أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمت شريف - في حارتنا كلب














المزيد.....

في حارتنا كلب


نعمت شريف

الحوار المتمدن-العدد: 7706 - 2023 / 8 / 17 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


في حارتنا كلب!
قصة من الزمن القريب
بقلم: نعمت شريف
في الامسيات الجميلة هذا الصيف، اجلس امام نافذة المطبخ، اتناول العشاء او اقف امام الباب اتجاذب اطراف الحديث مع الجيران واطفالهم يلهون في العابهم "اين أنا؟" حيث يختبأ طفل ويبحث عنه آخر، او يتنافسون في رسم لوحاتهم على الرصيف، وعندما يحدث شجار بينهم ينادي احد الاباء او الامهات "بلا عنف" من فضلكم ايها الاطفال، والعنيف سيخرج من اللعبة. وكالعادة في كل امسية وكانه جزء من المشهد لا يتغير يمر من على الرصيف المقابل لنا رجل اشقرطويل القامة ربما في الثلاثينات من عمره. والى جانبه كلب جميل ابيض اللون، متوسط الحجم، وهما يسيران الهوينا، وبين فترة واخرى يلتفت الرجل الى كلبه وينظر في وجهه ثم يواصل السير. يقف الكلب كلما وقف الرجل ويعاود السير معه، ويذهبان في سبيلهما.
وذات مرة، وقف لبرهة وبعد ان القى علي تحية المساء، وقف كلبه الى جانبه، فالتفت اليه قائلا "انتطر" فنظر الكلب اليه وجمد في مكانه، فأغتنمت الفرصة لاثني عليه، قائلا "كم جميل ومؤدب" فاجابني بلا تردد أنا اعامله كما اعامل طفلي، ولابد ان يستجيب، انه ذكي ولكن للاسف انه معاق منذ فترة ليست بالقصيرة، ولهذا ساعدنا البيطري وهو طبيب ماهر لاقتناء ما يلائمه من عجلات لمساعدته على المشي، ولهذا اخذت على عاتقي ان اسير معه كل مساء بعد عودتي من العمل لان زوجتي منهمكة طول النهار مع طفلينا وفعالياتهم، وما اكثرها في ايام العطلة. ولذلك تراه ينتظر هذا الوقت كل يوم لنمشي معا. للحيوانات مشاعر ولا بد ان نحترمها. فما كان مني الا ان اؤيده بقولي "صدقت يا جاري، اين تسكن؟ فقال: نحن في صف الدور خلف داركم، واضاف لا بد ان اكمل سيرنا، سعدت بلقائك. فاجبته، وانا كذلك وشكرا.
ودعتهما وابتسمت مستذكرا نكتة عراقية من الزمن الردئ تقول انه عندما عاد كلب عراقي من اوروبا، واول ما واجه في عبوره الحدود العراقية-الاردنية الصف الطويل للتفتيش وهو يلهث من حر الصيف في الصحراء فتنهد قائلا : "هم رجعنا كلب عراقي، وهذا ما كنت اشتاق اليه!!" وفي هذه اللحظات، عاد جاري من تذكير الاطفال الى الاستمتاع بالالعاب من دون اذى، فقال "اراك تبتسم لوحدك؟" فاجبته يبدو ان جارنا رجل طيب، وكلبه ذكي تعود على المشي على عجلاته. فقهقه عاليا، "انه كلب محظوظ، فهذه العجلات تكلف المئات من الدولارات، بالاضافة الى اجور البيطري." فسألته على الفور "ماذا تقول في هؤلاء الناس الطيبين، ولكن في الوقت ذاته، ترى دور العجزة تعج بالعجائز من رجال ونساء. هؤلاء اباء وامهات أناس طيبين ايضا!" فاستغرب للمقارنة، وسألني "وماذا تفعلون انتم في الشرق الاوسط عندما تشيخ اباءكم وامهاتكم؟" فاجبت على الفور "نحن نعتني بهم في البيت، وهذا جزء من عاداتنا وديننا." فقال ونحن كذلك.
واستطرد قائلا: "ولكن دعني اقول ان نمط الحياة هنا مختلف تماما عن الشرق، فنحن في مجتمع لابد لكل فرد ان يعمل لنفسه ولعائلته. ولذلك كثيرا ما يحدث ان الظروف لا تساعد الابناء او البنات للاعتناء ورعاية ابائهم وامهاتهم، وعندما يصبح ذلك مستحيلا، يصبح خيار دور العاجزين افضل، ولتعلم ان ذلك مكلف جدا، ولا يعنى الاهمال، فمعظم الناس يزورون ذويهم مرة او مرتين في الاسبوع اذا لم يكن ذلك كل يوم بعد العمل. نعم لقد اصبحت الدور مسألة تجارية، وهناك مشاكل، ولكن المجتمع والحكومات المحلية تعمل جاهدة لتحسين الاوضاع وتشريع القوانين اللازمة لتنظيمها وردع سوء المعاملة. ولكن اتفق معك انه في جميع الاحوال، البقاء ضمن العائلة هو افضل الخيارات، ولا اعتقد ان احدا يتوانى في ذلك، فهم الذين اوصلونا الى ما نحن عليه اليوم، ياصديقي." فما كان مني الا ان اوفقه الرأي، فالظروف هي التي تحتم على الفرد والعائلة القيام ببعض الاختيارات الصعبة.
اجل، هذا هو نمط الحياة الراسمالية التي تحاول التأقلم مع كل المستجدات في الحياة الاجتماعية وايجاد الحلول المؤسساتية لها، ولكن هل ستوفق في مسعاها الى ما لانهاية! هناك انظمة اخرى في تاريخنا الانساني فشلت قبل النظام الراسمالي وحلت محلها انظمة اجتماعية اخرى كطفل يحبو ثم يكبر ومن ثم يشيخ قبل ان يحل محلها نظام آخر. ونحن لا يزال الطريق امامنا طويلا.



#نعمت_شريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عزاء البو هدلة
- قواعد العشق الاربعون
- الدفاع عن الارض والعرض شهادة -قصة حقيقية من زمن الارهاب-
- الخال -قصة من صميم الواقع-
- ألكرد الزازا في تركيا: أقلية شرق أوسطية في مجتمع العولمة
- الشبك بين المطرقة والسندان
- رأيان متناقضان عن حدث واحد
- ملاحظات على مقالات شيري ليزر والتعليقات عليها
- قراءة في كتاب -في ظلال الجبل- من ذكريات الثورة والمقاومة-الج ...
- هل قرأ الرئيس بوتين كتاب بريجنيف عن أفغانستان قبل غزو أوكران ...
- -الارادة لان ترى-
- الهجوم الايراني على اربيل ورسائله المتعددة لاطراف عراقية ودو ...
- اهمية اللغة للنهوض بالشبك
- الديمقراطية الأمريكية في المحاكمة!
- الارتقاء
- الشبك في نينوى
- حوار مع الفنانة القديرة مهاباد
- الوحدة
- رسالة إلى الرئيس بايدن حول العمليات العسكرية التركية في كردس ...
- بين مؤتمر التطبيع مع أسرائيل والانتخابات العراقية


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمت شريف - في حارتنا كلب