أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر لازم الكناني - التدين والشخصية















المزيد.....

التدين والشخصية


حيدر لازم الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 7669 - 2023 / 7 / 11 - 00:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التدين والشخصية
في النظر إلى مدى ارتباط التدين إلى الابعاد الرئيسية للشخصية، فينبغي علينا اولًا أن نوضح ما يعينه التدين. ومن المحتمل من خلال ملاحظتك أن الأفراد الذين على ما يبدو يواظبون على ممارسة الطقوس الدينية المتنوعة قد يكون لديهم دوافع مختلفة للغاية عن ما يقومون به وهي: بعض السلوكيات الدينية للأفراد تعكس ايمانهم العميق، في حين هناك أفراد آخرين يكون تعبيرهم عن التدين اساسًا بقصد مسايرة المجتمع الذي يعيشون فيه. بمعنى آخر بعض الناس هم فعلا متدينون حتى أذا لم يشاهدهم احد، في حين أن بعض الناس الآخرين يلاحظ أن طقوسهم الدينية ببساطة لأجل نيل والحفاظ على المكاسب والقبول الاجتماعي. في القسم القادم سوف نركز بشكل رئيسي على جوانب التدين من النوع السابق، وبعض الباحثين اشاروا إلى هذا من كونه نوع من التدين الجوهري أو الباطني Intrinsic religiosity، بسبب أن النشاط الديني للفرد يستند على وجهة نظر أن الدين هو مهم بحد ذاته أو شيء جوهري. على وجه التحديد عندما ننظر إلى النوع الاقل من التدين لاحظ أن هذه الأنواع المختلفة الأخرى في الغالب يطلق عليها التدين الظاهري Extrinsic religiosity، لأن التدين يتم التعامل معه هنا بأنه طريقة للحصول على بعض الأهداف غير الجوهرية بدلًا من كونه شيء مهم بحد ذاته
عدد من الدراسات بحثت العلاقة بين التدين وابعاد الشخصية الخمسة ، ووجهة النظر عن تلك الدراسات كان قد تم استعراض نتائجها (Saroglou, 2010). ومن المحتمل أن معظم النتائج كانت مثيرة للاهتمام وهو أن الدين يميل إلى أن يكون ضعيفًا مع تلك الابعاد وهي: التدين لم يرتبط بشكل قوي مع أي من العوامل الخمسة الكبار. وهو أن بعض الميول من الأفراد الذين هم أكثر تدينًا لديهم مستويات عالية على عامل المقبولية وعامل يقظة الضمير وبلغ الارتباط حوالي 0.20 درجة (تقريبًا اقل من عامل يقظة الضمير). وبالتالي فأن هذه النتائج أشارت بأن الناس المتدينين بشكل كبير هم في بعض الأحيان "افضل سلوكًا" من الناس غير المتدينين، ولكن اكرر بأن الميل ليس قويًا
وهذه النتائج ابرزت السؤال المثير للاهتمام عن لماذا الناس المتدينون يميلون أن يكونوا أعلى قليلا على عامل المقبولية وعلى عامل يقظة الضمير. وهل الأفراد الافضل سلوكًا هم على الأرجح يكونون أكثر انجذابا إلى الدين؟ أو هل الدين يميل إلى جعل الناس أفضل سلوكًا؟ أو كليهما؟ الأهمية النسبية لهذه التأثيرات لم يتم معرفتها لحد الآن. على أي حال بعض الأدلة أشارت بأن الشخصية تميل إلى التأثير بالتدين بدلا من الطرق الأخرى: دراسة طولية التي قام بها وينك وزملاؤه وجدوا مستويات لسمات الشخصية في مرحلة المراهقة كانت منبأ في مرحلة الرشد المتأخرة، إلا أن التدين في مرحلة المراهقة لم يكن منبئًا لمستويات سمات الشخصية في مرحلة الرشد المتأخرة.
فضلا عن تلك النتائج التي تم ذكرها اعلاه فأن هناك أيضا بعض العلاقات المثيرة للاهتمام بين التدين وعامل الانفتاح على الخبرة. وبشكل عام فأن التدين غير مرتبط تقريبا مع عامل الانفتاح على الخبرة، ولكن هذه الحقيقة تخفي بعض التناقضات المثيرة للاهتمام بين طريقتين مختلفتين للغاية أذ يتم التعبير عنه في التدين. اولا لننظر ما قد يطلق عليه الاصولية الدينية Religious fundamentalism والتي تتضمن الطاعة المتشددة وعدم التشكيك والإخلاص نحو قواعد وتعاليم الدين نفسه. وفي التالي سوف ننظر إلى ما يطلق عليه الدين الروحي Spirituality والذي يتضمن الإحساس بالوحدة واللقاء مع الاله والكون والشعور الشديد بالحماسة والإلهام الديني feeling of religious fervor´-or-inspiration.
هل يمكن التنبؤ عن مدى ارتباط هذين الجانبين من التدين إلى الانفتاح على الخبر؟ وكما ذكر سارغلو في مراجعته بأن الاصولية الدينية ترتبط سلبيًا مع عامل الانفتاح على الخبرة. في حين أن الدين الروحي يرتبط ايجابيًا مع الانفتاح على الخبرة. وهذه النتائج تبدو منطقية أذا المرء اخذ بنظر الاعتبار السمات التي تشكل عامل الانفتاح على الخبرة في العلاقة إلى هذين التعبيرين من التدين. فالأفراد الذين لديهم مستوى عالٍ من الانفتاح على الخبرة لديهم فضول معرفي وغير تقليديين inquisitive and unconventional وهذه النزعات من المحتمل أن تؤدي بهم إلى التشكيك عن تعاليم الدين التقليدي. فضلا عن ذلك فأن الأفراد الذين لديهم مستوى عالٍ على الانفتاح على الخبرة هم خياليون ولديهم شعورًا بالرهبة نحو الطبيعة، وهذه النزعات من المحتمل أن تؤدي بهم إلى البحث عن نوع من الوحدة الروحية مع الله "عز وجل" ومع الكون .
وذكر سايسير وسكرزبنسكا دراسة مفصلة خصوصًا عن هاذين النوعين من التدين. وتناسقت مع النتائج التي توصل إليها سارغلو وهؤلاء الباحثون ووجدوا أن الاصولية الدينية (أو الدين التقليدي) ارتبط مع عامل الانفتاح إلى الخبرة المنخفضة، في حين الدين الروحي ارتبط مع عامل الانفتاح على الخبرة العالية . واكتشف سوسير وسكرزيسكا Saucier and Skrzypinska أيضا مدى واسع من المتغيرات الأخرى كانت مرتبطة إلى الدين التقليدي والروحي من التعبيرات الدينية. على سبيل المثال تقليديًا الناس المتدينين يميلون إلى تجنب تعاطي الكحول أو المخدرات ، ويؤمنون بالمعجزات ويذكرون المواقف المؤيدة للسلطة لكنهم يعارضون علماء التطور. وفي المقابل فأن الناس الروحيون ذكروا أنهم خيالون وغريبو الاطوار Eccentric ، وأيضا أنهم يؤمنون بالسحر وعلم الابراج والشعوذة magic and witchcraft.
وفي المجمل فأن النتائج التي تم استعراضها قبل قليل أشارت أن الابعاد الرئيسية من الشخصية لم ترتبط بشكل قوي إلى التدين . ولكن ربما هذا لا يثير الدهشة والاستغراب أذا عرفنا أن مستوانا من الايمان بالدين والالتزام به جزئيًا يتم تحديده من خلال التربية الدينية التي تم تعلمها في المنزل. أذ أن التدين الذي ينشأ عليه الفرد كان له تأثير قوي على مستوه من التدين، ووفقًا لذلك لا يوجد هناك الكثير من التباين المتبقي ليفسر شخصية الفرد. لكن ماذا عن هؤلاء الأفراد الذين مستواهم من التدين يختلف بشكل حاد عن تلك التي تشكلت في البيئة المنزلية التي نشأوا عليها؟ وهل هناك امور خاصة لشخصيات الأفراد الذين تخلوا عن الدين مع الذين نشئوا معهم، أو الأفراد الذين اصبحوا منغمسين بالدين بشكل معمق بالرغم أنهم نشئوا في تربية غير دينية بشكل كامل؟
دراسة أخرى عن شخصيات الأفراد الذين هم أكثر تدينًا أو اقل تدينًا من والديهم والتي اجراها التيمير وهينسبيرجر . وهذان الباحثان لم يستخدما أي من المقاييس الشخصية المقننة ، ولكنهما اجريا مقابلات دقيقة مع عدة مئات من الأفراد سواء كانوا a –غير متدينين للغاية بالرغم من أنهم نشئوا في اسر متدينة للغاية، أو b- الذين كانوا من المتدينين جدا بالرغم من أنهم نشئوا في أسر غير متدينة تمامًا. وأشار التيمير وهينسبيرجر أن الأفراد الذين تركوا دينهم اصبحوا مثل "المرتدين بشدة Amazing Apostates" واشاروا أن الأفراد الذين كانوا عفويين اصبحوا مثل المؤمنين بشدة “Amazin
Believers . (ولاحظ أن كلًا من هذين النوعين من الأفراد هي عينات نادرة جدا، ومثلت حوالي 2% من عينة كبيرة من الأفراد البالغين والتي التيمير وهينسيبرجر وجداها في دراستهما).
والمقابلات كشفت أن المرتدين عن الدين على العموم شهدوا زيادة في التشكيك بمعتقداتهم الدينية. وهذه الشكوك كانت نتيجة إلى ما اعتبروه إلى النفاق الاخلاقي عند المتدينين وعدم التناسق المنطقي وعدم الدقة الواقعية في التعاليم الدينية. واغلب المرتدين بشكل متشدد كانوا طلبة جيدين جدا في المدرسة، وفكروا في دينهم بعمق، وقد استنتجوا في آخر المطاف أنهم لم يعدوا يؤمنون بصدق ذلك الدين. وفي ما يتعلق إلى الايمان الشديد بالدين فأن التحول إلى الدين عموما تم الاقتداء به خلال الفترات العصيبة التي مر بها الفرد، على سبيل المثال موت احد الأشخاص المحببين للفرد أو نتيجة المشكلات التي تحدث نتيجة تعاطي الكحول أو المخدرات. والتحول إلى الايمان الشديد فجأة بأنه يتميز بالعطف والشفقة بدلًا من التفكير والتأمل ــــ على النقيض من حالة الارتداد عن الدين ـــ واشاروا بأن المؤمنين بالدين لديهم مشاعر قوية بالحاجة إلى الإحساس بالانتماء إلى المجتمع والبناء في حياتهم.



#حيدر_لازم_الكناني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع الرعوي والمجتمع الزراعي
- عن النرجسية
- الدين والسلطة
- تجاوز الذات وحائط الصد الاول لمجابة فايروس كرونا
- نقد طابع الشخصية الوطني (القومي) وفق البحوث والدراسات
- الحياة والموت
- تكنلوجيا السلوك حل لمعضلة المجتمع وبناء الدولة العصرية 2
- تكنولوجيا السلوك حل لمعضلة المجتمع وبناء الدولة العصرية :
- آيات الجهاد والحرب والخروج من الورطة
- كارل ماركس والاغتراب
- مقاربة العلاج المعرفي لعلاج اساءة استخدام المواد
- سيكلوجية القادة والزعماء السياسيين في العراق بعد عام 2003
- العقد النفسية للقادة السياسيين في العراق بعد عام 2003 ودورها ...
- الأحلام والتحليل النفسي
- تنور الزهراء ورمزية الأم
- علم الاعصاب الشخصية
- الذكاء -النبيذ القديم في زجاجات جديدة -
- سومر تنبعث من جديد
- علم الاعصاب المعرفي
- سيكلوجية اشكالية العنف في العراق


المزيد.....




- في اليابان.. تفعيل مشاعر الحنين لزمن ألعاب الفيديو في أول مت ...
- بول سايمون يروي حكاية إلهامه -الفريدة- لمقطوعة -المزامير الس ...
- اكتشفها تاجر خردة.. لوحة لبيكاسو ستباع بملايين الدولارات
- لِم يقطع الناس مئات الأميال لزيارة هذه البحيرة في أمريكا؟
- مصر.. حادث سرقة على متن طائرة بمطار القاهرة ووزارة الداخلية ...
- ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض ...
- تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية، واستهداف لمقا ...
- من -الأم الحنون الحامية إلى دور المتفرج-.. كيف فقدت فرنسا نف ...
- المشاركون في صيغة موسكو حول أفغانستان يناقشون القضايا الأمني ...
- -نحن على حافة الهاوية-.. مسؤول أمريكي يتحدث عن هدف وتوقيت ال ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر لازم الكناني - التدين والشخصية