أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - حروب الولايات المتحدة هيأت المناخ الاجتماعي والثقافي للفاشية سلطوية الرأسمال –حلقة ثانية وأخيرة















المزيد.....


حروب الولايات المتحدة هيأت المناخ الاجتماعي والثقافي للفاشية سلطوية الرأسمال –حلقة ثانية وأخيرة


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7601 - 2023 / 5 / 4 - 11:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصراع الراهن يحسم في ميدان التربية والمربون الديمقراطيون يتحملون مسئولية جسيمة

كل ما تواجهه يمكن تغييره، لكن لا شيء يمكن أن يتغير مالم نتصدى له. التاريخ ليس الماضي ؛ هو الحاضر. نحمل تاريخنا معنا ، تاريخنا هو نحن ؛ فإذا ما تظاهرنا خلاف ذلك فإننا نقترف جريمة بما تعنيه الكلمة - جيمز بالدوين[ روائي ومسرحي وشاعر اميركي من أصل إفريقي. ناضل من أجل الحقوق المدنية وضد العنصرية ].

معنا من جديد الظل الطويل للفاشية المحلية، محدداتها مشروع تطهير عرقي وثقافي. رأى الأميركيون أشباح الفاشية قبل ان تفعل فعلها رأسمالية ونزع ملكية شرسة ؛ في حقبة عبودية تميزت بممارسات الجَلد، سلاسل الحديد بالرقاب، وفي عصر جيم كراو[سن تشريعات للتمييز ضد السود] اوضح ما في الرعب الاستعراضي اللينش[إرهابيون بيض دأبوا على خطف السود وشنقهم على شجرة أو عمود ] حتى الموت. واحدث من ذلك شاهدنا أعمالا فاشية في رعب اختفاء السياسيين المعارضين وتصفية البشر عن طريق الإبادة العرقية تحت ديكتاتورية ادولف هتلر، اوغوستو بينوشيت في تشيلي وغيرهما. وفي كل حالة أعطانا التاريخ لمحة كيف ستكون عليه نهاية الحياة البشرية.
حاليا يوجد في مركز النشاط السياسي للولايات المتحدة شكل مطور من الفاشية، اهتمام منصبٌّ بصورة مقززة على أصحاب البلاد دون المهاجرين وكراهية للاندماج العرقي. بات ينظر الى قيم الليبرالية التقليدية في المساواة ، العدالة الاجتماعية، تقبل الآخر والحرية خطرا يهدد الحزب الجمهوري الذي يدعم مستويات صادمة من اللامساواة- قومية المسيحيين البيض، والنقاء العرقي. مع ذلك يجري في الأغلب تجاهل دروس التاريخ- معسكرات الموت ، آلات التعذيب، وتقحم درب عنف الاغتيالات كأداة سياسية –وذلك على الرغم من ان نزواتها الفاشية الجذابة للجماهير تتراءى في الأفق من جديد . إنكار هذا الننشاط المخدر ورفض الإقرار به لا يقتصر فقط على الصحافة الرئيسة ، إنما هو منطبق أيضا على العديد من الليبراليين والأكاديميين اليساريين.

مظاهر التغلغل الفاشي في المجتمع الأميركي

ان انزلاق أميركا في النشاط السياسي الفاشي يتطلب شحذ الإدراك باللحظة التاريخية التي نجد انفسنا فيها، اسوة بالتحليلات المنهجية الدقيقة للتشكيلات السياسية الجديدة التي أفرزتها والتي تشكل هذه الحقبة. شروط عدم الاستقرار لرأسمالية العولمة بما خالطها من لامساواة شرسة وأساليب توسع الاضطهاد والتحكم لكل من أزمة الشرعية وتحوّلٍ باتجاه شكل مطور للفاشية، هذه العودة للفاشية الجديدة تشكل جزءًا من ثورة مضادة اكتسبت القوة خلال الأعوام الستين الأخيرة، أندفعت ضد ثورة الطلبة في ستينات العقد الماضي ، الحقوق المدنية ، الحركات النسائية ومسلسل من أنشطة المقاومة .
تقتضي مواجهة حركة الثورة المضادة الفاشية هذه صياغة لغة جديدة وبناء حركة اجتماعية جماهيرية ، وذلك لكي نحفر مجرى يعزز القوة للتعليم والنشاط السياسي والثقافة والعدالة والقوة التي تتحدى الانظمة الراهنة ، انظمة تفوق العرق الأبيض وقومية البيض والجهل المصنع والاضطهاد الاقتصادي.

يحتفظ هذا بأهمية خاصة مع تنامي وعي المهمشين ، طبقات وأعراق وجنسيات وديانات ، بمدى فقدانهم السيطرة على الشروط الاقتصادية، التربوية، السياسية والاجتماعية ، والتي تضغط على حيواتهم في المرحلة الجديدة من النشاط السياسي الفاشي. باتت الرؤى مسوخا ، تتطور بمعنى لا يؤيه له ، مهجورة وخاضعة لنظم يربو إرهابها وعنفها قوة على قوة. إحدى نتائج هذه التطورات تبلور لحظة قلق مرشّدة تتميز بقيم مشوهة وصليات لا تنتهي من الخطاب المنفر . نعيش في عصر التشظي، حالة خدر نفسي، تدهور النداء النقدي ، فقدان الذاكرة التاريخية ، وجميعها تسمح بتوطين ما لا يمكن تصوره.
لم يعد بالامكان تصور هذه القضايا مشاكل منعزلة أو فردية؛ انها تجليات لفشل سياسي اوسع، إن لم يكن فشل التخيل العام.

دفيئات الفاشية تتكاثر في الولايات المتحدة بدعم نظامها الرأسمالي

علاوة على ما تقدم ما نحتاجه ليس سلسلة إصلاحات أيقونية شكلية محدودة بمؤسسات أو جماعات معينة ؛ إنما نحتاج الى تفكيك النظام الرأسمالي كبداية باتجاه أفعال دولية أشد مقاومة.
رأسمالية الليبرالية، إذا فهمت جيدا، هي نوع من النشاط السياسي المبتذل اوبتحديد ادق نمط من راسمالية الغانغستر تحمل جينات الإجرام. رأسمالية الغانغستر تثري من صمت المضطهَدين وتواطؤ اولئك المخدوعين بسلطتها. إنها سياسات الخذاع والرفض. وبكونها مشروعا تثقيفيا فهي تتاجر بالعمى الأخلاقي ، فقدان الذاكرة التاريخية والكراهية الطبقية والعرقية.، وإحدى النتائج، ضمن ظروف تشديد قبضة ذهنيات السوق واخلاقياته على جوانب المجتمع كافة، تقليص حجوم المؤسسات الديمقراطية والمجالات العامة، إن لم تختف تماما الى جانب اختفاء المواطنين المثقفين الذين بدونهم لامعنى للديمقراطية. يتضح التهديد الموجه للديمقراطية في اللحظة التاريخية الراهنة أيضا في وحدة بزوغ الحركات الفاشية المتباينة بالمجتمع المدني – تتراوح ما بين نازية تقر بذاتها وقوميين مسيحيين يحفظون العهد، والأولاد الفخورون – بسلطة رجعية مسنودة بالولايات التي يحكمها الحزب الجمهوري، مثل فلوريدا ، تيكساس ، أيداهو ، تينيسي وولايات آخر.

الأنظمة السلطوية تتاجر بالخوف وقمع المعارضة . وكما لاحظت جوديث بتلر[ فيلسوفة اميركية مواليد 1956، تكتب في قضايا المررأة ] فإن دعاة الفاشية ، امثال دي سانتيس ، حاكم فلوريدا،" يخشون قوة الكلام والنقد والحوارات المفتوحة". وحين يتحالف الفكر النقدي مع السلطة السياسية يقوم الفاشيون بإغلاق المؤسسات والأفراد الذين يطالبون بمحاسبة القوى الممسكة بالسلطة. وإلا فكيف، بدون المحاسبة، نفسر طرد اثنين من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين السود بولاية تينيسي، لانهم شاركوا في مظاهرة سلمية احتجاجا على عنف السلاح؟ [لم يتعرض للطرد نائب أبيض شاركهم التظاهر!!]
العنصرية الكامنة خلف طرد النائبين واضحة؛ ولكن ما لم يناقش في الميديا الخاضعة للاحتكارات هو الأرباح المتأتية عن تجارة السلاح، والسياسيون بولاية تينيسي الذين يتلقون اموال الدم من تجار الموت. تزعم صحافة التيار الرئيس ان هذا الهجوم اليميني على الديمقراطية تعبير عن رغبة الحزب الجمهوري حماية التعديل الثاني؛ و هذا مجرد غطاء لرفض الإقرار بألرابطة التي تجمع الراسمالية لمتوحشة والسياسيين الفاسدين ممن يفضلون الأرباح على حماية طفل في التاسعة من ان يمزق نتفا بأسلحة هجومية.



ليس اختفاء الأجساد والمعارضة هو الظاهرة الوحيدة في عصر الفاشية الذي نعيشه؛ إنما مؤسسات ، مثل التربية ، يتزايد إخضاعها للحصار بولايات تينيسي، فلوريدا ، تيكساس وغيرها من الولايات الخاضعة لحكم الجمهوريين. إنها أيضا تحرم الديمقراطية ، نظرا لأن السياسيين اليمينيين في الحزب الجمهوري يخشون من ان التربية هي المجال الذي يتلقى فيه الأطفال والشبان مسئوليات النقد والمواطنة المنتمية. وكما تقول مويرا دونيغان[ كاتبة في شئون المرأة ] فالتربية في جميع مستوياتها "عنصر جوهري في الديمقراطية وهذا هو سبب مهاجمة دي سانتيس وغيره من اليمين المتطرف التربية " .
المدارس والجامعات هي مختبرات الإلهام ، اماكن حيث الشبان يزرعون مهاراتهم ، يعرضون ذواتهم لتجارب الآخرين ووجهات نظرهم، ويتعلمون ما هو المطلوب لأن يتحملوا المسئولية ويكونوا متسامحين في الحياة في مجتمع متعدد الثقافات. في المدرسة يكتشفون أخطاء الماضي ، ويتزودون بأدوات تحميهم من تكرار الأخطاء. لا عجب ان دي سانتيس واليمين ، بخوفهم من النقد وتكريسهم للأنماط المتخلفة للهيمنة ، يبدون العداء لترك الأطفال يتعلمون: التعليم هو كيفة نمو الأطفال كي يستعصوا على سيطرة اليمين، في سن اليفاعة .

المطلوب للرد على هذه الهجمات هو الديمقراطية الاجتماعية، محدداتها تبصر- مؤسسات، علاقات اجتماعية وتربية المقاومة. والامر الجوهري لهذه الدعوة هو تشكيل سياسات ثقافية تمكن الجمهور من تخيل حياة خارج أطر المجتمع الرأسمالي ، حيث العنف القائم على العرق والجندر والطبقة يتمخض عن هجمات لا تنتهي على الجمهور والمخيال المدني، يغدو واقعا حين تتبوأ سياسات الحرب والعسكرة والعنف، وكذلك سياسات الفضلات البشرية أعلى مراتب السلطة. رأسمالية الليبرالية الجديدة آلية يسوقها الموت تعمل على تطفيل الحياة البشرية وكوكبنا بالذات، واستغلالها والحط من قيمتها .
كل نشاط لتربية المقاومة قابل للحياة يتطلب خلق رؤى وادوات تعليمية وأساليب تربوية (بيداغوجيا) لإنتاج تحول جذري بالوعي ؛ يجب أن يكون قادرا على التعرف على سياسات الأرض المحروقة لليبرالية الجديدة والأيديولوجيات الفاشية المعوجّة التي تسندها. هذا التحول بالوعي لا يمكن حدوثه بدون تدخلات بيداغوجية تخاطب الناس بأساليب يمكنهم بواسطتها التعرف على ذواتهم ويتماهوا مع القضايا المطروقة، ويضعوا خصخصة همومهم في سياق منهجي اوسع.
نعيش في زمن يبرز فيه سوط الفاشية من المجال السياسي والميديا القوية لليمين المتطرف، مثل "فوكس نيوز". السياسات الفاشية تتكاثر وتنتشر على آليات تثلم التخيل وتطبع مع علاقات القوة ، وتطفل الأفراد وتعيد إنتاج إيديولوجيات قمعية مقنعة بالإدراك السليم. وكما اوضح سي رايت ميلز[تشارلز رايت ميلز آب 1016- آذار1962 ، عالم اجتماع وأستاذعلم اجتماع بجامعة كولمبيا ] "عندما تختفي القضايا الاجتماعية ويخصخص كل شيء ويتحول الى سلعة يصعب حينئذ على الأفراد ترجمة المشاكل الخاصة الى قضايا عامة ليروا أنفسهم جزءًا من مجموع ضخم قادر على الدعم والمقاومة المتبادلين". إن تهلهل الخطاب العام وهجمات ثقافة الجهل المصنوع تتيح تدخل الإجرام بالسياسة. يصح هذا بوجه خاص بتوظيف التربية، ليس بالمدارس والجامعات فقط ، بل وكذلك عبر سلسلة من الأجهزة الثقافية بما في ذلك الميديا والانترنت ومنابر أخرى على الشبكة العنكبوتية.
التربية ميدان صراع مصيري

كان التعليم دوما ولم يزل عاملا جوهريا بالنشاط السياسي، لكن يندر ان تم إدراكه موقعا للنضال بصدد كيفية تشكيل الهويات، وكيف تشرعن القيم ، وكيف يحدد المستقبل. علاوة على التربية المدرسية تزود بالتربية سلسلة من الأجهزة الخاضعة لسيطرة الاحتكارات والممتدة من الخطوط الرقمية حتى ثقافة الطباعة؛ وتحت حكم الإرهاب الذي يمارسه الحزب الجمهوري غدت هذه الأجهزة مواقع محدثة لتربية الأبارتهايد . وما تختلف به التربية الحالية لا يقتصر على تنوع اماكن إجرائها ، بل كذلك بدرجة تحولها الى عنصر اللامسئولية المنظمة ودعامة التفوق العرقي للبيض وسحق المعارضة، ونظام فاسد ثقافيا وسياسيا.

نجد هذا واضحا في سياسات حاكم ولاية فلوريدا ، رون دي سانتس، وغيره ممن تعمل هجماتهم على التعليم العام والعالي على جواز الأمية المدنية ، وتطرح الأبيض اداة للهيمنة ، وتراقب الماضي لكي تلغي المستقبل كذلك. وهذا نموذج للتربية يذكر بما حدث بالرايخ الثالث(المانيا النازية). اللحظة التاريخية الراهنة تشهد التكرار بالتاريخ ، حيث حرق الكتب، مراقبة النشر ، الطرد من الكليات والتطهير العرقي للتاريخ تختلط كلها مع محاولة المتطرفين بالحزب الجمهوري تحويل التعليم العام والعالي الى مراكز ادلجة يغذيها اليمين وتفوق البيض العرقي، تعمل تحت إشراف الدولة. سياسات تحتضن المراقبة على النشر ونسيان الماضي تجبر الطلبة تَمثُّل حاضر مضبب لا ماض له، جهل مصنوع تجري تغطيته بزعم جهول يبث الراحة بين الناس.
في مجتمع ديمقراطي لا يقتصر الغرض من التعليم على جعل الناس يشعرون بالراحة ، إنما أيضا لتمكينهم من التفكير النقدي، تحدي فرضيات العقل السليم، الدخول في المغامرات، التوصل الى احكام مستنيرة بالعرفة ، توظيف المخيال والتوافق مع قدرات المجموع ، كأفراد وعناصر في المجتمع؛ التربية يتوجب عليها أن تثير القلق المعرفي ، تقوي العزيمة، تلهم وتعلم الناس التساؤل والتفكير النقدي فيما يتعلق بذواتهم وبعلاقاتهم مع الآخرين ومع العالم المحيط.

التربية، إذ تقوم بدور التجهيل الجماعي، واضحة في طرد مدير مدرسة تشارتر بولاية فلوريدا لانه اظهر للطلبة بالصف السادس في حصة الفنون الكلاسيكية صورة "ديفيد" لميخائيل أنجيلو(فنان عصر النهضة)؛ احد الآباء الثلاثة ممن تقدموا بشكوى اعتبر هذه اللوحة المتميزة " شهوة جنسية". حالة أخرى نصح مدير مدرسة ساوث ليك بولاية تيكساس المعلمات " إن كان لديهن بالصفوف كتابا حول الهولوكوست فعليهن ان يرشدن الطلبة الى كتاب يحمل وجهة نظر مغايرة"؛ سألته معلمة كيف بمقدورها معارضة الهولوكوست . اجابها المدير ، وقد التزم بالجهل المصادق عليه من قبل الولاية ،" صدقيني،هذه لاحت لي صدفة". امثلة تشير الى ان نموذج تربية فاشية تمخض عن جهل مفروض وعنصرية منهجية وتشويه للتاريخ ينشر مفهوم التفوق العرقي للبيض . وكما لاحظ بحق ميشيل داتشر[ كاتب أميركي من ظاصل إفريقي، وشاعر وناقد وصحفي نال جوائز على شعره] ، لا يبعث على الدهشة ان يصدر مارك ووكر ، قاضي منطقة أميركي ، امرا قضائيا بدرجة أولىية ضد قانون "أوقفوا ووك"، لأنه ينتهك التعديل الأول والتعديل الرابع عشرقال عنه، " لاخير فيه، او مطلق الشر". علاوة على مراقبة النشر والجهل المصنع بكثافة يوجد أصداء مشروع إبادة عرقية ثقافية كانت جوهرية بلغة الفاشية.
الثقافة ، كسلطة تربوية ، جرى تسميمها وهي تلعب دورا رئيسا في تطبيع سياسات الفاشية في أميركا وفي أرجاء العالم . غدت الميديا الجماهيرية قاذفة لهيب الكراهية والتعصب الأعمى ، وتمت نمذجتها مشهدا مألوفا للجمهور. البؤس ، التذرر الاجتماعي ، موت الميثاق الاجتماعي ، عسكرة المجال العام ، مركزة الثروة بأيدي النخب المالية ونخب الحكم، كل هذه المظاهر تغذي سياسات الفاشية؛ لم تعد علامات الفاشية تخبأ بالظلال. وهذا واضح خصوصا والأنشطة السياسية الفاشية في أيامنا الراهنة تستمد الكثير من الطاقة من ثقافة الخوف والكراهية والمعتقدات العمياء، ومن حالة ذهنية ينهار لديها التمييز بين الحقيقة والكذب الى وقائع بديلة.
بات من المهم جدا، حيال هؤلاء السياسيين والأكاديميين والنقاد ممن يزعمون كذبا ان الفاشية غدت من الماضي، الإقرار بان الفاشية حاضرة دوما بالتاريخ ويمكن ان تتبلور بأشكال مغايرة. او كما يلاحظ المؤرخ جاسون ستانلي[ فيلسوف أميركي وأستاذ الفلسفة بجامعة ييل] " الفاشية أسلوب سياسي يمكنه الظهور في أي وقت وفي كل مكان إن كانت الظروف ملائمة". قوس الفاشية التاريخي لم يتجمد بالتاريخ ، يومض بأشكال متباينة في مختلف المجتمعات ، منتظرا التماثل مع الأزمنة الملائمة لبزوغه. وكما لاحظ باول غيلروي [حاصل على زمالة الأكاديمية البريطانية، مؤرخ وكاتب وأكاديمي بريطاني، والمدير المؤسس لمركز العرق في كلية لندن الجامعية] " ان الرعب (الذي تثيره الفاشية) هو على الدوام أقرب ألينا بكثير مما نود أ ن نتخيل"؛ واجبنا حينئذ تن لا نصرف النظر عنه ، ونبقيه على مرمى البصر.
إن رفض جمهرة السياسيين والعلماء والميديا الرئيسة الاقرار بمدى الخطر الذي تضمره الفاشية على المجتمع الأميركي أعظم من أفعال رفض الفاشية؛ فهذا نوع من التوطؤ. في اللحظة الراهنة من الحكمة لو ان المربين وغيرهم يصغون الى كلمات احد الناجين من الهولوكوست، الكاتب بريمو ليفي31 يوليو –[1987-1919 كيميائي وكاتب إيطالي يهودي، وأحد الناجين من الهولوكوست]، الذي سجل في كتابه " حفرة اوشفيتز السوداء"، يقول:
"لكل عصر فاشيته ونرى بأعيننا اشارات تحذير حيث تمركز السلطة ينكر على المواطنين إمكانية ووسائل التعبير والتصرف وفق إراداتهم الحرة. توجد طرق عدة لبلوغ هذه النقطة ؛ وليس فقط من خلال إرهاب ترويع الجمهور ، بل عن طريق رفض المعلومات وتشويهها ، عن طريق تقويض نظم العدالة ، عن طريق قطبية نظام التعليم ، وعن طريق النشر، بعدد لا يحصى من أساليب ذكية للحنين الى ماض سيطرفيه الضبط ، وحيث سلامة وأمن القلة صاحبة الامتيازات تتوقفان على عمل الأكثرية بالإكراه وصمت الأكثرية بالإكراه ".
تذكرنا كلمات ليفي بأهمية كل من التعليم النقدي، الذاكرة التاريخية، التخلص من الأمية المدنية، والمقاومة الجماعية باعتبارها العِدل للغة كراهية المهاجرين باسم القومية المتطرفة ، التعصب الاعمى والعنف. إنها لدعوة حثيثة لمقاومة شطب التاريخ . وهذه تنطوي على أهمية خاصة في زمن تقترب اميركا من المستنقع الفاشي، إذ التفكير مدعاة للخطر، واللغة مفرغة من أي مضمون معرفي ، والنشاط السياسي تقوم به النخبة المتعصبة وتبدأ المؤسسات التي تخدم الصالح العام بالزوال.

في ظل النظام الراهن من النشاط السياسي الفاشي فإن التعليم ، إذ يتحدد شيئا فشيئا مجالا مفضلا للعنف، الانتقام، الكراهية والتضحية، يتخذ شكل هوية مسيحية بيضاء ذات امتياز. يوظف المشرعون اليمينيون التعليم وفق أهدافهم ، عن طريق الدعوة لطرد أساتذة الكليات ممن يرجعون ببساطة الى نظرية العنصرية النقدية. وهم ينشغلون بصورة نقدية بتاريخ الأميركيين من اصل إفريقي وتدريس أبحاث الجندر ويقاومون "كل تشريع ينقل التضاد، يسعى لتثبيت ادوار الجندر القديمة". يريد الجناح الفاشي للحزب الجمهوري من الولاية مراقبة وجهات نظر المعلمين ، وإعادة تقديم نظم تربوية للقمع ، وإلغاء التثبيت بالخدمة وإعادة تكبيل دور التعليم العالي بأنماط دينية جذرية. في هذا السيناريو نتذكر ادعاء جيمز بالدوين]في "روايته لا اسم للشارع" حين يختلط الجهل بالسلطة،" تغدو رسالة التربية مرادفة للتوجيه إن كنت أبيض، وللخضوع ان كنت أسود"
يشير عصر البربرية الحالي الى الحاجة لتأكيد كيف تعمل الثقافة وبيداغوجيا الإغلاق قوة تربوية وسياسية في خدمة النشاط السياسي للفاشية. في ظل هذه الظروف يتوجب على المربين وغيرهم ان يسألوا ليس فقط ماذا تعلم الأفراد في مجتمع معين ، بل ماذا يتوجب عليهم أن يتعلموا، وأي مؤسسات توفر لهم الشروط لمثل هذا التعلم؛ ضد الأساليب والوسائل التربوية (بيداغوجيا) للأبارتهايد ، بيداغوجيا الاضطهاد والتماثل - التي تمد جذورها في مراقبة النشر، العنصرية وقتل التخيل –تبرز الحاجة لممارسات بيداغوجية نقدية تعطي الاعتبار لثقافة التساؤل، وتحمل رؤية نقدية باعتبار ذلك شرطا جوهريا للحياة العامة.
لمكافحة أشباح الماضي كما تبرز بأشكال جديدة من الملح التعلم من التاريخ؛ وكما يجادل ستيوارت جيفريز، من الملح للمثقفين النقديين التنقيب عن ذلك الذي كان ولم يزل " منذورا للنسيان من قبل المنتصرين ... كي نعثر على المنسيّ ، وكل ما فات اوانه وكذلك ما يزعم انه غير ذي علاقة". ان اي شكل للمقاومة قابل للحياة يتطلب توسيع الإدراك العام بسلطة الوعي التاريخي ، مراقبة الأخلاق وسلطة الميثاق الاجتماعي ، حيث تلتصق الحقوق الفردية والسياسية بالحقوق الاقتصادية. تسمح لنا الذاكرة التعويضية بالتصدي لحقائق االتاريخ السوداء ومقاومة الشلل بالوعي الأخلاقي والدخول في حالة مفرغة سيايسيا من تشتت الانتباه ، حيث تنمو مظاهر الرعب ويتوالد التوحش. يضاف لذلك تبرز الحاجة للقيام بحملة بيداغوجية جماهيرية تدمر الأفكار الرجعية للحرية والاهتمام بالذات الكامنة في قلب أيديولوجيا الليبرالية الجديدة. وفي ذات الوقت يتوجب التصدي لملاذ العنصرية السام، وللامساواة الاقتصادية في مواقع متعددة، باعتبار ذلك نضالا تعليميا مشتبكا بعمق بالنضال السياسي.
تكتسب امور التربية أهمية خاصة في تطوير الرؤية الاجتماعية الديمقراطية . التربية هو المكان حيث يتوجب على الأفراد التمكن من تخيل انفسهم عناصر مشغولة نقديا وسياسيا . في اوقات القمع تغدو التربية عنصرا أشد ضرورة للسياسة. يطلب من المربين والمثقفين العامين والفنانين والشغيلة واعضاء النقابات وغيرهم من شغيلة الثقافة ان يحيلوا التربية عنصرا جوهريا في التغيير الاجتماعي، وبذلك يعيدون تأهيل الدور الذي لعبته التربية في تطوير المعرفة السياسية والقابليات المدنية ، وكلاهما متطلبات جوهرية لتطوير الديمقراطية الاجتماعية.
التربية كتصليب للقوة يجب تمكينها من القيام بمهمة تحويل الوعي كي يتاح للأفراد من التحدث عن ذواتهم ، ومنع تآكلهم ، ومقاربة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشكل حيواتهم ، وان يتعلموا بأن الثقافة إحدى أدوات القوة. ولكي يتحقق هذا التحول على الناس ان يتعرفوا على شيء ما في دواخلهم وعلى اوضاعهم في انماط التربية التي يواجهون بها. ان هذا قضية إيقاظ كل من الإحساس بمحددات الهوية ولحظة وعي. التربية، كمشروع سياسي، يجب أن تركز على مطالب العدالة الاقتصادية والاجتماعية وتعزز الدعوة من أجل المعارف المدنية والنشاط الجماعي الإيجابي.
يحتاج التقدميون في مواجهة الخطر الفاشي الحالي الى استعادة خطاب التربية واهدافه وإعادة صياغتها مشروعا سياسيا يعزز القوى, كان مالكولم إكس محقا حين قال ، " التربية جواز سفر الى المستقبل ". بنى على رؤيته هذه إذ كتب ’ القوة دفاعا عن الحرية أعظم من القوة لصالح الطغيان والقمع؛ ذلك ان القوة ، القوة الحقة، تتولد من قناعتنا التي تسفر عن فعل ، فعل لا يساوم‘. جماعية لغة النقدوالأمل والتعاطف ريتوجب ان تعانق روابطنا كبشر وتحترم علاقتنا المتشابكة بعمق مع كوكبنا .
تتطلب الحركة والأنشطة السياسية الديمقراطية الاجتماعية لغة علاقات ترابطية؛ وكل تأكيد للاجتماعي يجب أن يضمن ان الخدمات العامة والروابط الاجتماعية تربطنا ببعضنا البعض ككائنات بشرية.اثبتت الرأسمالية عدم استجابتها لحاجات المجتمع الأساس وعدم مقاربة مشاكلها الاجتماعية الأشد خطورة. من جديد
فقدت الليبرالية الجديدة شرعيتها ولم تعد تفي بوعودها الفارغة. انها آلة موت متجذرة في منطق النقاء العرقي والعزلة الاجتماعية والإقصاء النهائي؛ إجرامها ، قسوتها ، لاإنسانيتها وائتلافها مع سياسات الفاشية البازغة في أوج النشاط في فاشية الحزب الجمهوري، تجعل في اللحظة التاريخية الراهنة الحاجة ماسة للمربين كي يعملوا على إعادة تأهيل تواريخ الثورات على القهر والمقاومة ويطوروهما ويشرعونهما بقوانين. بات واضحا في عصر الأوبئة والبربرية ان الديمقراطية ومناهضة الرأسمالية لم تعودا كافيتين لإنجاح اي حركة مقاومة؛ يشترط أيضا التصدى لللفاشية . بهذا التحدي نحن مدينون لأنفسنا وللأجيال القادمة ولوعد ديمقراطية كونية اجتماعية تنتظر التفتح.
الفاشية احدى أعظم الأزمات في هذه الأيام؛لايمكن إرجاع حضورها الى احظة معزولة بالتاريخ ؛ الذاكرة يجب ان تكون مكانا للنشاط ، مكانا منتجا لشن النضال ضد فقدان الذاكرة، والتجهيل والجهل المصنوع. يجب إدراك انفعالات التحشيد للفاشية وإظهارها حتى نمنع الانفعالات من احتواء المجتمع وتهدد المستقبل بالأخطار. والمربون لا يحتاجون فقط الى وعي أهمية الذاكرة التاريخية وجذور الفاشية وتعدد نماذجها، بل ويتوجب عليهم كذلك العمل فرادى وجماعات لكي يضمنوا ان يكون القرن الحادي والعشرين قرن إفلاس سياسات الفاشية وعد تجسدها بالواقع. يضاف لذلك ان من المهم للغاية ان لا يكتفي المربون بالتعلم من الماضي بل ان يعوا ما لم يتم تعلمه بعد وما قد سقط عمدا بالنسيان و لم يكتب ثانية، كل ذلك من أجل تقنيع وإخفاء بزوغ سياسات فاشية بثوب جديد.
في مجتمع ، حيث الديمقراطية محاصرة، من المهم للغاية ان نتذكر ان مستقبلا بديلا أمر ممكن ، وان التصرف بموجب هذا المعتقد شرط ضروري لإمكانية إحداث التغيير الجذري. والخطر ماثل هنا يحيق بالشجاعة في النهوض بتحدي اي نوع من العالم نريد- اي نوع من المستقبل نود بناءه لأطفالنا ؟ أصر الفيلسوف العظيم ، إيرنست بلوخ، ان الأمل كامن في أعمق تجاربنا ، وبدونه يتعذر تفتح براعم العقل والعدالة. إلى فكرة الأمل هذه يضيف الروائي، جيمز بالدوين، في روايته "النار للمرة الثانية" دعوة للتعاطف والمسئولية الاجتماعية. امل مدين لأولئك الذين سيخلفوننا. يكتب بالدوين، " لا تكف الأجيال عن التوالد ، ونحن مسئولون امامهم...وفي اللحظة التي تتهشم الثقة ببعضنا البعض يغمرنا طوفان البحر ويخبو النور. والآن أكثر من اي وقت مضى يتوجب على المربين الارتفاع لمستوى تحدي الإبقاء على نيران المقاومة ملتهبة بكثافة محمومة . فقط حينئذ سنتمكن من الإبقاء على الأنوار ساطعة والمستقبل مفتوحا . فقط حينئذ تهزَم الفاشية.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروب الولايات المتحدة بالخارح غذت حربا مستدامة بالداخل وتغذت ...
- دراسات نقدية لإبداعات نبيل عناني– الحلقة الأخيرة
- دراسات نقدية لإبداعات نبيل عناني الفنية (2من3)
- نبيل عناني أبرز مؤسسي الحركة التشكيلية الفلسطينية المعاصرة(1 ...
- الصين والبلدان النامية ..تعاون ومصالح متبادلة في ظل السلام
- قتل الأمل الفلسطيني !
- مرايا الأسر من ادب السجون-2
- مرايا الأسر (- من أدب السجون في فلسطين1من2)
- توجه طاغ وجاد في إسرائيل لاقتراف نسخة جديدة من التطهير العرق ...
- يحققون في مخالفات ترامب التافهة ويغفلون جرائمه الفظيعة .
- دراسة تحليلية تكشف استعانة دعايات الغرب المضادة للخصوم بالتل ...
- كيف ولماذا حظر على شعب فلسطين حقه في تقرير المصير
- مقتضيات برنامج القرن الأميركي تدمير العراق .
- فاشية الصهيونية تتهيأ لتجريد الفلسطينيين من بقايا حقوقهم الإ ...
- عملية من طراز حروب المافيات -إعادة
- المحكمة العليا الأميركية تدعم قانون يناهض حركة مقاطعة إسرائي ...
- مبررات غزو العراق اكاذيب الدبلوماسية الأميركية وتلفيقاتها
- عشرون عاما على الغزو الامبريالي للعراق
- نتنيلاهو .. أنثولوجيا الأخطاء والتلفيقات والأكاذيب-2
- نتنياهو.. انثولوجيا الأخطاء والتلفيقات والأكاذيب


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد مضيه - حروب الولايات المتحدة هيأت المناخ الاجتماعي والثقافي للفاشية سلطوية الرأسمال –حلقة ثانية وأخيرة