوذا/محاربا من المجتمع: "هذا ختم الجمهورية العربية السورية، الختم الذي صنعه لك أصاحبك لم يعد يحميك بعد رحيلهم...في الضفة الغربية عجزوا أسيادك قبل أن يجدوا من يستلم منهم ختما" ص17، بهذا سيكون هناك شريخ في المجتمع وداخل الأسرة الواحدة، فجريمة الخيانة لا تغتفرن من هنا نجد زوجة "الشيخ عبد الستار" تطرد زوجها من البيت: "لم يعد لك عندنا خبز بعدما فضحتنا وتركتنا لتسلم برأسك" ص23، ولم يقتصر الأمر على أهل بيته، بل طال أيضا أهل القرية:
"ـ لم يعد لك في جرماتي إمامة، أدفع جزاء ما جنيت، لا يجوز أن يناديك أحد بالمشيخة بعد اليوم، أنا أفتي بطردك من كل صلاة" ص23، من هنا نجد أن الاحتلال لا يمحى أو يزول بمجرد انسحابه، فالهوة التي يتركها خلفه، تبقى في المجتمع وفي المكان وتحتاج إلى زمن حتى تزول وتنتهي.
من مظاهر النزعات التي خلفها الاحتلال هذه الظاهرة: "أنت عميل وهو عميل.. كلكم عملاء.. نحن الذين نجونا بشرفنا، لم نضع وجهنا في وحجه يهودي، لم نضع يدنا في يده، تأتون الآن وتنازعونا في كل شيء، تتباهون علينا؟ لماذا لا تقول كلمتك يا مختار؟ اليوم يتطاولون على الشيخ عبد الستار، وغدا يأتي دورك" ص25، فالشرخ الاجتماعي يتفاقم بعد الاحتلال اكثر مما كان أثناء وجوده، وهذا يعود إلى وجود مجموعة من الانتهازيين الذي لا يتوانوا عن استغلال أي حدث لتحقيق مصالحهم، حتى أننا نجد "سلوم" يقوم بمضاجعة "العرجا" أرملة الشيخ عبد الستار الذي قتل بعد انسحاب قوات الاحتلال: "يفك أزرار بنطاله مهمهما:
ـ أليس في جرماتي رجال بعد الشيخ عبد الستار" ص81، بهذا الفعل يكون الاحتلال ما زال أثره موجودا وفاعلا بين الناس، وهذه الفكر تعتبر من أهم الأفكار التي حملتها الرواية، فالاحتلال يزول وينتهي بمجرد رحليه وخروجه، فأثره يبقى مستديما، وما حصل في فلسطين بعد أوسلو، والعراق بعد انسحاب الاحتلال الأمريكي يؤكد أن أثر المحتل يبقى لعقود وليس لأيام أو شهور.
الفساد
اللافت في الرواية أنها تتناول نواحي عديدة من الفساد والفاسدين، من رجال الدين، إلى العسكر، إلى المتنفذين، من مشاهد الفساد ما قاله "زاهي" حول ما جري من نهب لأموال أعمار جرماتي بعد أن قررت الحكومة تعويض المتضررين وبناء ما هدمه الاحتلال: "كل أعمالك يا ناهض بيك معروفة.. كل أعمالك يا مختار.. هل تتشاطرون علينا؟ سمسرة ابن الشيخ معروفة، تزوير الكشوفات، حتى البرزغلة، سنتحاسب يا ناهض، سنتحاسب يا مختار" ص129، فالمال يبقى هو الجاذب لهؤلاء الفاسدين، فأينما كان تجدهم يلتفون حوله محاولين الحصول على ما ليس لهم منه، مستغلين مواقعه ومراكزهم: "أين ذهبت الأموال التي سلمت للمنتفعين بتعويضات التدمير؟ هل يطابق واقع الإصلاحات المنفذة قيمة المبالغ المسلمة للناس؟ كم سل كل منتفع من حصته إلى زاهي أو تامر؟" ص160، فالتلاعب بالمبالغ وبالأسماء وبالكشوفات يشير إلى تغول الفاسدين وهيمنتهم على مقادير الناس ودون وجود حسيب أو رقيب يضع حدا لهم.
من هنا تظهر المسروقات/المنهوبات على الفاسدين من خلال: " أسرار المقصف مفضوحة في جرماتي، الأستاذ قبلان يخطب فاهية، يقضيان سهرة كل أسبوع في المقصف، ضباط كثيرون، بذلات رسمية وغير رسمية...سيارة خاصة للمقصف، صناديق عديدة مكدسة بالدجاج" ص173، ولم تقتصر المنهوبات على البذخ والإسراف في الصرف والتبذير، بل وصل إلى إقامة مشاريع خاصة للفاسدين: "أسرعوا قبل أن تأخذ سيارات المقصف منكم نسائكم...رافع يقول أن ناهض سوف يبدأ بتعمير فرن كبير" ص175،هذا حال البلاد التي عاشت بعد الحرب، ليس في جرماتي فحسب، بل في فلسطين والعراق أيضا.
الرواية من منشورات الدار الأفق الجديد، القاهرة، الطبعة الأولى 1977.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوافع التمرد في قصيدة -صاعدا شجرا عاليا- جمال قاسم
- الاجتماعية الفلسطينية في رواية -أمضي أم أعود- فوزي نجاجرة
- (الهولودية) في رواية -مليحة- محمد البيروتي
- مناقشة كتاب ما بين الأبيض والأسود
- الرواية كحاملة للمشروع التحرري العربي في كتاب -الاتجاه القوم ...
- أثر المشاهدة السلبية في (رواية) -ثلاثية الهوى- علي شحادة
- -حب عابر للأزرق- كميل أبو حنيش
- التاريخ في كتاب -سؤال فلسطين الزمان والمكان- سعادة مصطفى ارش ...
- تاريخ العراق الحديث في رواية -خريف على شاطئ النورس- سمير الع ...
- نظرة في كتاب -موجوعة- لإسراء جعابيص
- الهجرة في رواية اغتيال الرحيل للروائية باسلة الصبيحي
- المرأة والوطن والأسطورة في ديوان -يكتبني اسمك يكتبك اسمي- إب ...
- السيد بالومار للكاتب ايتالو كالفينو
- الطرح الاشتراكي في رواية -سادة الندى- جاك رومان
- السواد والمرأة ديوان -في الماء دائما وأرسم الصور- زياد العنا ...
- الكتابة كعنصر فرح وتخفيف في ديوان -حمى في حسد البحر- أحمد ال ...
- اللغة ودورها في خدمة الفكرة في مجموعة -على شرفة حيفا- حسن عب ...
- قصائد مختارة للشاعر الروسي يسينين
- مناقشة رواية المرافعة لحسام الديك
- مجموعة -القطا لا ينام- غريب عسقلاني


المزيد.....




- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - أثر الحرب في رواية -جرماتي، أو ملف البلاد التي سوف تعيش بعد الحرب- نبيل سليمان