|
مبدعة تشرقُ في الظل..
بلقيس حميد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 7746 - 2023 / 9 / 26 - 18:48
المحور:
المجتمع المدني
انها دكتورة العلوم القانونية الاستاذة ساهرة الصافي . عرفتها منذ عام 1996 في المؤتمر التأسيسي للمنظمة العراقية للدفاع عن حقوق الانسان في هولندا.. وحصلنا معا على أصواتٍ مرتفعة بالمؤتمر وكنا بالهيئة الادارية للمنظمة . عملت معي الدكتورة ساهرة وزملاء آخرين لم يقصروا بالعطاء حيث جمعتنا بهم علاقة طيبة سداها الشعور الانساني وحب الوطن ، و لأننا المرأتان الوحيدتان بالهيئة اقتربنا من بعضنا ووجدنا تشابها لدينا بالاصرار على العمل والحرقة الوطنية والقلق الدائم والالتزام بالتجرد والموضوعية .. عملنا معا لسنوات طويلة وأصبحنا صديقتين، نلتقي بين فترات قد تكون متباعدة أحيانا بسبب بعد المسافة بين مدينتينا وسفرها لسنوات طويلة للوطن وعودتها ثانية لمدينة أبعد من قبل، لكننا بقينا نتواصل بالتلفون ونحكي بهموم الناس بالوطن وأيام النضال الحلو في مجال حقوق الانسان حيث الشعور بالعطاء له عذوبة خاصة ، ولم أكن أعرف عنها تلك المواهب الجميلة التي كانت تختزنها ولاتتحدث عنها. حتى زرتهم قبل فترة قصيرة وإذا بي أكتشف عالما من الجمال يحيط بي أينما ألتفت،. جمال يسحرك بألوانه ويغرس أمامك بساتين نخيل وأشجار خضراء وحدائق زهور تشمخ بألوانها الهائلة البديعة. تنتبه لتلك المزهرية فتجدها عملا يديويا من قنانٍ ترميها النسوة ولاتنتفع بها لكنها هنا عند الدكتورة ساهرة الصافي عملا فنيا راقيا، وتحفة ثمينة حتى يظن المرء انها آتية من بلدان بعيدة عبر البحار ربما من الهند أو الصين أو جزر الخيال التي لانعرفها. تتعمق بما علقته على الحائط لوحة مبهرة فإذا بها ورق كارتون مقوى وورود صنعتها بيديها ومجسمات لأدوات مستعمله بمهارة يديوية خارقة . حين أبديت إعجابي بالنماذج المطروحة بالمنزل وإذا بصديقتي تفتح لي غرفة مليئة بابداعاتها اليديوية وكأنها تفتح أمامي مغارة الأسرار وباب إفتح ياسمسم ، إذ إنني ذهبت بعيداً برؤيتي لذاك الكنز الذي تبرق به اللآلئ فأحتار الى أين أنظر. هل انظر الى الاكسسوارات الرائعة التي تصنعها بيديها الماهرتين أم الى اللوحات الحائطية المجسمة بالروح والألوان وانسجامها حيث خرجت بهذا الذوق الراقي لتكون تحفا فنية نادرة أم أرى تلك الأغطية المشغولة بيديها أم المزهريات الساحرة ، مع إنني شخصيا أمتلك مهارات بالخياطة والحياكة والتطريز لكن الذي رأيته ذلك اليوم عملا فنيا متقنا وكأنه مصنوع بآلة وليست باليد لدقة الصنع وللإختيار الرائع للألوان والملصقات ولتنوع المهارات التي لاتخطر على بال امرأة متفرغة لهذه الأعمال فكيف وهي تصنع بيد دكتورة بالقانون ومناضلة قارعت النظام الدكتاتوري سنينا .. بقدر فرحي وبهجتي والطاقة الإيجابية التي منحتني إياها تلك التحف والمصوغات بألوانها الخلابة ، تألمت لأن كل هذا الجمال مخبأ بالعتمة ولايرى النور .. تذكرت وانا حزينة من الغبن الذي يجده بعض المبدعين تذكرت بعض المعارض البسيطة والأعمال والرسومات التي لاتتعدى خربشات دجاج لكننا نرى الاحتفاء بها في بعض بلدان العالم محاطة بهالة من التفخيم والاعلام وإفراغ المعاني العظيمة عليها وحينما تبحث في تلك الاعمال وتحدق بها ملياً لاتجد غير أعمالٍ بسيطة جدا وان الضوء الذي أُطلقَ حولها إعلام مزيف من صديق أو قريب أو علاقة مصلحة بعيدا عن كونه فنا حقيقيا يندرج ضمن الفنون الجميلة .. أنتظر يوماً منصفاً لفك حرية تلك الفنون الجميلة السجينة بين الجدران المظلمة ، لتخرج الى النور في معرض خاص بصاحبتها وابداعاتها المبهرة .. أنتظر أن تزين تلك الألوان المتناسقة حائط قاعة تستحق أن يرودها الناس فالحضارة فنون جميلة بل أن الابداع سبب خلود الحضارات فلولا النحّت والرسم والبناء المعشّق وفسيفسائه الجميل والأعمال اليدوية والشعر والأدب الخالد لما توصلت البشرية الى معرفة تاريخ الحضارات القديمة الاولى وإن متاحف العالم بأعمالها اليدوية التأريخية العظيمة وملاحمه الخالدة كملحمة جلجامش شاهدة على ما أقول.. 26-9-2023
#بلقيس_حميد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فاجعة المكتبة المركزية في مدينة سوق الشيوخ
-
الأدب الروسي أهم حرّاس الانسانية بالعالم
-
الولايات الإبراهيمية المتحدة, خدعة لتشكيل نواة الحكومة العال
...
-
من الأممية : الوقوف مع حقوق الانسان أينما كان
-
جعفر حسن: فنان المحبة بين البشر
-
نوال السعداوي، كيف أرثيها وهي أول الوعي؟
-
هكذا يرحل العظماء/ في رثاء المناضل السوري المحامي جريس الهام
...
-
فك الحصارات عن الدول جميعها
-
المطالبة بحلّ الأحزاب والتيارات والكتل.
-
لوحةٌ لم تؤطر بعد.
-
أهمية التراث وأثره بالهوية الوطنية
-
محور الأرض
-
أعرف عدوك
-
لكلِّ مقامٍ مقال
-
الشك باتجاهات عديدة، موصلٌ للحقيقة
-
الخونة والأمريكان
-
ما الحرب سوى الدمار ..
-
من أسباب هزائمنا
-
اليسار العربي يتودد للعمائم ويطلب رضاها
-
من يوقف الخراب؟
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق 6 أعضاء في -الكانيات-
...
-
الأمم المتحدة: عدد القتلى المدنيين في لبنان جراء الحملة الإس
...
-
الأمم المتحدة: الغارة الإسرائيلية في طولكرم -غير مشروعة-
-
اعتقال متهم سرق 387 مليون دينار في السليمانية
-
-توعد بـ-نفس مصير غزة وبيروت-.. شاهد كيف هدد سفير إسرائيل في
...
-
مصر.. تعذيب شاب حتى الموت بعد تقدمه للزواج
-
استجابة إنسانية.. الإمارات تقود تحركا عربيا في الأمم المتحدة
...
-
الأمم المتحدة: الحرب دمرت ثلثي الأراضي الزراعية في قطاع غزة
...
-
خلال 12 يوما.. مقتل 171 لاجئا سوريا بضربات إسرائيلية في لبنا
...
-
السعودية.. وزارة الداخلية تعلن إعدام مواطن قصاصا وتكشف عن اس
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|