أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بلقيس حميد حسن - فاجعة المكتبة المركزية في مدينة سوق الشيوخ














المزيد.....

فاجعة المكتبة المركزية في مدينة سوق الشيوخ


بلقيس حميد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 7665 - 2023 / 7 / 7 - 18:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أفجعني يوم أمس إحتراق المكتبة المركزية في مدينة سوق الشيوخ في جنوب العراق، سوق الشيوخ مدينة الشعر ، مدينتي وتلك البقعة التي علمتني خطواتي الأولى نحو الحياة الثقافية ..
آه ، لقد ذهبت بلا عودة تلك المكتبة التي نهلتُ منها الكثير وتعرفت بها على الأدب العالمي وكتب السياسة والفلسفة بعد أن تعرفت على كتب الشعر في بيت أهلي ومن مكتبة والدي منذ الطفولة.
أفجعني أن هناك من يريد للعراقيين أن يبتعدوا عن الثقافة وهم أهلها منذ القدم، فبعد أن تم التعدي على كتب المكتبة المركزية القيمة من المتعصبين وكارهي الثقافة ، أُهملت من قبل المسؤولين ، وصارت الأزبال تحيط بها وهذا مارأيته بعينيَّ حين زيارتي مدينتي الحبيبة وقد نزلت الدموع من عيني عندما أبصرت بؤس ماوصلت اليه تلك المكتبة البيضاء الجميلة التي كنت أرتادها في شبابي الأول كل يوم أحيانا، خاصة في العطل الصيفية حينما كنا نتبارى أنا وأقربائي وصديقاتي على عدد الكتب التي نقرأها في تلك العطل.
إنها ذاكرتنا التي لاتمّحي مهما حاولوا.
تذكرت بدر الموظف الطيب والمثقف الذي يعمل بالمكتبة والذي كان يخبئ لي أجمل الكتب، أما كتب السياسة الخطرة منها فكان يسجلها باسمه وكأنه هو الذي استعارها خوفا علي من سلطة البعث الدموي وأنا الشابة الصغيرة التي أرادت تجاوز سنّها بسرعة ..
الله على تلك الأرواح العظيمة بطيبتها التي كانت تضمها المكتبة المركزية في سوق الشيوخ.
الله على أيام اللهاث وراء العلم والأدب وجديد الفكر.
أين منّا تلك الأيام وقد أصبح الشباب اليوم لايفقهون من الأدب والثقافة الا مايسمح لهم به التواصل الاجتماعي الذي يهدر وقتهم غالبا بالتفاهات ويدمر لغتهم العربية..
أما الشابات اليوم فمشغولات بأحاديث الدردشة وبالتجميل ودور التجميل التي تنتشر بالعراق حيث تغص بها شوارع بغداد بشكل ملفت ومثير للعجب .
لماذا تحترق هذه المكتبة التي شذّبت عقولا وصنعت مثقفين ومهتمين ؟
واضح أن التوجه العام في العالم هو خرفنة العقول وتجهيلها ،فماذا يريدون من المكتبات بعد ؟
لقد دمروا مكتبة المدينة حيث أتلفوا مابها من كتب ومصادر وفكر وجمال، ولم يتبق منها سوى عظمٍ يدل عليها او سياجٍ أبيض كان يوما يُسمى مكتبة..
ماذا يريدون من المكتبة مع الأسف، والناس رجالا ونساءً ليس لديهم اليوم أهم وأمتع من الذهاب الى المولات التجارية والمطاعم؟ .
حتما سينتصب بعد فترة بدل المكتبة مولاً تجاريا كبيرا في وسط المدينة ينافس ويصارع ثم يقضي على تلك الدكاكين التاريخية التي كانت تسمى بالسوق الكبير، وكم أتمنى أن لايكون مصير السوق الكبير مثل مصير المكتبة، فالحيتان الكبيرة من أصحاب رؤوس الأموال المسروقة غالبا لاترتضي بقاء صغار التجار الذين يعيلون عوائلهم عن طريقها أبا عن جد، فهم يعيقون مشاريعهم في الثراء والتطور الجديد كما يزعمون.
هذا هو التطور الذي يقودونه الآن أثرياء العالم ،ليس بالعراق فحسب بل في كل بلداننا وبلدان أخرى يريدونها أسواقا لهم ولصناعاتهم المجنونة الآتية عبر القارات، يريدونها استثمارا لفسادهم المغمس بالعسل، ماسحين بها كل أثرٍ لتراث أو ذكريات جميلة مفككين بها أواصر العلاقة بالتأريخ الجميل والقيم النبيلة..
وداعا يامكتبتي الحبيبة
وداعا أيتها البقعة التي ضمت شغفي الأول بالوعي والفكر
وداعا ياكل روح حامت في تلك البناية التي احترقت ومعها قلوب محبي الثقافة والجمال الروحي الحقيقي عبر الأدب الذي نهلنا منه كتبا عظيمة وفكرا خالدا تغلغل في أعماقنا أبدا…
17-7-2023



#بلقيس_حميد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب الروسي أهم حرّاس الانسانية بالعالم
- الولايات الإبراهيمية المتحدة, خدعة لتشكيل نواة الحكومة العال ...
- من الأممية : الوقوف مع حقوق الانسان أينما كان
- جعفر حسن: فنان المحبة بين البشر
- نوال السعداوي، كيف أرثيها وهي أول الوعي؟
- هكذا يرحل العظماء/ في رثاء المناضل السوري المحامي جريس الهام ...
- فك الحصارات عن الدول جميعها
- المطالبة بحلّ الأحزاب والتيارات والكتل.
- لوحةٌ لم تؤطر بعد.
- أهمية التراث وأثره بالهوية الوطنية
- محور الأرض
- أعرف عدوك
- لكلِّ مقامٍ مقال
- الشك باتجاهات عديدة، موصلٌ للحقيقة
- الخونة والأمريكان
- ما الحرب سوى الدمار ..
- من أسباب هزائمنا
- اليسار العربي يتودد للعمائم ويطلب رضاها
- من يوقف الخراب؟
- في الذكرى السنوية للمبدع الراحل حميد العقابي


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بلقيس حميد حسن - فاجعة المكتبة المركزية في مدينة سوق الشيوخ