أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - الموت العربي الرخيص














المزيد.....

الموت العربي الرخيص


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1733 - 2006 / 11 / 13 - 09:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


موت من فوقنا، وموت من حولنا..لا تخرج فالمصيدة تنتظرك في الشارع، وهزات أرضية ستحملك بعيدا عن أسرتك...خذ حلمك وارحل من هنا...هذا ما أراده شارون، وما يسعى إليه أولمرت، وما يحض عليه ليبرمان..خذ حقيبة فلسطينك ...وانس جذور أجدادك...فما يريده أبناء إسرائيل هو موتك...أنت عظيم في موتك ومخرب في حياتك...أنت محبوب في التابوت ومأسوف عليه في إعلام سيد البيت الأبيض..فلا حيلة ولا قوة له أمام اللوبي ، الذي يبتزه في السر كما في العلن...أنت مكروه ومنبوذ على حدود الكون وفي مطارات العواصم...أنت لعنة الأرض ولعنة السماء أيضا...لماذا خلقت بجلد فلسطيني؟!
أوتعتقد أن للإسرائيلي جلد يشبهك؟...إنه يخاف التشابه ويريد له الانقراض...

ربما ولد مثلك من أم وأب ..ربما يعشق محبوبته ويحلم ببيت هاديء...لكنه لا يسأل أبدا أنه يقطن اليوم في مقبرة فلسطينية ...ستنبت أشباحها كالفطر في نومه...تخرج أظافرها من تحت أغطيته...ويستيقظ ليراها وقد غرقت باللون القاني...لون الدم في بيت حانون...لون الأم الثكلى ورفات صغارها...لون الطفولة ، التي يزرعها القاتل حقدا وينفخها قوارب من بغض أسود..وينفثها دخانا ..رماديا وأصفر يحمل موتا على الدوام، وينشر رعبا وهلعا..لأنه لا يعرف لغة سوى هذه المفردات...

ينام العالم هنيئا ويعيش مريئا...يمر الموت العربي رخيصا ....في بورصة المال الإنساني...لكن موت دجاجة من بني موسى تشكل هلعا وخرقا للعرف والقوانين الدولية...لكن موت هارون لا يقاس بموت إسماعيل...من وضع قوانين ومقاييس القيمة بين الدجاجة الإسرائيلية والطفل الفلسطيني؟

أحقد وأنفث وجعي وسم هلعي وضعفي بوجه موتي المحتوم في عالم الموازين المخسوفة لصالح القوة،ولعبة أدمغة اللوثة العربية في خطبها الحيرى والمصابة بمس الفكر ورعب انهزام الكراسي من تحت العباءآت والتيجان من فوق الرؤوس...أصرخ وتصرخ معي هدى في شاطئها الغزي، ومحمد وأشرف ..وزينب وفاطمة ..وعمر وحيان ولمى ولينا..وكل ما حفلت به أسماء ضحايانا وضحايا عجزنا ..ضحايا ذلنا..وخوفنا المستمر وجرمنا ...في العراق كما في فلسطين...لأننا نفقد بوصلة المكان وبوصلة الزمان..لأننا نفقد معنى أن نكون جزءا من الإنسان...لأننا لم ندرك بعد ..أن احترام موتنا يأتي من احترامنا للحياة.................

تهرب مني أصابعي وأخشاها حين تلتقط الكلمات..أخشاها حين ترتجف أمام المأساة..أغفو فوق الحروف وأرجو من فواصلي ألا تبعد مسافاتها وتسافر كلمات وجعي بين السطور خائفة من كوابيس الخبر وخراب الأرض...خائفة من بحيرات الدم ...ترتسم بين الجمل ...وتقلب القواميس ضحلة تافهة أكثر تفاهة من العربي في محافل الأمم، وأقل قيمة من وجوده بين الكائنات...
مصابة برعب أبدي ..عشش في قمصاننا وبات في أحضاننا..رعب صاحب الصولجان ورعب القطيع أمام الذئاب...رعب من يقبعون فوق رؤوسنا رغم أننا لا نملك لرؤوسهم حصادا ولم نتمكن من قطع دابر الخوف من كرباجهم ...نموت في أسِرتنا ، ونموت في أقبيتهم، نموت..في البساتين ..حين يزرعها بيريس بعناقيد من جحيم في لبنان، ونموت في بيت حانون وجنين من دبابة تهتدي لطريقها فوق جماجمنا..وتمهد البيت للقادمين الجدد من شرق وغرب القارة العتيقة...نموت في البصرة وبغداد...برصاص من يد جارنا، وبسكين يحملها رفيق الطفولة ، الكافر بهويتي وهويته...والناكر لدجلة كما الفرات...نموت بعزف تراجيدي لا ينقطع..إلا بانقطاع الجهل من رؤوس جعلتنا نكفر بهم ..نكفر بمقاييسهم ..نكفر بقوانينهم...نكفر بأننا من سلالة تنطق لغة الضاد وتهيم تائهة ...في الربع الخالي...

فلنمت إذن..فلنمت ...طالما نعيش في الظل..طالما نعيش دون كرامة..طالما نحيا دون هواء حرية..فلنمت ونشبع موتا..طالما يجللنا عار بؤسنا في حكام لم يصنعوا سوى الخذلان ولم يحصدوا سوى الريح ..حكام لا يصونون وصية وأمانة من منحوهم الحق بأن يصيروا أسيادا..في وقت هم أصغر من عبد يباع في سوق النخاسة العالمية...

أريد أن أهرب من قلبي...من هذه الرأس المتعبة...أريد أن أغلق كل باب يتجه نحو الشرق..لقد خانني الشرق وخانني جلدي...انجرفت من بحيرة العذاب هناك..أحلم بعودة الأزرق لسماء فقدت لونها...وأرض استسلمت للسفاحين القاطنين فوق تلالها...لكني عبثاً أختفي وعبثاً أدور..حيث أحل وحيث أسافر ...أجده في حقيبتي..أقشره ...لكنه ينمو من جديد...ويلتصق بي دون فكاك...ينساب في أوردتي ويرفض الانفصال عن كرياتي...ما حيلتي ...أن أكون من فلسطين أو العراق ..أن أنتمي لدمشق ..أم بيروت.....لكني أمامكم أعلن عجزي وقرفي منكم ومن هذه الذات..العربية ..وكرهي لها لأنها لم تفهم يوما من تكون وكيف تصنع كونها وتبني إنسانها..........
باريس 11/11/2006



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين أقف؟
- في كل الحروب.......المرأة ........هي من يدفع الثمن
- المواطن السوري بين قبضة النظام، والسياسة الدولية في المنطقة
- العراق بين المحتل والوطني!
- بيني وبين الشيطان...بينه وبين الله
- هل تقرر الانتخابات الأمريكية سياسة المنطقة في شرقنا الأوسط؟
- نعيش دفئاً ونموت اشتعالا
- كيف يرى العرب والمسلمون قضية الاندماج في الغرب؟
- من يقف وراء إشعال الصراع بين حماس وفتح؟
- أسألك ........ لماذا؟
- متى تبدأ السعادة الزوجية ومتى تنتهي؟
- كيف نفهم لغة الحوار في بلاد العرب والإسلام؟!
- ليس لي...............وليس لكم
- صرخة في وادي النوم السوري من أجل معتقلي الرأي
- الطوفان يغرقنا ونحن لا نجيد العوم ولا استخدام المجداف
- - النصر الإلهي بدون طيور أبابيل
- أتعود الإنسانية إلى حروب الأديان وعصور الظلام؟
- نبز العالم أجمع بسلطات من نوع منقرض
- مثل شباط مافي على حكيه رباط- مثل شعبي سوري-
- الحادي عشر من سبتمبر زلزال من صنع البشر لا من الطبيعة


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلورنس غزلان - الموت العربي الرخيص