أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - تهويد الضفة بما فيها القدس ميدان المواجهة الرئيس للمشروع الصهيوني















المزيد.....

تهويد الضفة بما فيها القدس ميدان المواجهة الرئيس للمشروع الصهيوني


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7616 - 2023 / 5 / 19 - 14:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


إسرائيل فقدت حق الدولة الضحية وأسطورة الدفاع عن النفس


الهجمات العدوانية الإسرائيلية تواترت على قطاع غزة منذ ان جرى تفكيك المستوطنات داخل القطاع وإعادة تموضع جيش الاحتلال على اطراف القطاع، لعل كل ما صنعه شارون عام 2005 صُمم لهذه الحالة . فجميع الهجمات العدوانية تمضي على نسق وحيد وبنفس السيناريو، اغتيال احد كوادر فصيل مسلح، يستجيب الفصيل المستفز بانفعالية تجر الفصائل بعفوية وتلقائية، بعضها او جميعها ، الى صدام مسلح، تتخذ إسرائيل منه وسيلة لإنجاز هدفها الاستراتيجي- ضرب المدنيين وتخريب الاقتصاد. حينئذ تجد الفصائل المسلحة انها بين نارين-انتقام دأبت عليه دون ان تنجزه وتدمير منشئات ومزارع وقتل بالجملة لمدنيين اطفالا ونساءً ورجالا بدون تمييز! تمعن إسرائيل بالقتل والتدمير، الى ان تغلب الفصائل على امرها وتقبل بالتهدئة. هذا ، بينما طبيعة المشروع الصهيوني الاقتلاعي لا يجيز تهدئة ولا هدنة ؛ فالمشروع الاستيطاني يزحف باضطراد نحو الاستحواذ على كامل الضفة . الأرض موضوع العدوان الإسرائيلي على شعب فلسطين عبر ازيد من قرن . وتدرك إسرائيل أن الولايات المتحدة وظفت نفوذها وهيمنتها لنصرة عدوانها المضطرد ولإعفائها من المساءلة او المحاسبة لانتهاكها مبادئ القانون الدولي والاتفاقات الدولية .
لكن لايجوز إغفال قضية هامة؛ يسجل للسلاح في غزة انه استطاع تحييد القوات البرية في الجيش الإسرائيلي، " فرغم ما يحصل في غزة لا يوجد هناك دبابة واحدة متجهة صوب غزة. جيش لا يمكنه ان يخوض المعارك البرية... فلماذا ندفع تلك الضرائب من اجل تأهيله وإبقائه جيشا قويا؟" ، تساءل أحد المدنيين الصهاينة على القناة 13 في إسرائيل، ولا جواب على سؤاله.
من المهم ان نتذكر ان شارون حين قررإعادة تموضع قوات الاحتلال على أطراف قطاع غزة وتفكيك المستوطنات داخل القطاع أعلن ان الجهد الإسرائيلي بات منصبّاً على تهويد الضفة ومنها القدس الشرقية ؛ لم ينتبه العالم للشق الثاني من مشروع شارون ، ركز على تفكيك المستعمرات بالقطاع ووقفت الجمعية العمومية للأمم المتحدة احتراما لـ " رجل السلام".
كذلك المقاومة المسلحة بالقطاع غفلت عن مشروع تهويد الضفة وحرصت على الاشتباك المسلح مع جيش الحصار، تطويرا للادعاء بأنها تمكنت من طرد الاحتلال من القطاع، واستقر في ظنها انها تقارع الاحتلال بندية وتكافؤ. وجد جيش الاحتلال في سلوك المقاومة فرصته لقصف القطاع بالقنابل والصواريخ ، من المواقع المحيطة ومن الجو. تم لفت انتباه المقاومة ان الاشتباكات المسلحة خيمة تحجب الرؤية محليا وإقليميا ودوليا عن تهويد الضفة. توقفت الاشتباكات، لكن مؤقتا؛ فقد وضعت الصهيونية وجيش الاحتلال في مخططاتها معاودة الاشتباك في صدامات مسلحة بين الحين والحين إحدى ضرورات استراتيجية للمشروع الصهيوني بفلسطين، لما في ذلك أكثر من جدوى :
اولا، حصار القطاع وضربه بالصواريخ والقنابل يخدم استراتيجية الحيلولة دون تطوره الاقتصادي والاجتماعي؛ لا بد بين فينة وأخرى من تخريب وتدمير ما يبنيه اهل القطاع . فتطور القطاع اقتصاديا واجتماعيل مرهون فقط بالعمل طبقا لمشروع امبريالي- إسرائيلي ، هدفه دولة بالقطاع تقضي على حلم الدولة الفلسطينية بالضفة والقطاع.
وثانيا ، بالصدامات المسلحة تشغل إسرائيل العالم عن جرائم اخرى؛ فمثلا قبل التهاب الدورة الأخيرة من القتال أعلنت إسرائيل عن مناقصات لبناء آلاف الشقق السكنية بالضفة، ثارت الخواطر وتتالت الإدانات ، فأقدم الجيش على اغتيال قادة ثلاثة من حركة الجهاد الإسلامي استفزها الى الدخول في دورة صدام مسلح . حينئذ انشغل العالم بالعدوان على غزة ، لتمضي بصمت عملية بناء الشقق الاستيطانية الجديدة.
المبادرة بيد إسرائيل؛ فلم تسفر اي من الصدامات المسلحة عن وقف استباحة الأقصى او حي الشيخ جراح وتنظيم المسيرات الفاشية.
وثالثا ، يحب نتنياهو دوما ان يبيع الجمهور اليهودي مخاطر آنية، عاجلة أو آجلة. بيع الخوف تجارة فاسدة لكنها مربحة للعنصريين والديكتاتوريون واصحىاب النزعة العدوانية الحربية . سياسات التخويف وسائل لحشد الجمهور وتعبئته خلف أهداف وسياسات فاشية تخدم مصالح الطبقات الاستغلالية. وسياسات التخويف وسيلة الصهيونية لنشر الكراهية والعنصرية بين أوساط الجمهور اليهودي وحشده خلف سياسات الأبارتهايد والاقتلاع.
وربعا، أثناء الأزمة حول غزة عللت مصادر صحفية قريبة من الفصائل الفلسطينية المسلحة عدوان غزة برغبة نتنياهو في الهرب الى أمام؛ غافلة عن أن الاستجابة للجريمة بالدخول في الصدام المسلح، بإصرار على "الانتقام"، غطت على هريبة نتنياهو وساعدته على تخفيف صداع "إصلاح النظام القضائي" واستعادة بعض ما ضاع على حكومته الفاشية من التفاف شعبي. نكتفي بتلاوين الملهاة هذه عن المهمة الرئيسة لإسرائيل الجاري تنفيذها بالضفة في الوقت الراهن.
الانتقام ومظاهر تخلف أخرى
تستثمر إسرائيل، في عدوانها على الشعب الفلسطيني الكثير من الثغرات في النفسية الاجتماعية المتوارثة عبر عهود الاستبداد والقهر والهدر. وعي اجتماعي بعيد عن الحداثة هش يسهل إغراؤه وخداعه وجره في متاهات بعيدا عن هدف التحرر وإقامة الدولة المستقلة، تبخيس خارجي يسري تبخيسا متبادلا داخل المجتمع، يسعر في أحايين الخلافات ويحدث الفتن الاجتماعية. ليس الحديث عن هذه الثغرات كشف لأسرار ، فهي معروفة لدى أعداء الشعب الفلسطيني رصدت قبل قرون. ما أسرع ، في المجتمع الفلسطيني والعربي، أن يتطور خلاف بسيط في الرأي الى مناكفة وصراخ واشتباك بالأيدي! الانفعالية المسيطرة تعيق عمل العقل وتضعف دوره في الممارسة العملية! مهرت الصهيونية في استغلال الظاهرة وجميع مظاهر التخلف الثقافي والاجتماعي في الوسط الفلسطيني لأغراضها العدوانية ، صداما مسلحا او تفاوض مع الطرف الفلسطيني الضعيف تختار زمنه وملابساته كي تخرج ظافرة وتقضم المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية. فقدت إسرائيل ادعاء الدولة الضحية ومبرر الدفاع عن النفس لحروبها المتوصلة داخل فلسطين وفي دول الجوار. إسرائيل شريكة في الحروب العدوانية التي تشنها الامبريالية الاميكرية
استمر مسعى الانتقام ولم يزل أبرز عيوب المقاومة الفلسطينية ، تنفرد به دون اطراف أخرى تتعرض لعدوان إسرائيل، سهل الانجرار والاشتباك في صدامات غير متكافئة. طبيعي ان الانتقام رد انفعالي على جريمة أو استفزاز، تتقن الصهيونية تدبيرها وتحديد مواعيدها . إذا راجعنا تاريخ الصدامات الخاسرة للمقاومة الفلسطينية عبر عقود المواجهات المسلحة نجد الانتقام بما يصاحبه من انفعالية لا عقلانية دافعا متكررا في المواجهات الفلسطينية الخاسرة، وأخرها الصدام الأخير في شهر أيار. سمعنا الوعيد بالرد السريع وفي مرة قال الناطق انه سوف يلحق بإسرائيل الأضرار "ولدينا الامكانات لذلك". علق أحدهم ولماذا التردد ؟أرحنا!.
محزن أن فصائل المقاومة لا تعرف النقد الذاتي والمراجعة النقدية تتعلم منها الدروس، وهذا مظهر تخلف ثقافي آخر في الوسط الفلسطيني. ورغم ان النقد الذاتي يعزز ثقة الجماهير بالتنظيم، إلا أن المقاومة، بجميع فصائلها دون استثناء، لا تمارس النقد والمراجعة النقدية فتكرر الأخطاء وخيبات الفشل. واثناء ما سمي الانتفاضة الثانية ، وفي الحقيقة الانجرار خلف استفزازات شارون وجيشه، تردد بكثرة الوعيد ب "زلزلة الأرض تحت أقدام إسرائيل" و "تعليم شارون درسا لاينسى". ثم بهدوء استباح جيش الاحتلال الضفة ومسح مناطق السلطة! فات على النشاط المقاوم اكتساب الخبرات النفيسة في النضال العقلاني ، المستند الى المنهجية العلمية وأهم مبادئها الشعار الملموس في الظرف الملموس. النضال الناجح يستند الى حراك جماهير تدرك ما ترمي اليه مثلما تدرك مدى قوة العدو وإمكاناته، تقوده فصائل أو فصيل يراعي الظروف الاجتماعية والسياسية ومستوى الوعي ومدى الاستعداد لدى الجماهير لتحمل تبعات المقاومة وأعبائها.
الى جانب هذه المثالب تعشق الفصائل الفلسطينية المزاودات تستوحي نزعة التفرد والانفراد بقيادة المقاومة. بل إن المقاومة الفلسطينية حافلة عبر تاريخها الطويل والمحفوف بالانتكاسات نتيجة المزاودات المغامرة والمساعي لجر العمل المقاوم في مغامرات غيرمحسوبة. بعكس المناطق الأخرى بالعالم يصعب بالوسط العربي تشكيل جبهات وطنية أو ديمقراطية يسارية . في خمسينات القرن الماضي تصاعد النضال الوطني المقاوم للأحلاف العسكرية والسيطرة الكولنيالية المباشرة؛ وتعثر في نفس الوقت تشكيل الجبهات الوطنية العاملة لآماد طويلة. كان الطعن في جدارة الأحزاب الأخرى هو المبرر لنشاط كل حزب على الساحة السياسية ؛ هكذا تصرفت أحزاب البعث والقوميين العرب والإخوان المسلمين، وهكذا تعذر تجميع القوى ؛ في الأردن تشكلت جبهة وطنية من الحزب الشيوعي وشخصيات وطنية على رأسها المناضل الدكتور عبد الرحمن شقير، الذي فصله حزب البعث العربي الاشتراكي من صفوفه بسبب تصرفه.
في هذا المناخ السياسي الموبوء وصلت احزاب وطنية الى الحكم بواسطة انقلاب عسكري ومارست الحكم منفردة بأنظمة استبدادية قمعية مارست الإدارة الأوامرية؛ بينما في نفس الزمن تقريبا تمكنت قوى مثيلة في أميركا اللاتينية من الالتفاف حول شخصية ديمقراطية نجحت في الوصول الى الحكم الديمقراطي ؛ اطاحت التدخلات الامبريالية بالحكومات الديمقراطية في باحتها الخلفية ، لكن تقليد جبهات اليسار الديمقراطية تواصل عبر العقود ونجح في أكثر من بلد من الوصول الى الحكم.

الصراع بدل التحالف

في الأقطار العربية وفلسطين على وجه الخصوص تؤجج الشكوك والمطاعن المتبادلة الخلافات وتشحن عوامل الصراع والتنافس على تصدر المقاومة . بين فتح والشعبية بعد هزيمة حزيران، وبين فتح وحماس مع انتفاضة 1987، ثم بين حماس والجهاد الإسلامي في الأونة الأخيرة إثر تجلي نزعات الجهاد لتصدر المقاومة المسلحة. والمواجهة الأخيرة في غزة حصيلة تلك النزعة المشئومة . افتقرت حركة الجهاد الى اليقظة الثورية إذ غفلت او تغافلت عن ازمة نتنياهو وتحرقه للهروب من الأزمة الى افتعال صدام مسلح يجمع القوى الصهيونية المتناحرة؛ تغافلت عن ميول أحزاب الصهيونية لاكتساب الشعبوية ،أو تعليق أزمات الحكم، إخفاءها تحت بساط تسعير العداء تجاه الفلسطينيين. قيادة حركة الجهاد الإسلامي أصابها غرور الثقة الزائدة بالنفس ونشوة الثناء على تضحيات عناصرها، لدرجة ادعاء انها أدخلت المقاومة في مرحلة جديدة متقدمة ، جاهلة او متجاهلة ان المقاومة داخل المدن تجربة ما زالت تنهض لتسقط وتغرق بالدماء. نشاط ثوري لأفراد سرعان ما يقمع ويستأصل؛ ولو استثمرت الأنشطة بما توفر لها من شجاعة الإقدام والنفس الثوري الأصيل في إلهام وقيادة حراك شعبي لأعطى نتائج تصعد بالمقاومة الشعبية وتنشرها في أرجاء الوطن، ليكون النهوض الشعبي المقاوم الدعامة لكل نشاط مقاوم أيا كان شكله. التجارب الكفاحية المسلحة داخل المدن لها ملابساتها وظروفها من أهمها توفر حراك شعبي واع ومستدام يحرسها وقد يحول دون الوصول اليها وإبادتها. على سبيل المثال احتشدت الجماهير حول المبنى الذي لجا اليه المجاهد محمد سدر في مدينة الخليل لتتفرج، بحياد، على صيد المجاهد المطارد المحاصر . لم تدع الجماهير للعزوف عن الخمود والنهوض لأداء الواجب الوطني؛ فلم تكتسب ثورية تؤهلها لأن تشكل سد حماية للمجاهد المطارد المحاصر. كذلك كانت النهاية المأساوية للمجاهد خضر عدنان؛ وما بين محمد سدر وخضر عدانا فقدنا مناضلين شجعانا واجهوا مصير الموت عامدين احتجاجا منهم على ضعف المقاومة الشعبية. فلو انطلقت المظاهرات الشعبية الحاشدة لألهمت بعدواها مظاهرات إقليمية ودولية دفاعا عن شعب فلسطين ومقومته الوطنية.غياب الحراك الجماهيري يكشف المقاومة امام اعدائها. إذن يتطلب الكفاح الوطني داخل المدن الانتظار سنوات كي يثبت نجاعته بحماية الجماهير الثورية المشحونة بالوعي الثوري.
إجمالي ما تقدم يؤكد ان محمد سدر وخضر عدنان وما بينهما مناضلون واجهوا مصيرهم الدرامي بشجاعة كانوا ثوريين في مجتمع لم يؤهل للثورة.
في بيئة غير ثورية تعجل السيد زياد نخالة بالتعبير صراحة عن نوايا قيادة ليس فقط نشاط الفصائل المسلحة بالضفة والقطاع وفرض توجهاتها ، بل عبر عن مطمح قيادة النشاط السياسي للفلسطينيين داخل إسرائيل، مستهينا بالخبرة الكفاحية والحنكة السياسية لفلسطينيي يوم الأرض.
صلف القوة المتفوقة
صريحة اطلقها شارون بتركيز الجهود على تهويد الضفة. في ذلك الحين توهم شارون انه امتلك تأييد العالم أجمع في ظل ثقافة الحرب على الإرهاب إثر تفجيرات 11 أيلول؛ استصدر تأييد الرئيس الأميركي بوش الابن بالتخلص من عرفات" سبب المشكلة وليس حلا لها". واكب هذا التردي انتهاء الحرب الباردة بانتصار الدبلوماسية الأميركية ، تشكل محور المحافظين الجدد وضع نصب عينيه فرض قرن من الهيمنة الأميركية على مقدرات العالم. وبتعبير توم أوكونور، نائب رئيس تحرير مجلة نيوزويك الأميركية للشئون الدولية والأمن القومي، "سياسات واشنطون المتبعة مع دول العالم لا تقوم على ممارسة الإقناع". وكان بطرس بطرس غالي قد أشار الى نفس الظاهرة بقوله لا حاجة للولايات المتحدة الأميركية الى إعداد الدبلوماسيين؛ فلديها العقوبات وبمقدورها شن الحروب وقتما تشاء. نفس النزعة العدوانية رصدها توم أوكونور، نقل عن الديبلوماسي الأميركي المتقاعد، تشايس فريمان القول،"نحن لا نمارس الإقناع ، نحن نتبجح، ثم نهدد، ثم نتوعد ، ثم نفرض العقوبات، ثم نرسل الجنود ونبدأ القصف..."!
في ظروف التهيؤ للقرن الأميركي وضع فريق من المحافظين الجدد خطة القرن الأميركي وعهد الى فريق مصغر إعداد خطة للشرق الأوسط تخدم مشروع القرن الأميركي. ارسلت الخطة الى بنيامين نتنياهو، السياسي الإسرائيلي المفضل حتى الأن لدى المحافظين الجدد واليمين المتطرف بالولايات المتحدة. كان يستعد لخوض انتخابات الكنيست عام 1996، وفي الحال أضاف بندا عبر عن اندماج إسرائيل بالمحافظين الجدد وبرنامج القرن الأميركي، قضى بعدم الانسحاب من الضفة الغربية وتكثيف عمليات اغتصاب الأراض الفلسطينية وتوسيع الاستيطان، بما أفضى الى محاصرة التجمعات السكنية الفلسطينية بالمدن والبلداتبالمستعمرات اليهودية المعادية، والحيلولة دون تنميتها الاجتماعية والاقتصادية ؛ باتت ضعيفة عاجزة عن الفكاك من الحصار أو امتلاك قدر من الحرية في إدارة الأوضاع المحلية؛ بذا أمكن لإسرائيل مصادرة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. المسعى مطابق لنظام دولي أريد فرضه.
في ذلك الحين لم يقتصر مكسب شارون في النجاح باعادة السيطرة المطلقة على الضفة؛ بل أقنع العالم في ذات الوقت ، أو ما يعبر عنه بالمجتمع الدولي، ان إسرائيل ضحية إرهاب يشارك به الفلسطينيون. دول الغرب الامبريالية، التي يحلو لحكام السلطة اللوذ اليها والاستجارة بها لوقف إسرائيل، هذه القوى الامبريالية تكرر باستمرار أسطوانة "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"ّ! تشكل مناخ دولي موات لتكثيف الاستيطان والسطو على الأراضي الفلسطينية وإغفال الطرف الفلسطيني ، سلطة ومنظمة ممثلة لشعب فلسطين، علاوة على شن الحروب، مثل عدوان 2006 على لبنان والعدوان على غزة عام 2008. بهاتين الحربين بددت إسرائيل الوهج الذ صنعته مع إعلان الحرب على الإر-هاب دولة ضحية العدوان العربي. تواصل نهج الاستيلاء على الضفة بدون ضم، لكن وسط انتقادات واستنكار، بعضه منافق خاصة من جانب دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة . دأبت هذه المجموعة من الدول تحذر من أبارتهايد إسرائيلي مع توسيع الاستيطان، غافلة عن أن دولة إسرائيل شكلت منذ إنشائها نظام أبارتهايد يميز ضد العرب .
بذا بات المشروع التهويدي للضفة ومدينة القدس الشرقية من مستلزمات القرن الأميركي، قضية حيوية في الدبلوماسية الأميركية، سياسات الليبرالية الجديدة على المسرح الدولي. بدد الرئيس الجمهوري ترامب الإبهام المتعمد في السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، واطلق على الخطة الأميركية لتمليك إسرائيل كامل فلسطين "صفقة القرن"- القرن الأميركي بالطبع! بموجبه تصير إسرائيل دولة إقليمية، من ضرورات الصيروة إلزام الدول العربية التابعة عقد اتفاقات أبراهام مع إسرائيل، كي تغدو إسرائيل الدولة الأوسع هيمنة بالمنطقة.
تعثرت دبلوماسية المدافع والعقوبات الأميركية، إذ تبين ان قدرات الولايات المتحدة أعجز من فرض نهج القرن الأميركي. برزت ظاهرة اندماج دول العالم "غير الغربي"والتمرد على الهيمنة الأميركية. تجلى الخروج على الطاعة الأميركية في ازمة اكرانيا ، حيث امتنعت دول "غير غربية" عن الانضمام للولايات المتحدة في حصار روسيا ومقاطعتها؛ بل أن أغلبية هذه الدول تعبر عن الرغبة في نظام دولي يعفيها من أعباء التسلح وهيمنة الدولار في مبادلاتها التجارية."لم يعد الأمر مجرد احتمالية ، بل أصبح مسألة وقت... إلغاء اعتماد دول العالم على الدولار الأميركي قد أصبح حتمية لا مفر منها " وهذا ما لاحظه فرانك غيوسترا، رجل الأعمال الكندي المشهور. استيقاظ دول "غير الغرب" على محنة الليبرالية الجديدة ومشاريع المحافظين الجدد فتح اعينها على اندماج ممارسات الاحتلال الإسرائيلي مع النهج الأميركي المفلس في السياسة الدولية.
الضعف النسبي المضطرد للنفوذ الأميركي في السياسات الدولية لا بد أن يضعف تأثير الانحياز الأميركي بجانب إسرائيل ويسقط بالنهاية الدولة الوظيفية في الشرق الأوسط.
غير ان الدور المحوري لإنقاذ فلسطين من الشباك الإسرائيلية ينجزه حركة شعبية ديمقراطية متنامية قوتها الدافعة ثقافة ديمقراطية مقاتلة تحرر الوعي الشعبي أولا من تركة التخلف المعيقة للوحدة الوطنية ، وتشحنها ثانيا بثقافة وطنية ديمقراطية تؤهلها لإنجاز التغيير الثوري . ينقل الوعي الثوريي للجماهير الشعبية حزب او احزاب ثورية يجمعها في البداية عمل مشترك يتطور الى تحالف فتوحد في تيار ثوري يسترشد بنظرية ثورية . قضية تتطلب معالجة وافية مستقلة .



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصير أوروبا -2 على أوروبا استعادة إدارتها الذاتية وتحمل مسئو ...
- مصير أوروبا
- سموتريتش لم يجدد بالصهيونية فكرا ، سياسة أو ثقافة
- عشرون عاما على تصريح بوش -المهمة انتهت-
- الحرب قادمة.. إرفعوا أصواتكم الآن!
- حروب الولايات المتحدة هيأت المناخ الاجتماعي والثقافي للفاشية ...
- حروب الولايات المتحدة بالخارح غذت حربا مستدامة بالداخل وتغذت ...
- دراسات نقدية لإبداعات نبيل عناني– الحلقة الأخيرة
- دراسات نقدية لإبداعات نبيل عناني الفنية (2من3)
- نبيل عناني أبرز مؤسسي الحركة التشكيلية الفلسطينية المعاصرة(1 ...
- الصين والبلدان النامية ..تعاون ومصالح متبادلة في ظل السلام
- قتل الأمل الفلسطيني !
- مرايا الأسر من ادب السجون-2
- مرايا الأسر (- من أدب السجون في فلسطين1من2)
- توجه طاغ وجاد في إسرائيل لاقتراف نسخة جديدة من التطهير العرق ...
- يحققون في مخالفات ترامب التافهة ويغفلون جرائمه الفظيعة .
- دراسة تحليلية تكشف استعانة دعايات الغرب المضادة للخصوم بالتل ...
- كيف ولماذا حظر على شعب فلسطين حقه في تقرير المصير
- مقتضيات برنامج القرن الأميركي تدمير العراق .
- فاشية الصهيونية تتهيأ لتجريد الفلسطينيين من بقايا حقوقهم الإ ...


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - تهويد الضفة بما فيها القدس ميدان المواجهة الرئيس للمشروع الصهيوني