أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فرح تركي - قراءة في رواية -زهر القرابين- للروائي ناهي العامري














المزيد.....

قراءة في رواية -زهر القرابين- للروائي ناهي العامري


فرح تركي
كاتبة

(Farah Turki)


الحوار المتمدن-العدد: 7604 - 2023 / 5 / 7 - 14:21
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


اذا كنت عراقياً ففكر قبل أن تتقدم خطوة نحو ساحة التحرير، بأن تضع في بالك ان تلك المنطقة مسحورة، تختفي فيها الأنانية داخل الأرواح النقية التي تغذيها همم الشباب وتفانيهم، في حال مرورك بينهم ، فكر فيما قد تقدمه كقربان لتنال الحرية، في بلد صدحت حناجر أبنائه بها، وللآن ما زالت أمنية بعيدة.
هذا ما استلهمته من رواية" زهر القرابين " للروائي ناهي العامري التي صدرت عن الإتحاد العام للادباء والكتاب في العراق /٢٠٢٢ ،

التي تعد وثيقةٌ لفصل من فصول أحداث ثورة تشرين ، أستعارت من اللغة سحرها وبلاغتها ورونق مفرداتها ، ابتداء من عنوانها حتى غلافها الأخير، تدخل عالم الرواية وكأنك في مدينة سرية ، يختفي وراء أبوابها المعلنة ، شوارع، ابنية ، و ناس مجهولون.

السيدة والش شخصية بعيدة عن التحرير، ليست عراقية، خيط رفيع حيك بمهارة لكي يشحذ الإنتباه ،

تابعتها لأعرف ما وراء تجربتها الصحفية قبل عشرين عاماً وأكثر في العراق، تكلف للبحث عن الحقيقة.. أنها حقيقة انهيار برج الخوف الماثل في ضمائر العراقيين، لماذا انتفض الشعب، لماذا تشرين، ما الذي حدث وتم اخفاؤه ليكون القربان مجهولاً؟
ولأن الثورات كما الجهود الجماعية في كل المساعي الإنسانية تحتاج إلى الدعم والتضامن،
كانت السيدة والش تحمل معنى مخبأ في أسمها، و ورد ذلك في أول حوار لها مع المترجم "إبراهيم" الذي وصل إلى نتيجة وهي ان كلمة سولدي Solidi التي أصلها لاتيني تخفيف سوليدارتي Solidarty ومعناها تضامن باللغة العربية،
وكانت متضامنة مع تشرين وثوارها قلباً،وقالباً،
لتظهر شخصيتها الايجابية المفعمة بالحياة من خلال بحثها الحثيث ، وذكائها حتى في سبر أغوار الناس الذين تتعامل معهم،
ويعدّ وجود هذه الشخصية
بعيداً عن الأبطال الأصليين رسالة صارخة مفادها أن العالم مكان لم يخل ُ من الخير ومن الحق و الإنصاف..

ادركت وانا ابحر بين فصول الرواية اني قد اكون انا سامية او ربما امها في المستقبل، في لحظة أخرى أخشى مما قرأت، ارتعش،ارتعب، وانا اقرأ وكأني حاضرة في خيمة المعتصمات، اطالع في وجه تلك الشابة الايزيدية التي تم قضم ثدييها، أو تلك الاستاذة التي كانت تخشى أن تفصح عن كل التهديدات التي تتعرض لها في حال تمسكها بمبادئها والتزامها بضوابط الامتحانات في المؤسسة التعليمية ،اذ عليها ان تسمح ل فلان بالغش والا كان الثمن حياتها، نحن في الواقع كنا نرتدي قناعاً يخفي الحقيقة، كنا نحلم بمعول، فأس، بحجر ليكسر ذلك الإطار الذي أخفى حقيقة الخوف، فظهرنا وكأننا مهما ارتدينا من أقنعة فإن ضوءها يفضحنا ، ارتعدت، اصابتني قشعريرة، تمنيت لو اني امتلك شجاعة كما الروائي الذي باح بأسرار لايعرفها الا أصحابها دون "خوف" ولكني وأتساءل : هل هذه الأحداث من مقتضيات الحبكة الروائية، أم أنها حدثت فعلاً؟

أرى أن الاحداث كانت حقيقية عشناها بكل جوارحنا وآمالنا ، ونحن نجابه الخوف من جميع الاتجاهات وما زال المستقبل ضبابياً ، كانت تشرين صرخة وأن كتمت، لكن كان هناك صوت لا يسهل كتمه الا وهو الحبر، وهذا ما وجدته السيدة والش بمساعدة المترجم واصدقائه الثوار. الذين احتفظوا بدفتر يوميات الثورة على لسان "طالب" و بقي أمانة مخبأة بحنان وسكينة في سجادة صلاة أم سامية التي لحقت بحبيبها الشهيد، وكأنه شيء مقدّس تخشى عليه، و كتب بالدم لا بالحبر.

في خيمة المعتمصات، تشكلت حلقة الحكي التي دعا إليها طالب والدته، هي تقنية لعلاج نفسي تسمى بمجموعات الدعم ، تمنح كل شخص الفرصة للحديث عما جرى معه ، وتكون ذات فائدة كبيرة ، إذ ينتزع البوح أكبر الأوجاع والصدمات النفسية ، وتجعل المرء ذا ثقة أكبر بذاته ، ولهذا لاحظنا الدور الإيجابي الكبير لهذه الحلقة ..

يمكنني القول أن " زهر القرابين " نجحت في أن تكون رمزا" لكل الشباب الذين سقطوا شهداء، فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم بالحياة الكريمة ، فكانوا هم الزهر الذي قدم كقربان لمجتمع له اصالته وتأريخه، ولكن أنياب الخوف نهشت جسده بما يكفي لتمزيق سجله المشرف.

لا تعرض الرواية توجها" سياسيا" ولا تنص على ذكر اسماء لها حظوة أو خصوصية، بل كانت عامة، مغمورة بجراحاتنا، معطرة بالآمال، مغطاة بلهفة الأمهات، وسهاد اعينهن وهن يعانقن النوافذ، ينتظرن من الغائبين العودة، وماأشقاه من انتظار، انتظار لمن لا يعود، فقد أخذ مكانه في صفوف الشهداء حيا ً.. الرواية ملحمة ابداعية لروائي لاجدال في إمكانياته ولاغبار على سعة ثقافته ، تؤرخ لحقبة نزفت فيها ارواح، واكفهرت وجوه، لن يعود لها المبسم.. لان القربان كان غالياً ، وغالياً جدا" !



#فرح_تركي (هاشتاغ)       Farah_Turki#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - إيقاع النوستولوجيا في رواية مرايا الغرام-
- قراءة في رواية الثوب للاديب طالب الرفاعي
- - حرف مخبأ - قصة قصيرة جداً
- تجليات المعجزة والايمان في( شهقة الحوت)
- دون وجود أمي
- - الصرّاف - سَمِعَتْ كل شيء
- نص نثري بعنوان ضوء ساطع
- على أعتاب ٢٠٢٣ ماذا سأتمنى ؟
- قراءة في رواية -بازيريك- للروائي عبد الرحمن الماجدي
- قراءة في رواية -لا يزال للحلم متسع- للروائية بسمة عمارة
- الآخرون والملكوت
- نص نثري بعنوان مواسم البنفسج
- نص نثري بعنوان يطاردني
- قصة قصيرة بعنوان عكاز وضفيرة
- هايكو
- قصة بعنوان باب المغارة
- من الذي سوف يواريني الثرى
- الخطيئة في العراق
- لا أحد يمتلك ذاكرة كذاكرتي
- هايكو بعنوان غابة جسدك


المزيد.....




- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف ...
- -فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية ...
- مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية ...
- طالب جزائري يخطف الأضواء في برنامج للمواهب بروسيا (فيديو)
- مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين في إطلاق نار بحفل في مدينة نيويو ...
- احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيغا ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فرح تركي - قراءة في رواية -زهر القرابين- للروائي ناهي العامري