أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - نسمع ما يروق لنا














المزيد.....

نسمع ما يروق لنا


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7657 - 2023 / 6 / 29 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


في نهاية رواية الكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو (1923 –1985) الموسومة «ماركو فالدو»، يكتب كالفينو التالي، وهو يصف ما يرى: «خرج أرنب صغير أبيض من تحت الثلج وجرى في ضوء القمر، ولكنه كان أبيض ولا تمكن رؤيته، وكأنه لم يكن هناك أبداً. تلك المخالب الصغيرة فقط تركت آثاراً خفيفة على الثلج مثل أثر أوراق البرسيم الصغيرة. لم يكن بالإمكان أيضاً رؤية الذئب. كان لونه أسود وكان يلازم الظلام الأسود الأكثر عتمة في الغابة. فقط عندما يفتح فمه كانت أسنانه تبدو بيضاء وحادة».

سيقول قائل: وما شأننا نحن بالأرنب والذئب؟ بل ما شأننا أصلاً بالثلج، وقد ولجنا صيفنا اللاهب، فالرجل يصف بيئة لم نعشها؟. سؤال يمكن تفهمه، لولا معرفتنا أن إيتالو كالفينو ليس كاتباً رومانسياً تفتنه الطبيعة، فيجنح نحو وصفها بجمال، وإنما هو رجل صاحب رؤية فلسفية وفكرية عميقة انعكست في أعماله، حتى أن بعض النقّاد عبروا عن دهشتهم كيف أن لجنة جائزة «نوبل» لم تمنحه الجائزة لقاء أعماله الروائية وهو الذي شغف في مرحلة من حياته بالمدارس النقدية والفلسفية الجديدة في فرنسا خصوصاً، وبأعمال فلاسفة ونقّاد مثل رولان بارت وجاك دريدا وسواهما، وإلى هذا التأثر يعزون المعاني الفلسفية العميقة التي طبعت رواياته، حتى وإن بدت، ظاهراً، مجرد وصف للأمكنة؟.

لنعد إلى المقتطف الذي نقلناه في المدخل، ولنتمعن في محتواه. كيف ضاع بياض الأرنب في بياض الثلج، وسواد الذئب في سواد الليل؟ أليس هذا ما تعيشه المجتمعات الحديثة اليوم، الغربية منها خاصة: ذوبان الذات في محيط الجماعة، حتى تفقد هذه الذات ملامحها وخصوصيتها، وحتى وإن لم تفقدها فإنه لا أحد في وارد الالتفات إليها؟

في رواية أخرى له هي «مدن لا مرئية»، يقول إيتالو كالفينو، على لسان الرحالة ماركو بولو: «أنا أحكي وأحكي، وإنما المستمع يحتفظ بالكلمات التي ينتظرها وحدها»، وهو يجيب عن سؤال إمبراطوار الصين قبلان خان، بعد أن استمع إلى ماركو بولو وهو يشرح له كيف رأى تفاصيل إمبراطوريته المترامية الأطراف: «حين تعود إلى الغرب هل ستعيد إلى شعبك الحكايات نفسها التي قصصتها علي؟».

أيكون إيتالو كالفينو بهذا الجواب عن سؤال الإمبراطور، ينبهنا إلى أننا، ربما حتى دون أن ننتبه، يطيب لنا أن نسمع فقط ما يروق لنا، ويتجلى ذلك أكثر في طريقة تشكّل وعي الجماعات والفرق والملل، التي اعتادت أن تصغي إلى نفسها فقط، ولا تطيق سماع أي رأي أو سردية تخالف ما استقرّ في وعيها من قناعات وتصورات؟



#حسن_مدن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطر رجل في أمريكا
- الترامبية .. نهاية أم صعود؟
- الفراشة ماجدة صالح
- عالم للرجال فقط
- عين الشمس
- لا يا سيد فوكاياما !
- دروب حمزاتوف الوعرة
- الرسائل الملهمة
- المرشد الأمين للبنات والبنين
- المطرودون من التاريخ
- نحو تعليم حرّ ومنفتح
- العودة إلى فؤاد زكريا
- غزو الروبوتات
- عبدالرحمن منيف في عيون مواطنيه
- الضدّان ترامب وبايدن
- سلمى الجيوسي
- الدولار ليس البداية ولا النهاية
- كتابان شقيقان
- زعيم استرالي يقصي تشارلز
- هل هي علامات صحوة أوروبيّة؟


المزيد.....




- لغة الدموع الصامتة
- مصر.. عمر هلال يجمع أحمد حلمي وهند صبري في فيلم -أضعف خَلقه- ...
- فنانة سورية تصبح سيدة نيويورك الأولى...من هي ؟
- صوّر في طنجة المغربية... -الغريب- خلال استعمار الجزائر في قا ...
- يتناول ثورة 1936.. -فلسطين 36- يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان ...
- -صهر الشام- والعربية والراب.. ملامح سيرة ثقافية للعمدة ممدان ...
- انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية في بيت ل ...
- رأي.. فيلم -السادة الأفاضل-.. حدوتة -الكوميديا الأنيقة-
- -المتلقي المذعن- لزياد الزعبي.. تحرير عقل القارئ من سطوة الن ...
- موفينييه يفوز بجائزة غونكور الأدبية وباتت الفرحة تملأ رواية ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - نسمع ما يروق لنا