أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - جمال عبد الناصر .. واليمين السياسى .















المزيد.....

جمال عبد الناصر .. واليمين السياسى .


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7749 - 2023 / 9 / 29 - 13:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثانى الأطراف الغاضبة من جمال عبد الناصر هو اليمين السياسى .. واعنى به الطبقات الثرية من ملاك الأراضى التى حكمت مصر قبل ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وما تفرع عنها فيما بعد من بدايات طبقة راسمالية مصرية جنينية .. ثم ما وصلنا إليه الآن من وجود طبقة رأسمالية مصرية ، أو من يطلق على الشريحة الأعلى منهم برجال الأعمال ..

ومصدر سخطهم على جمال عبد الناصر هو عدم ترك المجال لهم واسعا ومفتوحا بلا قيود ، كما كان الحال قبل ١٩٥٢ ..
ثم التأميمات وفرض الحراسات كما حدث في النصف الثاني من الخمسينات وطوال الستينات ..

وسوف نتناول أسباب غضبهم في النقاط التالية ..

أ - لماذا لم يلجأ عبد الناصر إلى الرأسمالية ، وفرض بدلا منها نمطا من تدخل الدولة القوى في الاقتصاد أو إحدى صور الاشتراكية في مصر ؟!

يجب القول أن تحول عبد الناصر عن الرأسمالية ومحاولته تطبيق الاشتراكية في مصر لم يكن نزوة حاكم ، بل جاء لأسباب موضوعية ..

كان الوضع العام للاقتصاد المصرى فى بداية الخمسينات - وقبل ٢٣ يوليو ١٩٥٢ - كالآتي :

١ - أكثر من ٩٠ % من إيرادات مصر تأتى من تصدير القطن ، ولم يكن فى مصر صناعات كبيرة أو صناعات ثقيلة ، بل صناعات حرفية أو متوسطة ، وأغلبها في الصناعات الغذائية كالسكر ، أو الصناعات الاستهلاكية البسيطة كالغزل والنسيج ..

٢ - كان الهم الأكبر للمجتمع المصرى وقتها هو مكافحة الثلاثية الشهيرة : الفقر والجهل والمرض ..

٣ - كانت مصر دائنة لبريطانيا بمبلغ يتراوح بين ٣٥٠ - ٤٥٠ مليون جنيه استرليني ، وهو مبلغ هائل بمقاييس ذلك الوقت ، كان كفيلا بحل جزء لا يستهان به من مشاكل مصر المزمنة ..

وهذا المبلغ هو حصيلة ما استهلكته الجيوش البريطانية وجيوش حلفاء بريطانيا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية ، أى لمدة ست سنوات ، من ١٩٣٩ - ١٩٤٥ ..

حيث وضعت جميع مرافق مصر ومواردها فى خدمة المجهود الحربى البريطانى : من السكك الحديدية إلى استهلاك البترول المصرى كاملا ، ومن مصادرة المحاصيل الزراعية المصرية - القمح والأرز والبقوليات والخضروات والفواكه - إلى الملابس والمنسوحات لمصلحة السلطة العسكرية البريطانية ..

ومن مصادرة المدارس والمباني والمستشفيات المصرية وتحويلها إلى أماكن إقامة أو مستشفيات عسكرية ، إلى استغلال الموانئ المصرية ودخلها من الجمارك بالكامل ... إلى آخر ذلك من أوجه إستغلال بلا حصر ..

لم تدفع بريطانيا في مقابل كل ذلك قرشاً واحداً ، بل حولته إلى أوراق بنكنوت بريطانية ، قالت السلطات البريطانية للمصريين أنها ستدفعها بعد الحرب ..

وبعد الحرب .. امتنعت بريطانيا عن تسديد ديونها لمصر ، وبعد مفاوضات مرهقة استمرت سنوات قبلت بريطانيا تسديد مبلغ سنوى هزيل لمصر .. يتراوح بين ٥ - ١٠ مليون جنيه استرليني سنويا !!

والغربب ان مصر قبلت ..

وفى أواخر عام ١٩٤٩ خفضت بريطانيا قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة ٣٠% .. وكانت النتيجة أن فقدت مصر بقرار واحد ثلث قيمة أموالها المجمدة في بريطانيا !!

وعند قيام ثورة ٢٣ يوليو لم تكن بريطانيا سددت إلا مقادير هزيلة للغاية من تلك الاموال التى كانت مصر فى أمس الحاجة إليها لبناء نفسها ..

( وبعد الثورة استمرت بريطانيا في المماطلة ، وكانت النتيجة أن قام جمال عبد الناصر بتمصير وتأميم الممتلكات البريطانية فى مصر بعد حرب ١٩٥٦ نظير الديون البريطانية لمصر .. ) ..

.. قامت الثورة فى مصر صباح يوم الأربعاء ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ..

وحاولت السلطة الجديدة في مصر فتح المجال لرؤوس الأموال المحلية والاجنبية للعمل في مصر ، وغيرت لها القوانين ، وقدمت لها التسهيلات ..

ومرت سنة واثنتين وثلاثة وأربعة ..

ولم تتقدم رؤوس الأموال المحلية للعمل والإستثمار ، كما لم تتدفق رؤوس الأموال الاجنبية للاستثمار في مصر ..

وكانت مصر أمام معضلة حقيقية ..
دولة خارجة من حقب لا نهاية لها من الاستغلال ، وتلال من المشاكل ، وشعب وراءه ذل القرون الطويلة ..

والدولة تحتاج إلى أموال للعمل ..
فمن أين تأتى تلك الاموال ؟!

الأموال المحلية مجمدة فى البنوك أو مستثمرة في العقارات ، والأموال الأجنبية لم تأتى رغم طول الإلحاح في طلبها ..

كان الطريق الوحيد أمام السلطة الجديدة في مصر هو تدخل الدولة لقيادة التنمية فى مصر ..

وحدثت محاولات أولية لبناء قطاع صناعى بعد ١٩٥٦ ، وكانت المحاولة الأهم والأكبر في خطة الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الأولى ١٩٦٠ - ١٩٦٥ ..

واحتاجت الدولة إلى أموال لتنفيذ الخطة :
حصلت على بعض القروض من الاتحاد السوفيتي ومن ألمانيا الغربية ، وحصلت على تسهيلات من الولايات المتحدة ، وخصوصا في بيع القمح لمصر بأسعار مخفضة ، مما مكن مصر من توجيه ما لديها من عملات صعبة - وهى محدودة - لتنفيذ بعض بنود الخطة ..

ولم يكن كل ذلك كافيا للخطة الطموحة ، وكان الحل تأميم البنوك لتوجيه فائض أموالها إلى الاستثمار الإنتاجى ، وتأميم التجارة الخارجية للسيطرة على عمليات الاستيراد والتصدير ..
وتأميم بعض الشركات والمصانع لبعض الرأسماليين المصريين ..
حدث ذلك فى يوليو ١٩٦١ وفى عام ١٩٦٣ .. ومن هنا نشأ القطاع العام في مصر ..

ومن هنا غضب الرأسماليون المصريون على جمال عبد الناصر ، ومازال أبناءهم وأحفادهم غاضبين عليه حتى الآن !!

ب - هل كان التأميم بدعة خطرت في ذهن جمال عبد الناصر فجأة بدون دراسة أو بدون تجربة ترشد وتقدم الدليل ؟!

والجواب .. لا ..

كان التأميم أسلوبا معروفاً وشهيراً وقتها ، بل كان يمثل نوعا من " الموضة " الاقتصادية آنذاك فى العالم كله ، وطبقته دول كثيرة .. رأسمالية واشتراكية ..

طبقته - مثلا - دولة من أكبر دول العالم الرأسمالي مثل بريطانيا .. وذلك مع حكومة كليمنت أتلى عام ١٩٤٥ التى أجرت حركة تأميمات واسعة بمجرد وصولها للسلطة ..

وطبقته دول رأسمالية أخرى مثل فرنسا وبعض دول شمال أوربا ..

وطبقته - بالطبع - كل الدول الاشتراكية ، من روسيا إلى الصين ، ومن فيتنام إلى كوريا الشمالية ، ومن دول شرق أوربا إلى كوبا فى أمريكا اللاتينية ..

وطبقته أغلب دول العالم الثالث ، التى استقلت حديثا من الاستعمار .. كإندونيسيا والجزائر وغانا ... إلى آخره .

فعبد الناصر - إذن - لم يأتى بجديد ، أو أتى بما لم يأتى به الأوائل ، بل طبق الرجل فى مصر أسلوبا اقتصاديا طبقته - قبله وبعده - أغلب دول العالم تقريبا ..

ومع التأميمات وتحول مصر إلى محاولة بناء نفسها طبقا للنموذج الاشتراكي كان طبيعيا - خارحيا - أن يثير ذلك الدولة القائدة للنظام الرأسمالي فى العالم .. وهى أمريكا ، والدول التى تدور في فلكها !!

وكان طبيعيا أيضا - داخليا - تحول الطبقات الحاكمة سابقا في مصر - من كبار ملاك الأراضى فى الريف إلى أثرياء المدن وطبقة كبار التجار - إلى عداء جمال عبد الناصر ..

وكان الحلف الذى يعمل ضد جمال عبد الناصر - داخليا وخارجيا - فى منتهى القوة والشراسة ..

ومن هنا كان طبيعيا - فى الداخل - فرض الحراسة على من يتحرك منهم ضد الإجراءات الجديدة ..

ومن هنا كان طبيعيا أن تقابل محاولات زعزعة الاستقرار - لدرجة محاولة قتل عبد الناصر نفسه عام ١٩٦٥ - والتى قام بها الإخوان المسلمين بالشدة ..

.. وفى النهاية تحول اليمين السياسى من وقتها وإلى الآن إلى حالة من العداء - ليس لها علاج تقريبا - مع جمال عبد الناصر وكل ما يمثله ..

وكان هؤلاء هم الطائفة الثانية فى حالة العداء لعبد الناصر والتى لم تبرد حدتها حتى الآن ..

وموعدنا في لقاء قادم مع الطائفة الثالثة في حالة العداءالمستحكم ضد جمال عبد الناصر .. وهم أهل اليمين الدينى .. وتحديدا الإخوان المسلمين .. وهى قصة غريبة من أولها إلى آخرها ..



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمال عبد الناصر .. والفئات الأربع الغاضبين عليه !!
- المخدرات ... والسياسة !!
- الحرب على بريكس في مصر .. لماذا ؟!
- خطوة مهمة فى طريق طويل
- كيف أنقذ الله مصر من عشر سنوات من مصير السودان اليوم ؟
- المعارضة المصرية .. واللحظة المناسبة .
- سلفى .. وفتاة الجيش الأمريكى !!
- حديث مع ناصرى كبير ..
- ناشط اقتصادي
- نفاق الحكام .. ونفاق الشعوب
- مرتبات أساتذة الجامعات .. ومرتبات القضاة !!
- جددت حبك ليه
- هل تركوا ثورة 30 يونيو فى حالها ؟!!
- ثورة 30 يونيو .. نظرة على الأفق الأوسع .
- ثورة 30 يونيو 2013 .. ذكريات شخصية .
- الصناعة الأولى في مصر
- كيف تهبط أسعار اللحوم ؟
- الجمهورية ..
- مصطفى مشَّرفة .. ونجيب ساويرس !!
- الاستحواذ على الأراضى فى الخارج


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يخضع -ميتا- للتحقيق.. ويوضح السبب
- مدينة طنجة المغربية تستضيف يوم الجاز العالمي
- ?? مباشر: آمال التوصل إلى هدنة في غزة تنتعش بعد نحو سبعة أشه ...
- -خدعة- تكشف -خيانة- أمريكي حاول بيع أسرار لروسيا
- بريطانيا تعلن تفاصيل أول زيارة -ملكية- لأوكرانيا منذ الغزو ا ...
- محققون من الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية في ...
- مقتل 6 جنود وإصابة 11 في هجوم جديد للقاعدة بجنوب اليمن
- لقاء بكين.. حماس وفتح تؤكدان على الوحدة ومواجهة العدوان
- زيارة إلى ديربورن أول مدينة ذات أغلبية عربية في الولايات الم ...
- الرئيس الصيني يزور فرنسا في أول جولة أوروبية منذ جائحة كورون ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - جمال عبد الناصر .. واليمين السياسى .