أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن احمد عبدالله - عندما يتفق العرب على -ظل الحمار- تحل مشكلاتهم














المزيد.....

عندما يتفق العرب على -ظل الحمار- تحل مشكلاتهم


حسن احمد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 7710 - 2023 / 8 / 21 - 22:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في القرن التاسع عشر حدث ان سائحا من احدى مقاطعات الدولة العثمانية البعيدة عن لبنان وصل الى بيروت عبر البحر، وكان يرغب بزيارة القدس، فاستأجر من "مكاري" حماراً ليمتطيه في رحلته، وسافر برفقة المكاري (المكاري بلغة بلاد الشام هو الذي يقتني الحمير للنقل والايجار).
عند الظهر ترجل السائح عن ظهر الحمار ليتغدى هو صاحب الحمار، وكانا قد وصلا الى احدى القرى الساحلية قرب صيدا، وإذ لم يجد مكاناً ظليلاً فأراد أن يجلس في ظل الحمار فمنعه المكاري وقال: "أنا أجّرت الحمار، لكنني لم أؤجر ظله، بل احتفظت به لنفسي".
قال السائح: "ولكن ظلّ الحمار هو من توابعه، ولا يمكن فصله عنه، ويحق لي أن أتمتع به". واحتدم الجدال بين الرجلين وتطوّر الى مشاحنة وشجار.
فهرع عدد من رجال القرية وفصلوا بين الرجلين، وعندما علموا أن موضوع الخلاف بينهما هو "ظلّ الحمار"، تنطّح أحدهم فقال: "أنا أقول إن ظل الحمار هو حق من حقوق مستأجر الحمار".
فانبرى له رجل من الجانب الآخر وقال: "لا بل إن الظل لصاحب الحمار".
فأيّد بعض الحاضرين رأي الرجل الأول، وتحمس آخرون لرأي الثاني، وبدأ النقاش وحمي الجدال، وما لبث أن تطور الى مشاتمة وشجار واقتتال بين رجال القرية.
عندئذ امتطى السائح الحمار وانصرف برفقة المكاري، فيما بقي أهل القرية يتقاتلون حول قضية "ظل الحمار".
هذا الواقع اللبناني الذي يؤرخه الكاتب الراحل سلام الراسي في احد كتبه عن التراث الشعبي، وهو في واقع الحال لا يزال مستمرا الى اليوم، فاذا كانت مجازر العام 1860 وقعت بسبب اشكال بين اطفال من طائفتين مختلفتين، وتطورت الى حرب طائفية، فلا يمكن استغراب اليوم كيف لا يزال اطراف الطبقة السياسية اللبنانية لم يتفقوا على انتخاب رئيس للجمهورية، وابقاء غالبية المؤسسات الرسمية شاغرة، بل الاغرب من ذلك ان حادثة "ظل الحمار" يمكن اسقاطها على غالبية الدول العربية التي وقعت في فخ عدم الاتفاق على مشروع دولة، ما تسبب بحروب اهلية مستعرة الى اليوم، فيما تحولت شعوبها وقودا للمتصارعين على فتات، وليس من اجل مصلحة بلادهم.
لهذا ليس اللبنانيون وحدهم المهزومون، بل اذا اجلت النظر في هذه الامة لرأيتها كلها ترفع رايات الفشل، وبالتالي فان فيروسه استحكم بنخبها من المحيط الى الخليج، وبالتالي فان ما يعيشه لبنان اليوم، وما مر به من احداث وحروب طوال الخمسة عقود الماضية، والمستمرة حتى الساعة، وربما الى المستقبل البعيد، ينطبق على العرب اجمعين، الذين سيشربون من الكأس ذاتها، لانهم لم يدركوا ان الدولة ليست في زعامة فلان، او شخصية علتان، بل في المجتمع ككل، وتعاونه، واي خروج عن هذه القاعدة تعني الفوضى.
نحن امة لا نتعلم من الدروس الماضي، ولا تجارب الاخرين، لهذا لم يتعلم اللبناني من استمرار الفراغ في مؤسسات الدولة، ولا تعلمت الشعوب العربية معنى العمل بروح المجتمع كله، والتعاون بين افراده، لان الفرد تربى على الانانية، فكل منا، كعرب، يتصور ان نظافة الشارع ليست من واجباته، لهذا يرمي اوساخه فيه ويحرص على نظافة منزله فقط، فيما اذا زار اي دولة غير عربية، اول ما يتغنى به الشوارع النظيفة، وجودتها.
اللبناني نموذج للعربي الاخر، لهذا لا يمكن الخروج من المأزق اللبناني الا بعودة العرب الى المفكر العربي التاريخي عبدالرحمن بن خلدون، والتمعن بما قاله عن خراب الدول، ولاننا نقرأ مقدمته، ولا نعمل بها سنظل نختلف على "ظل الحمار".
كاتب وصحافي لبناني



#حسن_احمد_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الكحالة والمصرف المركزي... ضاع الشعب اللبناني
- عندما غاب مفهوم المواطنة سادت الفوضى في لبنان
- الشعب اللبناني... يداوي وجعه بثرارة السياسيين
- لبنان... مسلسل الشواغر يفتك بالمؤسسات
- قانون ساكسونيا يحكم لبنان
- الخرق المستمر للدستور اللبناني ... ورش الملح على الجرح
- عندما تحكم السخافة دولة... لبنان مثالا
- حاكم مصرف لبنان وغرائبية محاكمته واسبابها
- التنظيف الاجتماعي... نظرية وحوش المال للبقاء
- ماذا يعني اصدار فئات عملة جديدة في لبنان؟
- لبنان ... والنحر المتعمد
- الفراغ الرئاسي في لبنان قديم يتجدد... وسيتجدد
- الفيدرالية في لبنان... احلام العصافير واقنعة وحوش المذاهب
- كابلات الانترنت بعد -نرود ستريم-... شدوا الاحزمة
- هل اصبحت الولايات المتحدة جمهورية موز؟
- ابالسة لبنان... لا شريف بينكم
- هل يكون هدف التصعيد النهائي تقسيم روسيا؟
- لعبة عض الاصابع في اوكرانيا
- مقالة
- التطرف وباء يهدد ديمقرطيات العالم... الولايات المتحدة نموذجا


المزيد.....




- -كمين في الظلام-.. كيف استخدمت باكستان -السرّ الصيني- لإسقاط ...
- ألمانيا تطالب إسرائيل بضمان إيصال المزيد من المساعدات إلى غز ...
- هل يمكن احتواء التوتر بين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس ...
- ملخصات الذكاء الاصطناعي تضعف حركة المرور بمواقع الأخبار
- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن احمد عبدالله - عندما يتفق العرب على -ظل الحمار- تحل مشكلاتهم