حديث البيدق/افريقيا .. الماضي منبوذ و المستقبل موعود. (6)

نورالدين علاك الاسفي

الحوار المتمدن-العدد: 7707 - 2023 / 8 / 18 - 10:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نورالدين علاك الأسفي.
[email protected]

* الكثير منا هم أبناء الآباء الذين عانوا من الفترة الاستعمارية وإذلالها. المحلل السياسي الإيفواري سيلفان نغيسان

إفريقيا في مسيس الحاجة إلى ما تعذر استكماله ردحا؛ و غدا الزمن يهيئ له من غير إبطاء. فشرارة الانعتاق هلت و انبثاقها لا مرد له. فهل تخلف الموعد مع نزعة التحرر الثانية؟
"نحن الشعوب في إفريقيا إلى حد ما منسية في الكتب؛ في الأفلام؛ و في التاريخ لذلك نحن نشكر روسيا لأنها دائما تذكر دور شعوب إفريقيا". هذا إقرار على مضض من الرئيس الانتقالي لبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري؛ رفع به عقيرته بقمة روسيا إفريقيا.
لكن إفريقيا كيف لها أن تنسى ماضيها الذي ولى؛ و لا تنكر عنه أوقاتا عصيبة؛ نكلت فيها القوى الاستعمارية بمقدراتها. و غدا من اللازم اللازب ألا تتنكر له يوما؛ فذاكرة الشعوب الإفريقية وسمت بذكرى منبوذة.
و مع ذلك؛ و بكلمة التراوري: نحن هنا لمناقشة المستقبل، كيف ستكون الأوضاع في ذلك المستقبل، لدينا أبعاد و آفاق واعدة أتمنى بهذه القمة ستمكننا من إقرار المنظومة العالمية العادلة و إقامة جسور التعاون بين دولنا.
و لم يفت الزعيم الشاب أن يعلن بحرقة: أحيانا لا أفهم كيف أن إفريقيا التي تملك الكثير من المياه من الشمس و من الأراضي الخصبة.تعتبر اليوم قارة فقيرة.
هذه إشادة بفخر يتخللها تحسر جلي من النقيب إبراهيم المثقف. فإفريقيا على مفارقة؛ توضح وتسلط الضوء على الاستعمار الجديد. إن أرضها غنية، لكن مواردها السطحية والجوفية لا تزال تثري، ليس الأفارقة بوجه خاص، ولكن الجماعات والأفراد الذين يعملون من أجل إفقار السكان الأفارقة. (كوامي نكروما) .
و عليه؛ كيف أننا مضطرون و الكلام للتراوري إلى طلب المساعدة من الخارج. نحن نطرح هذه الأسئلة و لكن لا نحصل على أجوبة. لذلك نعتزم على إقامة الاتصالات و الشراكات من أجل تنمية دولنا. و كأننا بلسان حاله يستحضر المضمر. إن جيل الشباب دائما يعاني من معضلة انه عادة لا يحصل على الأجوبة الضرورية للأسئلة التي يطرحها. و بهذه الجملة الحمالة أوجه. يطلعنا النقيب بما يدور بخلده؛ إن لدينا تاريخ مشترك مع روسيا. و روسيا قدمت تضحيات كبيرة لتحرير أوروبا من النازية أيام الحرب العالمية الثانية.
ليزيد توضيحا بعدها بحرقة؛ و أنا أتحدث باسم جيلي، جيل الشباب أقول لكم إننا أحيانا مضطرين إلى عبور البحار لكي نصل إلى الأطراف الأخرى من العالم من أجل حياة أفضل. نحن نواجه ممارسات استعمارية حديثة تفرض من الخارج علينا؛ إنها العبودية الجديدة. و هنا يستدعي النقيب بفخر الحكمة الإفريقية لتكون فصل الخطاب: إن الشخص الذي لا يستطيع أن يناضل من أجل مستقبله ليس جديرا بالإشادة. ثم يجيب من وحي واقعه. لذلك نحن متعودون على الكفاح من أجل وطننا و الدفاع عنه.
و هذا رد بليغ على آليات عمل الامبريالية الجديدة؛ التي ما فتئت تكرس ما بدأته و ستظل ترعاه؛ فالاستعمار ليس آلة تفكير، وليس هيئة موهوبة بالعقل. إنه عنف في حالة الطبيعة ولا يمكنه إلا أن ينحني لمزيد من العنف. (فرانتز فانون)
و النقيب إبراهيم تراوري لم يفته أن يضع أصبعه على مكمن الداء. فقد خبر ما ترعاه القوى الامبريالية في قلب إفريقيا من خداممصالحها. فالمعضلة و الكلام للتراوري جلية لا تستدعي مواربة؛ إن قادة بعض الدول الإفريقية أحيانا لا يعطون الشيء الكافي لضمان حياة جيدة لبعض الشعوب التي تريد مكافحة الامبريالية و الاستعمارية الحديثة. لذا على قادة الدول الإفريقية ألا يتصرفوا كدمية في أيدي الامبرياليين و المستعمرين. علينا أن نحترم شعوبنا التي تناضل ضد الاستعمار بكل تجلياته.
ذلك هو ديدن الاستعمار المرئي يقنعك بأن العبودية هي مصيرك وأنك معدم بشكل طبيعي: إنه يقنعك بأنه لا يمكنك القول أو التصرف أو أن تكون.(واردو غاليانو ).
و من وحي وعيها الشقي؛ الذي ما انفكت تعميه المطامح و المطامع. ففي الولايات المتحدة وفي أوروبا غير مستعدين لتقبل حقيقة أن حقبة السياسة الاستعمارية أصبحت شيئا من الماضي. إنهم يخشون من إفريقيا قوية وذات سيادة ومتعلمة وقادرة على التطور الديناميكي. و تلك هي الحقيقة. فالاستعمار المرئي يشوهك علانية: إنه يمنعك من أن تقول، أن تتصرف، و أن تكون.( إدواردو غاليانو )
لكن إرادة البقاء تعلن عن نفسها بتحد؛ و في روح إفريقيا ما انفكت تعتمل؛ و مع كل انتفاضة تحرر ستظل تلهج.
يا شباب و شابات إفريقيا..
حذاري.. حذاري.. أن ننسى إرث أبائنا.
أشياء غريبة تتسلل إلينا.
فانظروا فيها يا شباب؛
و خذوا منها المفيد و الجميل.
( أهزوجة من النيجر)

---------------
الهوامش:
- histoireetsociete.com/2021/12/01/en-afrique-la-chine-contre-attaque-sur-lheritage-du-colonialisme/
- www.aljazeera.net/midan/reality/politics
- strategic-exploration.org/2022/02/16/مقال-تعقّب-استراتيجي-للأزمة-الروسية-ا/
- www.democraticac.de/?p=33837
- acpss.ahram.org.eg/Portal/28/مقالات/0.aspx
- www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/index.aspx#k=
- www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/ahdaf-rwsya-alastratyjyt-fy-alshrq-alawst-wshmal-afryqya
- www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/russia-middle-east-motives-consequences-prospects
- www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/russia-in-the-middle-east-
- www.bbc.com/afrique/region-59548555

#نورالدين_علاك_الاسفي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل