أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعمت شريف - ملاحظات على مقالات شيري ليزر والتعليقات عليها















المزيد.....

ملاحظات على مقالات شيري ليزر والتعليقات عليها


نعمت شريف

الحوار المتمدن-العدد: 7355 - 2022 / 8 / 29 - 20:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم: نعمت شريف
صدمت عندما قرأت مقالة الكاتبة شيري ليزر وهي تحاول تجميل وجه صدام حسين بعد ان قبحه بنفسه لما يربو على الثلاثة عقود في حكم العراق. كنت اظن انها صديقة للشعوب (وليست للدولة) وخاصة المظلومة منها كالشعب العراقي بشكل عام والشعب الكردي بشكل خاص تحت حكم صدام حسين، وكنت قد التقيتها في منتصف تسعينيات القرن الماضي في حفل تكريم احد الاخوة الكرد لخدماته الانسانية في معسكر للاجئين. حقا انه من الغريب ان نجد كاتبا غربيا ينعم بالديموقراطية، ولكنه يمجد او على الاقل يبرر وحشية نظام من اعتى الانظمة الدكتاتورية على مرالعصور والازمان. سأحاول حصر هذه الملاحظات لفترة حكم صدام حسين، لان مايحدث الان لا يغير من الامر شيئا ولا يبرر ما سبقه. ولكن السابق يمهد لما بعده.
لقد قيل إن "صدام حسين كان منصفا الى حدما في توجيه غضبه ووحشيته للجميع". هذا يحمل بعض الحقيقة في طياته حيث يحاول العديد من العرب البعثيين الشوفينيين تشويه شرعية النضال الكردي. الحقيقة التاريخية لا تزال ثابتة: كان صدام حسين طاغية يعتقد أن الحكم المستقر لا يمكن أن يأتي إلا من خلال القوة والبطش، وليس من خلال تطبيق القانون عندما قال قولته الشهيرة: "القانون ليس سوى جرة قلم". فاحترام إرادة الشعب وحقوق الإنسان والديمقراطية ليست سوى مفاهيم لخدمته.

مما لا شك فيه أن سياسات صدام حسين أوصلت المجتمع العراقي إلى حافة الفشل على طول "خطوط الصدع" العرقية والطائفية. كانت قاعدة سلطته هي السنة الذين يشكلون حوالي 15٪ من إجمالي السكان لأنهم كانوا الأغلبية داخل كل من حزب البعث العربي والحكومة العراقية. لا يمكن للكردي أبدا أن يكون بعثيا ويبقى مخلصا لنفسه ولهويته الكردية، في حين أن الشيعي كان دائما مشتبها به في نظر "رفاقه". وسوف يدرك مؤرخ منصف مثل هذه السياسات الضارة ليلومه على تمهيد الطريق للصراع الطائفي والعرقي الذي نراه في العراق اليوم.

ما يجعل المقال غير متوازن ويقوض مصداقية الكاتب هو بالضبط ما فعلته السيدة ليزر لابراز الكتابة عن جانب أو "وجه" واحد لصدام حسين وتجاهل الجانب الآخر. في الواقع ، تذهب في بعض الأحيان إلى أبعد من ذلك بكثير لتبرير بعض وحشيته وإلقاء اللوم على ضحاياه. أجد صعوبة في رؤية ما وراء قبحه للوصول إلى وجهه "الأجمل".

لقد فاق صدام حسين في وحشيته وسفك الدماء على هتلر لأن هتلر اهتم بوطنه وأحبه ولم يعمل على ابادة شعبه. نعم، كان هتلر عنصريا وكذلك صدام. في الواقع، كان ميشيل عفلق، مؤسس حزب البعث، تلميذا لموسوليني(1). قال هتلر "ألمانيا فوق الجميع". وكذلك شعار البعث "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" تجسد رسالة مماثلة. أراد هتلر اخضاع العالم للحكم الألماني. جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها صدام حسين قطاعات كبيرة من الشعب العراقي، (كالكرد والشيعة) وهم الذين كان من المفترض أن يحميهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: لماذا تقوم كاتبة ذات باع طويل في الكتابة والسياسية وتقدم نفسها كخبيرة في شؤون الشرق الاوسط بتلميع احد اقبح الوجوه الدكتاتورية في عصرنا الحديث وتقوم بمهاجمة معارضيه في الداخل والخارج والاستهانة بمظالمهم بذرائع الفساد والعنف واللا ديموقراطية! في الوقت الذي، كما قيل قديما، ان المال والسلطة اكبر مفسدتين للحكم، ولا ينجو منهما الا القلة القليلة، وقد فشلت الساسة العراقيون في هذا الامتحان العسير. ولا يمكن الادعاء بوجود قديسين في الحكم سواءا في الشرق او الغرب. فالقديسون لا يطلبون المال والسلطة. هل ان السيدة ليزر ملت الحياة الغربية بديموقراطياتها الليبرالية ونمط الحياة في المجتمعات الرأسمالية الغارقة في طلب المال واللذة، ولنترك السلطة للسياسيين.
لا احقد على احد، ولا حتى المدافعين عن صدام حسين بعد رحيله من عالمنا هذا. فانا اعتبر مقالاتها نوعا من الرياضة الفكرية، ولهذا ابحث في قرارة نفسي عن سبب يبرر الجنوح الى السير في هذا المسلك الشائك. هل ان السبب يكمن في طلب الشهرة على قاعدة "خالف تعرف"، او التعاطف مع الدكتاتور، واذا كان هذا، فهم كثر! وهل سيكون المشروع القادم تبييض وجه الرئيس الكوري الشمالي او تبرير ما يقوم به السلطان التركي؟ ام انه التهافت وراء ما يمكن ان تجنيه من الكتاب اذا تم تبنيه ونشره من قبل دور النشر التجارية؟ ام ماذا؟
في التعليقات والردود، لا حظت عدم التمييز بين الساسة الذين يسيئون استخدام السلطة او يغريهم المال، وبين قضايا الشعوب التي بسببها وصلوا الى ما هم عليه من مال وسلطة. قضايا الشعوب ستبقى مشروعة وعادلة حتى وان تحققت اهدافها وتحققت العدالة. يمكن ان تنحرف الثورات التحررية و الحركات الاجتماعية والاصلاحية عن مسيرتها ولكن تصحيح مسارها حتمي ولا مفر منه وتتوازى هذه الحتمية مع الحتمية الديموقراطية عندما قال جون ديوي " إن علاج أمراض الديمقراطية هو المزيد من الديمقراطية." فقوة الديمقراطية هي في حكم المواطنين أنفسهم إلى أقصى حد ممكن بدلا من تفويض سلطتهم ومسؤوليتهم إلى ممثلين يتصرفون باسمهم، ناهيك عن رجل واحد يمثل الجميع، كما قال صدام حسين ذات مرة: "إذا قال صدام قال العراق."
ولكن "كيف يمكن لا حاكم يحاول الحفاظ على تماسك العراق كبلد ان يفعل ذلك، او يمكنه ان يفعل ذلك." والحل في الديموقراطية الحقة من غير غش او تورية. ولذلك، فإن مسألة إدراج التهديدات الداخلية والخارجية لتبرير الديكتاتورية هي مسألة خلافية لا يقبلها عاقل. انظروا الى الدول الغربية، الاوروبية والامريكية! ليس العراق البلد الوحيد متعدد القوميات والطوائف في العالم. فالدول الديموقراطية لها نصيبها من التعددية الاثنية والدينية والمذهبية، ففي الولايات المتحدة وحدها هناك العشرات ان لم تكن المئات من الطوائف والمذاهب والاديان والقوميات. وكلهم يعيشون في ظل خيمة الديموقراطية في وئام وسلام. هذا لا يعني ان الشعب الامريكي ومسؤوليها كلهم ملائكة وقديسون، والمجتمع الامريكي ليس كما يرتجى، ولكن ارادة الشعب السياسية المتمثلة في النظام الديموقراطي لم ولن يسمح بالانجرار الى الاقتتال الداخلي او ظهور الحاكم الاوحد. رب سائل عما حدث يوم 6 يناير 2021، نعم كانت تلكم الاحداث (2) طعنة كبيرة ولكن ارادة الشعب كانت الاقوى، والفوضويون يدفعون ثمن التهور، وبضمنهم الرئيس السابق دونالد ترامب. نعم كانت شعارات "امريكا اولا" و"لنجعل امريكا عظيمة مرة اخرى" دورها في ايقاظ النزعة العنصرية وتحشيد الفوضوين.
ليست القوة والبطش الوسيلة الانجع للتعامل مع "اعداء" النظام اذا صح التعبير وخاصة عندما يكون العدو داخليا ومن الشعب الذي من المفروض ان يحميه النظام. وفي هذا الصدد لا بد ان اثمن للكاتبة اختيارها الدقيق للكلمات منها "صديقة الدولة" ولم تقل صديقة او صديقة الشعب، ووصفها صدام حسين بالحاكم وليس بالرئيس لان لكل من الوصفين مدلوله فالحاكم على سبيل المثال يكون الشخص عسكريا جاء الى الحكم بطريقة ما وغالبا عن طريق الانقلاب او التعيين وخاصة من جهة خارجية مثل صدام وبريمر على التوالي. حيث لم يأت أي منهما إلى حكم العراق عن طريق انتخابات شرعية ونزيهة.
عندما تحرسك الذئاب، سيتبعك القطيع ناكسي الرؤوس. في عهد صدام حسين، كان العراق دولة بوليسية تمارس ارهاب الدولة في وضح النهار، وكيف لا عندما يجلس "الرئيس" يمارس سلطات العصابة في قاعة الخلد الفخمة المعروفة فيما عرف لاحقا ب"مجزرة الرفاق" وهو يقرأ الاسماء من قائمة معدة للاعدام ورفاقه يملؤون القاعة، منهم من يرتعد خوفا ومنهم من يذرف الدموع في صمت لرفاقه الذين يتم اعدامهم في غرفة مجاورة. تصور هذا المشهد المرعب وكانه مشهد من جحيم دانتي. ويلي ذلك مشهد آخر دائم الحضور في اذهان العراقيين عندما تستيقظ العائلة قبل ان ينبلج الصباح على ركلات اناس مسلحين يلبسون اقنعة سوداء ليقودوا من يشاؤون، وغالبا يكون الاب، الى غير رجعة حتى اصبح هؤلاء يعرفون باسم "زوار الفجر" في الادب العراقي من شعر وقصة. ولا داعي لسرد احداث جلل في تاريخ العراق الصدامي من استعمال الاسلحة الكيمياوية والانفال وقمع التظاهرات وتجفيف الاهوار وانتهاك الاماكن المقدسة وغيرها الكثير الكثيرلايسعنا سردها في هذا المجال.
وأما عن التعذيب الممنهج واساليبه في عهد صدام حسين فقد وصل الى مستوى قل نظيره في الانظمة الدكتاتورية العالمية كاحواض التيزاب، وقطع الاذان والالسنة، وحملات تطهير السجون بتنفيذ حملات الاعدامات الجماعية التي كان يشرف عليها ابنه قصي صدام حسين.(5)
اما وصف الحركة التحررية الكردية بحرب "القبائل الكردية المنشقة" فهذا فيه تعسف كبير، لان القضية الكردية وحركتها التحررية ليست وليدة اليوم ولن يحيدها عن مسارها مسؤول فاسد، مقالة كاتب، صراعات احزاب واشخاص اوعثرة مهما كانت او طال بها الزمن. مصير الشعب تقرره ارادة الشعب الجمعي وليس ارادة شخص ما اوفئة معينة رغم الدور الذي يمكن ان تلعبه شخصية كاريزمية من تسريع الاحداث او ابطائه، فليطمئن الجميع ان يوم النصر آت لا محال. او كما قال الشاعر التونسي:
"اذا الشعب يوما اراد الحياة ***فلا بد ان يستجيب القدر
ولابد لليل ان ينجلي *** ولا بد للقيد ان ينكسر"

الملاحظات والمصادر:
(1) اصوات، الاعداد 1-7 من ثمانينات القرن المنصرم. (بالعربية)، وكذلك: مقالات الدكتور عبدالحسين شعبان في صحيفة المدى (بالعربية)، منها )https://almadapaper.net/view.php?cat=257345(
https://www.youtube.com/watch?v=08OIKYPEBWM(2)
(3) بعد ظهر يوم 6 يناير 2021 ، قامت مجموعة من أنصار دونالد ترامب الذين حاولوا التدخل في التصديق على الأصوات من الانتخابات الرئاسية لعام 2020 ، بنهب مبنى الكابيتول وتدمير الممتلكات وإضطرار أعضاء الكونغرس وموظفيهم إلى الاختباء. وتوفي متظاهر وأصيب أكثر من 100 من أفراد الحماية.
(4) ديوان ابو القاسم الشابي، قصيدة ارادة الحياة.l
(5) احمد رائف، الكتاب الاسود: امنعوا هذا الرجل من هدم الكعبة: صدام حسين، الزهراء للاعلام العربي. كتاب وثائقي عن فاشية النظام البعثي. وهناك الكثير من وثائق منظمات حقوق الانسان العالمية وتقاريرها السنوية التي تصف تفاصيل التعذيب في العراق في عهد صدام حسين.



#نعمت_شريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -في ظلال الجبل- من ذكريات الثورة والمقاومة-الج ...
- هل قرأ الرئيس بوتين كتاب بريجنيف عن أفغانستان قبل غزو أوكران ...
- -الارادة لان ترى-
- الهجوم الايراني على اربيل ورسائله المتعددة لاطراف عراقية ودو ...
- اهمية اللغة للنهوض بالشبك
- الديمقراطية الأمريكية في المحاكمة!
- الارتقاء
- الشبك في نينوى
- حوار مع الفنانة القديرة مهاباد
- الوحدة
- رسالة إلى الرئيس بايدن حول العمليات العسكرية التركية في كردس ...
- بين مؤتمر التطبيع مع أسرائيل والانتخابات العراقية
- ثلاثية الهجرة*
- التل الذي نتسلقه
- اصوات من زمن الحب والحرب
- بطاقة حب
- لا زلت احلم
- لقاء
- قراءة في كتاب -في ظلال الجبل- من ذكريات الثورة والمقاومة
- للتاريخ.... (عرض كتاب)


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعمت شريف - ملاحظات على مقالات شيري ليزر والتعليقات عليها