قمة بوتين وأردوغان في سوتشي - ملف النتائج 2-2

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7727 - 2023 / 9 / 7 - 01:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع



4 سبتمبر 2023

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *


1) نتائج المحادثات بين بوتين وأردوغان

أليكسي لازورينكو
كاتب صحفي ومحلل سياسي


في أحد المطاعم الواقعة على ساحل البحر الأسود، أقيم اليوم حفل غداء ذو أهمية عالمية كبيرة، على الرغم من القائمة البسيطة للطعام. ظهرت بعض المعلومات من لقاء اليوم بين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان. من الواضح أن الرؤساء لم يكن لديهم الوقت لتناول المأكولات اللذيذة، وكانت الأسئلة في الاجتماع خطيرة للغاية. في الواقع، ما حدث هو "ضبط الساعات" قبل بداية الموسم "الشتوي البارد"، عندما تنتقل العمليات العسكرية في منطقة الحرب بوضوح إلى مرحلة أخرى. سيتحدث أليكسي لازورينكو، المحلل في REN TV، عن أهم الأشياء، بما في ذلك القمح .

روسيا وتركيا ضبطتا ساعاتهما: نتائج المحادثات بين بوتين وأردوغان

التقى بوتين وأردوغان لمدة أربع ساعات من المفاوضات، التي كان العالم كله ينتظر نتيجتها دون مبالغة. وفي مؤتمر صحفي في نهاية اللقاء، اكتفى الرئيس بتأكيد موقف روسيا الثابت.

"بعبارة ملطفة، لقد خدعنا الغرب بشأن الأهداف الإنسانية لمبادرة البحر الأسود... وسنكون مستعدين للنظر في إمكانية إحياء صفقة الحبوب – لقد أخبرت الرئيس عن هذا الأمر مرة أخرى اليوم - وسنفعل ذلك". وقال بوتين: "وذلك بمجرد تنفيذ جميع الاتفاقيات المنصوص عليها بشأن رفع القيود المفروضة على تصدير المنتجات الزراعية الروسية".

صفقة القمح – عبارة عن حزمة كاملة من الوثائق الدولية. وبفضلها تم إنشاء ممر آمن في البحر الأسود لتصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية. ولمنع داعمي كييف الغربيين من استخدام السفن لنقل الأسلحة، قام ممثلو تركيا والأمم المتحدة بمراقبة تحميل الحبوب في الموانئ الأوكرانية. وفي مضيق البوسفور، تم فحصها، بما في ذلك من قبل الجيش الروسي. في المقابل، كان على أصحاب زيلينسكي إزالة القيود المفروضة على تصدير المواد الغذائية والأسمدة من روسيا، ولكن حتى بعد مرور عام، لا يمكن تأمين السفن التي تحمل قمحنا، ولا يمكنها الوصول إلى الموانئ العالمية. لا يمكن الدفع مقابل القمح الروسي من خلال نظام SWIFT. ناهيك عن الاستفزازات الصريحة لنظام كييف.

وأضاف: "لقد اتفقنا دائمًا على أنه لا ينبغي استخدام هذه الممرات لأغراض عسكرية، وللأسف، يتم استخدامها من قبل الجانب الآخر. نحن نرى ذلك. تمامًا مثلما تجري محاولات لمهاجمة خطي أنابيب الغاز: التيار التركي والتيار الأزرق، الذين من خلالهما يتم إمداد جمهورية تركيا بالغاز من روسيا. سفننا تحرس هذه الخطوط وأنظمة خطوط الأنابيب، وهي تتعرض للهجوم باستمرار، بما في ذلك بمساعدة الطائرات بدون طيار التي يتم إطلاقها لهذه الهجمات من موانئ البحر الأسود الأوكرانية". قال بوتين.


وهذا بالفعل اعتداء على النجاح الذي حققته موسكو وأنقرة معًا في المجال الاقتصادي. وبشكل عام، فإن أردوغان متأكد من أنه بدون الاهتمام بمصالح روسيا، لا يمكن تحقيق الأمن في المنطقة.

وأضاف الرئيس التركي: "يتحدث أصدقاؤنا الروس عن توقعاتهم، ونحن نؤكدها على منابر مختلفة. لقد أعددنا حزمة جديدة من المشاورات مع الأمم المتحدة. وأعتقد أننا قادرون على تحقيق نتيجة. وستبذل تركيا كل جهد، ونؤمن بذلك". ووعد أردوغان ب"أننا سنتوصل إلى نتيجة بشأن الاتفاق في أقرب وقت ممكن".

وكان الرئيس التركي يتحول أحيانًا إلى اللغة الروسية، علما أنه في الصباح لم يكن الجميع يعتقد من حيث المبدأ أن أردوغان سيصل اليوم. ضربت الأمطار الاستوائية سوتشي. واصل منظمو بروتوكول الرئيس التركي الاستعداد بجد للزيارة تحت المطر. وفي مركز النقاهة "روس"، حيث كان من المقرر عقد الاجتماع، ظهر العمال بالمكانس حتى لا تسبب الممرات الرخامية الإنزلاق. ولكن عندما مر موكب بوتين عبر أبواب "روس"، كانت الشمس تشرق بالفعل بقوة وبشكل كامل.

وظهر موكب أردوغان في أزقة مركز سوتشي "روس" بعد الظهر. وبالطبع ، كان زعيم الجمهورية التركية هنا من قبل: فقد التقى فلاديمير بوتين بزميله في نفس المكان قبل ما يزيد قليلاً عن عام. وخلال هذه الفترة، تمكن أردوغان من تأكيد صلاحياته بفوزه في الانتخابات الرئاسية.

بدأت المفاوضات مباشرة على درج المدخل. ونظر بوتين وأردوغان إلى موضوع السياحة من زاوية غير عادية.
يحتل السياح الروس اليوم المركز الأول بين ضيوف الفنادق التركية. ويتم بناء أول محطة للطاقة النووية التركية "أكويو" من قبل 25 ألف عامل نووي روسي. ويخططون لإطلاق أول واحدة من أربع وحدات طاقة في العام المقبل. ويقول أردوغان إن المتخصصين الروس يمكنهم بناء محطتين تركيتين أخريين. واحدة منها في مدينة "سينوب" الشمالية على البحر الأسود.

وقال أليكسي ليخاتشيف، رئيس روساتوم: "هناك بعض التفاهمات، وهي في مرحلة المفاوضات التمهيدية".

وفيما يتعلق بممر الحبوب الأوكراني، بحسب الزعيم التركي، ليس كل شيء على ما يرام.

"تحتاج أوكرانيا إلى تخفيف نهجها، خاصة الآن. سيخدم ممر البحر الأسود الدول الأكثر فقرا، التي ستتلقى هذه الحبوب. لكن 44% من هذه الحبوب، ذهبت إلى الدول الأوروبية، فهذا صحيح، وروسيا على حق". قال أردوغان.

ولذلك، فقد تم نقاش تخصيص مليون طن من القمح الروسي للمصانع والمطاحن التركية حيث سيتم تجهيزها هناك ومن ثم شحنها إلى الدول الأفريقية المستفيدة. وتركيا تقوم بمعالجة حوالي 27 مليون طن سنويًا، وقد ذكرت أنقرة أنه هناك طاقة إنتاجية كافية لكمية إضافية. وفي الوقت نفسه، تقدم روسيا الحبوب بخصومات كبيرة. وقد أعربت قطر بالفعل عن رغبتها في القيام بدور مالي في الصفقة. وهناك أيضًا شحنات مباشرة من الحبوب الروسية إلى أفقر البلدان الأفريقية.

"نحن على وشك الانتهاء من اتفاق مع ست دول أفريقية، حيث نعتزم توفير القمح والحبوب مجانًا وحتى تنفيذ عمليات التسليم والخدمات اللوجستية وايصال هذه الشحنات مجانًا. المفاوضات على وشك الاكتمال تقريبًا، وسيبدأ التسليم خلال اسبوعين إلى ثلاثة"، قال بوتين .

وتم توجيه سؤال للرئيس حول تعثر الهجوم المضاد الذي يقوم به نظام كييف.
قال بوتين "هذا ليس تعثرا، هذا فشل. على أية حال، اليوم يبدو الأمر على هذا النحو. وآمل أن يستمر الأمر على هذا النحو".

اما وزير الدفاع الروسي فقد اكد هذه المعلومات بالأرقام. قال شويغو: "في باخموت، رجالنا بمهارة دمروا ست مدرعات بطائرات جديدة بدون طيار".

لكن روسيا لم ترفض أبدا التفاوض بشأن القضية الأوكرانية، وشدد بوتين مرة أخرى وأكد أنه وأردوغان تحدثا كثيرا حول هذا الموضوع. وقد ناقشوا أولا جدول الأعمال بوجود الوزراء. ثم انفردوا لتناول غداء عمل. وقدم الزعيم الروسي لزميله حساء "الخرشو" وشرائح سمك البوري الأحمر. وعند مغادرة الضيف التركي ، من الواضح أنه كان في مزاج جيد.

وتمنى بوتين له " حظا سعيدا ورحلة موفقة".
ورد أردوغان "شكرا جزيلا على كل شيء. سأنتظرك في بيتي في أقرب وقت ممكن".

ولن يؤجلوا الاجتماع التالي كثيراً ليثبتوا للعالم مرة أخرى كيف يمكن التفاوض بين الزعماء مع كل الاحترام المتبادل.

2) صفقة القمح بدون أوكرانيا
.
يلينا بانينا
سياسية روسية
عضو البرلمان الإتحادي
مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد


كما وعدت روسيا من قبل، سيتم إحياء صفقة الحبوب ولكن بطريقة مختلفة .

أولاً، يتفق وزيرا خارجية روسيا وتركيا، ومن ثم الرئيسان، على خطة لتوريد الحبوب الروسية إلى السوق العالمية دون مشاركة أوكرانيا. تم اقتراح قطر للعمل كوسيط مالي – فهي تضمن دفع ثمن الحبوب الروسية بالدولار مع تسليم الشحنات إلى تركيا (الأسعار بشروط CIF). وتقوم تركيا بالفعل بإعادة بيع الحبوب بعد تجهيزها ، للبلدان الأفريقية وغيرها من المشترين.

وهذا بديل لـ«صفقة البحر الأسود» السابقة التي شاركت فيها أوكرانيا.

▪️ومثل هذا السيناريو اقترحته موسكو من قبل، في خريف 2022، لكن أنقرة والدوحة رفضتا، حيث هددت كييف بعرقلة الصفقة بحجة احتمال "سرقة الحبوب الأوكرانية من قبل روسيا". الآن أوكرانيا غير موجودة في الخطة، وتقترح روسيا استبدال الحبوب الأوكرانية بالكامل بحبوب روسية. نحن نتحدث عن حجم مليون طن، وبحسب الخبراء فإن أردوغان وحده سيحصل على 200 مليون دولار كمكافأة مقابل الموافقة.

▪️الفوائد بالنسبة لروسيا وتركيا وقطر واضحة. لكن نجاح الصفقة بهذا الشكل يعني كسر ثغرة في جدار العقوبات على روسيا. ولا شك أن الغرب سوف يستخدم كافة القوى والوسائل لمنع مثل هذا السيناريو. ويبدو أن قطر في مثل هذه الصفقة تصدر ببساطة خطابات ضمان، لكن سيتعين على تركيا أن تدفع ثمن كل شيء. فهل ستتمكن الولايات المتحدة من منع ذلك؟

الإغراء بالنسبة لأردوغان كبير جدًا. والخيار الذي سيتخذه "السلطان" سيظهر ما هو الأقوى: المصلحة التركية أم الضغوط عليها من قبل الغرب. قريبا جدا سنعرف الإجابة على هذا السؤال.

3) لماذا لم تنجح خطة أردوغان في سوتشي؟

ستانيسلاف تاراسوف
مؤرخ، دكتوراه في التاريخ
باحث سياسي، خبير في شؤون الشرق الأوسط والقوقاز



إنتهت المحادثات في سوتشي بين رئيسي روسيا وتركيا فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان التي استمرت ثلاث ساعات، وكما قال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف، "كانت بناءة للغاية" وأضاف، "تم هناك ضبط الساعات بين موسكو وانقرة"، أشار إلى عملية، معناها يكمن في حقيقة أن الأطراف، على الأقل على المستوى العلني، ابتعدت عن قرارات محددة وحددت فقط الوتيرة الممكنة والجدول الزمني لمزيد من العمل.

هذه سمة مهمة للحدث، لأنه عشية الإجتماع أثار الجانب التركي دراما مثيرة للاهتمام من أجل جذب "انتباه العالم كله" إلى سوتشي. وهكذا، ذكرت صحيفة "ملييت" التركية أنه سيتم في سوتشي عرض "خطة أردوغان" التي ستتضمن تقديم مقترحات لروسيا "سيكون من الصعب رفضها، وستوافق على العودة إلى اتفاق القمح عبر البحر الأسود" وهو الاتفاق الرئيسي الوحيد الذي تم توقيعه خلال الأزمة الأوكرانية بوساطة تركيا.
ونحن نتحدث عن موافقة تركيا على عقد اجتماع لرؤساء البنكين المركزيين في البلدين لاتخاذ خطوات نحو استخدام العملة الوطنية في التسويات المتبادلة واقتراح روسيا لبناء محطة ثانية للطاقة النووية في مدينة "سينوب" التركية على البحر الأسود.

وبحسب الصحيفة، من المهم بشكل أساسي بالنسبة لأنقرة استخدام صفقة الحبوب في المستقبل، على الأقل نظريا، كأساس لمفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا. ولهذا السبب، علقت وسائل الإعلام الحكومية التركية على اجتماع سوتشي المرتقب فقط في سياق احتمالات التوصل إلى إحياء صفقة الحبوب، قائلة إن تركيا "لاعب من الطراز العالمي في حل مشاكل الغذاء والجوع، وخاصة في أفريقيا والشرق الأوسط". علاوة على ذلك، فقد أفيد أن الاجتماع في سوتشي سيركز على اقتراح جديد لصفقة الحبوب، الذي أعدته الأمم المتحدة بمشاركتها.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن قضايا تطوير العلاقات الثنائية بين روسيا وتركيا قد تراجعت إلى الخلف. وهذا ليس من قبيل الصدفة أيضًا، حيث لا يخفي الغرب الجماعي انزعاجه من تطور التعاون التركي الروسي في مجالات مثل الطاقة والدفاع والسياحة والتجارة، على الرغم من وجود تناقضات بينهما في مناطق الصراع مثل سوريا.

وقال بوتين في سوتشي: “لقد جرت أحداث مهمة فيما يتعلق بسوريا. أعرف مدى حساسية هذه القضية بالنسبة لتركيا”.

وهذا مؤشر على أن روسيا كانت تستعد أيضاً للعبة مضادة، مع الأخذ في الاعتبار الوضع في سوريا والموافقة على إنشاء مركز للغاز في تركيا Gas hub.

وعندما ظهر زعيما البلدين أمام الكاميرات، بعد الاجتماع، أصبح من الواضح أن قضايا تطوير العلاقات الثنائية برزت إلى الواجهة، وأصبحت صفقة القمح ذو طابع خاص.

وتحدث أردوغان بصراحة عن ذلك، مشيراً إلى أن "ممر الحبوب يجب أن يستمر" وأننا "أعددنا حزمة جديدة من المقترحات في هذا السياق". وبكلماته الخاصة، "آمل أنه بفضل العمل الجديد للأمم المتحدة، سيتم تحقيق النتائج".

ورد بوتين بأن موسكو مستعدة للتوصل إلى اتفاق "إذا تم رفع العقوبات". "يحدث هذا غالبًا مع شركائنا الغربيين، لقد خدعونا مرة أخرى، ومرة أخرى لم يفعلوا شيئًا. حسنا، هذا يكفي!" وقال بوتين: "الآن نقول: "لسنا ضد هذه الصفقة، نحن مستعدون للعودة إليها فوراً بمجرد الوفاء بالوعود التي قطعت لنا". وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة "حريت" التركية إلى أن "هذا ليس بالضبط ما كانت تخطط له أنقرة".

وبخلاف ذلك، فإن كل شيء سار وفقاً للسيناريو المعروف، عندما أظهر الطرفان استعدادهما "لتحديد حجم تجارتنا الثنائية عند 100 مليار دولار". وقد سبق التحدث عن ذلك من قبل. وبشكل عام، جرت المحادثات في سوتشي بشروط روسية. لم تعد صفقة الحبوب تشكل أولوية، لكن روسيا لا ترفض مقترحات الوساطة التركية فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية. لقد أدرك أردوغان أن الظروف قد تغيرت. ولكن لا ينبغي لها أن تؤثر على العلاقات الثنائية.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات