أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد عبدالحسين جبر - جدار بين ظلمتين














المزيد.....

جدار بين ظلمتين


وليد عبدالحسين جبر
محامي امام جميع المحاكم العراقية وكاتب في العديد من الصحف والمواقع ومؤلف لعدد من

(Waleed)


الحوار المتمدن-العدد: 7680 - 2023 / 7 / 22 - 11:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


" صديقنا السوري ، قال لي إنه ربما يفرج عنه عن قريب، ولهذا يود ان يعطيني شيئاً و أن أعطيه شيئاً، كذكرى لوجودنا في الزنزانة نفسها، لتثبيت هذه المعرفة التي حصلت بيننا فقال: أعطيك حذائي وتعطيني هذه الجزمة للذكرى ، وافقت في الحال و هكذا لم يمض أكثر من يومين أو ثلاثة حتى خرج صاحبنا السوري و معه الجزمة، وترك لي حذاءه القديم والقبيح و النتن الرائحة و لم يمض النهار على هذا التبادل حتى التفت إليَّ معتقل آخر كان مرتدياً ملابس ريفية تقليدية و قال هذا الحذاء ما يفيدك هل تعطيني إياه، فوافقت أيضاً، و هكذا بقيت حافياً بلا حذاء بنعل المخابرات فقط. إلا أن نعل المخابرات الذي كان من حصتي حينما استبدلوا الملابس الرسمية بملابسي الخاصة، أي البيجامة و النعل كانت إحدى فردتيه أكبر من الأخرى. فكان منظري مضحكاً و كاريكاتورياً حينما ألبسه و أذهب إلى المرحاض أو إلى التحقيق" " بعد منتصف الليل، قرقع باب الزنزانة الحديدي، و إذا ببدن ،ضخم طويل القامة، يُدفع و يُرمى بيننا رقد جامداً بلا حركة و جمدنا معه فلم لم تمض إلا دقائق قليلة حتى أراد الذهاب إلى المرحاض. فبينا له أن ذلك غير ممكن، بل ممنوع منعاً باتاً بعد وجبة العشاء و إقفال الباب الحديدي علينا قال ، لا أستطيع الاستمرار على هذه الحالة، فلا بد لي من الذهاب إلى المرحاض. أكدنا عليه استحالة طلبه و الانتظار الصباح، وطلبنا منه الهدوء و الصمت . قال سينفجر، و لا بد لي من أن أذهب إلى المرحاض (راح) أطق حسب تعبيره. فقلنا له: هنا إبريق للتبول، أجاب ليس التبول، لا بد من أن أذهب إلى المرحاض فوقف وأخذ يضرب الباب و جمدنا في اماكننا لا ندري ماذا سيحل بهذا الضيف الجديد جاء الحارس في الحال وبين أنه لا بد له من أن يذهب إلى المرحاض ، فقال له : اسكت الباب لا يفتح ممنوع » غادرنا الحارس ، فطرق الباب مرة أخرى وأخذ يصرخ بأعلى صوته راح أنفجر راح ،أطق افتحوا الباب . » جاء الحارس و صرخ بدوره اسکت» و إن طرقت الباب مرة أخرى كسرت عظامك . فتوسل الزائر الجديد و قال رحمة بالكلاب فأجابه هذه آخر مرة تطرق فيها الباب و إلا أكسر ضلوعك . لم يتمكن من الجلوس، و أخذ يردد ما في رحمة للكلاب. راح أطق رحمة بالكلاب، و لم يتجاسر أن يدق الباب مرة أخرى ، فأخذ أحدنا طاسة إضافية، غير التي نستلم فيها الطعام و قدمها له، فتغوط فيها، برازاً سائلاً، شديد الرائحة و أخرج صاحبنا منديلاً من جيبه و أخذ يمسح قاعدته و سرواله الذي تلوث ببرازه و أعادها إلى جيبه . ما العمل؟ أخذت الرائحة تخنقنا، فأقدم أحدنا و غطى الطاسة بالكيس الذي نحفظ فيه الصمون، حتى خفت الرائحة بعض الشيء، وحاولنا قدر الإمكان تحملها و الصبر عليها حتى الصباح " هذين مقطعين ليس من رواية دستوفسكي او تولستوي ولا كتبهما نجيب محفوظ او احسان عبدالقدوس ولا أي روائي اخر وانما المهندس المعماري رفعة كامل الجادرجي في سيرته الرهيبة " جدار بين ظلمتين " الذي كتبه بمعية زوجته بلقيس شراره هي كتبت فصول ما كانت تعانيه عند اعتقال زوجها و هو كتب ما يعانيه في سجون الامن فأنتجا لنا رواية حقيقية لو كانت في مصر لأُنتجت فيلم سينمائي نال اعلى الجوائز وخلّد تلك الحقبة السوداء التي نأمل ان لا تعود مثيلاتها على عراقنا المسكين ! لا سيما وهو يحكي لنا ما كان يعيشه ويشاهده مشاهدة عيانية في سجون الامن العامة في العراق في سبعينيات القرن الماضي لا تهمة له سوى انه لديه عمل هندسي مع احد الشركات الاجنبية ، وهذه المذكرات طبعا وثيقة تاريخية مهمة ، للأسف لم تأخذ حظها من الاهتمام على مستوى الاعلام العراقي او العربي ولا أرَ أحد من المهتمين بالتاريخ العراقي المعاصر قد أهتم بها ولا اعرف السبب ربما وراء ذلك اجندات سياسية وضغوط تحت بريق المال !
استذكار وقراءة هذا التاريخ لا يعني تبرئة الحاضر من وجود المظالم والاخطاء ولكن توثيق المراحل بحياد تام كفيل بأخذ الدروس والحيلولة دون تكرار هكذا ظلم فضيع ، خاصة واننا شهدنا في الآونة الاخيرة محاولات ممنهجة لزروقة صفحات الفترة السابقة وتصويرها على انها زمن جميل كله ، واي مؤرخ منصف لا ينكر وجود ملامح جمال صنعه العراقيين الا انه لا يمكن ان تغيب صفحات التعذيب والدكتاتورية والظلم وما اقتبسناه اعلاه نزر قليل من كم هائل من الاف القصص والكوارث التي عاشها العراقيين دون نجدة من مجتمع عربي او دولي او منظمات حقوقية ، ولا ادري كيف يحتفظ بخصائصه الانسانية من يريد ان يشطب بقلمه على هذه الكوارث متعللا بما يعاني الشعب الان من سوء الخدمات والفساد الاداري والمالي ، اكرر ادانة الماضي القريب لا يعني تبرئة الحاضر فلنكن شهود عدول على تاريخنا المعاصر ايها العراقيين.



#وليد_عبدالحسين_جبر (هاشتاغ)       Waleed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع المحامين
- مأذون شرعي ضد الاصلاح
- من هو الشخص؟
- الابداع يوحدنا
- مرافعة ام محاكمة؟
- أنا غير مسؤول لإنني صاحب ساحة!
- جريمة حرق القران
- مسلسل تلفزيوني يقتل صداقة
- اوقفوا العنف لدى اطفالنا
- تعديل قانون المحاماة متى ترانا ونراك!
- كيف نسأل الشاهد في المحكمة
- من اجل السيفي
- سعر صرف الدولار بين الواقع والقانون
- يريدونها مجالس اعيان
- نصوص معطلة
- حينما تكون الاثاث الزوجية ملك الزوج
- تقدير الشهادة تحت رقابة محكمة التمييز
- رسالة الى رئيس مجلس القضاء الاعلى المحترم
- اين اتحاد المحامين العرب منا؟
- تأييد الحضانة واجرتها بين القانون والقضاء


المزيد.....




- ردا على الجنائية الدولية والمدعي العام كريم خان.. شاهد ما قا ...
- بيسكوف يصف تصريح بلينكن بشأن وفاة رئيسي بأنه غريب وغير لائق ...
- الكرملين: بوتين سيعقد اجتماعا هاما مع ملك البحرين في موسكو ي ...
- هل أصل الكارثة تحرش؟.. مفاجأة أثناء التحقيق في غرق فتيات بن ...
- الجيش الروسي: حررنا بلدة جديدة في دونيتسك وأوكرانيا خسرت أكث ...
- أستاذ قانون دولي لـRT: اعتراف النرويج وإيرلندا بفلسطين يعزز ...
- المدعي العام في سلوفاكيا: ربما تتم إعادة تصنيف محاولة اغتيال ...
- كيف كانت ردود الفعل على اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج بفل ...
- هل يستعد الجيش المصري للحرب مع إسرائيل؟.. خبير عسكري يرد على ...
- بكين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد عبدالحسين جبر - جدار بين ظلمتين