أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - الكويت والكوت والكبت المكبوت














المزيد.....

الكويت والكوت والكبت المكبوت


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 7693 - 2023 / 8 / 4 - 00:01
المحور: كتابات ساخرة
    


نُقلت الى الوحدة (١٤١ ح ج) منذ أشهر كئيبة وهي واحدة من ثلاثة كتائب كل كتيبة تحتوي (ثلاث بطريات) يمثلن أكبر قوة نارية من (مدفعية نمساوي) وصواريخ (لونا) و(گراد) يتبعن قوات (الفارس المقر) التي أنقسمت قبل أيام الى (قوات الله أكبر والفتح المبين) الوقت أيامها في العام ١٩٩٤ ، كان العراق في أضعف حالاته وصار الجيش يتهيكل ويعاد بنائه ليكون أهم أوراق المضاربة لدعم سياسة السلطة وبقائها فصارت تستخدمه للحصول على مكسب أو متنفس بعد إطباق الحصار على عنق العراق الذي جعل الأخير آيل للسقوط فكان الأطفال يموتون وكل الشعب يرزح تحت جوع شديد حيث الخطر وصل الى النظام نفسه وبات مهدداً بسلب الإرادة والهزال والخمود...
لم أكره وحده عسكرية مثلما كرهت تلك الوحدة الشديدة المراس والبأس
بل أن أبو غريب يعتبر (إجازة) أمام تلك الوحدات التي تسمى (فعّالة) و(قوات نخبة) لاتهجع ولاتركد ولاتمكث بمكان أكثر من شهر ..
لا ألوم عماد ناجي حالوب عندما كان يهرب بعد كل إجازة ويأتون به الإنضباطية مخفوراً فنستلمه عشرين مرة ثم يعاود الهرب من (السيم) لذلك كنت أتعاطف معه بالتوسط وتجهيزه كل مرة بالبدلة والبطانيات والمكان النظيف كلما أتوا به مكبلاً مقبضواً عليه من منطقة الشعب ، مثلما تعاطفت أيضا مع غيره وكان منهم مطربا معروفاً لازال يظهر على الشاشات الى اليوم ..
من خدم في الحرس تلك الأيام يعرف ما أقصد (عرضات حركات ميدان جبلي نيسمي إجمالي عرعر أحمد أبن هاشم نباعي مع واجبات متواصلة نهارا وليلا) تجعل الجمل ينتفض ويرفض ويجازف ويبتكر كل الطرق الممكنة للأفلات والنزول الى البيت فنحن في حصار وجوع والجنود لايملكون أجرة الوصول الى وحداتهم فكيف لهم أن يماشوا هذا الضبط والربط وتدبير الطعام والملبس ومواصلة العيش بنفس الوقت !
فبعد حرب الخليج الثانية تحولت الشعارات من (قومية علمانية) الى (إسلامية إيمانية) حولناها نحن الجنود الى (مباركة أباحية) فحلّلنا الواسطات والتبرع والفلتان (خميس وجمعة) فننزل ولوأمطرت صواريخ ..
مرة كنت في ختام إحداها فوصلت معسكر الصويرة متأخراً مع ضحى السبت ، ربما كنت آخر جندي وصل (الباب النظام) فالجميع رحل ولم يبق سوى آمر لواء وحمايته مع سيارتين كان يلّوح للرتل ، فاجئته بمظهري وبسطالي (الأنيق!) فبدى مرحّبا وهو يشير لي بالهرولة نحو آخر سيارة (أورال) حين فتحت بابها فوجئت أن سائقها أبن وحدتي (هادي زغير لفته) من أهالي الكوت يعمل بالمدني (سائق رف)
كان هدف الحركة (الرميلة الجنوبي البرجسية) ولامجال للإستغراب فنحن مجرد جيش
حين وصلنا (الحفرية) عرجّت على السيد (أبراهيم العبد دهام) وكان مديرا محترماً للناحية أستقبلنا بترحاب مع فطور سريع وطلبت منه أن يخبر أهلنا (بالهاتف الأرضي) بأننا متوجهين الى البصرة في واجب طويل..
وصلت مقدمة الرتل الى (شيخ سعد) حين توقفنا متأخرين في قرية للغجر عرفني عليها زميلي (هادي زغير) تقع على طريق العمارة بعد الخروج من مدينة الكوت لنتغدى في المطبخ المتنقل والكل يردد بتهكّم (ياحوم أتبع لو جريّنا) لأن برقية الإستخبارات أعلمتنا أن عدد من ناقلاتنا وسياراتنا توقفت بسبب التقادم والأعطال وهناك تأخير بالوصول وعليه يجب أن نبيت في قلعة صالح ذلك المكان الذي لانوم فيه بسبب البق والبعوض ، ليلتها ربما حصل أكثرنا منواماً على ساعتي نوم
بعض القوات تسللت مكشوفة الى غابات الأثل بعد عبورها هور الحمّار والذي كانت أرضيته سوداء بسبب شحة المياه ونضوح النفط ، وأقول مكشوفين لأن الطيران المعادي كان يترصدنا ويلعب (لعب الخضيري بشط)
بعد تجهيز الخنادق والإنتشار مكثنا أيام طويلة في الغابات (التي انقرضت الآن) فكنا نستطلع حدود الكويت التي لاتبعد عنا سوى أقل من عشرين كيلو متر ونراها واضحة وقريبة جداً خصوصا عبر الصحراء في الليل
الشيء الغريب الذي أصابني وأصاب كل الجنود أننا أستسلمنا لفكرة (إجتياح الكويت مرة ثانية) رغم التجربة المروعة المريرة التي حصلت قبل أقل من أربعة سنوات وماصاحبها من إنسحاب مرير في طريق الموت
حاولت أن أحلل سبب الرضوخ لتلك الفكرة الغبية او الغريبة التي نعرف نتائجها الكارثية مسبقاً ، حتى أستنتجت أن (القطة حين تنحصر تدافع عن نفسها وتؤذي الذي يهددها كيفما لها من سبيل) مهما بلغت من الضعف ، وأن الشعوب يجمعهم الوطن مهما كانوا مهمومين ومنقسمين ومتخاصمين، فرغم التذمر والمصاعب والجوع الذي جعلنا نطبخ الذرة (بدون حتى ملح) فنأكلها ولانبقي منها شيء ، كنا ننتظر برقية بدء الهجوم !
حتى أتت لحظة ربما (عقلانية) جعلتنا نطلب من المخابر (محمد السمين) أن يعيد البرقية على مسامعنا تلك التي أتت في الثالثة وقت الفجر
أعادها علينا مرات عديدة كي لايحدث إلتباس بالأسماء فنذهب (بولة بشط)
(البرقية : ن . ٣٠٠ كافة وحدات ح ج حركة الى معسكر الحسينية واسط الكوت) .. عدنا من الرميلة خانعين كمن يعود لبيته فلايجد سوى الظلام والألم والجوع ...
حاليا ونحن في العام (٢٠٢٣)
حين أقرأ تلك الأخبار والمناكفات وبعضها يقولون إشاعات ، أضحك ضحكة مريرة وأقول:
التمادي يحول القط الى أسد مهما كان القط جائعا أو هزيلا أو (مگرود)
وأردد ذلك عسى أن يفهم الأشقاء والأعداء أن (تعاليهم وتكبرهم وتوسعهم) ولا أقول عنصريتهم الواضحة للعيان صارت واقعاً ملموس
ودليلي في ذلك خطابهم (المانع) و(غير الممتنع) الذي يحيل المتشدق الى ظالم بعد أن سيق لنا أنه كان مظلوم ..
من واجبي كمخلوق بشري أن أدرأ الحماقات والتمادي مهما كان مصدرها فهي مع الغطرسة والرعونة تحيل الأيام العادية الى جحيم لايسلم منه الجميع فالقطط لازالت تتوالد وتتكاثر رغم كل التضييق والخنق
وفي الختام أستميحكم العقل والإحترام والحكمة يامعشر الأنس



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسريب علي فاضل في العصر الغير فاضل
- حكومات العراق واللعبة القديمة
- كهرباء أم ذويل
- الثقب الأسود وعودة العقل العلمي السليم
- الهالووين العراقي والحاجة أم الأختراع
- كيف يعود الفرح للعراق
- كورونا ونبوئة ستيفن هوكينغ قبل الأنهيار
- حكاية العرّاف والمجتمع الأعمى
- حكايات مجتمعات الفطرة والأزمات الكبرى -كورونا مثلاً
- حكايات مجتمعات الفطرة والأزمات الكبرى -كورونا مثلاً
- الكورونا وعقدة الخجل من الأمراض بالمجتمعات العربية
- هزيمة الكورونا بإتحاد المخلوقات البشرية
- فوبيا الحقيقة في مسلسل الفندق
- كناغر الجهل
- نادي باريس وصندوق (....) الدولي
- سد أليسو وموجز الحرب المائية على العراق
- الى آخر من يعلم:هل أتاكم حديث الجلطات في العراق!
- زلزال الوجود
- سائق الكوستر و إسماعيل جلبي
- رسالة الى شتاء العراق


المزيد.....




- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - الكويت والكوت والكبت المكبوت