|
محنة الفهم والتفاهم
عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 7712 - 2023 / 8 / 23 - 22:53
المحور:
كتابات ساخرة
لن يفهموك .. فأنت تتحدث عن أمر قطعت فيه آلاف الأميال تفكيرا ولم يمشوا فيه خطوة واحدة ولن يشعروا بك فأنت تشرح ما جال في قلبك كل ليلة ملايين المرات ولم يطرق قلبهم ليلة، ليس ذنبهم بل هي المسافة الهائلة بين التجربة والكلمات " . هكذا لخص الكاتب المصري احمد خالد توفيق معاناته مع بعض البشر .. البعض منا غير قادر ان يصنع لغة مشتركة مع البعض الآخر لاسيما اذا كانت هنالك نسب شاسعة من الثقافة تبعدهم عن المقابل. فأنت تشعر احيانا مع الذين تتحدث اليهم وكأنهم خشب مسندة لايفقهون حديثك او لايحملون تأوليه بالشكل الصحيح .. وهنا تحدث المفارقة المؤلمة .. المقابل يعتبرك معتوه وانت تحاول ان تطرح رأيك له وفق اللغة التي تتحدث بها من مفردات وعبارات لم تمر عليه في قاموس المحادثات العادية لديه . اذن نحن امام انعدام لغة مشتركة اوحلقات مفقودة من سلسلة تمد بنا للتقارب مع البعض الآخر نتحدث بها رغم اننا نتحدث اللغة العربية جميعا ولكن بأختلاف الكلمات واللهجات والعبارات واللغات التي تحمل صفة العربية الاخرى . ولكن فهم هؤلاء وفق منظاره الخاص ووفق التجارب والتفكير والثقافة التي تربى عليها في بيئته . مما يستدعي من المثقف والعالم والمفكر ان يتنازل ويدنو الى مراتب في اللغة لتبسيط ماصعب تفسيره لدى الاخرين . وحتى هذا التبسيط المقيت كما اطلق عليه قد لايفهمه البعض وتحتاج هنا الى شرح مطول والاستعانة بالكلمات الدارجة والكلمات العامة في بعض الاحيان .. المؤلم في القضية هو الشعور بالاغتراب في مجتمع سواده الاعظم غير مثقف ومتعلم تعليما حقيقيا . واشتد على كلمة حقيقي . ليس المقصود القراءة والكتابة فحسب وانما يفقه مايقرأه لتكوين فكر وعقيدة ثقافية اقل مايمكن ان تكون وسطية . ولهذا نجد مع الاسف ان معظم المتخرجين من الاعداديات والجامعات بمعدلات عالية بسبب انهم يحفظون المادة دون فهمها وكأنهم يحفظون رسما معينا لإعادة رسمه على ورقة الامتحان . ولكن حال خروجه من قاعة الامتحان ينسى ما حفظه .وبسبب نظامنا التربوي الفاشل فأن هولاء يحصلون على كليات عالية ووظائف ودراسات عليا جراء المعدلات العالية التي جاءت بحفظ دون فهم . وبالتالي يتم نقل هذا الارث من جيل الى جيل .. اتذكر مرة في احد الامتحانات الجامعية كانت اجابتي عن الاسئلة من مصادر مختلفة ولم اكتف بأجابة المنهج المقرر فحسب . فكانت حصتي من الامتحان درجة متدنية وحينما اعترضت على ذلك قال لي الاستاذ بالحرف الواحد انك لم تجب من المنهج المقرر . والاستاذ نفسه في احد الامتحانات حذر طالب يجلس بجانبي من الغش من ورقتي الامتحانية وقال ساخرا للطالب اطمئن فأنه يكتب من غير المنهج .. هنا انتابني شعور متناقض بالمهانة ام هو الابداع والابتكار في الاجابة مادام في النهاية هي اثراء للمعلومة المطلوبة في الاجابة عن السؤال . هكذا يسعون الى جعل الانسان آلة تلقم الكلمات دون ادراك عقلي وفهم حسي بالمعلومات . فظهرت اجيال لاتفقه من امور الحياة شيئا . ولكي اغني ما بدأته من معلومات في هذا الموضوع ان الانسان حين يتكلم باللغة الفصحى مع الاخرين في الاسواق وغيرها من الاماكن يظل محط سخرية وكأنه في رؤيتهم الخاصة والشاذة انه احد الشخصيات التي خرجت من فلم الرسالة او الافلام التاريخية . وامثلة على ذلك كثيرة .
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضعف تكتيكي
-
رنين الذاكرة
-
رمزية العشق
-
حكمة امرأة
-
جبروت أمرأة
-
وجع الانتظار
-
غروب
-
فضيحة في وزارة التعليم العالي
-
شرف الملوك
-
حقيقة الاوهام - جلد الذات 2 -
-
اهل الوطن
-
الى مسافرة
-
هي ... !!!
-
صديد الاوجاع
-
وهم
-
هي والفجر
-
مجنونة
-
ألم
-
ارهاصات على الطريق السريع
-
فلما غلا هواهم أرخصونى
المزيد.....
-
-المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على
...
-
البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من
...
-
البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل
...
-
-لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم
...
-
بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب
...
-
إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
-
فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
-
-حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال
...
-
أفلام كرتون مميزة طول اليوم.. حدثها الآن تردد قناة ميكي الجد
...
-
انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان كتارا للرواية العربية
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|