|
هل كانت الحرب الأهلية السورية ضرورة
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 7643 - 2023 / 6 / 15 - 07:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شك أن النظام السوري لجأ لقمع المظاهرات ضده بعنف و وحشية لكن مع هذا فإن خيار الذهاب إلى حرب أهلية لم يكن قرار النظام وحده ، كانت هناك قوى لم تستسهل فقط اللجوء إلى السلاح بل دفعت باتجاه ذلك معتبرة أن العسكرة و ما تلاها من حرب هي الطريق الأفضل "لتحقيق مصالحها" أي لفرض وصايتها و سلطتها … كانت شهوة السلطة أقوى بكثير من أية مقاربة منطقية للواقع ففي الحروب لا يكفي أن تبادر خصمك بإطلاق النار أو بالهجوم ، فليس من المنطقي أبدًا أن تبدأ حربا" ستخسرها بلا شك … من المرعب أن نصادف قوة سياسية تفكر بهذه الطريقة أو لا تقيم أي وزن لخسائر الناس العاديين لتصل إلى أهدافها … لا شك أن القوى التي دفعت أو ساهمت بالدفع نحو عسكرة الثورة و تحويلها من مظاهرات و احتجاجات مدنية إلى مواجهات مسلحة كانت لها حسابات متناقضة ، البعض اعتقد أن الخارج سيسارع للتدخل و الإطاحة بالنظام لصالحها و لم تر في العسكرة أكثر من محفز و مبرر لهذا التدخل ، هؤلاء كانوا أساسًا من السياسيين الذين شكلوا مؤسسات المعارضة الرسمية ، و آخرون رأوا في العسكرة الخطة الأمثل بل الوحيدة التي يمكنهم من خلالها تحقيق أهدافهم أو الوصول إلى السلطة … لكن و خلافًا لما وعد به قادة الفصائل المسلحة السوريين الثائرين على النظام لم يقم هؤلاء بحمايتهم بل ما حدث كان العكس ، لقد احتمت الفصائل المسلحة بالسوريين من اقصف النظام ثم داعميه في وقت لاحق … تعرضت المناطق المحررة أو الخارجة عن سيطرة النظام لعقوبات جماعية و قصف يومي افتقر للدقة على الأقل حتى التدخل الروسي المباشر في وقت متأخر و كان واضحًا منذ البداية أن القوى التي واجهت النظام بالسلاح لا تملك الرد على هذه الإجراءات العقابية الجماعية … أكثر من ذلك ، لم تفعل تلك القوى و من كان يدعمها ما يلزم للإطاحة بالنظام الأمر الذي كان ممكنًا في لحظات عدة قبل إنقلاب ميزان القوى مع ذلك التدخل الروسي المباشر … قبل ذلك لم يمكن لتدخل الآلاف من مقاتلي حزب الله و الميليشيات الشيعية التي دربتها و مولتها إيران ليقلب تلك الموازين أكثر من مجرد إنقاذ رأس النظام و تحقيق بعض الانتصارات المحلية التي ساهمت ، مع غياب خطة حقيقية للإطاحة بالنظام إلى جانب الاقتتال و التنافس بين قادة الفصائل المسلحة في تثبيت مؤقت لسيطرة القوى على الأرض … و خلافًا للمظاهرات و بقية أشكال الاحتجاج الجماهيري كانت العسكرة تعني فقط سيطرة أمراء الحرب في كل مكان و انفلات الهمجية و أيضًا تكلفة بشرية و مادية هائلة دفعت ثمنها أساسًا المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام … و أيضًا ليس صحيحًا أن العسكرة هي الرد الوحيد الممكن على القمع ، لقد تعرض الثوار الايرانيون و العراقيون و البحرانيون و السودانيون ، هذا في السنوات الأخيرة فقط عدا عن تجارب ثورية سابقة أخرى لا حصر لها ، لقمع همجي و قتل المئات بل الآلاف منهم دون أن يلجئوا للسلاح للدفاع عن أنفسهم و محاولة الإطاحة بالنظام الذي يقمعهم بكل تلك الهمجية ، بكل الأحوال لم يكن من الممكن إسقاط تلك الأنظمة عبر اللجوء للسلاح أو حتى التقليل من خسائر الجماهير الثائرة … رغم كل ذلك لا توجد أية رغبة حتى في الاعتراف و الاعتذار للجماهير التي استخدمت وقودًا للمحرقة رغمًا عن أنفها ، لا يرغب الإسلاميون بالاعتراف بأخطائهم و لا بمسؤوليتهم و لا بدورهم في هذه المحرقة ، و يشاركهم في هذا من اعتقد أن هؤلاء سيقومون بتخليصهم من النظام بينما سيبقى من الممكن التحكم بهم و بأمراء الحرب عبر قوة و نفوذ الخارج المادية و العسكرية التي اعتقدوا أنها ستلعب لصالحهم في نهاية المطاف … لا يقر هؤلاء بالطريقة الساذجة و الاعتباطية و لا الاستبدادية التي اقتيدت فيها الجماهير خاصة الثائرة نحو تلك المحرقة التي لم يكن من الصعب التنبؤ بوقوعها دون تفكير أو تخطيط و بالتأكيد دون استشارتها و موافقتها ، و كان تحويل السوريين خاصةً الثائرين منهم إلى لاجئين آخر خطوة في مسار طويل حولهم إلى منفعلين سلبيين و عاجزين عن أي فعل بعد أن صودر صوتهم و صودرت إرادتهم و بدلًا من أن يحرر السوريون أنفسهم بأنفسهم كما كان يفترض أصبحوا مضطرين للاعتماد على غيرهم من سادة العالم و الإقليم و أغنيائه ليس فقط للتخلص من النظام و غيره من أمراء الحرب بل حتى في أبسط تفاصيل حياتهم و معيشتهم …
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلطوية الجديدة
-
نقاش لمقال وسام سعادة عن الحرية و الجماهير العربية
-
عالم الحاج صالح الأخلاقي
-
احتمالات النهوض الجماهيري اليوم
-
ملاحظات على مشروع وثيقة توافقات وطنية للمعارضة السورية
-
التحولات الاجتماعية و البنية الطبقية لسوريا الواقعة تحت سيطر
...
-
يا متسولو العالم اتحدوا
-
السوريون و الأمم المتحدة و السوسيال
-
لست شعبًا و لا وطنًا و لا أمةً ، و لا غيري
-
السوريون كضحايا و متسولين
-
عن الديمقراطية كأداة لإقناع المحكومين بالسمع و الطاعة
-
في رثاء محمد أبو الغيط
-
عن الآلهة التي لا تفشل دائمًا عن أن تفشل
-
يسقط يسقط حكم العسكر
-
المعارضة السورية و المساءلة و المسؤولية
-
علاء عبد الفتاح ، لا تمت شهيدًا
-
لا تبكي على اللبن المسكوب
-
صناعة الجماعات
-
القيامة الآن
-
عن جنون نيتشه و عقل رجال الدين
المزيد.....
-
-لا نعرف إلى أين سنذهب هذه المرة-.. الجيش الإسرائيلي يدعو إل
...
-
طلاب مناصرون للفلسطينيين ينصبون الخيام في جامعة بولونيا في إ
...
-
تسمم غذائي جماعي في مطعم برغر في السعودية.. مقتل شخص وإصابة
...
-
مسؤولو حماس يكشفون تفاصيل الاتفاق.. وهجوم إسرائيلي يلقي بظلا
...
-
حماس تعلن قبول اتفاق هدنة في غزة وغموض موقف إسرائيل
-
ميقاتي: موافقة -حماس- على وقف إطلاق النار في غزة خطوة متقدمة
...
-
جنوب إفريقيا.. إصابات في انهيار مبنى قيد الإنشاء
-
توقف التحقيق في قضية الرفات البشري المتحلل في مخبأ نازي سابق
...
-
العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مج
...
-
شولتس: الاتحاد الأوروبي يوافق على استخدام فوائد الأصول الروس
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|