أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - واثق غازي عبدالنبي - التنمية الشاملة.. حق من حقوق الإنسان















المزيد.....

التنمية الشاملة.. حق من حقوق الإنسان


واثق غازي عبدالنبي

الحوار المتمدن-العدد: 7711 - 2023 / 8 / 22 - 08:07
المحور: حقوق الانسان
    


تمهيد

في هذه المقالة نقدم معلومات عامة وبسيطة لفهم معنى التنمية وعناصرها وأنواعها ومن المسؤول عن القيام بها. فضلًا عن تصنيف الدول نسبة لمعدلات التنمية فيها. وكذلك حقيقة مهمة مفادها أن التنمية حق من حقوق الإنسان. وبالتالي، فهي حق من حقوق كل مواطن.

تعريف التنمية

من الصعب إيجاد تعريف واحد موحد للتنمية، وذلك بسبب أن كل تعريف يحاول أن يركز على جانب من جوانب التنمية. مع هذا، يمكن أن نضع تعريفًا مبسطًا يكون نقطة انطلاق لفهم معنى التنمية والتعمق في مفهومها فيما بعد.
(التنمية هي درجة من التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي يهدف إلى الحفاظ على الإنسان جسديًا ونفسيًا).
من هذا التعريف يتضح أن الإنسان هو وسيلة وهدف التنمية. فالإنسان هو الذي يعمل على تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي لأجل أن يحافظ على نفسه جسدياً ونفسياً. وهذا يعني أن أي تغيير لا يحافظ على الإنسان هو ليس من التنمية في شيء حتى لو بدا أنه إنجازاً عظيمًا في نظر البعض. باختصار وتبسيط شديدين فأن الأعمال التي تحافظ على الإنسان جسديًا ونفسيًا هي جزء من التنمية والأعمال التي تضر بالإنسان جسديًا ونفسيًا هي ليست من التنمية في شيء. فالإنسان هو غاية التنمية وهدفها وهو أيضًا وسيلتها.
إن التنمية التي تهتم بالتقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي معًا دون التركيز على جانب واحد منها واهمال بقية الجوانب تسمى بالتنمية الشاملة. أما التنمية التي تهدف إلى تحقيق التنمية بكافة جوانبها مع التأكيد على استمرارية وديمومة عوامل التنمية تسمى بالتنمية المستدامة. والتنمية التي تهتم بتوفير الصحة والتعليم ومصدر الدخل للفرد فتسمى بالتنمية البشرية.

أصناف التنمية

إن أي تقدم في أي مجال من مجالات الحياة هو تنمية لهذا المجال، لذلك ظهرت أصناف عديدة من التنمية، من مثل: التنمية الاقتصادية، والتنمية السياسية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية الثقافية، والتنمية الصحية، والتنمية البشرية، وغيرها الكثير من المسميات. ولكن النقطة المهمة الواجب ذكرها هنا هي أن كل هذه الأصناف تقع تحت صنف رئيسي واحد هو التنمية الشاملة، والتي ذكرنا تعريفها في أعلاه. أما بخصوص التنمية المستدامة فهي توصيف للتنمية الشاملة أكثر من كونها صنف من أصنافها.

الفرق بين التنمية البشرية والتنمية الذاتية

هناك لبس كبير بين مفهومين أو مصطلحين هما التنمية البشرية (Human Development) والتنمية الذاتية أو الشخصية (Self´-or-Personal Development). والتفريق بين هذين المصطلحين مهم للغاية كما نعتقد.
التنمية البشرية هي أحد أنواع التنمية التي تتعلق بثلاث مفاهيم مرتبطة بالإنسان هي: الصحة والتعليم والدخل. وقد طور هذا المصطلح العالم الاقتصادي الباكستاني محبوب الحق في سبعينيات القرن الماضي، وبعد ذلك قام بالتعاون مع الاقتصادي الكبير امارتيا صن واقتصاديين نابغين آخرين بإصدار أول تقرير عن التنمية البشرية في عام 1990 والذي دعمه برنامج التنمية في الأمم المتحدة. وعليه، فأن مصطلح التنمية البشرية هو مصطلح علمي بحت، له قوانينه ووسائله وأهدافه التي يمكن قياسها وتمثيلها رياضيًا. ومنذ عقود والأمم المتحدة تقوم بنشر تقرير سنوي عن التنمية البشرية في العالم. وهي تعتمد على دليل علمي دقيق يُعرف بدليل التنمية البشرية. ولقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتطوير مقياس خاص بها هو مقياس التنمية البشرية الأمريكي.
مصطلح التنمية الذاتية أو الشخصية هو مصطلح يعبر عن مجموعة الحكم والمواعظ والتجارب الشخصية التي يرويها عدد من الأشخاص "الناجحين" في الحياة والتي يريدون من خلالها تشجيع أشخاص آخرين، خصوصًا الشباب منهم، للتعلم من هذه التجارب والانتفاع بها. أبرز من كتب وتحدث عن التنمية الذاتية أو الشخصية هم: جيم رون وتوني روبن في أمريكا، وإبراهيم الفقي في مصر. وهناك بالتأكيد عشرات غيرهم في جميع أرجاء العالم. التنمية الذاتية أو الشخصية هي ليست علمًا، لأنها لا تخضع لقوانين أو وسائل أو أهداف واضحة يمكن قياسها، لذلك لا تجد تقرير سنوي يصدر عن التنمية الذاتية أو الشخصية.
كتبت هذا الكلام لكي أنوه إلى حقيقة أظن أنها مهمة وهي أن الاستغراق في قراءة كتب التنمية الذاتية أو الشخصية على فائدته التي يعتقدها قراءها، إلا أنها لا تمثل حلًا علميًا لمشكلاتنا. إنها عبارة عن محفزات ومنشطات، وأحيانًا مسكنات. العلاج الحقيقي يكمن في دراسة التنمية البشرية، ومتابعة تقاريرها السنوية، ومعرفة أين نحن كبلدان وشعوب من هذه التنمية. أين نحن من مستوى الصحة والتعليم والدخل؟ وما الذي علينا فعله كأفراد وكمؤسسات حتى نرتقي بعيشة الإنسان صحيًا وتعليميًا ومعاشيًا؟

الدولة والتنمية

تُعرف الدولة في المصادر السياسية على أنها مجموعة من الأفراد اتفقوا وتعاقدوا فيما بينهم على العيش في إقليم جغرافي محدد، يخضعون فيه لنظام سياسي معين يتولى شؤونهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ويعمل على تقدمها وازدهارها لغرض تحسين مستوى حياة الأفراد فيها. ألا يذكركم تعريف الدولة هذا بتعريف التنمية؟! التشابه بين التعريفين كبير، ومن هذا التشابه نُدرك أن هدف أي دولة هو تحقيق التنمية عبر اختيار نظام سياسي سليم يحقق لها هذا الهدف. والدولة التي لا تحقق التنمية هي دولة منقوصة المواصفات.
ولأن التنمية هي التي تمنح الإنسان، وبالتالي المجتمع والدولة، الاستقرار والثبات والقوة، فقد تم تصنيف الدول وفقاً لمستوى التنمية فيها إلى أربعة أصناف هي: الدول المتقدمة، والدول النامية، والدول دون النامية، والدول الهشة (كانت تسمى الدول الفاشلة سابقًا).
ودون الخوض في تفاصيل وتعاريف ومواصفات كل واحدة من هذه الدول، نقول إن الدول المتقدمة هي التي حققت وتحقق أكبر قدر من مستويات عناصر التنمية، أما الدول الهشة فهي التي عجزت عن تحقيق هذه العناصر، أما الدول النامية ودون النامية فهي في مرتبة بين المرتبتين.

الإصلاح والتنمية

الإصلاح هو تغيير وضع خاطئ أو فاسد أو غير مرضي إلى حال أفضل وبصفة مستمرة. وهذا يعني أن التغيير لا يسمى إصلاحاً إلا إذا توفرت فيه ثلاث شروط هي: أولًا، أن يكون هناك وضع شاذ يحتاج إلى تغيير. ثانيًا، أن يكون التغيير نحو الأفضل. ثالثًا، أن يكون التغيير دائمي وليس مؤقتًا.
وكما تلاحظون فأن الإصلاح هو جزء يسير أو خطوة ضئيلة في عملية التنمية. هذا مع مراعاة تطبيق الشروط الثلاث للإصلاح، فكيف الحال مع حكومات تدعي أنها تقوم بالإصلاح دون أن تطبق شروطه ومع هذا تطالب شعبها بأن يحترمها؟!

التنمية حق من حقوق الإنسان

بما أن الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها كما ذكرنا؛ وبما أن الدولة بمؤسساتها الحكومية، ووفقاً للعقد المبرم بينها وبين الشعب، هي المسؤولة عن تحقيق التنمية الشاملة لكافة أفراد الشعب دون تمييز أو تحيز؛ لذلك كان لزاماً أن تكون التنمية حق من حقوق الإنسان. فالتنمية الشاملة تضمن للإنسان سلامته الجسدية والنفسية، وبالتالي تحافظ على حياته وحريته وكرامته. وهذا ما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1986 أن تعلن أن التنمية هي حق من حقوق الإنسان. كان ذلك من خلال المواد الثلاث التالية:
1. الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالاً تاماً.
2. الإنسان هو الموضوع الرئيسي للتنمية وينبغي أن يكون المشارك النشط في الحق في التنمية والمستفيد منها.
3. تتحمل الدولة المسؤولية الرئيسية عن تهيئة الأوضاع الوطنية والدولية المواتية للقيام بأعمال التنمية.
هذه البنود الثلاث التي اعلنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة غاية في الأهمية وعلى كل إنسان أن يعيها ويدرك أهميتها. من الضروري أن تعي الشعوب أن التنمية الشاملة هي حق من حقوقها وأن على حكومتها أن تمكنها من تحقيقها وتوفير كل الظروف الملائمة للقيام بها على أكمل وجه.

التخلف

بالاعتماد على مفاهيم التنمية الشاملة، فأن التخلف هو العجز عن تحقيق التنمية. وبالتالي فأن الدولة والشعب والفرد يُصفون بالتخلف عندما يكونون عاجزين عن تحقيق التنمية. وبما أن التنمية الشاملة تتضمن التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية فأن العجز عن تحقيقها يقودنا إلى ظهور التخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي. وهذا يعني أن مصطلح التنمية الشاملة يقابله مصطلح التخلف الشامل. وإن البلدان التي تعاني من التخلف الشامل هي العاجزة عن تحقيق التنمية الشاملة.

الخلاصة

التنمية هي فعل بشري يقوم به الإنسان لأجل الإنسان؛ لأن الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها. والتنمية هي التقدم في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. وإذا تحقق التقدم في جميع هذه المجالات، فأن التنمية تسمى بالتنمية الشاملة. أما إذا حدث في احداها فتسمى باسم المجال المعني (تنمية اقتصادية، تنمية سياسية، تنمية اجتماعية، تنمية ثقافية). كما يجب التفريق بين التنمية البشرية والتنمية الذاتية أو الشخصية. الأولى تمثل علمًا له قواعده وأصوله الراسخة، أما الثانية فهي خواطر وحكم يرويها أصحابها أو تُنقل عن أشخاص أخرين، وهي ليست علمًا على الإطلاق. وتصنف الدول وفقًا لمستويات التنمية فيها إلى دول متقدمة، ودول نامية، ودول دون نامية، ودول هشة. والتنمية هي مسؤولية الدولة التي من واجبها أن توفر كل الظروف الملائمة التي يحتاجها أفراد الشعب للعمل على تحقيقها والاستفادة منها، وذلك لأن التنمية هي حق من حقوق الإنسان أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة. والإصلاح أقل مستوى من التنمية حتى مع تحقيق كافة شروطه؛ لذلك هو لا ينسجم مع طموحات الشعوب وتطلعاتها. وأخيرًا، فأن العجز عن تحقيق التنمية الشاملة يقودنا إلى التخلف الشامل، لأن التخلف هو العجز عن تحقيق التنمية.



#واثق_غازي_عبدالنبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتبة الإمريكية (هيلين كيلر) وتهمة الإنتحال
- الاطفال ليس لهم دين .. وسائل انتشار فايروس الدين عبر الأجيال
- أبناء مدينتي .. كيف يعملون؟ وكيف يحبون؟ وكيف يموتون؟
- ثلاث كُتب للشباب
- كُتب الدين الفايروسية
- مهزلة الفتاوى الجنسية
- الصراع بين الدين والعلم في أمريكا
- قصة المفهوم المعاصر لكلمة (حجاب)
- الحياة هي الوجدان
- الحاضر مفتاح الماضي
- المحتكرون
- الله لا يحب العبيد
- كُلنا نتبرك بروث البقر
- ديني أم دين آبائي؟
- احذروا من تدين الأبناء
- المبدعون مصيرهم جهنم
- عقدة الزواج الطائفي
- مأساة الثقة العمياء
- جرائم جيش الله المسيحي
- جرائم عقيدة المخلص


المزيد.....




- آخر تطورات احتجاجات الجامعات بأمريكا مع تصاعد الاعتقالات
- توقع بإدراج إسرائيل الشهر المقبل على القائمة السوداء للأمم ا ...
- بعثة أوروبية تتوجه إلى لبنان بدعم بقيمة مليار يورو لوقف تدفق ...
- إعدام سعوديين أدينا بخيانة الوطن وتأييد الفكر الإرهابي
- اليونيسف: رفح تمتلئ بالمقابر والأطفال يُقتلون بشكل ممنهج لكن ...
- اتهام روسيا أمام لجنة حقوق الإنسان بقصف مستشفى بشمال سوريا ع ...
- اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد للفلس ...
- ارتفاع حصيلة القتلى في غزة.. واعتقالات في الضفة الغربية
- -خان- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام الزهراني وتستشهد بآية ق ...
- شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - واثق غازي عبدالنبي - التنمية الشاملة.. حق من حقوق الإنسان